Sunday, August 22, 2010

السياسة والعلاج



قبل بضعة أشهر انتشرت الأكزيما في جسمي، وهو من الأمراض التي يمكن أن تكون وراثية، فاتجهت إلى طبيب الجلدية، ووصف لي إبر كورتيزون، وهو الذي يسمى الدواء السحري، وبالفعل خفت الأكزيما بعد أيام، لكن ظهرت لدي مشكلة جديدة وهي ارتفاع ضغط الدم لدرجة خطيرة، وارتفاع السكر في دمي، مما استدعى أن أتناول أدوية للضغط، وأرفع من جرعة دواء السكر، وما زلت حتى الآن أتابع مع أطباء القلب المشهورين، موضوع انضباط ضغط الدم، بيد أن الذنب لا يقع بتاتاً على الطبيب الذي وصف الكورتيزون، بل على شركات صناعة الأدوية الكبيرة التي ازداد جشعها.
عندما انتشرت في الثمانينيات طرق ما يسمى ب"الطب البديل"، مع تحفظي على التسمية، حاربتها شركات الدواء بقوة، واعتبرتها شعوذة، لا تستخدم إلا في الدول المتخلفة، بيد أن هذه الطرق انتشرت في الولايات المتحدة وأوربا، لمعاناة الناس من الآثار الجانبية للدواء الكيميائي.
فالمعروف أن الإدارة الفدرالية للدواء والغذاء، مسيطر عليها من قبل شركات تصنيع الأدوية، بل هي التي تدفع رواتب الموظفين، ورواتب المسؤولين عن إقرار صلاحية استخدام أي دواء، ولأن هذه الشركات خاصة، فهي تهدف بالدرجة الأولى للربح من خلال تصنيع الدواء، ففي كتابة It's a brave new world، يذكر هكسلي، أن هذه الشركات قد اقترحت على الكونغرس الأمريكي، إضافة دواء بروزاك وليباتور المضادين للاكتئاب إلى مياه الشرب، وتقول American journal of medicine ، ان جورج بوش وقع مبادرة في عام 2004 لبناء معهد جورج بوش للصحة العقلية، على حساب شركة الدواء العملاقة ille lelly، وسن قانوناً يفرض على كل حامل وجنينها فحص الأمراض العقلية، ومعالجة كل مواطن مريض عقلياً، ومعالجة كل مواطن له علاقة بهذا المريض، مثل الوالدين والأقارب والجيران والأصدقاء والمدرسين، وحتى صاحب البقالة..الخ.
وأصبح معروفاً الآن أن مضادات الاكتئاب ليست فاعلة، ولكنها تعمل عمل الدواء الوهمي placebo، ولكن هذه الشركات ولكي تجعل المرضى النفسيين، زبائن دائمين، تقول لهم يجب أن يستمروا باستخدام هذه الأدوية العمر كله.
إن هذه الشركات لا يهمها صحة شعوبها وشعوب البشرية، بل كل ما يهمها هو الربح وزيادة الربح فقط، وهناك العديد من الكتب والمجلات الطبية التي تثبت ذلك، فجون هكسلي الذي عالج السرطان بالأعشاب، ونجح بنسبة 80%، لوحق في الولايات المتحدة، فاضطر إلى الهجرة إلى تيوانا المكسيك، وحذر ابنه الذي سار على طريق والده، بأن ينتبه حتى لا تسيطر عليه، الإدارة الفيدرالية للدواء والغذاء، المسيطر عليها بالكامل، من شركات الدواء العملاقة.

osbohatw@gmail.com

No comments: