Sunday, May 30, 2010

عديل الروح



عند البعض، المال هو عديل الروح, لكن عديل روح الكويتيين هي الحرية, التي لا يعرفون المساومة عليها, فالكويت تاريخياً، كادت أن تكون الدولة الوحيدة في المنطقة, التي أبت أن تخضع للنفوذ العثماني، ورفعت علمها الذي يحمل اسمها, على سفنها التي كانت تجوب بحار الدنيا.
والكويت رفضت أن تخضع للأخوان في معركة الجهراء الخالدة، وسالت على أرضها دماء الكويتيين, دفاعاً عن حريتهم, ونهجهم التنويري والمنفتح, ضد نهج الانغلاق وتقييد الحرية.
والكويتيون رفضوا في ملحمة بطولية فذة, الاحتلال العراقي, وقدموا شهداءً وأسرى ومفقودين، دفاعاً عن أرضهم وحريتهم, وواجهوا أعتى عدو بكل آلات دماره الجبارة، وواجهوا أشرس دكتاتور في هذا العصر, لكنهم لم يتنازلوا عن حريتهم.
ودافع أبناء هذا الوطن عن حريتهم، بكل إحساس بالمسؤولية الوطنية، عن مكتسبات الحرية والديموقراطية، في الفترات السوداء, التي تم خلالها تعطيل الدستور والحياة البرلمانية, وخرج عشرات الآلاف من الكويتيين, في أيام الأثنينات، مواجهين القوات الخاصة, وقوات مكافحة الشغب, وهراواتهم وغازاتهم المسيلة للدموع، وخراطيم الماء الساخن, في فزعة كويتية, ليس ضد النظام الذي يكنون له الولاء والاحترام, ولكن من أجل الدفاع عن حريتهم، ومكتسباتهم الدستورية.
واليوم, هل ستردعهم الإجراءات القمعية الجديدة؟ وهل من متطلبات خطة التنمية, اعتقال وإهانة الكتاب والمفكرين؟ هل من متطلبات التنمية، تشكيل لجان أمنية عالية المستوى، لقمع الاضرابات القانونية, والاعتصامات السلمية, التي كفلها الدستور؟ هل من متطلبات تحقيق التقدم الاقتصادي, ورفاه الشعب، اللجوء إلى إجراءات بوليسية؟ وهل من مصلحة الشعب ونهضته، أن ترصد الملايين للتجسس عليه؟
حسب التاريخ، فكل تقدم ونهوض اقتصادي واجتماعي، يترافق مع مزيد من الحريات, فالمباني والمنشآت وحدها لا تصنع التقدم، فما يصنع التقدم هو الإنسان، وشعوره بالحرية والمشاركة والأمان.
فأغلب الكويتيين لا يملكون الشركات الكبيرة والمصانع الضخمة, ولكنهم يملكون الأغلى, يملكون الوطن والحرية، ويقول الشاعر الكويتي يعقوب السبيعي:
"واللي ما عنده إلا هالوطن، كل شي عنده".

osbohatw@gmail.com

Friday, May 28, 2010

نشرق أم نغص باسم الكويت؟




كان زمناً صعباً, تختبر فيه معادن الرجال, كانت مهمات إعمار الكويت ما بعد التحرير, من أصعب المهمات في تاريخ الكويت, تلك المهمات التي كانت تحتاج إلى رجال دولة, كالذين حظيت بهم الكويت, في مرحلتها النهضوية, في خمسينيات وستينيات وسبعينيات القرن الماضي, وكان الاستهداف في تلك المرحلة, هو الإنسان الكويتي أولاً, وليس المباني والمنشآت.
عندما دعاني الدكتور سليمان العسكري, الأمين العام الأسبق للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب, للوقوف معه لاستعادة جوهر الكيان الكويتي, والشخصية الكويتية, والخيار التاريخي الأول للكويت, وهو الثقافة, أذكر أنني قلت له: "لم تعد الثقافة من أولويات المسؤولين في الكويت", وبعد أن وافقت, وأصبحت مديرً لإدارة الثقافة والفنون بالمجلس المذكور, تمنيت على الدكتور سليمان, أن لا أواجه في عملي ببيروقراطية الحكومة وعراقيلها, لأن ما يدور بذهني يحتاج إلى جرأة المسؤولين, وتفهمهم لأهمية الثقافة للكويت والكويتيين.
لكني كنت محظوظاً, لأن وزير الإعلام ورئيس المجلس الوطني في ذلك الوقت, كان الشيخ سعود الناصر الصباح, إضافة إلى أن المجلس كان يضم نخبة من رجالات الدولة ورواد النهضة الثقافية, أمثال عبد الرزاق البصير, وفهد الدويري, وحمد الرجيب رحمهم الله جميعاً, إضافة إلى بعض المخلصين من أبناء الوطن.
وقد كان لأبي فواز الفضل في الوقوف بمجلس الوزراء, من أجل الدفاع عن المشروعات الثقافية الكبرى, مثل مهرجان القرين الثقافي, ومهرجان الطفل, والمراكز الثقافية, واستعادة معرض الكتاب لألقه التاريخي وغيرها من المشاريع, ورصد ميزانياتها الضخمة, كانت فترة صعبة تحتاج إلى رجل دولة, يعرف ماذا تعني الثقافة للكويت والكويتيين, كان "يعطي للخباز خبزه", فكان يقول: "أنتم أدرى, فإذا كنتم ترون ذلك, فعلى بركة الله".
هنا أنا لا أرمي لتمجيد الأشخاص, لكني بصدد القول, أن رجل الدولة يكون كبير الكلام لا صغيره, يهتم بالإنسان لا العمران, يحرص على سمعة الكويت وشعبها, ولا يكون ضده, وهذا ما تبدى في آراء الشيخ سعود الناصر, في ديوانية الأخ سعد بن طفلة, عندما شجب واستنكر ما يحدث من تعسف لسجين الرأي, الأستاذ محمد عبد القادر الجاسم, ورأى أن ذلك عيب في حق الكويت.
أخبرني صديق, أن الكاتبة البحرينية الكويتية المولد, سوسن الشاعر قالت له ذات مرة: "قبل كنت أشرق باسم الكويت, واليوم أغص باسم الكويت".

الحرية لمحمد الجاسم
osbohatw@gmail.com

Tuesday, May 25, 2010

شركاء في المعاناة



أرسل لي أحد المقيمين العرب, وهو طبيب استشاري, تعليقاً على مقالي الذي نشر يوم الأثنين الماضي, بعنوان "المواطن يئن", والذي تناولت فيه معاناة المواطن, من ارتفاع أسعار السلع والمواد, دون رقيب أو ضابط حكومي, أرسل لي موضحاً, أنه إذا كان المواطن يعاني مرة, فالمقيم يعاني مرتين, لأنه لا يحظى بسلع تموينية مدعومة, ولا بزيادات أو علاوات على الراتب.
وهذا صحيح, فالمقيمين في الكويت, الذين يعملون بشرف وبجهد على أرضها منذ بدايات القرن الماضي, هم شركاء في الانتاج والاستهلاك, بل كان وجود أكثر من 400 ألف مقيم فلسطيني قبل الغزو, يشكل انتعاشاً للملاك العقاريين, وتجار الغذاء, وغيرهم من الفئات التجارية, فقد كان المقيمون قوة شرائية لا يستهان بها, وخاصة الوافدين والمقيمين العرب, الذين سيكونون شركاء في المعاناة بالمستقبل القريب, وقد تصبح الكويت لاحقاً, بيئة طاردة لهم, بعدما كانت مصدر رزق لكثير من أبناء الشعوب, وهذا بالنهاية ليس في مصلحة التجار, الذين حتماً سيطالبون الحكومة بدعمهم وإنقاذهم, وهو طريق يقود إلى الأزمات, وليس إلى الحل.
والمقيم لا يعاني فقط من إرتفاع الأسعار, بل يعاني من تعسف الشركات, من خلال التسريح من العمل, وخفض الرواتب والعلاوات والامتيازات, وهو ما سيطول العمالة الوطنية لاحقاً, نتيجة الأزمة الاقتصادية.
وفي الوقت الذي يتمركز فيه الاحتكار, وتعاني الشركات والمؤسسات التجارية الصغيرة من المنافسة الشرسة, لم تتخذ الحكومة إجراءات للحد من ارتفاع الأسعار, وحماية المستهلك, والتعامل مع الغش التجاري, كل ذلك يحدث في ظل جمود رواتب الموظفين, ومعاشات المتقاعدين.
ويأتي قانون الخصخصة, في ظل هذه المعاناة المعيشية, للمواطن والمقيم على حد سواء, بل أن معاناة الأخير ستزداد سوءً, إذا لم تتخذ الحكومة تدابير جدية, في شأن ارتفاع الأسعار, وإذا لم تتوقف عن دعم التجار على حساب العاملين بأجر.
وإذا كانت الحكومة, تتأنى بتطبيق العملة الخليجية الموحدة, على ضوء تأثيرات اليورو على الأوضاع في اليونان, فالأولى أن تبدأ دراسة أعمق, عن أسباب انهيار الاقتصاد اليوناني, والهزات الاقتصادية الكبيرة, التي تتعرض لها كل من اسبانيا والبرتغال وإيطاليا, ودول شرق آسيا.

Monday, May 24, 2010

المواطن يئن



ارتفعت أسعار السلع والبضائع في الكويت, بما فيها السلع الغذائية, ارتفاعاً مرهقاً للمواطنين, فمنذ سنوات والأسعار ترتفع دون مراقبة أو ضوابط, وخاصة بعد الأزمة الاقتصادية العالمية, ثم ارتفعت مرة أخرى, بعد مطالبة النواب بإسقاط القروض أو الفوائد عليها, ثم ارتفعت بعد إقرار قانون التخصيص, والذي جاء لمصلحة بعض التجار.
فلجأت بعض الأسر, وخاصة التي لديها أفراد وأبناء كثر, إلى شراء حاجياتهم الغذائية والمعيشية, من مدينة الخفجي السعودية, التي تباع بها نفس السلعة الكويتية, بثمن أقل, وكانت أحياناً تضطر إلى شراء مؤونة شهر أو شهرين, ولكن العاملين بالمنافذ, تلقوا تعليمات أن يضيقوا على من يجلب معه مواد غذائية من الخارج, ويطلبوا منهم أوراق استيراد أورخصة تجارية.
وبسبب غلاء أسعار السلع في الجمعيات التعاونية, وخاصة الرز, أصبح المواطن يشتري ويعتمد, على رز التموين المدعوم من الحكومة, وقلت أعداد المشترين للأنواع الأخرى, وهذا بالتأكيد ليس في مصلحة التجار, ولذا وزعت وزارة التجارة رزاً رديئاً, مدعوماً من الحكومة, بحيث ينفر منه المواطنين, ويتجهوا لشراء رز الشركات التجارية, المرتفع الثمن.
والغريب في الأمر, أن الحكومة غابت عن اجتماعات لجنة الشؤون المالية والاقتصادية, لمناقشة غلاء الأسعار, رغم الأهمية القصوى لهذه القضية, التي هي في صلب الظروف المعيشية للمواطنين.
والحكومة هنا منسجمة مع نفسها وتوجهاتها, فهي تقف وتدعم التاجر, على حساب الشعب, فعندما حشدت ودفعت المجلس لتمرير قانون الخصخصة, كانت تقف مع التجار والشركات, ضد المواطنين وعلى حسابهم, وتضع على كاهلهم عبء الأزمة الاقتصادية, وإلا كيف تربح الشركات الرأسمالية؟ فحتى تثري القلة, لا بد من أن تعاني الأكثرية.
في ظني أن السنوات القادمة إلينا, ستكون سنوات عجاف, بالنسبة للمواطنين, خاصة ذوي الدخول المحدودة, وستنخفض فيها مستويات المعيشة, وسيتغير نمط معيشة الكويتيين إلى الأبد.

طلعت حرب الكويتيين




محمد طلعت حرب باشا, ولد في 25 نوفمبر 1867, وتوفي في 1941م, وهو اقتصادي مصري, لعب دوراً متميزاً في تمصير الإقتصاد, وتحريره من التسلط الأجنبي, أو الإنجليزي بالتحديد, وهو أول من أنشأ بنكاً مصرياً خالصاً, هو بنك مصر, كما أنه صاحب مبادرات لإنشاء شركات ومصانع مصرية, مثل شركة الغزل والنسيج المصرية, كان طلعت حرب نموذجاً للإنسان الوطني, الذي نذر حياته من أجل اقتصاد وطني مستقل.
ومناسبة هذا الحديث, أن هذا اليوم 19 مايو يصادف الذكرى ال 58, لتأسيس بنك الكويت الوطني, في العام 1952م, وذلك بعدما اجتمع مجموعة من رجالات تجار الكويت, لتأسيس أول بنك كويتي, وتوجهوا إلى المغفور له أمير الكويت الأسبق الشيخ عبد الله السالم, بطلب تأسيس بنك كويتي, فقال لهم: أن الاتفاقية القائمة مع البنك البريطاني للشرق الأوسط, تمنعنا من الترخيص بإنشاء بنك آخر, الذي كان البنك الوحيد آن ذاك في الكويت, ولكن التجار أوضحوا للأمير أن الإتفاقية تلزم بعدم الترخيص بإنشاء بنك أجنبي آخر, إلى جانب البنك البريطاني.. وهنا وافق الشيخ عبد الله السالم على طلبهم, وخاصة أنه كانت لديه توجهات وطنية, وقدم دعماً للبنك الوطني الوليد بمليون جنيه استرليني, ومليون دولار أمريكي كوديعة بدون فوائد.
لعل لهذا المشروع الوطني دلالة هامة في الشخصية الاعتبارية الكويتية, فهو يعني من ناحية, النزعة الكويتية للتحرر من السيطرة الأجنبية, كما يعني من نواحي أخرى, اهتمام فئة التجار بالشأن الكويتي الوطني المستقل, وبالأخص عندما كانت فئة التجار, هي المعني الأساسي بمصالح الوطن, اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً.
اليوم, ومع هذه الذكرى التي أعتبرها مجيدة ومشرقة, في تاريخ بلادنا, عندما كان التفكير بالوطن ومصالحه أولاً, مثلما كان هم طلعت حرب في مصر, في نهاية القرن التاسع عشر, وبدايات القرن العشرين, أتساءل, ألا نجد تحولاً في توجهات الفئة التجارية وانتقالها, من توجهات وطنية تاريخية, إلى توجهات تعيد التاريخ والتسلط الأجنبي, على مقدارات وثروات بلادنا, ومن استعادة تأميم النفط في عام 1975, إلى عودة ارتهان إقتصادنا الوطني, إلى الهمينة الأجنبية, والقطاع الخاص المرتبط عضوياً, بالرأسمال الأجنبي, هذه مجرد تساؤلات.

Tuesday, May 18, 2010

رابطة الأدباء في الكويت



دعى مجلس إدارة رابطة الأدباء أعضائها, إلى اجتماع الجمعية العمومية غير العادية, لمناقشة زيادة رسوم العضوية, وتغيير اسم الرابطة, وذلك يوم الأحد الموافق 23 مايو الجاري.
ومنذ أن انتميت إلى رابطة الأدباء في الكويت, في سبعينيات القرن الماضي, مرت هذه الرابطة بانتعاشات ثقافية, وحيوية متفاعلة مع المجتمع الكويتي وقضاياه, كمؤسسة مجتمع مدني, كما مرت بفترات ضمور ثقافي, وعزلة عن المجتمع الكويتي, رغم تضاعف أعداد العضوية فيها, خلال السنوات الأخيرة, مما جعلها مؤسسة مدنية جامدة, ونقابة باهتة.
وعندما انخرط فيها مجموعة من الشباب, تفاءلت خيراً, لأن تجديد الدماء يخلق في العادة حيوية, كما أن الروح الشبابية روحية مجددة, ومتطلعة إلى الأمام, فأملت بأن يكون في ذلك أحياء وبعث لنشاط الرابطة, وعودة ألقها كمؤسسة مجتمع مدني من ناحية, وكنقابة تعنى بشؤون الأدب والأدباء من ناحية أخرى, خاصة وأن الظرفين الذاتي والموضوعي, كانا مهيئين لذلك, فالآن تشهد الساحة الثقافية زخماً كبيراً من النتاجات الأدبية, وبالتالي العقول والأفكار المختلفة, إضافة إلى حاجة المجتمع الكويتي لإنعاش دور جمعيات النفع العام, والتي كانت رابطة الأدباء في طليعتها, كي تسهم في القضايا التي تهم الناس, وهذا بالطبع في ظل غياب فاعلية المؤسسات الثقافية الرسمية.
لم أكن أريد الكتابة عن استقالة أصدقائي الشباب من مجلس إدارة الرابطة, حتى لا أفهم خطأً, لكن يبدو أن الخوف من الحساسيات, لن يفيد مؤسستنا العريقة, وسيكون تخلياً عن المسؤولية والواجب, الاستقالة المذكورة هي ما يقع في خانة ما يسمى بمرض الطفولة اليساري, أي عندما لا يعجبنا برلمان نقاطعه ولا نشارك به, وعندما لا يعجبنا مجلس إدارة نقابة, نتركها وقد نؤسس غيرها, بدلاً من تغييرها من الداخل, وهو من أسس العمل النقابي, ولكن تلك لم تكن ردة فعل أصدقائي الشباب فقط, ولكنهم شنوا هجوماً على معظم الأعضاء القدامى, ولم يستثنوا سوى ثلاثة, لم أكن منهم, وأسفت وخاب أملي, بعدما انتعش.
ساد بعدها فراغ, أثر على مسيرة الرابطة, وعندما جاء المجلس الجديد في الانتخابات التكميلية, أملنا أن تكون فترة السنة التي سيقضيها, حافلة بالنشاطات والإنجازات النوعية, لأنه يضم من الأصدقاء والزملاء الأعزاء, والأخوة الكبار والناضجين, والذين نكن لهم كل احترام وتقدير, وهم كذلك وجوه عامة في المجتمع, لكني فوجئت بالدعوة لاجتماع الجمعية العمومية غير العادية, لتغيير اسم الرابطة.
أولاً, لماذا جمعية عمومية غير عادية؟ والتي عادة تدعى لأمر طارئ؟ ثانياً لماذا تغيير اسم الرابطة, بعد قرابة نصف القرن على تأسيسها؟ وقد اكتسب بعداً وعمقاً تاريخيين, أنا بالتأكيد لا أقدس الأسماء, لكني أرى شخصياً, أن تغيير اسم الرابطة ليس أولوية, وهو ليس معوقاً لعملها وأهدافها, كما أن اسم "رابطة الأدباء في الكويت", لا يعني أن تضم غير كويتيين في عضويتها, ولا يسمح قانون وزارة الشؤون بذلك, رغم وجود العديد من الأدباء والنقاد العرب, الذين يعيشون في الكويت, ويسهمون بالتفاعل مع قضايانا الثقافية, كما يوجد عدد من العرب وغير الكويتيين يعملون بالرابطة.
لقد ارتأى الزملاء المؤسسون, أن يكون اسم الرابطة أكثر انفتاحاً ورحابة, على غرار التوجهات الثقافية الكويتية الرسمية, التي وضعت باعتبارها أن الثقافة عربية, وانعكس هذا التوجه إيجابياً في مجلة العربي, والمطبوعات الأخرى, وهذا يعزز وطنيتنا ولا يمحيها.
وعلى كل حال, أياً كان اسم الرابطة, فالناس سيشيرون لها بالرابطة فقط, والمهم هو برامجها وأنشطتها, وليس اسمها, واليوم نحن أحوج إلى الحفاظ على المكتساب, أياً كانت ضآلتها, بعدما فقدنا كمجتمع ورابطة الكثير منها
.

Tuesday, May 11, 2010

الأصولية




كانت المناسبة هي عيد زواجنا الثلاثين, وكان المكان هو منطقة أدما في لبنان, أما الضيوف فقد كانو أسراً لبنانية صديقة, مسيحية ومسلمة, ورجل دين مسيحي "كاهن", ومثقف علماني, وفنان موسيقي, وآخر تشكيلي.
بدأت السهرة بمجاملات, وحذر كل طرف من الطرف الآخر, خاصة في ظل الاستقطاب والاحتقان الطائفيين في لبنان, ثم جمعتهم الموسيقى, ليتضح أن الكاهن المسيحي واسمه أبونا بول, والمثقف العلماني, يملكان أصواتاً جميلة, فأطربونا بغنائهم المشترك.
ثم وكما هي عادة اللبنانيين, بدأت السهرة تتجه للنقاش السياسي, ولكن لم يكن الموضوع هو الوضع السياسي, ولم يكن الموضوع الخلافات الطائفية, بل كان حول الأصولية النظرية والدينية, وماذا تعني, وما أسباب وجودها في المجتمعات المختلفة, وفي هذا النقاش اقترب الجميع, على اختلاف انتماءاتهم الدينية والفكرية, كالتالي:
أن الرجوع إلى الأصل يظهر في الأزمات, خاصة ضد الاستعمار, مثل حركة عمر المختار في ليبيا ضد الاستعمار الفاشي الإيطالي, وحركة طالبان في أفغانستان ضد السوفييت, والنزعة للحفاظ على الهوية, هي ضد العولمة والليبرالية المتوحشة, مثل حركة الأخوان المسلمين في مصر, وحتى الحركة القومية التي اشتدت في بدايات القرن الماضي, جاءت كردة فعل ضد الاستعمار, ومن أجل التحرر الوطني.
ومعظم الحركات الأصولية, بدأت ضد أخلاقيات وقيم, ثم تحولت ضد دول وأنظمة, فهي ترى الحل دائماً بالرجوع إلى الأصل, أو السلف الصالح, وهي تلتزم بالنص وترفض التطور, وضد التفكير في روح النص ومقاصده, بل تتمسك بالشكل والمضمون في ثقافتها, في ملبسها وأسلوب حياتها, مثل انتشار اللباس والعمامة الأفغانية, أو مظاهر الوهابية في مصر, رغم أنها تستخدم التكنولوجيا لتأكيد فكرتها.
والحركات الأصولية هي صدامية بالضرورة, تصطدم برغبة المجتمعات في التقدم والتطور, وهي عمياء في تعصبها الفكري والديني, وهي تتفوق في تعصبها على الأصل, فمثلاً في الدولة الإسلامية الأولى, كان للأديان الأخرى والأقليات حقوق, بينما الحركات الأصولية الدينية والقومية الآن, تنكر على الآخر حقوقه, بل وتعاديه, وتضطر أحياناً إلى استذكار التاريخ والنبش بأصل العداء.
كان الأهم في هذا النقاش, هو خروج هذا الطيف من الضيوف, بعدما تبادلوا أرقام الهواتف والعناوين البريدية, وهم أصدقاء, عانقوا بعضهم, وتواعدوا على اللقاء لاحقاً, وشكلوا لوحة الرغبة الإنسانية, في التلاقي والمحبة على اختلاف إنتماءاتهم.

Thursday, May 6, 2010

حديث الدستور




إن الجدل الدائر حول تنقيح الدستور, جدل غير جديد, بل يعود إلى مناقشات لجنة الدستور, في عام 1962, وهذا الخلاف يتركز على فلسفة الدستور الكويتي, التي أخذ النقاش حولها إتجاهين, اتجاه النظام البرلماني, واتجاه النظام الرئاسي, وتعود وجهتي النظر إلى أما تغليب النظام البرلماني في الدستور, أي تعزيز الشعبية في الدستور, وأما إلى تعزيز هيمنة رئاسة الوزراء على مجلس الأمة.
ولكن الرأي الأخير, ينطوي على صعوبة تتمثل بطبيعة الحكم في الكويت, التي ارتضاها الشعب, بأن يكون الحكم في ذرية مبارك, فالدساتير التي تطبق النظام الرئاسي, تفترض أن يكون الحاكم هو رئيس الدولة, ويكون منتخباً من الشعب لفترة محددة, وهذا لا يمكن أن يطبق في الخصوصية الكويتية, وهو أمر لا يوجد إلا بالنظام الجمهوري, ولذا ارتأت المذكرة التفسيرية, وبعد نقاشات مستفيضة, أن يكون النظام هو نهج وسط بين النظامين البرلماني والرئاسي مع انعطاف أكبر نحو أولهما, مما يعني أنه في حال التعديل الدستوري, سيعدل باتجاه النظام البرلماني, كما تنص عليه المذكرة التفسيرية.
ولا شك أن هذه الفلسفة الدستورية, تفرضها طبيعة الخصوصية الكويتية, كما أرادها المشرع, لكنها من جانب آخر, تسبب صراعاً بين المجلس والحكومة, يتمثل في محاولات كسب ميزان القوى, كل لناحيته, هذا الصراع لن نجده في مجالس الشورى المعينة مثلاً, لكننا سنجده بشكل أو بآخر, حتى في المجالس النيابية ذات الطابع الرئاسي, وهو صراع إيجابي في كثير من الأحيان, لضمان عدم تفرد طرف على حساب الطرف الآخر, وحتى لا تكون المجالس النيابية صورية.
لكن محاولات التنقيح للدستور الكويتي في منتصف السبعينيات, وبداية الثمانينيات, لم تحض بقبول شعبي, بل تم رفضها بإجماع شعبي, ليس لأن الدستور قرآناً لا يمس, بل لأن أي محاولة للتنقيح, ستكسر الحاجز النفسي لقيمة الدستور وهو الإطار العام لحياتنا السياسة, وتفتح شهية الراغبين لإفراغ الدستور من محتواه المدني والديموقراطي, في إتجاهات لا تمثل آمال الآباء المؤسسين, ولا تمثل طموحات الشعب, مثل تغيير المادة الثانية من الدستور, والتي تحيل الكويت إلى دولة دينية, وليست مدنية, وما يتبعها من سن قوانين وإجراءات, تمس حياة الناس وحرياتهم, وتغير من وعيهم وثقافتهم, وتجر البلد إلى صراعات طائفية أعمق وأخطر مما نراه الآن.
كما أن مثل هذه المحاولات, وإن كانت نوايا مقدميها حسنة, ستمنح السلطة التنفيذية حماية زائدة, ستحجم معها أداتي التشريع والرقابة البرلمانيتين, وستقلص دور النائب وتقيده, وهو خطر على نظامنا البرلماني, ونهجنا السياسي, كما أن الأجواء السياسية والسيكلوجية, غير موائمة لتعديلات على الدستور, وهي ليست أولوية في الإصلاح السياسي.
إن كبح الفوضى والأداء البرلماني المتدني, لا يكون بالهروب إلى أمام, كما أن التعامل مع الفساد الإداري, وضعف الإنتاجية, لا يكون ببيع قطاعات الدولة إلى القطاع الخاص, وإنما بالتوجه الحكومي الجاد, للإصلاح السياسي والإداري, وتطبيق القوانين, ورفع الوعي السياسي, ورفع قيمة العمل للنائب والمواطن والمسؤول, لكي تتجه الكويت في طريق التنمية, كدولة مدنية متطورة, تتوازن فيها المسؤوليات والواجبات.
يقول الخبير الدستوري محمد الفيلي حول موضوع النظامين البرلماني والرئاسي, في جريدة القبس يوم الأربعاء 28 ابريل:"في كل الأحوال الوصول إلى الحل, يفترض وجود حد أدنى للتنظيم السياسي, ولعل السبيل المنطقي لخلق هذا التنظيم, هو وجود أحزاب سياسية على أن تمهد الأرضية القانونية لذلك مسبقاً". انتهى.
وحسناً فعلت جريدة القبس, بفتحها مثل هذا الموضوع الحساس, لكي تشرك المواطنين فيه, وتحرك بحيرة الوعي الراكد, وهو دور وطني يجب على الإعلام أن يلعبه
.