Monday, October 27, 2008

تشريع ضد الدستور




ما زالت قوى التخلف, تدفع بالبلاد إلى مزيد من الانهيار, وتجاوز الدستور والقوانين, ظناً منها أنها استولت على الكويت, وبدأت بتنفيذ أجندة الجهل والتخلف والرجعية, بتشريعات تقيد حريات المجتمع.
وأخيراً خرجت علينا اللجنة التشريعية البرلمانية, بتشريعات تخالف الدستور ومواده الأساسية المتعلقة بالحريات, وتكرس الفوضى والنظام القبلي, على حساب دولة المؤسسات, بإلغاء تجريم الانتخابات الفرعية للقبائل, وتفريغ الدمقراطية من محتواها, وضرب منجزات المجتمع, ومكاسبه التي حصل عليها منذ عقود, وأعلنت اللجنة بهذا السلوك أنها وصية على الشعب الكويتي.
وعندما يأتي أشخاص, اعتلوا كرسي البرلمان بطريقة غير شرعية, وبمخالفة صريحة للدستور والقوانين, والأعراف الانتخابية, ويشرعوا بجواز الجرم, ويحللوه رغم إدعائهم التمسك بتعاليم الإسلام, ويفرضوا بنفس الوقت على الشعب الكويتي حتى لباسه, فهذا يعني انهياراً للمبادئ التي اختارها الشعب لنفسه, وتحدياً لإرادته ومنجزاته, وتحدياً للرغبة الأميرية.
عمت الفوضى في هذا المجتمع الآمن, وأصبحت استهانة البعض حتى بالقضاء والمحكمة الدستورية, فهم يجيرون النظام المؤسسي لمصالحهم الخاصة, سواء كان نظاماً دمقراطياً, أو قضائياً, لكنهم ينقضون على هذه المؤسسات, عندما تخالف مصالحهم, وعند أول فرصة سانحة لهم.
دخلوا في النظام البرلماني لأغراض محددة, ليس من بينها التنمية أو الإصلاح أو التقدم, فهم أعداء التقدم والتنمية, كل غرضهم هو امتصاص خيرات البلد, من خلال المناقصات, العلاج بالخارج, وبتوظيف أصحابهم بمناصب قيادية, والاستيلاء على أملاك الدولة, واسقاط القروض.
كل مطالبة أو انتصار شعبي, يثير حنقهم وحفيظتهم, فانتصار الحركة الشبابية لتقليص الدوائر, وحق المرأة السياسي في الترشيح والانتخاب, ووصولها إلى الوزارة, كل ذلك يثير غضبهم, وحتى مطالبة الشعب بحقوقه, مثل إلغاء قانون منع الاختلاط, كلها أمور تخل بتوازنهم فيتهمون الشعب بالفسوق والفجور, وألفاظ أخرى خارج آداب الإسلام, لكن لا مانع من أن تنتخبهم المرأة سواء كانت محجبة أم غير محجبة, وتلك انتهازية وفساد أخلاق, ليس لهما علاقة بالإسلام, ولا بأي دين آخر.
يتفننون في تشكيل لجان, تعمل ضد حريات الشعب, وتفرض وصاية حتى على السلطة التنفيذية في الدولة, فتارة لجنة الظواهر السلبية الدخيلة, وتارة يتحايلون على اجتماع اللجنة التشريعية, لكي يصوتوا بالإجماع ضد مكتسبات الشعب الدستورية, هم فقط يستخدمون النظام الدمقراطي لكي يقوضوه, ويستبدلوه بنظام القرون الوسطى ومجتمع الجاهلية, فمال الدولة غنيمة حلال, وصوت الشعب الذي يرفض وصايتهم كافر.
أن قرار اللجنة التشريعية البرلمانية, بعدم دستورية توزير نورية الصبيح وموضي الحمود, لمخالفتهم ما أسمته ضوابط شرعية, فيه احتقار للمرأة التي لا تصلح برأيهم إلا للإنجاب والمطبخ, هذه المرأة الكويتية التي حققت إنجازات علمية, وفكرية وثقافية ونضالية لم يحققها بعضاً منهم, وقدمت للكويت أكثر مما قدم البعض من الرجال.
ولكن كل ما يفعلوه, هو محاولة فاشلة لإيقاف عجلة التقدم, وسلب المكتسبات الوطنية من الشعب الكويتي, كل ما يفعلوه هو فضح أدوارهم الرجعية أمام التاريخ, وكشف تآمرهم على حريات المواطنين, ومحاولة تجيير الدستور والنظام الدمقراطي لمخططات أحزابهم وجماعاتهم.
يقول الشاعر بديوي الوقداني:
الديك يذن لو عليه الجنابة والذيب ما يومن لوكان صاحبك.

Sunday, October 19, 2008

الأزمات لا أخلاقية




كنت بصحبة أحد الأصدقاء, الذي كان يستضيف احد المتخصصين الأجانب بالشؤون الاقتصادية, فسألت الضيف عن حقيقة أزمة انهيار النظام المالي في العالم, وانعكاس ذلك على بورصة الكويت, وحيث أنني لا أفهم بالاقتصاد, استمعت بشغف لحديثه, وحاولت استيعاب المصطلحات الاقتصادية, التي اعتبرها سمعي لغة هيروغليفية.
قال هذا الضيف, أن كل أزمة هي في الاساس أزمة أخلاقية, بدأ من الأزمات الاقتصادية, التي يسببها كبار المحتكرين, إلى الحروب, التي يقصد منها الاستيلاء على ثروات الشعوب الأخرى, إلى الأزمات الصحية والغذائية والبيئية التي يتسبب بها الفساد, إلى الأزمات السياسية, مثل ما هو حاصل عندكم في الكويت, والتي تديرها المصالح غير النزيهة, كلها بدون استثناء أزمات أخلاقية في الأساس.
وكأني وجدت نفسي, أتحدث إلى مصلح اجتماعي أو فيلسوف, لا رجل اقتصاد, فأردفت: وحتى الأزمات الزوجية, هي أزمات لا أخلاقية في الأساس, أما بسبب من خيانة, أو نزعة إلى السيطرة, أو على الأقل عدم احترام, فرد متشجعاً: بالضبط, الآن أنت تفهمني, إبحث في أي أزمة في بلدك, صغيرة كانت أم كبيرة, تجدها أزمة أخلاقية, سمي لي أي أزمة في مجتمعك, التعليم, الصحة, التنمية, البنية التحتية, الطائفية, القبلية, غياب القانون.. الخ, كلها في أساسها أزمات أخلاقية, قد تحمل مسميات مثل, الفساد, الواسطة والمحسوبية, الرشوة, التعصب, إلغاء الآخر, وعدم الإنتاجية أو الالتزام الوظيفي, مخالفة القوانين, تقييد الحريات, المخالفة والاستهانة بمواد الدستور, وحتى الجهل والتخلف يقودان إلى أزمات أخلاقية.
والمشكلة أحياناً, أن هذه الأزمات الأخلاقية ترتكب, تحت شعارات نبيلة, مثل الدمقراطية, واقتصاد السوق الحر, والدين, والدفاع عن العالم الحر.
استثارني تعبير (الأزمات ترتكب) فسألته: هل الأزمة ترتكب عن عمد؟ قال: طبعاً, وهذا يقودنا إلى سؤالك الأول, عن الأزمة المالية الأمريكية.
أنت تعلم أنه تجرى في الولايات المتحدة في هذه اللحظات, حملات لانتخاب رئيس جديد للولايات المتحدة, قلت: طبعاً, فأكمل: وفي الحملة تستخدم كل الأسلحة المشروعة وغير المشروعة للفوز, وقد علم الحزب الجمهور أن أكبر بنكين عقاريين في أمريكا, كانا يقدمان قروضاً عقارية, بلا ضمانات كافية, ولكن بسعر فائدة كبير, لكي تصب بونصات أكبر في جيوب أعضاء مجلس إدارة البنكين, ولأن أعضاء مجلسي البنكين, كانوا يتبعون الحزب الدمقراطي, الذي يمثله الرئيس بوش, عمل مرشح الحزب الجمهوري, على فضح هذه الممارسة, التي تضر بالاقتصاد الوطني, ولما أثار هذا الأمر استياء الناس, قام بوش بإعلان إفلاس البنكين, أي اتخذ إجراءً سياسياً, بدلاً من الاعتماد على رأي خبراء الاقتصاد, وقاد هذا الانهيار انهيار لآلاف البنوك والشركات المرتبطة, وانعكست هذه الأزمة على جميع أنحاء العالم, فهل رأيت؟ الأزمة أخلاقية بالأساس, غرضها الكسب السياسي, على حساب اقتصاد ومصالح الأمة.
سألته, وماذا تعتقد سيكون مستقبل هذه الأزمة على الاقتصاد الكويتي؟ قال: الاقتصاد الكويتي أفضل من غيره, والبنوك الكويتية تتشدد في ضمانات الاقتراض, ولكن المشكلة هي في الاجراءات الحكومية لحل هذه الأزمة, فقد فعلت مثلما فعل بوش في البداية, وقبل مشروع الكونغرس, قامت بإجراء سياسي وليس اقتصادي, فبدلاً من أن تدعم البنوك, وهي عمود هام من أعمدة الاقتصاد, قامت بدعم الشركات, مما يعوض كبار المستثمرين, ويضر بصغارهم, بينما يجري التفكير في أوربا بتأميم بعض البنوك.
قلت ممازحاً, وكأن ماركس يمد لسانه من قبره شماتة, فاكتفى بالابتسام, وتذكرت كم لا أخلاقية هي الرأسمالية, إذ قامت بعض الشركات في الكويت, بطرد بعض موظفيها وسلبهم حقوقهم, بطرق ملتوية, جراء أزمتها فتحول بعض أصحاب الشركات إلى وحوش.
فهل أزماتنا هي أزمات أخلاقية في أساسها, هذا يجعلني أفكر قليلاً.

Sunday, October 12, 2008

ظواهر سلبية




أستغرب من غياب لجنة الظواهر السلبية الدخيلة, عن ظواهر في منتهى الخطورة, بدأت تنتشر في المجتمع الكويتي, وتؤثر على الأمن الاجتماعي والنفسي للمواطن, وخاصة لدى الأطفال.
فمسلسلات وبرامج شهر رمضان, التي تعد انعكاساً ومثالاً واضحاً على الانحطاط الثقافي, بدأ يتضح عام وراء عام, فقد تضمنت بعض المسلسلات مشاهد خطيرة, عن عمل السحر والشعوذة, وإخراج الجن من ظفر الإنسان, وكانت حصيلة هذه المشاهد المتدنية, أن أصيب مجموعة من الأطفال بحالة هلع ورعب وكوابيس, تطلبت جهداً كبيراً لمعالجتهم, أو التخفيف من تأثيراتها عليهم, ناهيك عن أن هذه الأعمال تكشف تخلف المجتمع الكويتي, واهتماماته, وكأنه لم يعد هناك أعمال درامية ناضجة لكتاب كويتيين, وكأننا نعيش في كويت لا نعرفها.
كما انتشرت خلال رمضان, البرامج التي تشوه وتسخر من الشعوب العربية الأخرى, وهي ظاهرة تخلق العداء بين الشعوب الشقيقة, عرضت هذه البرامج دون إحساس بالمسؤولية, أو دون إدراك لخطر الإحتقان الإقليمي, الذي يتطلب نشر ثقافة السلام والمحبة, أليست تلك ظاهرة تستحق الإهتمام من لجنة قمع الحريات؟
والظاهرة الأخرى الخطيرة والسلبية, هي المعارك الشبابية التي حدثت في المجمعات التجارية, أثناء العيد, والتي تطورت إلى التهديد بالأسلحة النارية, وأيضاً ظاهرة التحرش الجنسي الجريئة, دون خوف من رادع قانوني, وكذلك تنامي ظاهرة التعصب والنخوة القبلية, على حساب مجتمع المؤسسات المدنية.
وظاهرة أخرى خطيرة وسلبية وجريئة, يمارسها بعض أعضاء مجلس الأمة, مثل طرح مشروعات بقوانين للاستيلاء على المال العام, وأملاك الدولة, وظاهرة سلبية أخرى بدأت تتنامى, وهي ظاهرة العنف الطلابي أثناء الإنتخابات, ولعلها إنعكاس لما يحصل في المجتمع.
هذه الظواهر الخطيرة, ذات الإنعكاسات المدمرة لمجتمعنا, لا تعني للجنة الظواهر السلبية شيئاً, بل ثبت بأن هذه الظواهر, بدأت منذ أكثر من عقدين, وتحديداً بعد سيطرة التيارات المتأسلمة, وسعيها لكبت الحريات, ومنع وسائل اللهو البرئ للشباب, هذا الكبت هو ما يولد الإنفجار, حسب الحقائق العلمية والفلسفية, هذه القوى هي التي سمحت ونشرت ثقافة السحر, في معارض الكتب والمحطات الفضائية, وحاربت الأدب والأدباء والمفكرين, وما زالت في حرب دون كيخوتية مع التكنولوجيا والتقدم العلمي, وبودها إلغاء الانترنت بصفته ظاهرة سلبية, ولم تعمد هذه القوى إلا لنشر الطائفية المدمرة, والعصبية القبلية, التي كان من أبرز مظاهرها السلبية, العنف والشغب وتحدي رجال الأمن وقوانين البلد, معتبرة أن القبيلة فوق الوطن, ونذكر أن أحد أعضاء لجنة الظواهر السلبية استعان بالنخوة القبيلية عندما حوصر من قبل مناقشات الجمهور في إحدى الندوات.
دافعوا عن سرقات المشاريع التنموية, التي تعد بمئات الآلاف من الملايين, وجاهروا بعدائهم للدستور, وعزمهم على نسف مواده, وخاصة المادة الثانية منه, ركزوا عدائهم على الفرح وحريات الناس, وتقدم العلم, وتركوا مسلسلات السحر والشعوذة, تدمر في النشئ, باركوا العنف والإرهاب بأنواعه, وحاربوا تسامح الإسلام مع الأديان الأخرى, أصيبوا بتخمة الغرور لظنهم أنهم أصبحوا أكثرية, ولاعتقادهم بأنهم استطاعوا تغيير مجرى التاريخ, ونسوا أن هذا الشعب وإن صمت طويلاً فهو لا يقهر, ألغوا الآخر بتعنت, وبالغوا برؤيتهم الشمولية, نشروا الجهل والتخلف والفساد, ومنعوا حرية التفكير والتعبير, حتى ضحكت علينا الشعوب المجاورة.

Sunday, October 5, 2008

قصة داوود 2 من 2




لم يكن من السهل نقل تمثال داوود, رائعة مايكل أنجلو, من الورشة إلى ساحة بيازا ديل سنيوريا, مركز مدينة فلورنسا الحضاري, فالتمثال ضخم يبلغ خمسة أمتار طولاً, منحوت ببراعة لا تماثلها براعة عبر تاريخ فن النحت.
كان نقل التمثال الضخم, مهمة صعبة, خاصة أثناء مروره في أزقة فلورنسا الضيقة, لكن مايكل أنجلو وبعض أصدقائه العباقرة, بنوا حوله قلعة صغيرة, وحبال ورافعات لهذا الغرض, واستغرقت رحلة داوود أربعة أيام, ولكي يتجنبوا أعمال التخريب من قبل المتطرفين, حرس التمثال ليلاً ونهاراً, وعلى مدار الساعة, بواسطة حرس خاص, ومع ذلك تعرض التمثال إلى قذف الحجارة, من قبل بعض الصبيان الذين تم تحريضهم, ولكن السلطات سجنتهم لعدم احترامهم للفن.
وفي الثامن من يونيو عام 1504م, وصل "العملاق" كما أطلق عليه الفلورنسيين, أعتاب ساحة سنيوريا, لكنه لم يرفع على قاعدته الرخامية, ويعرض أمام الشعب الفلورنسي, حتى الثامن من سبتمبر في نفس العام, وفي احتفال ضخم تجمع الجمهور في الساحة, مذهولين من الجمال العاري, الذي لا يشبه شيئاً رؤوه في السابق, وكان التمثال ذو النظرة الواثقة والحازمة حتى ذلك الوقت, يربط مع قصة داوود في الإنجيل, كانت تلك النظرة تمثل قوته البدنية والأخلاقية.
ولكنه لاحقاً جسد في خيال الفلورنسيين, نموذجاً للفضيلة الحضارية, وتحذيراً لأعداء الحرية, وأكد الأكاديميون بالإجماع على القيمة الحضارية لداوود, وربط البعض بينه وبين أفكار دانتي, والبعض بأفكار أفلاطونية, ولكن معظم الأفكار كانت تصب على ما يمثله داوود النبي, المدافع عن الإيمان والعدالة, إضافة إلى ما يمثله هرقل, من القوة البدنية والذكاء.
لكن بعد محاولات التخريب, التي حرض عليها المتخلفين والمتعصبين, في عام 1527م, أخذ الدوق كوزيمو على عاتقه مهمة إصلاحه عام 1543م, ماخذا بالاعتبار الأهمية الكبرى للتمثال بالنسبة الشعب, وقد يبدو غريباً أن العاهل الذي اضعف قوة المؤسسات الديمقراطية للجمهورية, وحتى بانعكاساتها الفنية, يهتم بترميم التمثال, كما تحدث بتقدير عن مايكل أنجلو وكل الفنانين والمفكرين, لكنه كما قيل كان يمارس استراتيجية سياسة منافقة, بسبب من سطوة الفن وتأثيره على شعب الجمهورية الفلورنسية, إذ لا يمكنه إيقاف عجلة التقدم والتاريخ, ومن ذلك الوقت تمت الإشادة بتمثال هرقل وبقية التماثيل, حتى أن كوزيمو قام بنفسه بمقارنة عمل حكومته, بالجهد المبذول في نحت الأبطال الأسطوريين, ولم يعمد أو يجرؤ على إبعاد داوود وما يمثله من مبادئ حضارية, من المكان الذي اتخذه سكناً خاصاً له لاحقاً, بل نصب نفسه كمصلح للتنمية, ولثقافة وحضارة السلام, ولكنه في نفس الوقت أعاد توزيع التماثيل قرب داوود, حتى يقلل من قيمته المؤرقة له.
بعد تعرض التمثال لعوامل الطبيعة على مر القرون, وفي منتصف القرن الثامن عشر, لوحظ تأثر رخام تمثال داوود, فتقرر نقل التمثال إلى أكاديميا دللا بيلي آرت, في عام 1882م, حيث كان المكان مغطى, بمبنى من طراز عصر النهضة, وتم تكليف أحد الفنانين, بصنع نسخة مشابهة لكي توضع مكان داوود الأصلي, لكن لم يحظى تمثال آخر منسوخ بما حظي عليه هذا التمثال.
وعلى الرغم من أجواء التحضر والدمقراطية, التي سادت عبر العصور, إلا أن عقلية الجهل والتخلف والتخريب, ظلت موجودة عن بعض الشاذين, ففي عام 1991م, قام مهووس بمهاجمة التمثال بمطرقة, وكسر الأصبع الكبير للقدم اليسرى للتمثال, ولولا سطوة الفن, لما حمل معه كل هذا الحب وهذه الكراهية والخوف.
لكن أثبت التاريخ, فيما لا يدع مجالاً للشك, أنه مهما طالت عصور الظلام, ومحاربة الدمقراطية, والجمال والفرح الإنساني, سيأتي يوم قريب بمقياس التاريخ البشري, يجرف فيه القبح والتخلف, ولن يبقى غير التقدم وحلم البشرية بالسعادة والرخاء.