Sunday, March 22, 2009

أزمة تلد أخرى



عندما بحثت في الإنترنت عن جملة "أزمة تلد أخرى", وجدت الكثير من المواقع والروابط, التي كتبت فيها هذه الجملة, لكن الغريب أن معظم الكتابات كانت تتحدث عن الكويت, حتى تلك التي لا تعتبر وسائل إعلام أو مدونات كويتية, وهذا يشي بكل تأكيد على أن هناك فهم عام وإتفاق مشترك, على الوضع الكويتي.
والمتابع للشأن الكويتي, يجد أن الأزمات هي المانشيت الرئيسي للأوضاع فيها, وهي أزمة شاملة لكل جانب من جوانب الحياة, سياسياً وثقافياً واقتصادياً واجتماعياً, حتى يظن الإنسان أن دولة الكويت قد جرفت ومحيت, كما محيت على خريطة الاحتلال, بل أبان الاحتلال كان هناك توافق ووحدة بين الشعب, بممثليه وأفراده مع الحكم, بيد أن هذه الأزمة هي سقوط وانحدار لكل شيء.
ولانعلق اللوم على طرف دون آخر, بل لا نستثني أحداً سواء كان حسن النية أم سيئها, فأعضاء مجلس الأمة بتركيبته المعادية لمصالح الشعب, وخصوصاً الإسلاميين منهم, جاء بسبب الدعم والرعاية الذي حصلوا عليه من الحكومة, قبل ثلاثين عاماً, والحكومة هي المسئولة الأولى عن هذا الخلل الاجتماعي والسياسي, هي المسئولة عن تسمين هذه الفئة, وليست الطبقة, لأنها لا ترقى بأن تكون طبقة اجتماعية, وأصبح التنفيع والفساد واستغلال أموال الدولة وأراضيها في الأوج, وأصبحت اللحية جواز مرور للثراء غير المشروع, وتهديد أركان الدولة, وأمنها الاجتماعي والاقتصادي والثقافي, ورغم أن هذه الفئة تعرف تماماً أنها أصبحت مكشوفة للشعب, إلا أنها استمرأت واستقوت على كل سلطة وقانون في البلد, واحتقرت علم البلاد ونشيده الوطني, وتجرأت على الولاء الوطني بازدواج الجنسية, وطالبت بتحويل المخلصين من أبناء البلد, وأبطال المقاومة ضد الاحتلال الغاشم إلى النيابة, فقط لأن هؤلاء المخلصين طبقوا القانون, كما يجب على الكويتيين.
ولكن الحكومة التي تعرف أين موضع الخلل, تخاذلت أمام هذه الفئة, وفقدت هيبتها, فأصبح كل مجرم يحظى بحماية بعض النواب, أي جريمة سرقة أو هتك عرض أو الاتجار بالمخدرات, هي جرائم مباحة بحكم قانون نواب وصلوا إلى البرلمان بجريمة.
وأصبحت الحيلة والتهديد والخطاب المتدني, والألفاظ النابية هي وسائل أعضاء مجلس الأمة للوصول إلى غاياتهم الشخصية, ألغو الحكومة والشعب من حساباتهم, وخالفو الدين والدستور من أجل شعارات دينية يرفعونها.
والحكومة في سبيل إرضاء هذه الفئة, تخلت عن مشاريع التنمية والإصلاح, واندفعت بجسدها نحو السيف, وتحولت الحكومة إلى جدار واطئ, الكل يعبر عليه, حتى أصبح يحق لهذه الفئة ما لايحق للشعب, يرقصون ويفرحون, ويحرمون على الشعب الاحتفال بعيده الوطني ويوم التحرير, يصادرون حريات الناس, ويفعلون ما يحلو لهم, يحرمون التعليم المشترك, ويصافحون إمرأة أمريكية.
وأياً كان تبرير الناس لانتخاب هذا المجلس, فهم غير بعيدين عن اللوم لهكذا اختيار, سواء كانت الدوافع خدمات أم قبلية أم طائفية, فهذه اختيارات غير وطنية, لا تصب في مصلحة الوطن, لكننا نعود للسبب الأساسي, وهو تصرف الحكومة قبل ثلاثين عاماً.
وإذا كان الناس بسطاء, قد تغيب عنهم الحقيقة, ماذا يعتري الحركة الوطنية ورجالاتها, لماذا ما زالت تعيش في وهم التحالف مع هذه الفئة؟ ألم تتعلم من دروس أيام الاثنينات ونبيها خمس؟ هل يعقل أن هذه الشخصيات الوطنية, ما زالت تعتقد أن هناك مصلحة مشتركة مع هذه الفئة؟! والتي أثبتت مع الزمن أنها تعتلي على ظهر الحركة الوطنية, للوصول إلى غاياتها الخاصة, هل تعتقد الشخصيات الوطنية, أن هذه الفئة تؤمن بالدستور وبالدمقراطية؟
هل شاخت رموز الحركة الوطنية, أو بعضها على الأقل, لتكرر أخطاءها بالتحالف مع الانتهازية؟ ألا يعتبر ذلك انحرافاً سياسياً؟ أو على الأقل تخبطاً سياسياً؟ من نعول عليه لإنقاذ الوطن, بعدما ضاعت بوصلة الوطن؟
بالفعل, أزمة تلد أخرى, لكنها لم تبدأ اليوم, بل أصبحت أجيالاً من الأزمات, والحل بالرجوع إلى البدايات.

No comments: