Tuesday, June 29, 2010

القضية १ / 2010

أطلق سراح المحامي والكاتب، محمد عبد القادر الجاسم، الذي كان سجيناً بسبب رأيه، على ذمة القضية 1 لسنة 2010 من قضايا أمن الدولة، لتعاد الثقة والاعتبار للقضاء الكويتي العادل، الذي ما زال حصن الأمان للمواطن الكويتي، وظل جهازاً نظيفاً بعيداً عن محاولات الإفساد التي طالت كثير من الأجهزة والمؤسسات، بما فيها مجلس الأمة، حيث جرى شراء ذمم بعض أعضائه.
وكاد أن يشكل اعتقال الجاسم، نهجاً جديداً وغريباً على دولة الكويت، وتحولاً من الدولة الديموقراطية، إلى الدولة القمعية البوليسية، لولا بقية الإيمان بالسلطة القضائية، التي ما زال أملنا متعلق بها حتى الآن.
هذا التوجه غير الحكيم، وغير المدروس، كان له كلفة باهضة على سمعة الكويت العربية والدولية، فبعدما كانت الكويت تشكل واحة تاريخية للحرية، وملاذاً لكل الشرفاء الذين قاسوا من الملاحقة والظلم في دولهم، وبعدما كانت حضناً دافئاً للمقاومة الفلسطينية، ومنبراً عربياً لحرية الكلمة والرأي، كادت أن تتحول في لحظات انفلات للحكمة، وعدم ضبط النفس، إلى دولة بوليسية، في زمن تغيرت فيه مقاييس الحقوق والحريات.
وقد شكل اعتقال الجاسم، وعقابه قرابة الشهرين في ما سمي حبساً احتياطياً، قلقاً عند الناس وخوفاً من فقدانهم لمكتسباتهم التي كانت تميزهم، كشعب يرفل بالأمان والحرية والديموقراطية، وخاصة أن اعتقاله قد رافقته معاملة مهينة لشخصه، دون مراعاة لمكانته الاجتماعية كمحامي وكاتب، ولظروفه الصحية، وهو ما كان يشي بمستقبل مظلم للمعارضين والمنتقدين، ومستقبل أكثر غموضاً للحقوق والحريات في المجتمع.
ولو كانت قضية الجاسم، قضية معزولة أو ملتبسة، لكان الأمر في سياقه المعتاد، لكن الأمر يتعدى ذلك إلى اجراءات ونهج أخطر، فخلال الأربعة أشهر الماضية، جرى التضييق على كتاب الرأي، وصدرت قرارات رسمية بمواجهة اضرابات العمال المشروعة والقانونية، وجرى استهداف المدونات الألكترونية، ومراسلات الهواتف "البلاك بيري"، وهو ما أسميته في أكثر من مقال بالاجراءات الاستباقية ضد المعارضة.
فهل تتسق هذه الإجراءات اللا ديموقراطية، مع نهج التنمية والإصلاح، وتحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري؟
أرجو أن تسقط وإلى الأبد سجون الرأي.
osbohatw@gmail.com

No comments: