Friday, September 10, 2010

يراد بنا شراً



لا أحد يعرف مدى خطورة النزاع الطائفي والمذهبي، مثل الذي اكتوى بناره، فإذا دخلت الطائفية بلداً دمرته، وتظل نارها موقدة لسنين وقرون، ولا أحد يخرج من هذا النزاع البدائي منتصراً، بل أنه يؤخر البلدان لسنين، ويحطم خلال فترة قصيرة، ما بناه الإنسان في قرون طويلة.
وهو يعكس تخلف الإنسان وعصبيته البدائية، وانتماءاته الضيقة على حساب الانتماء الأشمل والأنبل، كما يعني غياب العقل والتفكير، وتضخم العاطفة والغريزة ويعني الكراهية للآخر المختلف، فقط لأنه مختلف.
استخدمت الطائفية عبر تاريخ البشرية الطويل، للسيطرة على الشعوب، ولعل أول من توصل إليها كسلاح للسيطرة، هو الاستعمار البريطاني، من خلال سياسته المعروفة (فرق تسد)، فالشعوب الواعية واليقظة، تعرف أن قوتها في وحدتها، وفي تفويت الفرصة على المتآمر، من خلال وحدتها الوطنية.
وعلى حد قول أحد السياسيين الوطنيين اللبنانيين، : "الفتنة قد يشعلها طرف واحد، لكنها تحتاج إلى طرفين أو أكثر لتنفيذها"، فالطرف الواعي هو الذي ينتبه إلى مرامي الفتنة وأبعادها المستقبلية المدمرة.
فإذا أرادت إسرائيل أن تضعف الجانب المقاوم لحزب الله، فإنها تضرب جانبه المذهبي، عبر فتنة طائفية مثلما حصل في حادثة برج أبي حيدر، فإن لم ينتبه الطرفان إلى خطورة المؤامرة، سيدخلان في لعبة التدمير الذاتي، فإسرائيل تدرك استحالة الانتصار على شعب موحد.
وكيف إذاً يمكن السيطرة على بلد شاسع مثل العراق؟ دون تفتيته واشعال فتنة طائفية ومذهبية فيه؟ فالطائفية تنسى المشروع الوطني الديموقراطي، وتنشغل في حرب بدائية تعصبية تصفوية.
فهل نحن بعيدون عن مثل هذه الأمثلة؟ هل نحن محصنون ضد الفتنة؟ هل نحن واعون لما يحاك ضدنا؟ وما يراد لنا؟
لعله من التكرار أن نقول أن وحدتنا في وجه الاحتلال، كانت حصانتنا ضد مشروع الشر، الذي قاده صدام حسين، لابتلاع وطننا وطمس هويتنا، وزوال صدام لا يعني زوال الشر.
إن الشرر الذي بدأ يتطاير في وطننا منذ بضعة أشهر وبشكل ملحوظ، لم يكن مصدره طرف واحد، كما أنه لم يكن كله عشوائياً أو تلقائياً، فبعضه مخطط له جيداً، وبعضه يؤججه التخلف ونقص التفكير والمواطنة الدستورية.
هناك من يريد بنا شراً، من الداخل والخارج، هناك من اكتشف نقطة ضعفنا، ومستوى تفكيرنا وعقليتنا، وشغفنا باللعب بالنار.

osbohatw@gmail.com


1 comment:

Anonymous said...

صدقت فالفتنه الطائفيه تدق أبوابنا منذ فتره ويتسارع طرقها مؤخرا
فكل يوم نسمع ونقرأ عن موضوع يثير الفتنه
ومع الأسف للأعلام دور مؤجج بدلا من وأد الفتنه