Tuesday, September 21, 2010

على شفا فتنة



قلت في مقالي السابق، أن أحد السياسيين اللبنانيين قال:" أن إثارة الفتنة تحتاج إلى طرف واحد، لكنها تحتاج إلى طرفين أو أكثر لتنفيذها"، وهو ما يحصل في الكويت، فلم يتم احتواء وإيقاف الشرارات الأولى للفتنة، بل تركت الأطراف الأخرى لتأجيجها، وكل يدعي أنه يدافع عن الحق، والكل يدعي المحافظة على الوحدة الوطنية بالتصعيد والتأليب، وتركت النار ليرتفع أوارها، وكأنه يراد للفخار أن يكسر بعضه.
إن التحرك الحكومي الأخير، لقطع الطريق على مثيري الفتن، والإجراءات القانونية التي قام بها سمو رئيس الوزراء بالإنابة وزير الدفاع الشيخ جابر المبارك، وقانون الوحدة الوطنية الذي يعد له في مجلس الوزراء والمجلس الأعلى للتخطيط، كلها كانت إجراءات مستحقة منذ زمن بعيد.
فالفتن لا توقف إلا بتطبيق دولة القانون تطبيقاً حازماً، ولا تشتعل الفتنة بين شعب واع، فهي ليست من الأمور التي يستهان بها، بل هي أخطر على الشعوب من الحروب العسكرية المباشرة، وهي سلاح العدو الأمضى لتقويض الدول، وتفتيت الشعوب.
لقد تهاونت الحكومة فيما مضى، مع خطر مباشر وواضح لتمزيق النسيج الإجتماعي، عبر الإعلام المرئي والمكتوب، ووقف القانون مشلولاً ضعيفاً أمام الفرز القبلي والطائفي والفئوي، بدءً من المناهج الدراسية المتخلفة، إلى الانتخابات الفرعية المخالفة للقانون، التي تكرس الولاء الأصغر على حساب الولاء الوطني الأكبر، إلى تقسيم الكويتيين إلى بدو وحضر وشيعة وسنة، وزرع الكراهية في نفوس الكويتيين ضد بعضهم.
وتعاملت الحكومة وكأن الأمر عابر، وغمامة طارئة، بل ركزت جهودها ضد من ينتقد سياساتها وأدائها، مخلصاً للوطن وقلقاً على مستقبله، وترك الوطن في مهب ريح الطائفية والقبلية، وتقوضت كل مكتسابات الشعب الكويتي المدنية والقانونية والحضارية.
في هذه الأجواء الجنونية، وفي ظل الأخطار المحدقة بالمنطقة، تصبح التنمية بلا معنى، فأي تفكير في خطط تنموية يجب أن تبدأ بالإنسان، فهو الأولوية ومنه تبدأ وإليه تنتهي.
فقبل تعمير المباني والشركات، يجب بناء شعب متحد، ملتف حول وطنه وقضاياه، تربطه المواطنة والولاء للوطن، يرفل بالحرية والمساواة تحت الدستور والقانون، والبدء بتطوير المناهج، وتدريس وتكريس الوحدة الوطنية منذ الصغر.
وإذا كان لابد من شركة إعلامية لترويج خطة التنمية، يتم من خلالها نهب المال العام، فالأولى تكريس الإعلام العام والخاص، لغرس الوحدة الوطنية، ومكافحة كارثة الفتنة والتمزيق لأبناء الوطن.
وهنا أدعو الكتاب والمثقفين ذوي النفس الوطني المخلص، لجعل قضية المواطنة الدستورية والوحدة الوطنية، أولوية في كتاباتهم وتحركاتهم، وأن تبدأ حملة وطنية شاملة، حكومية وأهلية للحفاظ على ما تبقى من نسيجنا الاجتماعي، ومحاربة كل دعوة متخلفة أو مشبوهة لتفتيتنا.
والبركة بالشباب.
osbohatw@gmail.com

No comments: