Tuesday, September 21, 2010

هذه ليست مقابل تلك



الاختيار بين الفتنة وقمع الحريات، ليس اختياراً صائباً ولا منطقياً، بل أنه يزيد الطين بله، ويزيد الأمر تعقيداً وتصعيداً، فالأمن الاجتماعي يرتبط جدلياً مع الحريات والديموقراطية.
فإذا كان التأجيج الطائفي والقبلي والفئوي، سيدفع الحكومة للتشدد وتقييد الحريات، فتلك هي مرامي من يقف وراء هذا التأجيج، سواء المتخلفين من داخل مجتمعنا أو من خارجه، أو من مراكز القوى، الذين تؤذيهم الديموقراطية وتؤذي مصالحهم.
ما زلنا مع تطبيق القانون وفرض هيبته، للحفاظ على أمننا الاجتماعي، لكننا بالتأكيد ضد ردود الفعل غير المدروسة والمبالغة، في تطبيق القانون، فما حفظنا منذ قرون هو سمة الحرية التي هي أغلى ثرواتنا، وسمة الاختلاف والتعدد ضمن الوحدة، والتي هي مصدر قوتنا.
إن حكم المحكمة الدستورية بعدم دستورية قانون الاجتماعات العامة، هو حكم ملزم ولا يجوز العودة لتطبيقه، ولكن بيان وزارة الداخلية في شأن الندوات والتجمعات وتطبيقها له يشيان بأن هذا القانون ما زال سارياً، وهو مخالفة دستورية سافرة، والخشية أن تستغل هذه الفتنة بإحياء محكمة أمن الدولة، والتشدد في قانون المطبوعات والنشر، وإدخال تعديلات قمعية على قانون المرئي والمسموع، ناهيك عن قانون مراقبة المواقع الألكترونية، الذي يجري الاعداد له.
إن طريق تطبيق القانون، ودرء أخطار الفتن طريق معروف ومجرب، يكمن أولاً بمسطرة الدستور والقانون، وإرساء مبادئ العدالة والمساواة على الجميع، وثانياً التخفيف من قبضة قوى الإسلام المتشدد على المجتمع، ورفع الحكومة يدها عن رعاية هذه القوى، وثالثاً البحث عن البؤر الخبيثة والمؤججة لجميع النعرات، ومحاسبتها قانونياً، ورابعاً إعادة الاعتبار للتربية الاجتماعية، المبنية على التسامح واحترام الاختلاف.
إن حالة التخلف الثقافي والاجتماعي، هي بيئة حاضنة للعصبيات الطائفية والقبلية والفئوية، ولا يمكن القضاء على التخلف وتبعاته، إلا بإعادة بناء كيان الدولة الحديثة ومقوماتها، الذي بدأ في خمسينيات وستينيات القرن الماضي ثم توقف، والبدء فوراً بعمليتي الإصلاح السياسي، واستكمال الديموقراطية، والتصدي للفساد وأركانه.

osbohatw@gmail.com

No comments: