Sunday, July 19, 2009

الكوكب الغاضب


هناك برنامج علمي وثائقي بعنوان angry planet , أو الكوكب الغاضب, وهو برنامج يتابع ما تمر به الكرة الأرضية من كوارث طبيعية, مثل الزلازل والبراكين, والعواصف, والتغيرات المناخية غير الطبيعية.
وجرى الاهتمام عالمياً بما يسمى ظاهرة الاحتباس الحراري, وعلى مستوى الدول, وليس فقط على مستوى الجمعيات المهتمة بالبيئة, فهناك اهتمام جدي في الكونغرس الأمريكي, وهناك اجتماعات على مستوى رؤساء الدولة, لمناقشة ومعالجة هذا الأمر الذي يهدد بفناء الأرض ومن عليها في المستقبل.
وظاهرة الاحتباس الحراري حسب موسوعة وكيبيديا, هو ظاهرة ارتفاع درجة حرارة الأرض عن معدلها الطبيعي, وحسب اللجنة الدولية لتغير المناخ Ipcc, فإن أغلب الزيادة الملحوظة في معدل درجات الحرارة, بسبب زيادة غازات الاحتباس الحراري, تأتي من نشاطات وتصرفات البشر, فالولايات المتحدة, هي أكبر منتج لانبعاث ثاني أكسيد الكربون, الناتجة عن نشاط البشر, ويقصد به افرازات المصانع, وبعض المنتجات الملوثة.
وهذا سيسبب مزيدا من التصحر, لانخفاض هطول الأمطار, أو انهمار أمطار حمضية تهلك النباتات, وايضاً زيادة وشدة العواصف بما فيها المغبرة, وانتشار الأمراض المعدية, وانقراض العديد من الكائنات الحية والنباتات, وغرق بعض المدن الفقيرة بسبب ارتفاع منسوب المحيطات, نتيجة لذوبان جليد القطبين.
كل ذلك سببه تصرفات الإنسان, الذي ما زال مصراً على التجارب النووية والكيميائية, وقطع الأشجار, واستخدام القنابل والمتفجرات بأنواعها, وردم النفايات النووية, واستخدام المصانع والشركات لكل الوسائل من أجل الربح ومضاعفة الربح, حتى وإن كانت على حساب قصر عمر الأرض.
تعاملنا بروح تدميرية مع كرتنا الأرضية, ولم نتعامل بمحبة, فنحن سبب الخلل والتشويه اللذين طالا الأرض والمناخ, نحن سبب الاحتباس الحراري, فالأرض كانت منسجمة مع نفسها, وجئنا بصلفنا وقلة مسؤوليتنا وتحضرنا لنربك انسجامها.
والأوطان هي جزء من هذا الكوكب, بما فيها المدن والشوارع والمتنزهات, وكل عمل لا مسؤول تجاه الأراضي والبحار والأنهار والغابات, هو مشاركة في تدمير الأرض, كل تخريب للمباني ولجمال المدينة والشوارع, هو مساهمة في التلوث والتخريب.
نحن نذكر عندما كانت الكويت جميلة ببرها وبحرها وشوارعها, نذكر عندما كانت مقراً مؤقتاً لطيور الربيع, واحدى محطات الترانزيت لطيور البط, ونذكر عندما كان البر مخضراً وزهور النوير ممتدة على مد البصر, نذكر عندما كان لدينا فراشات, نذكر عندما كانت رمال الشواطئ ناعمة نظيفة, كانت بيضاء وعذراء, وكان البحر رائقاً, والأسماك وفيرة.
تحولت شواطئنا إلى مجمعات قمامة, ومخلفات بناء. واختفت بعض أنواع الأسماك وتضاعفت أسعار ما توفر منها بسبب ندرتها, هذا ونحن بلد بحري, وقتلت مرابي الأسماك, بسبب دفن البحر للتوسع العمراني, وتغيرت بيئة قاع الخليج, بسبب العبث بالشعب المرجانية, والصيد بطريقة "الكراف" أو الجرف أيا كان الكائن البحري, حتى تحولنا إلى مستوردين للأسماك ولمنتجات البحر.
تحولت الأراضي البرية إلى صحاري قاحلة, لا تستطيع حتى الزواحف العيش بها, واختفت الثعالب وكثير من الحيوانات المألوفة, واختفت الطيور بسبب الصيد العشوائي والعبثي, واقتلع العرفج بكميات كبيرة, لاستخدامه كأعلاف للماشية, واختار البط عبور أجواء الكويت ليلاً, خوفاً من المجزرة.
وتحولت المناطق السكنية إلى مبان ومساجد من التنك, وازداد التلوث نتيجة لتضاعف عدد السيارات, بسبب الفساد وبيع رخص القيادة لأي وافد, وامتلأت الجسور بالكتابات والألوان القبيحة, وتحولت الأرصفة والشوارع إلى قمامة.
والحل لا يكون إلا بإجراءات حكومية حازمة, لا يكون إلا بحملة وطنية تشترك بها قوى المجتمع الحية, لحماية ما تبقى من الكويت, فإنشاء المحميات أمر مهم, ولكنها ليست كل الكويت, والإجراء الحقيقي يبدأ بالإنسان.
بعد كل ذلك, إلا يحق لكوكب الأرض أن يغضب؟

No comments: