Tuesday, June 29, 2010

القضية १ / 2010

أطلق سراح المحامي والكاتب، محمد عبد القادر الجاسم، الذي كان سجيناً بسبب رأيه، على ذمة القضية 1 لسنة 2010 من قضايا أمن الدولة، لتعاد الثقة والاعتبار للقضاء الكويتي العادل، الذي ما زال حصن الأمان للمواطن الكويتي، وظل جهازاً نظيفاً بعيداً عن محاولات الإفساد التي طالت كثير من الأجهزة والمؤسسات، بما فيها مجلس الأمة، حيث جرى شراء ذمم بعض أعضائه.
وكاد أن يشكل اعتقال الجاسم، نهجاً جديداً وغريباً على دولة الكويت، وتحولاً من الدولة الديموقراطية، إلى الدولة القمعية البوليسية، لولا بقية الإيمان بالسلطة القضائية، التي ما زال أملنا متعلق بها حتى الآن.
هذا التوجه غير الحكيم، وغير المدروس، كان له كلفة باهضة على سمعة الكويت العربية والدولية، فبعدما كانت الكويت تشكل واحة تاريخية للحرية، وملاذاً لكل الشرفاء الذين قاسوا من الملاحقة والظلم في دولهم، وبعدما كانت حضناً دافئاً للمقاومة الفلسطينية، ومنبراً عربياً لحرية الكلمة والرأي، كادت أن تتحول في لحظات انفلات للحكمة، وعدم ضبط النفس، إلى دولة بوليسية، في زمن تغيرت فيه مقاييس الحقوق والحريات.
وقد شكل اعتقال الجاسم، وعقابه قرابة الشهرين في ما سمي حبساً احتياطياً، قلقاً عند الناس وخوفاً من فقدانهم لمكتسباتهم التي كانت تميزهم، كشعب يرفل بالأمان والحرية والديموقراطية، وخاصة أن اعتقاله قد رافقته معاملة مهينة لشخصه، دون مراعاة لمكانته الاجتماعية كمحامي وكاتب، ولظروفه الصحية، وهو ما كان يشي بمستقبل مظلم للمعارضين والمنتقدين، ومستقبل أكثر غموضاً للحقوق والحريات في المجتمع.
ولو كانت قضية الجاسم، قضية معزولة أو ملتبسة، لكان الأمر في سياقه المعتاد، لكن الأمر يتعدى ذلك إلى اجراءات ونهج أخطر، فخلال الأربعة أشهر الماضية، جرى التضييق على كتاب الرأي، وصدرت قرارات رسمية بمواجهة اضرابات العمال المشروعة والقانونية، وجرى استهداف المدونات الألكترونية، ومراسلات الهواتف "البلاك بيري"، وهو ما أسميته في أكثر من مقال بالاجراءات الاستباقية ضد المعارضة.
فهل تتسق هذه الإجراءات اللا ديموقراطية، مع نهج التنمية والإصلاح، وتحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري؟
أرجو أن تسقط وإلى الأبد سجون الرأي.
osbohatw@gmail.com

Sunday, June 27, 2010

معاقبة الشعب



الخطوة التي قام بها الرئيس الأمريكي أوباما، بفرض ضريبة نسبتها 15% على البنوك، لمدة عشر سنوات لتبلغ قيمتها 90 مليار دولار، واتجاهه إلى فرض ضريبة نسبتها 0.15% على إلتزامات كبرى المؤسسات المالية الأمريكية، بغية استرداد تكاليف الإنقاذ المالي، الذي دفعه الشعب الأمريكي لهذه البنوك، جراء الأزمة الاقتصادية، هذه الخطوة تحمل شكلاً من أشكال العدالة النسبية، رغم أنها في ظني لن تحل وإلى الأبد الأزمات الدورية للرأسمالية، والتي تنتج من طبيعة النظام نفسه، ولا مناص من تكررها.
في الكويت تم دفع مليارات الدولارات لإنقاذ الشركات، فيما سمي بالمديونيات الصعبة أثناء أزمة المناخ، كما دفعت أموالاً طائلة لإنقاذ شركات وبنوك في الأزمة الاقتصادية الأخيرة، لكن لا نية لدى الحكومة لاسترداد أموال الشعب من هذه الشركات، بل الأسوأ هو معاقبة الشعب، وتحميله الأعباء المعيشية الصعبة، لمزيد من أرباح الشركات، من خلال قانون الخصخصة، الذي بموجبه سيتم بيع قطاعات الدولة للشركات الخاصة.
ورغم أن التجار قد أبدوا تذمرهم من التعديلات الطفيفة على القانون، والتي بمقتضاها تمتنع الدولة عن المساس بقطاعات النفط ومشتقاته، ومرفقي الصحة والتعليم، والنأي بها عن الخصخصة، إلا أن النية ما زالت مبيتة لتخصيص قطاع النفط بعد خمس أو عشر سنوات من الآن، كما صرح أحد المسؤولين.
ولا يقف الجشع عند هذه الحدود، ولكنه يمس صميم معيشة المواطن البسيط، برفع أسعار السلع الغذائية، وافراغ دعم المواد الغذائية من أهميته، عن طريق صرف مواد غذائية ذات جودة متدنية، كي تدفع بالمواطن لشراء متطلباته الغذائية من التجار، الذين سيرفعون الأسعار دون حماية جادة للمستهلك.
وفي هذه الأجواء، قد يفقد في المستقبل المنتج المحلي الدعم والتشجيع، على حساب تشجيع المنتج المستورد، كما حدث في بعض البلدان ذات التوجه الرأسمالي.
واستباقاً لحالة التذمر الشعبي، بسبب انتقاص حقوقه ومكتسابته، والإجراءات المتخذة ضده ولصالح التجار، ولتفاقم حالة الفساد في البلد، فقد اتخذت الحكومة اجراءات استباقية، مثل تشكيل لجنة سباعية لمواجهة إضرابات العمال، وتغليظ العصا ضد حرية التعبير، وآخرها كان قرار مجلس الدفاع الأعلى بزيادة رواتب العاملين في الأجهزة الأمنية، بنسبة من 80 إلى 100% من الراتب الأساسي، وهي زيادة مستحقة لهؤلاء الرجال، ولكنها يجب أن تشمل كل العاملين بالدولة، لأن أعباء المعيشة تقع على الجميع، وإن كانت الزيادة تقديراً للجهود الأمنية، فيجب الالتفات إلى الجهود البطولية، التي قام بها رجال الإطفاء في الأيام العصيبة الماضية، ولكن الخشية أن الهدف هو تمييز رجال الأمن وتشجيعهم، لمواجهة القادم من التذمر، خاصة وأنه منذ ابريل الماضي، لوحظ تغير في المزاج الشعبي، انعكس على اضرابات عمالية في وزارة الشؤون والبلدية، واعتصامات ومهرجانات تضامن مع سجين الرأي محمد الجاسم.
* *
الحرية لسجين الرأي محمد عبد القادر الجاسم

osbohatw@gmail.com

Wednesday, June 23, 2010

الفساد الإصلاح الحريات



غالباً ما تترافق كلمة الإصلاح مع كلمة الفساد، والإصلاح هو مهمات وسياسات وإجراءات عملية، لخلل في جهاز من الأجهزة، سواء حكومية أم أهلية، أم إصلاحات في التشريعات.
والفساد صفة لا تلازم الشعوب، لكنه يأتي من التفاف بعض الناس، وخاصة المتنفذين، على النظم والقوانين، واستغلال مواقعهم الوظيفية، للتنفيع والاثراء غير المشروع، أو ببساطة "السرقة"، ويبدأ كل ذلك بمخالفة مبدأ الرجل المناسب للمكان المناسب، وتهميش الكفاءات والمخلصين من أبناء البلد، وتعيين الموظفين وقياداتهم، بناء على انتماءاتهم القبلية والطائفية والعائلية، بصرف النظر عن نزاهتهم، ويزداد خطر الفساد عندما يستغل ممثل الأمة موقعه وحصانته، لكسر القوانين، وتصبح ذمته قابلة للشراء.
وكلما تأخرت الدول في مكافحة الفساد، كلما صعب معه الإصلاح، إذ يصبح الفساد هو الأصل والسائد، وتصبح النزاهة والصدق هي الشذوذ، ولا يعود القانون هو سند المواطن.
الإصلاح ليس شعاراً يرفع فقط، وهو ليس نوايا طيبة فقط، ولكنه إجراءات وقوانين تطبق، على الكبير قبل الصغير، وترفع الغبن عن المظلوم وتنصفه، وإجراءات الإصلاح تحتاج إلى حزم وقوة، وفرض لمبدأ المواطنة الدستورية.
في الأمس القريب قدم وزير الكهرباء العراقي كريم وحيد استقالته، امتثالاً للتظاهرات التي قام بها الآلاف من سكان البصرة، احتجاجاً على نقص الكهرباء، وفي الكويت يسأل بعض النواب وزير الكهرباء، عن أسماء النواب أصحاب المصالح في قضية الكهرباء.
في كل بلدان العالم، يكون إصلاح الفساد من الأولويات، وفي الكويت وحدها يتهرب النواب، من جلسة خاصة لمناقشة قوانين الفساد، وحماية المبلغ، وكشف الذمة المالية.
في كل بلدان العالم، يكون اتجاه التطور، بإعطاء مواطنيها مزيداً من الحريات، وفي الكويت وحدها تتراجع الحريات، ويسجن الكتاب، وتهان كراماتهم، ويبدو أنه كلما زاد الفساد، كلما تقلصت الحريات.

الحرية لسجين الرأي محمد عبد القادر الجاسم

osbohatw@gmail.com

Monday, June 21, 2010

ابو جورج



مساء أمس مررت بأسرة لبنانية مسيحية، لأداء واجب العزاء لفقدها رب الأسرة السيد نعمة الله صليبي، الذي قدم وزوجته للعمل في الكويت منذ أكثر من أربعين عاماً، وعاش وأنجب ولديه وابنته، وتعلموا في مدارسها.
في ليلة ساخنة وموحشة من ليالي أغسطس 1990م، سمعت طرقاً خفيفاً على باب شقتي المستأجرة، فلملمت زوجتي أولادنا بحضنها، خوفاً من الطارق المجهول، إذ كنا قد سمعنا أن الجنود العراقيين، كانوا يقتحمون الشقق والبيوت في منطقتنا، وينهبوها ويعتدوا على سكانها، في حملات عشوائية مسعورة.
وكنت وقتها أنام وأسرتي في صالة المعيشة، بل بالكاد كنت أنام، وكان أحد الضباط الأصدقاء قد أعطاني مسدساً للحماية، خاصة بعد اشتداد الخطر في المنطقة التي كنت أسكن فيها، فتحت زر أمان المسدس، ووضعته خلف ظهري، وحاولت النظر من عدسة الباب، فرأيت في الظلام هيئة إمرأة، فتحت الباب بوجل، ونظرت إلى السيدة نظرات استفهام، وهنا قالت: "مساء الخير، أنا جارتكم في الطابق الثالث، ونود لو تقبلوا دعوتنا للعشاء هذه الليلة"، تركت الباب مفتوحاً ونظرت إلى زوجتي الخائفة، ولكنها لم تكن تملك جواباً، فأجبت الجارة:"حسناً، وشكراً للدعوة".
أستقبلنا في شقتهم استقبالاً ودوداً، وأبلغونا أنهم على استعداد لأي خدمة يقدمونها، فالكويت قد قدمت لهم ولأبنائهم الكثير، وهم لا ينسون فضلها، بل كانوا يعتبرون الكويت وطناً آخر لهم، شكرناهم على موقفهم الداعم.
بعدها انتقلنا من المنطقة، ولم نعد إلى شقتنا إلا بعد التحرير مباشرة، وعلمنا أن أسرة أبو جورج، ظلت صامدة حتى قبل حرب التحرير بأيام، ثم عادت بعد التحرير إلى الكويت، واستمر الأب والأم يعملان في الكويت، وبالكاد يغادرانها إلى لبنان، وكبر الولدين، وعملا في الكويت، بعد أن تزوج أحدهم.
في العام الماضي وعلى اثر الأزمة الاقتصادية، تم فصل الأب من عمله، وظل عاطلاً ورافضاً ترك الكويت، ثم قبل بضعة أشهر تم فصل الابن لأنه مسيحي، بعد أن تحولت الشركة التي كان يعمل بها إلى إسلامية، وزادت معاناة الأسرة مع مرض الوالد، وعلاجه المكلف، وقبل بضعة أيام توفي، وسيدفن اليوم في مقبرة سوق الغرب في لبنان.
وأثناء العزاء سألت الأم:"هل ستعودون إلى الكويت بعد الجنازة"؟ فأجابت:"نعم طالما بقي فينا رمق"، فأطرقت برأسي متفكراً في الفرق بين محبة هؤلاء اللبنانيين المسيحيين للكويت، وبين بغض بعض أبنائها لها، ودأبهم على افراغها من بعدها الحضاري.
هناك حكايات تقال فقط، وهي تعطي العبرة دون تفسير.

الحرية لسجين الرأي محمد عبد القادر الجاسم

osbohatw@gmail.com

Saturday, June 19, 2010

الفلوس أم النفوس؟



ليس هناك أدل على فساد القطاع الخاص، من الشركة أو الشركات المسؤولة عن صيانة المولدات الكهربائية، وهي ليست المثال الوحيد في البلد، بل يتبع هذا المثال الشركات المسؤولة عن الصيانة في قطاعات حيوية في الدولة، مثل النفط والطرق والمواصلات والطيران، حتى وصل الفساد إلى بعض البنوك، وهي من أعمدة الاقتصاد الوطني.
لكن الأمر لا يتعلق بالفلوس، بل يتعلق بالرجال والنفوس، فأثناء فترة الاحتلال، عندما لم يكن في الدولة لا قطاع عام، ولا قطاع خاص، قام مجموعة من المخلصين بالحفاظ على الطاقة الكهربائية، وإمداد بيوت الصامدين بالماء، كل ذلك تطوعاً ومن غير مقابل مادي، وتحت أقسى ظرف مر في تاريخ الشعب الكويتي، وكان الشباب والشابات، يعملون في كافة المجالات، لتيسير حياة الكويتيين الصامدين، سواء في محطات البنزين، أم في شركة المطاحن والدقيق الكويتية، وفي المستشفيات، وحتى في تنظيف الشوارع من القمامة.
وعندما انقطعت الكهرباء في الكويت، بسبب حرب التحرير، كان أول من دخل إلى الكويت، رجالات مخلصين من مسؤولي وموظفي وزارة الكهرباء، وعملوا ليلاً ونهاراً لإعادة الكهرباء، وتصليح ما دمر من محطات الكهرباء، ولم يكن هؤلاء ينتظرون عائداً مادياً، ولم تكن هناك شركات ترسى عليها مناقصات بالملايين، لصيانة المحولات، لكن كان هناك أبناء وطن مخلصين، كانت هناك كفاءات وطنية، اختبرت كفاءتها في الظروف القاسية.
واليوم الذي يباع فيه الوطن، وتباع فيه الضمائر، وتباع فيه حتى امتحانات المدارس، أصبحت حياة الإنسان وصحته وتعليمه وخبزه سلع، يتاجر فيها لصالح شركات، وفي الوقت الذي تسجل فيه فوائض مالية للدولة، يواجه المواطن بصعوبات معيشية، لا تشي بأنه في دولة الرفاه المزعومة، فلم يسلم مرفق أو مؤسسة حكومية من الفساد الذي استشرى، وأصبح المواطن في آخر اهتماماتها.
في ظني أننا مقبلون على مرحلة أسوأ من تهديد وزير بالقتل، أو قذف مهندسة بفنجان القهوة، أو قتل مواطن بدم بارد، نحن مقبلون على مزيد من القيود على حرية المواطن، ومزيد من الإجراءات ضد الانتقاد والاحتجاج والمطالبة بالحقوق، هذا هو ثمن التحول من دولة الرعاية الاجتماعية، إلى دولة القطاع الخاص.

الحرية لسجين الرأي محمد عبد القادر الجاسم

osbohatw@gmail.com

Tuesday, June 15, 2010

كل شيء ساخن هنا



لم نستطع أنا وأولادي وأحفادي النوم ليلة البارحة، بسبب عطل في أجهزة التكييف، وكنا قد جربنا عدة شركات صيانة لتصليحها، فكانت المكيفات تعمل بضع ساعات ثم تبث هواءاً ساخناً، وأجمع كل خبراء الصيانة الذين تعاملوا مع مكائن التكييف، أن المشكلة ليست في الكمبريسر، ولا في الغاز، ولا في أي خلل وظيفي في الآلات، وكل المشكلة هي في الحرارة غير العادية، التي تمر بالكويت، وهي السبب بانفصال مفاتيح التشغيل فوق سطح المنزل.
وصباحاً اتصلت بي سكرتيرة العيادة، لتبشرني بأن التكييف عاطل، وأن شركة الصيانة لا تستطيع الحضور، لكثرة أعطال التكييف في البلد، وهذا دفعنا إلى تأجيل مواعيد المراجعين، إلى أجل غير مسمى.
ثم تلقيت اتصالاً من صديق، يقول أن الكهرباء مقطوعة عن منزلهم، وأنه يفكر بأن يستأجر غرفاً في أحد الفنادق، فعرضت عليه بأن يأتي هو وأبناءه، ليقضي بعض الوقت في منزلي، حتى تعود الكهرباء إلى منطقتهم، كل ذلك ذكرني بعام 1980م المشؤوم، عندما بدأت الحرب العراقية الإيرانية، وتضررت محطة شعيبة بسبب عمل تخريبي كما أذكر، وفي هذه الفترة كنت اقف تحت "الشور" لفترات طويلة، كما نصحت وزارة الصحة، بوضع الأطفال في "طشت" ملئ بالثلج، وغادر بعض المقتدرين إلى دول أوربا ودول الخليج، وعاش من بقى في الكويت بجحيم لا يطاق.
وقال البعض، كل معاناة الكويتيين سببها أن ثمن كيلواط الكهرباء هو فقط فلسين، وتتولى الحكومة باقي السعر، وأن الحل هو بخصخصة الكهرباء، فقلت إذا فوق سخونة الجو ندفع دم قلوبنا، كي نعيش.
وفي غمرة هذه السخونة، أمسكت بجريدة الراي صباح أمس، لأقرأ خبراً بتبرأة آسيوي، بعد أن كان محكوماً بالإعدام، لتهريبه 70 كيلو جرام من الهيروين، فلم أعلم هل أثرت الحرارة على استيعابي، أم أن تهريب المخدرات أقل خطراً من التعبير بالرأي، فكان الأولى بمحمد عبد القادر الجاسم تهريب المخدرات، بدلاً من ممارسة حرية الرأي.
ماذا نفعل؟

الحرية لسجين الرأي محمد عبد القادر الجاسم

osbohatw@gmail.com

زمن النيوليبرالية



الليبرالية الجديدة، أو النيوليبرالية هي مجموعة من السياسات الاقتصادية، تعني بالدرجة الأولى تحرير السوق، وتخفيض الانفاق الحكومي على الخدمات الاجتماعية، ورفع الدعم عن المواطنين في كل وسائل معيشتهم، مثل التعليم والصحة، وحتى صيانة الطرق وإمدادات المياه في بعض البلدان، وخصخصة كل شيء بلا استثناء، وتحميل العمال وفئات الشعب الفقيرة، أعباء لزيادة أرباح الشركات وفئات التجار.
ويترافق مع هذه السياسات الاقتصادية الوحشية، اجراءات لقمع الحريات وردع التحركات المطلبية العمالية، كما يترافق معها فساد عام في الأجهزة الحكومية والتشريعية، ورشاوي وشراء ذمم، حيث المال هو سيد الموقف، ويتم في بعض الدول ما يسمى بالتجسس الصناعي، ويتم اغتيال وخطف علماء من قبل مجمعات صناعية كبرى، مثل الصناعات الدوائية.
وقراءة للمشهد السياسي والاقتصادي والاجتماعي العام في الكويت، نجد أن التوجهات اللنيوليبرالية بدأت تلوح في الأفق، جالبة معها ويلاتها على فئات الشعب المختلفة، وبالأخص محدودة الدخل منها، وهي تشبه السياسات الاقتصادية الأوربية والأمريكية، التي طبقت أوامر البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، هذه الأوامر التي تضرب بعرض الحائط كل مصالح الشعوب، لصالح شركات قليلة، فيزداد الغني غنى، ويزداد الفقير فقراً.
فها هي أسعار السلع الغذائية، تتضاعف في الكويت، مع جمود الرواتب والمعاشات، وذكرت صحيفة الرؤية في عددها الصادر يوم أمس 13 يونيو، أن وزارة التجارة تحيك خطة مع بعض التجار، لرفع سعر الطحين بنسبة تصل إلى 100%، وأن هناك تردياً لجودة الطحين المدعوم في البطاقة التموينية، حتى يضطر المواطن لشرائه بأسعار عالية من الشركات التجارية، رغم أن الطحين والخبز، يعتبران من الأمن الغذائي للدولة.
وها هي الرياضة توغل في الفساد، وتصبح مقاطعات شخصية، وتصبح الشخصيات المسؤولة عن الرياضة، فوق القانون، للدرجة التي تعجز معها القيادات السياسة عن كبح جماحها.
وها هو مجلس الأمة الذي جرى إفساده، لدرجة أن نواباً لدائرة ملوثة بيئياً، يصوتون مع سرية جلسة الاستجواب، ضاربين عرض الحائط صحة ومصالح ناخبيهم.
ويترافق كل ذلك، مع إجراءات لقمع الحريات، وسجن الكتاب، وتهديد العمال في حال قاموا باضرابات مشروعة وقانونية، وما زالت المحاولات جارية للتجسس على المدونات والهواتف المحمولة.
عندما ظهرت في أمريكا وأوربا عصابات الجريمة المنظمة (المافيا)، كان السبب الرئيسي هو انفلات المجتمعات، وعدم قدرة الحكومات على لجم الشركات والمصانع على سرقاتها المنظمة للشعوب، فأصبح "كل من أيده ألو".

الحرية لسجين الرأي محمد عبد القادر الجاسم
osbohatw@gmail.com

Friday, June 11, 2010

كل من همه على قده



رغم إقرار قانون الخصخصة في مجلس الأمة، إلا ان التجار في غرفة التجارة، والصحف التي تمثلهم غير راضين على التعديلات الجزئية على القانون، والتي تركز على عدم المساس بالثروة النفطية، واستثناء قطاعات التعليم والصحة من الخصخصة، وعبرت إحدى الصحف وقتها بأن القانون ولد ميتاً، كما عبرت صحيفة أخرى يوم الخميس الماضي بأن القانون ولد معيباً، وضربت مثلاً على انتعاش الاقتصاد البريطاني، بعد إجراءات الخصخصة التي قامت بها مارغريت تاتشر.
وفي الواقع أنه بعد قدوم المحافظين الجدد، ممثلين بالرئيس الأمريكي ريغان، ورئيسة وزراء بريطانيا تاتشر في ثمانينيات القرن المنصرم، ونهجهما الرامي إلى تقليص الدور الاقتصادي للقطاع العام، وخصخصة القطاعات العامة، والاقتصاد الرأسمالي يسير إلى نتيجة الأزمة المحتومة، وهو ما تمثل في الأزمة الاقتصادية البنيوية الأخيرة، التي طالت معظم دول العالم، بما فيها دول الاتحاد الأوربي.
وانعكست هذه الأزمة، على معيشة شعوب هذه الدول، وخاصة فئات العاملين بأجر والمتقاعدين، وحملتهم عبء هذه الأزمة، عن طريق تقليص الدعم الحكومي، وخفض الرواتب، وفرض ضرائب عليهم، وهذا سبب احتجاجات شعبية واسعة، في اليونان واسبانيا والبرتغال وفرنسا وبريطانيا وغيرها من دول الاتحاد الأوربي، ناهيك عن دول آسيا، وقابلتها اجراءات قمعية ضد الأحزاب المعارضة، اتفقت عليها الدول الأعضاء في الاتحاد الأوربي وبرلماناته ومجلس منظمة الأمن والتعاون في أوربا.
وتشير المصادر الاقتصادية، ان العاطلين عن العمل في بريطانيا، بلغ 2.5 مليون عامل، أي 8% من إجمالي السكان، ويشير معهد الدراسات الحكومية البريطاني، أن العجز في الميزانية، بلغ أكثر من 167 مليار جنيه استرليني، أي 260 مليار دولار أمريكي، والمتوقع أن يتنامى عدد العاطلين في السنوات القادمة إلى 4 ملايين شخص، وهو رقم غير مسبوق في تاريخ بريطانيا، وفي نهاية العام المالي الذي انتهى في 31 مارس الماضي، ارتفع حجم الاقتراض الحكومي إلى أعلى مستوى له، ليصل إلى 163.4 مليار جنيه.
وطالت الأزمة وتأثيراتها الشعبية، حتى ألمانيا القوية أقتصادياً, فأغلقت بعض أفرع مصانع سيارات البي أم دبليو ومرسيدس بنز، لفترة معينة، وقالت الفاينانشال تايمز البريطانية يوم 7 يونيو الجاري، أن ألمانيا تعتزم انتهاج سياسة تقشف جديدة للسنوات الأربع القادمة.
هناك الكثير ليقال عن التأثيرات الكارثية على الشعوب، جراء تخلي الدولة عن دورها الاقتصادي والاجتماعي, وتطبيق سياسة البنك الدولي، في بيع قطاعات الدولة للقطاع الخاص، الذي سيفاقم معاناة الشعوب, ولنتذكر أن أزمات مثل هذه، أدت إلى حروب عالمية في القرن الماضي.
ويبدو أن هم التجار وشركاتهم المحدودة، مناقض لهم الشعب بأكمله، ويبدو أن تباكي التجار هو على الكيكة الكبيرة، وهي ثروة الشعب، التي ضاعت من أيديهم.

osbohatw@gmail.com

Tuesday, June 8, 2010

هل يجود الزمان بمثله؟



يصادف اليوم 9 يونيو، ذكرى وفاة رائد من رواد النهضة والتنوير في الكويت، الراحل الأستاذ عبد العزيز حسين، والحديث عن رجل بقامته، لا يمكن أن يستوعبه مثل هذا العمود.
فإسهاماته الثقافية لا تحصى، فقد أسس المرسم الحر، وأسس المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، وأصبح رئيساً له، وأسس الهيئة العامة للجنوب, وكلية العلوم بالقدس، والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، ووضع الخطة الشاملة للثقافة العربية, ومشروع مكتبة الاسكندرية العالمية، ومعهد تاريخ العلوم العربية الإسلامية في جامعة فرانكفورت، ومعهد العالم العربي بباريس، وغيرها من اسهامات كثيرة.
في عام 1961م كان عبد العزيز حسين في زيارة الى القاهرة، لإجراء مباحثات تربوية بين الكويت ومصر، وأثناءها كلفه الشيخ عبد الله السالم أمير البلاد الأسبق، بطلب عضوية الكويت في جامعة الدول العربية، ومنها سافر إلى جنيف لحضور المؤتمر الدولي للتعليم، ممثلاً عن الكويت، وفي هذه الفترة برزت تهديدات الرئيس العراقي عبد الكريم قاسم بغزو الكويت، فكلف بالسفر إلى نيويورك لشرح قضية الكويت في مجلس الأمن، ولم يكن عبد العزيز حسين، مزوداً برسالة رسمية مكتوبة من حكومة الكويت، فبادر شخصياً لإعداد كلمة، أصبحت الكويت بعدها عضواً في هيئة الأمم المتحدة.
كان عبد العزيز حسين، أحد أعمدة النهضة في الكويت، ومن أقواله:"إننا نعمل على أن نقطع في نهضتنا هذه خلال ربع قرن ما قطعه غيرنا في عشرة قرون".
كان هذا هو هم الرجال الكويتيين العظام، الذين يصعب أن يجود الزمان بمثلهم، ولو كان على قيد الحياة، لعاش في حزن وكمد على انحدار الكويت، وتراجعها السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، وفقدها لرجالاتها البنائين.
وفي الوقت الذي يصرح فيه عضو مجلس أمة، أنه "سيدافع عن الكويت حتى الثمالة"، نستذكر دفاع عبد العزيز حسين عن الكويت، أمام شعوب العالم أجمع.
في كويت النهضة، كان للمثقف مكانة في الدولة، وكان يعتمد عليه في قضايا البلد الرئيسية والمصيرية، وفي كويت الآن يقبع المثقف في السجون الكويتية، لمجرد تعبيره عن آرائه، أننا ندين للراحل عبد العزيز حسين وأمثاله من رجالات الكويت الأولين، بمكانة الكويت الدولية، وسمعتها المشرقة بين الأمم.
ظل هذا الرجل حتى آخر رمق، متواضعاً ونصيراً ومنحازاً للثقافة، ولن أنسى الكتاب الرسمي، الممهور بختم الديوان الأميري، الذي أرسله لي قبل وفاته بثلاث سنوات، ليهنئني بصدور متتاليتي القصصية "طلقة في صدر الشمال"، قائلاً لي:"لقد استمتعت بأناشيدك الوطنية".

لم ننس سجين الرأي محمد عبد القادر الجاسم.

osbohatw@gmail.com

Friday, June 4, 2010

المناورة والموقف



اثناء حرب أكتوبر 1973م، قام الملك فيصل بن عبد العزيز طيب الله ثراه، بإيقاف تدفق النفط إلى أوربا وأمريكا، رداً على دعم هذه الدول لإسرائيل، وعلى الجسر الجوي الأمريكي، لتزويد إسرائيل بالسلاح، وهذا الموقف أوقع الغرب في أزمة طاقة غير مسبوقة تاريخياً، مما دفع الرئيس الأمريكي نيكسون إلى أول زيارة له للشرق الأوسط، والتقاه الملك فيصل في مطار جده، وسأل نيكسون فيصل بلغة متعالية، مشوبة بالتهديد: "ألا تخشى من ضرب منابع النفط لديكم"؟، رد الملك فيصل مشيراً إلى وعاء يحتوى على التمر، وآخر به لبن قائلاً:"عاش أجدادي على هذا، وليس لدينا مانع من العودة إليه"، ثم زار بعدها كيسنجر الملك فيصل، يدعوه إلى إعادة تدفق النفط، فطلب الملك فيصل منه مفاتيح القدس، لأنه ينوي صلاة عيد الأضحى في بيت المقدس.
صرح وزير خارجية تركيا أحمد داود أوغلو، والذي ينتمي إلى حزب العدالة والتنيمة الإسلامي الحاكم، يوم 2 يونيو الجاري، عقب الجريمة الإسرائيلية البشعة واللاإنسانية، ضد أسطول الحرية، والتي استشهد فيها عدد من المواطنين الأتراك، صرح بأنه "حان الوقت لأن يحل الهدوء محل الغضب".
وكانت تركيا قد ألغت مؤقتاً، ثلاث مناورات إسرائيلية تركية، كان مقرراً القيام بها قريباً، هذا وتشترك تركيا منذ سنوات، بمناورات عسكرية أمريكية إسرائيلية تركية، خاصة بعد توقيعها أتفاقاً للتعاون العسكري مع إسرائيل عام 1996م.
ويقول وزير الخارجية التركية أوغلو، عقب توليه حقيبة الوزارة في مايو 2009م، لصحيفة الجزيرة نت في 2 مايو 2009:" أن بلاده تدعو لأن تتولى دوراً يرسي النظام، ويحسن الأمن من أرمينيا إلى العراق وإيران، وإن علاقة أنقره مع الغرب ستستمر محوراً رئيسياً للسياسة الخارجية".
والتساؤل الآن، لمن توجه هذه المناورات مع العدو الصهيوني؟ فمن الواضح أن مصالح الحزب التركي الحاكم، تتناقض مع مصالح الشعب التركي المسلم، فالحزب الحاكم يلهث وراء الرضا الأمريكي الإسرائيلي، من أجل نفوذ "عثماني" من البلقان وحتى العراق، وهو يرفض أن تأخذ إسرائيل الحصة الأكبر من "الكيكة"، وهو يعرف أن الطريق إلى النفوذ هو برضاء أمريكا عنه، وخاصة أنه ما زال يسعى دون فائدة، للدخول في دول الاتحاد الأوربي.
والتساؤل الآخر هو، ما الأكثر فاعلية وتأثيراً، موقف الملك فيصل، أم بيانات الشجب العربية، ومناورات عسكرية تركية إسرائيلية؟
* * *
تحل غداً الذكرى الثالثة والأربعين، لنكسة حزيران عام 1967م، وهي المثال الفاضح على ضعف الأنظمة العربية، والتي تلتها حرب الاستنزاف، وحرب أكتوبر، التي كسرت الأسطورة الإسرائيلية.
ومع ذلك لن ننسى سجين الرأي محمد عبد القادر الجاسم.

osbohatw@gmail.com

Tuesday, June 1, 2010

العار المزمن



من أين تأتي إسرائيل بكل هذه الجرأة؟ كيف تستطيع تحدي دول الكرة الأرضية، وتحدي منظمة الأمم المتحدة، ومجلس الأمن فيها؟ كيف لا تخشى على نفسها، وهي الدويلة الصغيرة، من غضب العالم؟ فالذي يكرر جرائمه ومجازره يكون أحد اثنين، إما مجنون، وإما أنه يأمن العقاب، فكم جريمة شنعاء ارتكبتها إسرائيل منذ العام 1948، بحق الشعب الفلسطيني؟ وكم قرار صادر من الإرادة الدولية، خالفته إسرائيل، واستخفت به، فما سر جرأتها؟
وماذا فعل العرب والعالم لها، إزاء مجازر صبرا وشاتيلا، ومجازر قانا، ومجازر غزة؟ وغيرها من المجازر التاريخية؟ التي ارتكبتها بدم بارد, وما هي الاجراءات التي أتخذت بحقها، جراء السلوك الإجرامي اليومي، ضد أهلنا في فلسطين، طوال السبعين سنة المنصرمة؟
إن الجريمة الشنيعة، والقرصنة/ البلطجة الاسرائيلية، ضد أسطول الحرية، في المياه الدولية، خارجة عن كل الأعراف والقوانين الدولية، رغم أن هذا السفن تحمل مواد غذائية ومدرسية ومساعدات إنسانية، للمحاصرين في غزة، إلا أن الصلف الإسرائيلي، يصر على تحدي المجتمع الدولي ومؤسساته، معلناً حصانته ضد القوانين الدولية، وضد أي إجراء يتخذه مجلس الأمن، والتاريخ يشهد بذلك.
فهل هي شجاعة، أم جرأة أم صفاقة؟ ولم لا تخشى إسرائيل كل دول العالم, وهي الدويلة الصغيرة؟ وتظل سائرة في طريق العدوان والقتل والتجويع، لشعب بأكمله.
هي لا تخشى إجتماعات جامعة الدول العربية، التي كل ما ستفعله وتتخذه حيال هذا العدوان الوحشي، هو الشجب والاستنكار، والشكوى لدى مجلس الأمن، ولن تخشى من أي رد فعل لمجلس الأمن، لأنها محمية من أقوى قوة في العالم، وهي الولايات المتحدة، التي تدعي حماية الشعوب والديموقراطية في العالم، وتدعي محاربة الإرهاب، بينما إرهاب الدولة الإسرائيلية مستثنى من هذه الحرب.
الولايات المتحدة، التي صنعت نهجاً ساداتياً جديداً، في الحلف العربي الموالي لسياساتها في الشرق الأوسط، وهي تدفع لإقامة "شرق أوسط جديد وكبير"، من من أجل قيام بعض الأنظمة العربية، بتسويات منفردة، مباشرة وغير مباشرة، مع إسرائيل.
هذا في ظل الانقسام المؤسف والمخجل، بين فصائل المقاومة الفلسطينية، الذي لم تستطع أن توحده حتى مثل هذه الجريمة، ضد شعبها وشعوب العالم.
إن العار سيظل مزمناً، طالما بقيت الولايات المتحدة، تتحكم بمصير العالم، وتمارس سياسة القطب الواحد، وتحمي التسلح النووي الإسرائيلي، أما إسرائيل فستضحك حتى تستلقي على قفاها، عندما تسمع بيانات الشجب العربية.
وتساؤل أخير، هل يقصد من وراء هذا العمل، إضافة إلى مقاصده الأخرى، تعطيل عملية السلام العربية؟
* * *
لم ننسى سجين الرأي محمد الجاسم
osbohatw@gmail.com