Saturday, August 28, 2010

اليد على الزناد



إن حادثة الاشتباك المسلح، التي نشبت يوم الثلاثاء الماضي، بين أفراد من حزب الله الشيعي، وجمعية المشاريع الخيرية السنية (الأحباش)، في منطقة برج أبي حيدر أبي حيدر ببيروت، لها إنعكاسات وتداعيات خطيرة، على الشعب اللبناني والعالم العربي.
ففي لبنان أي تلاسن بين طرفين، أو خلاف على موقف سيارة، يمكن أن يؤدي إلى استخدام السلاح، الذي يمكن أن يتطور إلى حرب أهلية، يتم فيها تدخل إسرائيلي أو سوري، فحالة الخوف والتشنج بلبنان في حدهما الأقصى، رغم محاولات التهدئة المستمرة، والتحذير من مخاطر استغلال مثل هذه الحوادث، من قبل إسرائيل، خاصة مع التقارير والتحليلات الإسرائيلية والدولية، التي تشير إلى أن لبنان على شفا حرب قد تبدأ في الشهر القادم.
هذه الاحتقانات الطائفية والسياسية، قد تعود بلبنان إلى أجواء 1975م، تلك التي قادت البلد في حرب مدمرة إمتدت لخمس عشرة سنة، تخللها اجتياح إسرائيلي، وتدخل سوري، وأكلت من أبنائها عشرات الآلاف، ودمرت فيها البنى التحتية.
ولا يستبعد في اشتباكات برج أبي حيدر، والتي امتدت لمناطق أخرى، وراح ضحيتها أربعة أفراد من الحزبين، لا يستبعد أنها كانت استدراج إلى لعبة التجاذب، أو استعراض للعضلات وإثبات وجود، أو كما قال نائب البرلمان الممثل لحزب الله، أن هذه الحادثة قد كشفت "سيناريوهات وبروفات"، رغم أن قيادتي الحزبين أكدتا أن الحادث هو سلوك فردي، ليس له أبعاد سياسية أو طائفية، علماً بأن الطرفين حلفاء، وفي معسكر واحد.
لكن الحادث كشف من جوانب أخرى، تسلح هذه الطوائف بأسلحة قد تفوق أسلحة الجيش اللبناني، ومن هنا تبدو الخطورة، فهذا السلاح غير شرعي وغير مرخص من السلطات الرسمية، غير أنه اكتسب شرعيته الضمنية بصفته سلاح المقاومة ضد العدو الإسرائيلي.
لقد أستخدمت في هذه الاشتباكات المؤسفة، أسلحة رشاشة خفيفة وثقيلة، واستخدمت كذلك قنابل يدوية وصاروخية (آر بي جي)، بينما يشتكي الجيش اللبناني من عدم امتلاكه أسلحة، تليق بالمؤسسة الرسمية الشرعية.
وفي ظل الاحتقان الدولي والعربي، والتهديد بضرب إيران، وتهديد إيران بتوسيع رقعة الحرب لتطال الكرة الأرضية على حد قولها، وبالأخص إسرائيل والدول التي تحوي قواعد عسكرية أمريكية، في ظل كل ذلك فلننتبه إلى ما يحدث داخل الكويت، من فرز واستقطاب طائفيين، ومحاولات غير مسؤولة لتمزيق الوحدة الوطنية، التي لا نملك سواها لاستمرار وجودنا كشعب وككيان صغير، محاط بالأخطار من كل الجهات.
وإذا كان الخوف بالسابق من اللبننة، أصبح الآن الخوف من العرقنة، ونخشى أن تصبح الكوتتة مثال أضافي للتمزق الطائفي والقبلي، ولنتذكر أيضاً أن السلاح منتشر بين الكويتيين وبكميات كبيرة.

osbohatw@gmail.com

Wednesday, August 25, 2010

التراث الوطني الساطع

صادف يوم الأثنين الماضي 23 أغسطس، الذكرى العاشرة لوفاة المناضل الوطني الكويتي سامي المنيس، وهو من العلامات البارزة في تاريخ وتراث الحركة الوطنية المشرق، الذي بدأ منذ بدايات القرن الماضي.
وسامي المنيس، الذي كان نائباً في مجلس الأمة، ومنذ بدء العمل البرلماني، كان مثال الصلابة والثبات على المبدأ، ولم يهادن فيما يخص الشعب الكويتي وحقوقه ومكتسباته، وكان مكافحاً لحماية الدستور، ومدافعاً عن الحياة الديموقراطية، وكان مثالاً ساطعاً للنزاهة الوطنية ونظافة اليد والقلب، كما تميز بعفة اللسان وسمو الأخلاق، متمسكاً بأدب الاختلاف.
عمل في مقتبل عمره في شركة نفط الكويت، وتلمس منذ ذلك الوقت معاناة ومطالب العمال، مما صقل وعيه السياسي، فأصبح مدافعاً عن حقوق العمال، وساهم لاحقاً بتأسيس نقابة عمال النفط، والاتحاد العام لعمال الكويت، واتحاد الطلبة ونادي المعلمين.
وانخرط مبكراً في حركة القوميين العرب، وحمل هموم أمته العربية، من أجل التحرر والديموقراطية والرخاء، مدافعاً عن حقوق الشعب الفلسطيني، في العودة وحق تقرير مصيره، وبناء دولته المستقلة على أراضيه، ثم انخرط في حركة التقدميين الديموقراطيين، التي تطورت عن حركة القوميين العرب التقليدية، وكان له دور مؤسس لنادي الثقافة القومي، ونادي الاستقلال.
ومنذ بدء الحياة النيابية، نجح وزملائه في كتلة "نواب الشعب"، التي ضمت الدكتور أحمد الخطيب، والأستاذين عبدالله النيباري وأحمد النفيسي، في انتخابات مجلس الأمة، وخلال نضاله البرلماني دافع عن ثروات الشعب الكويتي، وعمل مع زملائه على تأميم النفط، ليغدو ثروة خالصة للشعب الكويتي، كما كان مواجهاً صلباً ضد محاولات تنقيح الدستور في بداية الثمانينيات، وضد تزوير الانتخابات قبلها.
رأس تحرير أهم جريدة في تاريخ الحركة الوطنية الكويتية، وهي جريدة "الطليعة"، وكان صاحب الامتياز لها لسنوات طويلة، هذه الجريدة التي لفت حولها القوى الوطنية بجميع أطيافها، وعملت بها شخصيات ثقافية عربية مرموقة، مثل الشهيد غسان كنفاني، ورسام الكاريكاتير الشهيد ناجي العلي وغيرهما، كما كان المنيس أول رئيس لجمعية الصحفيين في الكويت.
وشارك بعد التحرير عام 1991، بتأسيس المنبر الديموقراطي، وانتخب أميناً عاماً له، وظل في هذا المنصب لسنوات، ولعل سامي المنيس كان الشخصية الوطنية الأولى، التي غطي جثمانها بعلم الكويت، إذا لم تخني الذاكرة.
بعد مرور عقد على وفاته، لنر ما آل إليه العمل البرلماني، وما آلت إليه الحركة الوطنية من ضعف وتشرذم، فتحول البرلمان إلى ساحة للبذاءة والمزايدات، والابتعاد عن هم الشعب، وجرى إفساد وشراء لبعض أعضائه.
وهنا أدعو الشباب إلى استلهام والاسترشاد، بروحه النضالية، وحبه المطلق وتفانيه للوطن، الذي أفنى جل عمره من أجله.

osbohatw@gmail.com

Monday, August 23, 2010

مخترقون حتى النخاع



لم يكن مفاجئاً لي الخبر المنشور في القبس يوم السبت 21 أغسطس الجاري، عن إلقاء القبض على شبكة تخريبية، تضم أكثر من 250 عنصراً من قبل الاستخبارات البحرينية، والتي أبلغت الكويت عن وجود من 40 إلى 50 مجموعة مشابهة في الكويت، مسلحة ومدربة على العنف والتخريب، تنتمي إلى جهة عسكرية في دولة إقليمية.
ولم أستغرب دخول الصحفي الإسرائيلي الداد باك، الذي ينشر مقالاته في جريدة "يدعوت احرانوت" الإسرائيلية، إلى الأراضي الكويتية، ولن أستغرب وجود عناصر من الاستخبارات الأمريكية والبريطانية، وحتى استخبارات لدول عربية.
فنحن مخترقون حتى النخاع، ومنذ زمن بعيد، ولعل كارثة الغزو والاحتلال، بينت لنا كم نحن مخترقين ومستباحين، من قبل الاستخبارات العراقية، التي استخدمت الساحة الكويتية، للاغتيالات السياسية وأعمال التخريب، ونشر الجواسيس والعملاء، والوصول إلى الأهداف الحيوية بسهولة ويسر.
نحن مخترقون لأننا مشغولون بنهب المال العام، وتنفيع القلة على حساب الشعب، ولأننا مشغولون بإعلاء شأن الطائفة والقبيلة على حساب الوطن، والمواطنة الدستورية، ولأننا سمحنا بأن يفرقنا ويفتت شملنا، الفاسد والمتخلف واللا مسؤول، ولأننا لا نكترث لتحديث الدولة، لأننا متهافتون على جر البلد والمجتمع إلى مهاوي التخلف والانحطاط الفكري والحضاري، لأن الدستور ليس أولوية لدينا، وتراث ثقافة مجتمعنا المنفتح والمتسامح، تحول إلى ثقافة الغلو والتشدد الديني، لأن هدف الجميع، تنظيمات إسلامية سياسية، وسلطة تنفيذية هو تكميم الأفواه والتضييق على الحريات، لأن القوى الوطنية متناحرة، وبدلاً من نشر الوعي الوطني، ننشر فتاوي ليس لها علاقة بالدين الحنيف، ولأن شبابنا وشاباتنا الرائعين والمبدعين في آخر الأجندات لكل الأطراف، ولأن التقدم خطيئة.
فهل نفاجأ إن باعت لنا أمريكا "ستوك" صواريخ، لم تثبت فعاليتها، وفي كل مرة تريد التخلص من مخزون أسلحة أو حتى أدوية، تفتعل أخطاراً أو أمراضاً؟
هل نفاجأ عند اكتشاف شبكة إرهابية أو جاسوسية، ونحن نعمل ضد مصلحة وطننا وشعبنا، ونحن نرفض النصيحة والنقد والاعتراض والتنبيه لسياساتنا، من قبل أبنائنا المخلصين؟ ونسمع نصيحة ذوي المصلحة والأغراض الشخصية؟ ونحن ننسى العدو الحقيقي، ونركز على أعداء وهميين؟
نحن مخترقون حتى النخاع، وسنظل كذلك إذا لم نفهم ماذا تعني التنمية الحقيقية، وإذا لم نفهم معنى الوحدة الوطنية الحقيقية، وإذا لم نلتزم على الأقل بدستور 1962، دستور الحد الأدني، فهل سنعي الدرس؟ أم سنرفض الاستيقاظ من أوهامنا؟

osbohatw@gmail.com

Sunday, August 22, 2010

أوباما والإسلام



في حفل إفطار أقامه الرئيس أوباما الأسبوع الماضي في البيت الأبيض، حضره دبلوماسيون من دول إسلامية، وأعضاء الجالية الإسلامية في الولايات المتحدة، أعلن أوباما عن دعمه لبناء مسجد ومركز ثقافي إسلامي، قرب موقع هجمات 11 سبتمبر 2001.
هذا المشروع الذي عارضه المحافظون الأمريكيين، واعترض عليه 53% من سكان نيويورك، وأيده رئيس بلدية نيويورك، يلاقي جدلاً في الولايات المتحدة، مستذكراً قتل 2750 شخصاً، بجريمة إرهابية نفذها تنظيم القاعدة الإسلامي المتطرف.
ورغم أن أوباما أكد أن القاعدة ليست مرادفة للإسلام، وجعل أحد أركان سياسته الخارجية هو تحسين العلاقة بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامي، كما أكد خلال كلمته التي ألقاها في القاهرة عام 2009، مشدداً على أن حرب أمريكا هي مع الإرهاب.
كل ذلك جميل جداً، لكن فلنتذكر أن الإرهاب في أفغانستان، وتحديداً الفصائل الأفغانية المسلحة، تلقت مساعدة أمريكية، بل حارب بعض المرتزقة الأمريكان، مع الأفغان ضد الوجود السوفييتي، وعندما انتهى دورها في الخطط الأمريكية، انقلبت على هذه الفصائل واعتبرتها شراً يجب القضاء عليه.
وهذا بالضبط ما حصل عندما دعمت الولايات المتحدة صدام حسين، في حربه ضد إيران عندما قدمت له مساعدات استخبارية ولوجستية، وبعد تحرير الكويت، توقفت القوات الأمريكية في جنوب العراق، ولم تمض لاسقاط صدام كما نصح القادة العسكريين، وهو ما أصاب الكويتيين بالاحباط.
لكن أكبر تناقض في توجهات أوباما، هو دعمه المطلق واللا محدود لإسرائيل، وعدم اتخاذ أي إجراءات رادعة أو حتى منتقدة، للممارسات الوحشية ضد الشعب الفلسطيني المسلم، وضد عمليات التهجير والتهويد، وهو أمر لا يتفق مع الدعوة لتحسين العلاقة مع العالم الإسلامي، أو الدعوة لمحاربة الإرهاب، سواء كان إرهاب أفراد أم منظمات أم دول.
وفي الحفل ذكر أوباما أن التعديل الأول في دستور الولايات المتحدة، أكد على حرية الأديان، ولكن من الواضح أن وجود دساتير تدعو إلى حريات ومساواة، مثل حرية التعبير والرأي، وحرية الاعتقاد، لا يبدو كافياً لكي يكون رادعاً لتشريعات وممارسات ضد ما جاء في هذه الدساتير.
فالدستور الكويتي مثلاً، وهي دولة تنتهج النهج الديموقراطي منذ أكثر من 47 سنة، ينص على حرية الرأي والتعبير والاعتقاد، ولكن تشريعات أعضاء مجلس الأمة، وممارسات السلطة التنفيذية، جاء بعضها مخالفاً لما جاء بالدستور، وهذا غيض من فيض.

osbohatw@gmail.com

وداعاً أحمد السقاف



صافحني واحتفظ قليلاً بكفي ثم قال: "يدك باردة كأيدي الأئمة"، سألته: "لماذا أيدي الأئمة باردة"؟ قال: " من كثرة الوضوء".
لهذا الرجل الجليل محبة خاصة عندي، ليس لها علاقة بشعره الجميل والعميق، وليس لها علاقة بمواقفه القومية الثابتة، أو بدوره التاريخي الأدبي والفكري والتربوي، بل لها علاقة بشخصه المفعم بالإنسانية والمبدئية.
أحمد السقاف كان أحد رواد النهضة الأدبية والثقافية في الكويت، وقدم خدمات جليلة في مجال التربية والتعليم، إذ عمل مدرساً ومديراً لمدرسة المباركية، ثم المدرسة الشرقية في أربعينيات القرن الماضي، ثم عمل وكيلاً لوزارة الإرشاد والأنباء عام 1962، ثم عضواً منتدباً للهيئة العامة للجنوب والخليج العربي.
وفي مجال النهضة الثقافية، كلف بالسفر إلى الدول العربية، للتعاقد مع طاقم لإصدار مجلة ثقافية، فتعاقد مع أحمد زكي، وأصدرا مجلة العربي عام 1958م، إضافة إلى أنه كان من مؤسسي رابطة الأدباء في الكويت عام 1964، وهناك الكثير ليحكى عن هذه الهامة العالية، ولا يتسع لها المجال هنا.
في سنوات التسعينيات، توثقت علاقتي به رغم فارق السن بيننا، واقتربنا من بعضنا بود واحترام كبيرين، ولم يكن الأمر بسبب الهم الأدبي والثقافي المشترك، رغم وجوده، ولكنه كان شيئاً آخر له علاقة بتواصل روحي شفاف، فقد كان كبيراً بأخلاقه وتواضعه، وهو الأمر الذي يميز العظماء، لم يكن مدعياً بل كان مترفعاً نائياً بنفسه عن الإسفاف والتفاهة، كان صديقاً رائعاً لن ينسى، وكنت مقصراً في زيارته في أيامه الأخيرة.
سعد رحمه الله كثيراً، عندما طلبت منه في العام 1997م، أن يقوم بتقديمي على المسرح، قبل إعلان تسلمي جائزة الدولة التشجيعية، وفرحت بمشاركته لي أكثر من الجائزة ذاتها، وفي آخر لقاء بيننا، أخبرته أني أهديت له مجموعتي القصصية التي لم تنشر بعد، فطلب مني أن اقترب كي يقبلني.
ويبدو أن الأسبوع الماضي، كان أسبوع فقد أصدقاء ورجال عظام، فقد توفي قبل أيام الصديق الأديب الجزائري الكبير، الطاهر وطار، الذي جمعتني وإياه صداقة جميلة على مدى سنوات، كما توفي الشاعر والدبلوماسي البارز غازي القصيبي.
في مثل هذه الصداقات ينزاح ويتحيد الهم الأدبي والفكري المشترك، ويتعزز الهم الإنساني، بهالة الحب والاحترام، وتغدو صداقة بلا شروط، رغم الاختلاف.
حزنت كثيراً لفقد هذين الصديقين المميزين، وحزنت أكثر لفقد الحركة الثقافية والأدبية، لقامتين من الصعب تعويضهما في ظل هذا الانحدار الثقافي والحضاري، في الوطن الأصغر والوطن الأكبر.

osbohatw@gmail.com

أول مطبعة لم يأت بها نابليون



تعلمنا في المدارس، أن أول مطبعة دخلت الشرق، جاءت مع الحملة الفرنسية على مصر عام 1798م، واصطحبت معها الكثير من العلماء الفرنسيين في مختلف مجالات البحث مثل البيئة المصرية والشعب المصري والعادات والتقاليد والآثار وغيرها، كما أحضرت حملة نابليون معها مطبعتين واحدة فرنسية، والثانية عربية.
وعندما نتحدث عن المطبعة الحديثة، التي سهلت انتشار المعرفة والثقافة، وجعلتها متاحة لقطاعات واسعة من الناس، كانت في عصر النهضة الأوربية، عندما طور مخترع الطباعة الحديثة يوهان جوتنبرج الألماني قوالب الحروف التي توضع بجوار بعضها، ثم يوضع فوقها الورق، كان ذلك في العام 1447م.
ولكن أول مطبعة في الشرق وأقدمها، هي المطبعة التي توجد في دير مار أنطونيوس في منطقة قزحيا، التي تقع على وادي قديشا، والذي يعتبر أعمق وأكبر وأجمل وادي في العالم وفي لبنان، ويحوي العديد من منابع الماء العذب، المتفجرة من الجبال.
بدأت هذه المطبعة في أوائل القرن السابع عشر، في عام 1610م، أي قبل مطبعة نابليون بمئة وثمان وثمانين عاماً، وطبع فيها بنفس العام كتاب المزامير، وهو بالحرف الكرشوني، أي لغة عربية بالحرف السرياني، وتم تجديد هذه المطبعة عام 1871م بمطبعة أخرى، بعدما تضعضعت هي وحروفها بسبب الغزوات وتقلبات الزمن، التي تعرض لها الدير، وخاصة من الدولة العثمانية، التي اضطهدت الرهبان في لبنان.
ولعبت هذه المطبعة دوراً في نشر العلم والثقافة ومبادئ الدين المسيحي، في ظل زمن انتشار الجهل والأمية في البلاد العربية، وما زالت هناك كتب أثرية عديدة، موجودة في الدير أو في المتاحف اللبنانية.
وقد رفض علماء مصر وبقية الدول العربية المطبعة الحديثة، خوفاً من ضياع الخطوط العربية الجميلة، التي كان يتم فيها كتابة ونسخ الكتب والمخطوطات، وخاصة القرآن الكريم.
ومن المعروف في تاريخ البشرية، أن المطبعة الحديثة، أسهمت بنشر الثقافة وإتاحت الكتب بثمن بخس، وهي سبب ولادة وانتشار فن الرواية، مثلما كانت القصة القصيرة إبنة الصحافة.


osbohatw@gmail.com

البغدادي



رحل عنا قبل أيام الأكاديمي المستنير الدكتور أحمد البغدادي، وخسرت الكويت بفقده إبناً باراً ومخلصاً، وباحثاً عقلانياً في الشأن الإسلامي، كان هادئ الطرح وبعيداً عن الغلو السائد.
وفي أيامنا الغبراء هذه، يكون الخوض في أي من الأمور الإسلامية بعقلانية، سبباً كافياً للتكفير والسجن، ولذا تعرض أبو أنور إلى هجوم وفجور في المخاصمة، من قبل الغلو والتشدد الديني أدى إلى حبسه كأي مجرم أو سارق، رغم أن الرجل كان ملتزماً دينياً، وكان غيوراً على الإسلام المتسامح بصوره المشرقة، وكان ناقداً لمحاولات تشويه الإسلام من قبل التشدد واحتكار الحقيقة، التي ابتليت بها الكويت منذ ثلاثة عقود.
والقانون الكويتي يسمح لأي مراهق غر، لا يفقه بالدين غير مظاهره، أن يقدم شكوى ضد مفكر أو أديب له مكانة مرموقة في داخل وخارج الكويت، ولذا فإضافة إلى سجن الدكتور البغدادي، تمت محاكمة الأديب والناقد الكبير الدكتور سليمان الشطي، والأديبة ليلى العثمان، والمفكر محمد سلمان غانم، وغيرهم.
واستخدم القانون والقضاء العادل، لتصفية الحسابات السياسية، والاختلافات الفكرية، مما جعل كل مفكر ومبدع، أو أي مختلف سياسي، عرضة للجرجرة في أروقة المحاكم، بدلاً من التكريم والتقدير، حتى تغير وجه الكويت الثقافي والحضاري، ولذا يجب إعادة النظر في مثل هذه الشكاوى ودوافعها، ويجب تحصين المبدعين والمفكرين، وإعطائهم المكانة التي تليق بهم، بدلاً من تعريضهم للإهانة والذل في مجتمعهم.
كان الصديق أحمد البغدادي متذوقاً جيداً للفنون والآداب، وكان حريصاً على حضور المهرجانات الثقافية، مثل مهرجان القرين الثقافي، وكان نهماً للقراءة والمتابعة، حتى للأقلام الشابة، كما كان كاتباً تنويراً صادقاً، وصوتاً من الأصوات التي سنفتقدها كثيراً.
لكن هذا الزمن يكون الاختلاف فيه خطيئة، وقمع الرأي الآخر سمة، والحوار مرفوضاً، والتسامح غائباً.
وما دمنا أمام استحقاق التنمية، والتي لا يمكن أن تتم بغياب رفع وعي الإنسان ومشاركته في بناء المستقبل، يجب أن يولى اهتمام خاص بمبدعي ومفكري هذا البلد، حتى لا يقود الخوف من الإبداع والرأي الحر، مجتمعنا إلى التخلف.
وكل عام وأنتم بخير، أعاده الله عليكم بالأمان والسلام، والرخاء والتقدم.

osbohatw@gmail.com

الضعف يقود إلى الهزال



واحدة من أسباب ضعف الحركة الوطنية العربية، وعدم قدرتها على الاتفاق على مشروع نهضوي في بلدانها وفي العالم العربي، هو تشرذمها وتناقضها مع بعضها، بل تناحرها في كثير من الأحيان، أي خلل في الظرف الذاتي، دع عنك الموضوعي.
فما زال يطغى على المواقف التحليل العاطفي، والابتعاد عن التحليل العلمي المنطقي، حتى أصبح الشعار التاريخي لبعض هذه القوى "نحن وهم"، أي قوى وطنية ضد قوى وطنية، متناسين أو مغيبين القضايا الوطنية المشتركة، ومستنزفين طاقات يمكن أن توظف لصالح أوطانهم، لصالح قضايا الديموقراطية والعدالة والحرية والخبز.
هم لا يرون المشهد الكبير الدولي والعربي والوطني، كل ما يرونه هو النظرة الضيقة الأنانية، والتنافس غير المشروع أو الضار بين الفصائل والمجاميع الوطنية، بل يصل الأمر إلى تخوين بعضها.
وصل التشرذم والتفتت في الوطن العربي، وفي كل دولة من دوله، إلى درجة جعلت الحركات الوطنية والاجتماعية هشة بلا برامج على أرض الواقع، بل تعمق بشكل خطر جداً، الفرز الطائفي والقبلي والفئوي، ووصلت هذه العدوى إلى القوى الوطنية، لتقدم خدمة مجانية، لكل من يريد ضرب الوحدة الوطنية، وإضعاف قواه الحية في بلدانها.
من خلال متابعاتي لبعض المدونات الشبابية الكويتية، وجدت إن النفس الذي كان سائداً بين صفوف الحركة الوطنية في الماضي، بدأ بالانتقال إلى صفوف الشباب، وهم الفئة التي يعول عليها في الاصلاح وخدمة مجتمعها، وسادت مماحكات ليست في مصلحة العمل الوطني ولا في مصلحة الكويت، التي تعيش ضمن محيط قلاقل وأخطار اقليمية، وضمن تراجع في مشروعها التحديثي المدني والحضاري.
الشباب الذين استطاعوا بوحدتهم، رغم اختلاف أطيافهم، احداث تغيير سياسي أساسي في الكويت، تمثل في تغيير الدوائر الانتخابية، عادوا اليوم ليزيدوا تشرذم وضعف الحركة الوطنية، واستعداء بعضهم لبعض، على أمور ثانوية وليس على قضايا وطنية، مثل قضايا التنمية والحياة المعاشية للكويتيين.
إن الجانب الأكثر وعياً بين هذه التجمعات الشبابية، هو الذي ينتبه لمحاولات جر الأرجل إلى معارك تافهة ودونكيشوتية، هو الذي يسعى بكل جهده إلى لم الشمل للعائلة الوطنية، وعزل المؤججين لنار الخلاف، فالوضع لا يحتمل، والأفضلية للحكمة والحوار والوحدة الوطنية.

osbohatw@gmail.com

شاعر الأرض



تمر اليوم الذكرى الثانية لوفاة الشاعر الفلسطيني المميز محمود درويش، الذي وافته المنية يوم 9 أغسطس 2008م، بعد عملية القلب المفتوح في الولايات المتحدة، دخل بعدها في غيبوبة أدت إلى وفاته.
ويعتبر درويش من أهم الشعراء الفلسطينيين والعرب في عصرنا الحديث، حيث ساهم في تحديث القصيدة وأغنى مضامينها بعمق ورصانة، وارتبط اسمه بالثورة الفلسطينية، فسمي شاعر الثورة، وشاعر الأرض المحتلة، بسبب تكريس شعره ونضاله السياسي والثوري لقضية شعبه الفلسطيني.
ولد محمود درويش عام 1941م في مدينة الجليل أو قربها، وعاش في المنافي مثل بيروت وباريس وتونس، وبعد الدراسة الثانوية انتمى إلى الحزب الشيوعي الإسرائيلي راكاح، وأعتقلته السلطات الإسرائيلية عدة مرات لنشاطه السياسي ولشعره المقاوم، وعمل في صحافة الحزب، مثل نشرة "الاتحاد" وأشرف على تحريرها، وأسس مجلة الكرمل الثقافية، كما كان رئيس رابطة الكتاب والصحفيين الفلسطينيين.
إنتمى لاحقاً لمنظمة التحرير الفلسطينية، وهو من كتب وثيقة إعلان الاستقلال الفلسطيني، التي أعلنت في الجزائر، وكتب العديد من الأشعار الجميلة والخالدة، التي لن تتكرر في التاريخ، فلا أحد يستطيع تكرار التاريخ الذي يكتبه الشعراء والأدباء العظام.
والشاعر محمود درويش، ظاهرة نادرة في الشعر العربي، فهو قد جمع بين جمال الشعر وقوة المعنى، وحلاوة الإلقاء، وعمق التأثير والكاريزما، وكان شكل شعره الفني متطوراً، استطاع إلهاب مشاعر ملايين الناس في الدول العربية، وفي العالم أجمع.
ورغم شخصيته الخجولة، كان له حضوراً طاغياً على المنصة، حيث تنساب كلماته بطاقة سلسة وساحرة، ومستعصية بنفس الوقت، ولم يكن شعره منشوراً سياسياً خالياً من الجمال، لكنه كان جميلاً أولاً، وثورياً أولاً، ومثل كل المبدعين الخالدين، كانت كلماته بسيطة، لكنها عميقة التأثير.
قام صديقه الموسيقار المبدع مارسيل خليفة، بتلحين العديد من قصائده، مثل "أحن إلى خبز أمي، وقهوة أمي"، وقصيدة "بين ريتا وعيون البندقية"، وغيرها، وحفظ الناس شعره عن ظهر قلب، وحفظه التاريخ كعلامة بارزة في الشعر العربي والثوري.
ولأهميته وتقديراً له ولشعره، أعلنت السلطة الفلسطينية حداداً عليه لمدة ثلاثة أيام.
osbohatw@gmail.com

السياسة والعلاج



قبل بضعة أشهر انتشرت الأكزيما في جسمي، وهو من الأمراض التي يمكن أن تكون وراثية، فاتجهت إلى طبيب الجلدية، ووصف لي إبر كورتيزون، وهو الذي يسمى الدواء السحري، وبالفعل خفت الأكزيما بعد أيام، لكن ظهرت لدي مشكلة جديدة وهي ارتفاع ضغط الدم لدرجة خطيرة، وارتفاع السكر في دمي، مما استدعى أن أتناول أدوية للضغط، وأرفع من جرعة دواء السكر، وما زلت حتى الآن أتابع مع أطباء القلب المشهورين، موضوع انضباط ضغط الدم، بيد أن الذنب لا يقع بتاتاً على الطبيب الذي وصف الكورتيزون، بل على شركات صناعة الأدوية الكبيرة التي ازداد جشعها.
عندما انتشرت في الثمانينيات طرق ما يسمى ب"الطب البديل"، مع تحفظي على التسمية، حاربتها شركات الدواء بقوة، واعتبرتها شعوذة، لا تستخدم إلا في الدول المتخلفة، بيد أن هذه الطرق انتشرت في الولايات المتحدة وأوربا، لمعاناة الناس من الآثار الجانبية للدواء الكيميائي.
فالمعروف أن الإدارة الفدرالية للدواء والغذاء، مسيطر عليها من قبل شركات تصنيع الأدوية، بل هي التي تدفع رواتب الموظفين، ورواتب المسؤولين عن إقرار صلاحية استخدام أي دواء، ولأن هذه الشركات خاصة، فهي تهدف بالدرجة الأولى للربح من خلال تصنيع الدواء، ففي كتابة It's a brave new world، يذكر هكسلي، أن هذه الشركات قد اقترحت على الكونغرس الأمريكي، إضافة دواء بروزاك وليباتور المضادين للاكتئاب إلى مياه الشرب، وتقول American journal of medicine ، ان جورج بوش وقع مبادرة في عام 2004 لبناء معهد جورج بوش للصحة العقلية، على حساب شركة الدواء العملاقة ille lelly، وسن قانوناً يفرض على كل حامل وجنينها فحص الأمراض العقلية، ومعالجة كل مواطن مريض عقلياً، ومعالجة كل مواطن له علاقة بهذا المريض، مثل الوالدين والأقارب والجيران والأصدقاء والمدرسين، وحتى صاحب البقالة..الخ.
وأصبح معروفاً الآن أن مضادات الاكتئاب ليست فاعلة، ولكنها تعمل عمل الدواء الوهمي placebo، ولكن هذه الشركات ولكي تجعل المرضى النفسيين، زبائن دائمين، تقول لهم يجب أن يستمروا باستخدام هذه الأدوية العمر كله.
إن هذه الشركات لا يهمها صحة شعوبها وشعوب البشرية، بل كل ما يهمها هو الربح وزيادة الربح فقط، وهناك العديد من الكتب والمجلات الطبية التي تثبت ذلك، فجون هكسلي الذي عالج السرطان بالأعشاب، ونجح بنسبة 80%، لوحق في الولايات المتحدة، فاضطر إلى الهجرة إلى تيوانا المكسيك، وحذر ابنه الذي سار على طريق والده، بأن ينتبه حتى لا تسيطر عليه، الإدارة الفيدرالية للدواء والغذاء، المسيطر عليها بالكامل، من شركات الدواء العملاقة.

osbohatw@gmail.com

Tuesday, August 3, 2010

الخطر قادم



هل توقعات الرئيس الكوبي فيدل كاسترو، التي تنبأ بها حول قيام حرب عالمية ثالثة نووية، هي تنبآت رجل خرف؟ وما الذي استند عليه في تنبؤاته؟ وهل يعرف كاسترو الذي تمرس في السياسة لعشرات من السنين، شيئاً لا نعرفه؟
إن المتتبع لمسيرة التاريخ، القريب على الأقل يستطيع استقراء المستقبل، في شيء من الحذر، فالظروف الدولية الحالية، تشبه الظروف التي رافقت الأزمة الاقتصادية العالمية عام 1929، والتي سميت "بالكساد الكبير"، والتي لم تكن هناك وسيلة لحلحلتها إلا بافتعال حروب، يتم فيها إعادة اقتسام الثروة، حتى وإن كان ذلك على حساب الشعوب، فلأول مرة تعاني البنوك الأمريكية والبورصة انخفاضاً حاداً، ولأول مرة يهاجم فيها عسكري كبير في الجيش الأمريكي، رئيس الولايات المتحدة وينتقده، ناهيك عن عجز بريطانيا عن الإنفاق على الجيش، وإفلاس الكثير من الشركات الأوربية.
وتشير التوقعات أن منطقتنا هي المؤهلة لمثل هذه القلاقل، لما تحويه من ثروة استراتيجية، فلبنان يعيش على فوهة بركان فتنة وحرب أهلية، ثم يتبعه تدخل إسرائيلي عسكري، فهي لا تستطيع أن تبدأ بمغامرة الاجتياح، بسبب تجربتها المؤلمة في حرب 2006، ولذا فاستراتيجية الفتنة والتفتيت، هي المفتاح للدخول العسكري الذي تحضر له منذ أمد.
والولايات المتحدة لم تعترض على عمليات حرق القرى الفلسطينية في النقب، وتشريد مواطنيها، ولم تعترض على عمليات تهويد القدس، والتي كان آخرها تدمير عين مريم العذراء، المعلم المسيحي التاريخي، واستعداء المسيحيين والمسلمين في العالم، مما يمهد لنزاعات في المنطقة وبالأخص في لبنان، وإيجاد وطن بديل للفلسطينيين في الأردن والضفة الغربية.
وفي سبيل الضغط على أوباما الذي لا يحتاج إلى ضغط، يقوم اللوبي الصهيوني، بالتلويح بخسارة الحزب الديموقراطي، في الانتخابات النصفية في نوفمبر القادم، لمجلس الشيوخ ومجلس النواب الأمريكيين، نقول لا يحتاج إلى ضغط، إذ عبرت وزيرة خارجيته هيلاري كلينتون، في الذكرى 62 لقيام الكيان الإسرائيلي، أي ذكرى جريمة اغتصاب فلسطين، وقالت:" إن أمن إسرائيل فوق أي اعتبار، وإن تعزيز قوة إسرائيل غير قابل للنقاش".
وذلك في ظل تمزق عربي عربي، وتفتيت للشعوب العربية عن طريق التأجيج الطائفي والقبلي فيها، وفي ظل غياب الديموقراطية الحقيقية، وتكميم الحريات وملاحقة المعارضين بهذه الدول، وضعف قواها الوطنية وتشتتها.
الخطر قادم، والحذر واليقظة غائبتان.

osbohatw@gmail.com

Monday, August 2, 2010

الجرح الغائر



تمر اليوم الذكرى العشرين لغزو واحتلال نظام صدام حسين لدولة الكويت، عندما اجتاحت قواته بلادنا وسيطرت على أراضيها يوم الثاني من أغسطس 1990، في غضون ساعات، مدعياً أن ذلك كان تلبية لنداء، ومبرراً هذا العمل البربري تبريراً زائفاً، بأنه تحقيقاً للوحدة العربية.
وجرت محاولة شطب الكيان السياسي للدولة الكويتية، وجرت مساومة دنيئة مكشوفة، بربط الانسحاب من الكويت، بانسحاب اسرائيل من فلسطين المحتلة، في محاولة مكشوفة لكسب تعاطف الشعوب العربية، والتغطية على جريمة العصر، مما دفع عدد من الشعوب العربية إلى الخروج بمظاهرات تأييداً لاحتلال الكويت، كما وقعت عدد من الأحزاب السياسية العربية في أوهام الانتصار على الامبريالية والأنظمة الرجعية، وهو ما خلق جرحاً غائراً في نفوس الكويتيين، الذين يشهد تاريخهم، ومنذ عشرينيات القرن الماضي، على دعمهم الدائم والا محدود لقضايا الأمة العربية، واحتضناهم لولادة وتطور فصائل المقاومة الفلسطينية، وقدم لها الدعم السياسي والاقتصادي والعسكري.
لقد عانى الشعب الكويتي من أعمال المحتل، من سرقة واعتقال وتعذيب وقتل، كما عانى من تخلي بعض الشعوب العربية وأحزابها السياسية عنه، فاهتزت لديه قيم العروبة والتضامن العربي، وانهارت كل أحلامه في الوحدة العربية.
لقد كان لذاك الاحتلال آثاره المدمرة على الشعبين والبلدين الكويتي والعراقي، وعلى عموم الدول العربية، وما زالت الشعوب العربية تعاني من نتائج هذا العمل المغامر، ذي الأهداف التوسعية الذي يمثل أطماع حزب البعث العربي الاشتراكي.
لقد قدم صدام حسين لإسرائيل خدمة لا تقدر بثمن، بتمزيقه الشعوب العربية، وتفتيت التضامن العربي، وقدم خدمة مجانية بخروج العراق من صفوف المقاومة ضد العدو الإسرائيلي.
لكن ولعل من إيجابيات الغزو والاحتلال، أنه كشف وبشكل لا لبس فيه، تضامن الشعب الكويتي وإرادته وقدرته على المقاومة، والتفافه حول قيادته ونظامه الشرعي، بوحدة وطنية لا مثيل لها، هذه الوحدة التي تحاول بعض الأطراف وبعد عشرين عاماً على تلك الكارثة، العمل على تفتيتها وإلغاء المكتسبات التي حققها الشعب الكويتي، على مدى قرون.

osbohatw@gmail.com