Sunday, August 22, 2010

أول مطبعة لم يأت بها نابليون



تعلمنا في المدارس، أن أول مطبعة دخلت الشرق، جاءت مع الحملة الفرنسية على مصر عام 1798م، واصطحبت معها الكثير من العلماء الفرنسيين في مختلف مجالات البحث مثل البيئة المصرية والشعب المصري والعادات والتقاليد والآثار وغيرها، كما أحضرت حملة نابليون معها مطبعتين واحدة فرنسية، والثانية عربية.
وعندما نتحدث عن المطبعة الحديثة، التي سهلت انتشار المعرفة والثقافة، وجعلتها متاحة لقطاعات واسعة من الناس، كانت في عصر النهضة الأوربية، عندما طور مخترع الطباعة الحديثة يوهان جوتنبرج الألماني قوالب الحروف التي توضع بجوار بعضها، ثم يوضع فوقها الورق، كان ذلك في العام 1447م.
ولكن أول مطبعة في الشرق وأقدمها، هي المطبعة التي توجد في دير مار أنطونيوس في منطقة قزحيا، التي تقع على وادي قديشا، والذي يعتبر أعمق وأكبر وأجمل وادي في العالم وفي لبنان، ويحوي العديد من منابع الماء العذب، المتفجرة من الجبال.
بدأت هذه المطبعة في أوائل القرن السابع عشر، في عام 1610م، أي قبل مطبعة نابليون بمئة وثمان وثمانين عاماً، وطبع فيها بنفس العام كتاب المزامير، وهو بالحرف الكرشوني، أي لغة عربية بالحرف السرياني، وتم تجديد هذه المطبعة عام 1871م بمطبعة أخرى، بعدما تضعضعت هي وحروفها بسبب الغزوات وتقلبات الزمن، التي تعرض لها الدير، وخاصة من الدولة العثمانية، التي اضطهدت الرهبان في لبنان.
ولعبت هذه المطبعة دوراً في نشر العلم والثقافة ومبادئ الدين المسيحي، في ظل زمن انتشار الجهل والأمية في البلاد العربية، وما زالت هناك كتب أثرية عديدة، موجودة في الدير أو في المتاحف اللبنانية.
وقد رفض علماء مصر وبقية الدول العربية المطبعة الحديثة، خوفاً من ضياع الخطوط العربية الجميلة، التي كان يتم فيها كتابة ونسخ الكتب والمخطوطات، وخاصة القرآن الكريم.
ومن المعروف في تاريخ البشرية، أن المطبعة الحديثة، أسهمت بنشر الثقافة وإتاحت الكتب بثمن بخس، وهي سبب ولادة وانتشار فن الرواية، مثلما كانت القصة القصيرة إبنة الصحافة.


osbohatw@gmail.com

No comments: