Tuesday, September 28, 2010

الصراع الأزلي



إن الصرع بين التقدم والتخلف، بين التشدد والانفتاح والتسامح في الكويت، قديم قدم ترسخ الثقافة على هذه الأرض، فالمجتمع الكويتي مثله مثل كل المجتمعات البشرية، التي لا بد وأن تمر بتحولات وتشكيلات اجتماعية اقتصادية، ذات ضرورة موضوعية تاريخية.
ولذا فالكويت تكاد تكون الوحيدة بين دول الخليج، التي رفضت واستهجنت الدعوة الوهابية السلفية، وقاومت حملات الاخوان في خمس هجمات على الكويت، في سنوات 1793 و 1794 و 1797م و 1808م إضافة إلى حرب الجهراء عام 1920م، لكن الأخوان لم يستطيعوا السيطرة على المجتمع الكويتي، وحرف فكره المتسامح والمنفتح، مثلما فعلوا مع بقية الكيانات الخليجية مثل البحرين وعمان وقطر، حسبما يشير د. خليفة الوقيان في كتابه القيم "الثقافة في الكويت".
والصراع بين التقدم والتخلف، هو صراع أزلي وفي سياق تطور التاريخ، كصراع الأجيال، والقديم والجديد، لكن حسب منطق العلم والتاريخ، فالنصر يكون دائماً للجديد، مهما قاوم القديم جديد العصر والزمن.
ففي القرون الأخيرة، مر المجتمع الكويتي بصراعات فكرية، بين دعاة التشدد ودعاة الانفتاح والاستنارة، وتصدى علماء الكويت وشعرائها لدعاة الغلو والتشدد، بل إن شعراء الجهراء العاميين أطلقوا وصف الخوارج على الإخوان، وقالوا شعراً كثيراً فيهم، وكان من شعراء الكويت صقر الشبيب وعبدالله الفرج وعبد اللطيف النصف، ومن العلماء ورجال الدين المستنيرين والإصلاحيين، الذين حاربوا التشدد والغلو، ودعاة رفض التقدم والحداثة، مثل الشيخ مساعد العازمي والشيخ عثمان بن سند والشيخ عبدالعزيز الرشيد والشيخ يوسف بن عيسى القناعي، والنوخذة عيسى القطامي، هؤلاء "يرون أن هناك تعارضاً بين الدين الحق والأفكار المتزمتة، التي تحرم ما أحل الله، فضلاً عن قناعتهم بعدم جواز تكفير المسلمين لمجرد الاختلاف معهم بالرأي حول الفروع أو الأمور الثانوية التي لا تتصل بصلب العقيدة" (الثقافة في الكويت ج1 ص228-خليفة الوقيان).
وقد كان من أشد المحاربين للتقدم هو الشيخ عبدالعزيز العلجي الذي كتب قائلاً:
يا عاتباً منا الجمود وطالباً منا التمدن إنك الحيران
إن التمدن لو علمت فخسة جاءت بها الأورب واليونان
بل إن رجل دين متشدد آخر غضب لاشتراك عائلة الخالد بمجلة "المنار" لأن الشرع –كما يرى- لا يبيح لهم مطالعة تلك الصحف، التي تجمع "العقائد الزائفة والآراء المبتدعة" (نفس المصدر ص 231).
وما أشبه اليوم بأمس، ففي القرون الثامن عشر والتاسع عشر والعشرين، دافع العلماء والشعراء في الكويت عن الحرية والثقافة والتقدم، وفي القرن الحادي والعشرين، ترتفع نفس النبرات ضد حرية القراءة والمطالعة، وضد التقدم ومنطق العصر، لكن الأكيد أن التقدم سينتصر بالنهاية، وكما هي عادة التاريخ.

osbohatw@gmail.com


Sunday, September 26, 2010

المجزرة السنوية



تقترب الذكرى السنوية لمجزرة الفكر والكتاب، دون أن تطرف عيني الحكومة أو تنتفض لسمعة الكويت الثقافية والأدبية والفنية، ملبية أوامر حكومة الظل بل حكومة الظلام، التي ما فتئت تصدر فرامانات القيود على المواطنين، وصكوك الغفران لفتاوي الشر والتكفير والتخلف، لتعود بنا إلى عصور الظلام القديمة، عندما كانت الكنيسة تجرم كتب العلم والفلسفة والأدب.
هل هي سادية يمارسها أصحاب مشروع التخلف؟ أم نقصاً في القيم الإنسانية مثل الحرية والديموقراطية والمحبة؟ أم شعوراً بالنقص ورهبة من أجواء الانفتاح والحرية والسلام الاجتماعي؟
في الوقت الذي يضع فيه وزير الإعلام، حجر الأساس لأول وأكبر مشروع ثقافي كويتي في الهند، تعمل وزارته بنفس الوقت، كصبي الجزار الذي يأتمر بأمره وينفذ تعليماته، تمسك بجسد الحرية، وتتركهم ليقتاتوا من دمائها.
في الهند؟! لا بأس ما دامت الهند بعيدة، حيث لا يوجد لديهم ناخبين، ولن يكون من الاستراتيجي السيطرة على الهند، لكن في الكويت فلتخسأ الحرية والثقافة، لا عودة لما يسمى بعصر النهضة الكويتي، ولا عودة لأوهام الستينيات والسبعينيات.
ولد جيل في الكويت، لا يعرف معنى أو يصدق أن الكويت كانت تسمى جوهرة الخليج ومنارة للفكر العربي، فكل ذلك إدعاء وكذب من التغريبيين الذين يرمون إلى نشر الفساد والرذيلة والأفكار السامة، لا يصدق هذا الجيل أساطير الستينيات والسبعينيات وتخاريف آبائهم وأوهامهم، بأن الكويت كانت معبراً للنهضة والمحبة والتسامح والانفتاح والتقدم، فآبائهم يصورون الكويت، كمدينة أتلانتس التي غرقت وابتلعها البحر.
يالا تخاريف الآباء، فالكويت لم تكن يوماً بلاد العرب، ولم تكن يوماً إلا سجناً كبيراً للفكر والثقافة، وجلاداً ملتحياً متجهماً بيده سوط التأديب لمن خرج عن الطوع، لم تكن قط واحة للحرية، لم تكن مركزاً للإشعاع والنور والنهضة الفكرية والفنية والمسرحية والرياضية، كل تلك تخاريف الأولين وأوهام الآباء والأجداد الذين كانوا على ضلال.
فليمت اتحاد كتاب مصر بغيضه، ولن يجد احتجاج واستنكار المثقفين العرب أي صدى لدى الحكومة، التي صدقت أن التكنولوجيا وثورة المعلومات، لا تستطيعان أن ينتصرا على سيف التسلط، ولا تقوى على كسر القيود على المعرفة، فحجاب التخلف أعتى من العلم.
فهنيئاً لمعرض الكتاب، الذي كان ثاني أكبر وأهم معرض عربي، هنيئاً له بهذه المكانة الجديدة، التي تغيظ العدا الذين يريدون عودة ما يسمى بكويت الحريات والرفعة والعزة، وليظلوا بأوهامهم وبأساطير الستينيات والسبعينيات، ولتهنأ الطائفية والقبلية والفئوية، فالبيئة ما زالت صالحة ومهيئة للاشتعال.

osbohatw@gmail.com

Friday, September 24, 2010

عودة الحرب الباردة



قلت في مقالات سابقة، أنه ليس أمام الولايات المتحدة، لتخطي الأزمة الاقتصادية الكبيرة التي تعصف بها، إلا بافتعال حرب عالمية، كما حدث أبان أزمة الكساد الكبير عام 1929م، والتي كانت الحرب العالمية الثانية إحدى طرق تجاوزها، أو افتعال بؤر توتر وحروب، وتدخل عسكري مباشر، كما حدث في البلقان والقرن الأفريقي وأفغانستان والعراق، تضمن لها تدفق ثروات هذه المناطق والدول.
وفي ظل تنامي أقطاب جديدة في الساحة العالمية، مثل الصين التي ارتفعت معدلات نموها في مقابل انخفاض معدلات النمو الأمريكي، وكذلك روسيا والهند والبرازيل، والتغيرات الاشتراكية التي بدأت تبرز في دول أمريكا الجنوبية، وأزمة تكدس السلاح الأمريكي، فليس أمام الولايات المتحدة إلا تسويق "الستوك" من السلاح، وخلق أحلاف لمواجهة تنامي الأقطاب المتعددة الجديدة.
ولعل فشل المشروع الأمريكي في أفغانستان وفي العراق التي كانت تريده قوة في المنطقة تشكل ثلاثياً هلالياً مع تركيا وإسرائيل، جعلها تتجه إلى سحب قواتها العسكرية لتكبدها خسائر تقدر بمليارات الدولارات، وآلاف الأرواح، سببت تذمراً شعبياً أمريكاً، لتحل محلها الشركات اللوجستية، كي يستمر تدفق النفط إلى مصانعها، مع خدمات تدريبية لحرس الحدود وشرطة النفط، يقدمها حلف شمال الأطلسي (الناتو) كما عبر وزير الداخلية العراقي جواد البولاني بعد اجتماع وزراء داخلية دول جوار العراق (الراي 24 /9/2010).
وحسب جريدة الفينانشيال تايمز، فإن دول مجلس التعاون أبرمت صفقة لشراء أسلحة أمريكية بقيمة 123 مليار دولار، تحت ذريعة مواجهة القوة العسكرية الإيرانية، وبهذا نعود إلى أجواء الحرب الباردة في ثمانينات القرن الماضي، ابان الحرب العراقية الإيرانية، حيث تم تكديس ترسانة ضخمة من الأسلحة في دول مجلس التعاون، وأنفق عليها مليارات الدولارات، رغم أنها لم تأت بفائدة كبيرة لهذه الدول، اثناء الغزو العراقي على الكويت.
فصفقة الأسلحة التي أبرمتها أخيراً المملكة العربية السعودية وتقدر ب60 مليار دولار شملت طائرات مقاتلة، ليست لها فعالية كبيرة، فحسب مصادر أمريكية، فإن إسرائيل تشعر بارتياح كبير، لأن هذه الطائرات لا تحتوي على نظم أسلحة بعيدة المدى، مثل الطائرات التي حصلت عليها إسرائيل من الولايات المتحدة، (القبس 14/9/2010).
ولو قبلت الولايات المتحدة مطلب إيران، كي تكون شرطي المنطقة، وتقاسمت النفوذ فيها، لقل التوتر والخطر في المنطقة، ولكن في المقابل ستطول الأزمة الاقتصادية الأمريكية وستتعمق، فلا حل إلا بحلب ثروات المنطقة.

osbohatw@gmail.com



Tuesday, September 21, 2010

التخلف سبب الآفات الاجتماعية



الآن، وبعد أن تم سحب الجنسية من ياسر الحبيب، الذي اعتبر مزدوج الجنسية، إضافة إلى جريمة إثارة الفتنة الطائفية، هل تم اخماد جمر الفتنة ومنابعها ووجودها الكامن؟ هل قضينا على بيئة التخلف الثقافي والاجتماعي، الحاضنة لجذور الفتنة، هل أصبحنا دولة مؤسسات وقانون؟ هل رفعت الحكومة من سقف هيبتها أمام جميع أطياف المجتمع؟ هل أصبحت عصية على الضغوط والابتزاز السياسي الرخيص؟ هل أعادت ثقة الناس بها وبقراراتها؟
إن إطفاء اللهب لا يعني إخماد الجمر، وتخفيف الاحتقان الطائفي لا يعني القضاء عليه وعلى أسبابه نهائياً، ومعالجة العرض لا تعني معالجة المرض، إذ لا بد من حلول جذرية للقضاء على التعصب الطائفي والقبلي والفئوي في مجتمعنا، المتسم تاريخياً بالتسامح الديني والثقافي والاجتماعي.
إن الإجراء الحكومي السريع نسبياً، لمعالجة تداعيات الأزمة الأخيرة، يدل على ضرورة تدخل الحكومة لحفض الأمن الاجتماعي والسياسي، لكن ليست ردة الفعل هي المطلوبة، بل المبادرة وقراءة الواقع واستشعار الحدث للوقاية قبل الاستفحال.
إن أسباب أي مشكلة ثقافية أو اجتماعية أو نفسية أو اقتصادية، لن تكون وحيدة البعد حسب منطق العلم، ولكنها عادة تكون ذات أبعاد وجوانب متعددة، وأن جميع هذه المشكلات تؤثر على بعضها بعلاقة متبادلة، والفتنة تشترك فيها أطراف وليس طرفاً واحداً.
وها هم بعض أعضاء مجلس الأمة، يملون شروطهم على الحكومة، ويوغلون بالتمادي، رغم تحقق هدفهم بسحب جنسية ياسر الحبيب، فالبعض يعطي مهلة 24 ساعة للحكومة كي تسحب الجنسية وإلا..، والبعض يريد مكاسب أبعد تصل إلى "اجتثاث هذا الفكر الخبيث"، وهنا يصبح الأمر ملتبساً إذا لم يكن يعني التعصب والتطرف بجميع اشكاله وباختلاف مصادره، والبعض يحذر وزير الأوقاف من منع الدروس الدينية في المساجد، رغم أن بعض هذه الدروس استخدمت في كثير من الأحيان، لغسل أدمغة شبابنا، وزرع فكر الغلو والتطرف، مما يذكرني بالمثل المصري:" تدي له صباعك ياخذ دراعك".
لا سبيل لأمن المجتمع وتقدمه إلا بالقضاء على التخلف الذي استشرى من بعد التحرير وحتى هذه اللحظة، يجب رفع الوعي الاجتماعي والشعور بالمساواة في الحقوق والواجبات، وتقديم الولاء للوطن على الطائفة والقبيلة، والتعامل مع هذا الولاء حسب القانون، بما فيها قضية ازدواج الجنسية، ووضع مناهج دراسية تواكب العصر، وإشاعة أجواء ثقافية مستنيرة، كل تلك هي ضمانات للعودة إلى كويت العز والتقدم، واستقرار المجتمع.

osbohatw@gmail.com

هذه ليست مقابل تلك



الاختيار بين الفتنة وقمع الحريات، ليس اختياراً صائباً ولا منطقياً، بل أنه يزيد الطين بله، ويزيد الأمر تعقيداً وتصعيداً، فالأمن الاجتماعي يرتبط جدلياً مع الحريات والديموقراطية.
فإذا كان التأجيج الطائفي والقبلي والفئوي، سيدفع الحكومة للتشدد وتقييد الحريات، فتلك هي مرامي من يقف وراء هذا التأجيج، سواء المتخلفين من داخل مجتمعنا أو من خارجه، أو من مراكز القوى، الذين تؤذيهم الديموقراطية وتؤذي مصالحهم.
ما زلنا مع تطبيق القانون وفرض هيبته، للحفاظ على أمننا الاجتماعي، لكننا بالتأكيد ضد ردود الفعل غير المدروسة والمبالغة، في تطبيق القانون، فما حفظنا منذ قرون هو سمة الحرية التي هي أغلى ثرواتنا، وسمة الاختلاف والتعدد ضمن الوحدة، والتي هي مصدر قوتنا.
إن حكم المحكمة الدستورية بعدم دستورية قانون الاجتماعات العامة، هو حكم ملزم ولا يجوز العودة لتطبيقه، ولكن بيان وزارة الداخلية في شأن الندوات والتجمعات وتطبيقها له يشيان بأن هذا القانون ما زال سارياً، وهو مخالفة دستورية سافرة، والخشية أن تستغل هذه الفتنة بإحياء محكمة أمن الدولة، والتشدد في قانون المطبوعات والنشر، وإدخال تعديلات قمعية على قانون المرئي والمسموع، ناهيك عن قانون مراقبة المواقع الألكترونية، الذي يجري الاعداد له.
إن طريق تطبيق القانون، ودرء أخطار الفتن طريق معروف ومجرب، يكمن أولاً بمسطرة الدستور والقانون، وإرساء مبادئ العدالة والمساواة على الجميع، وثانياً التخفيف من قبضة قوى الإسلام المتشدد على المجتمع، ورفع الحكومة يدها عن رعاية هذه القوى، وثالثاً البحث عن البؤر الخبيثة والمؤججة لجميع النعرات، ومحاسبتها قانونياً، ورابعاً إعادة الاعتبار للتربية الاجتماعية، المبنية على التسامح واحترام الاختلاف.
إن حالة التخلف الثقافي والاجتماعي، هي بيئة حاضنة للعصبيات الطائفية والقبلية والفئوية، ولا يمكن القضاء على التخلف وتبعاته، إلا بإعادة بناء كيان الدولة الحديثة ومقوماتها، الذي بدأ في خمسينيات وستينيات القرن الماضي ثم توقف، والبدء فوراً بعمليتي الإصلاح السياسي، واستكمال الديموقراطية، والتصدي للفساد وأركانه.

osbohatw@gmail.com

التخبط



إننا نرى وحسب معطيات الساحة السياسية الكويتية، أنه لا أفق لنجاح خطة التنمية كما عرضت بالطريقة الوردية، فالتخبط هو العنوان الرئيس للسلطة التنفيذية، رغم حيازتها على أغلبية برلمانية.
فلا توجد سياسة واضحة للحكومة تجاه القضايا والملفات العالقة، ولا تتخذ قرارات مدروسة جيداً، بل اعتمدت في كثير من الأحيان على ردود الفعل، وعلى قرارات فورية دون تمحيص أو تروي، يليقان بحكومة تدير مصالح شعب وتسعى إلى تأكيد كيان دولة ديموقراطية حديثة.
فمرة تضع خطة تنمية مليارية، ثم تتورط في مصادر تمويلها، هكذا دون دراسة كافية، ومرة تقرر تطبيق قوانين الرياضة، ثم تحل مجلس إدارة الهيئة العامة للشباب والرياضة، ومرة تعين الجزاف رئيساً للهيئة، ثم تعين الفلاح بدلاً منه، أو العكس، ومرة تقرر سحب جنسية ياسر الحبيب، ثم تتراجع عن قرارها، ومرة تتشدد في مسألة حرية الرأي والتعبير، ثم تتساهل حيال محطات فضائية وصحف تشعل فتنة، ومرة تقرر مراقبة هواتف البلاك بيري، ثم تتراجع والأمثلة المشابهة كثيرة.
هذا بغض النظر عن النوايا الطيبة، فالنوايا لا تصنع دولة حديثة، بل تصنعها سياسات مدروسة وصائبة، وقرارت تستند على الدستور والقانون، ولا تستند على الفردانية ومراكز القوى.
ولا نعفي أعضاء مجلس الأمة من هذا التخبط، فلم يعد غالبية الأعضاء معنيين بمستقبل البلد، بعدما أفسدوا بالهبات والعطايا والمناصب والمنازل والامتيازات خارج القانون، ومبدأ المساواة بالحقوق وتكافؤ الفرص، وتحول هؤلاء من واجب الدفاع عن مصالح الشعب، إلى تنفيع أبناء الجماعة والقبيلة والطائفة.
كما أننا لا نعفي القوى الوطنية، التي إنكفأت على نفسها، وركزت جهودها على الجوانب الانتخابية، وتجاهلت القضايا الاجتماعية للشعب، وتمزق شملها بعدما تضاربت مصالحها الاقتصادية، وبرز فيها فرزاً طبقياً، فبعض عناصرها لها مصالح مرتبطة بالحكومة ومشاريع التنمية، وهذا ينطبق على تنظيمات الإسلام السياسي أيضاً.
في ظل كل هذا التخبط في السلطتين التشريعية والتنفيذية، وفي ظل تصاعد وتيرة وحدة الصراع الطائفي والقبلي والفئوي، يصبح وضع البلد مقلقاً، لا يدعو للتفاؤل والطمأنينة، ويصبح المستقبل غامضاً رمادياً.

osbohatw@gmail.com

على شفا فتنة



قلت في مقالي السابق، أن أحد السياسيين اللبنانيين قال:" أن إثارة الفتنة تحتاج إلى طرف واحد، لكنها تحتاج إلى طرفين أو أكثر لتنفيذها"، وهو ما يحصل في الكويت، فلم يتم احتواء وإيقاف الشرارات الأولى للفتنة، بل تركت الأطراف الأخرى لتأجيجها، وكل يدعي أنه يدافع عن الحق، والكل يدعي المحافظة على الوحدة الوطنية بالتصعيد والتأليب، وتركت النار ليرتفع أوارها، وكأنه يراد للفخار أن يكسر بعضه.
إن التحرك الحكومي الأخير، لقطع الطريق على مثيري الفتن، والإجراءات القانونية التي قام بها سمو رئيس الوزراء بالإنابة وزير الدفاع الشيخ جابر المبارك، وقانون الوحدة الوطنية الذي يعد له في مجلس الوزراء والمجلس الأعلى للتخطيط، كلها كانت إجراءات مستحقة منذ زمن بعيد.
فالفتن لا توقف إلا بتطبيق دولة القانون تطبيقاً حازماً، ولا تشتعل الفتنة بين شعب واع، فهي ليست من الأمور التي يستهان بها، بل هي أخطر على الشعوب من الحروب العسكرية المباشرة، وهي سلاح العدو الأمضى لتقويض الدول، وتفتيت الشعوب.
لقد تهاونت الحكومة فيما مضى، مع خطر مباشر وواضح لتمزيق النسيج الإجتماعي، عبر الإعلام المرئي والمكتوب، ووقف القانون مشلولاً ضعيفاً أمام الفرز القبلي والطائفي والفئوي، بدءً من المناهج الدراسية المتخلفة، إلى الانتخابات الفرعية المخالفة للقانون، التي تكرس الولاء الأصغر على حساب الولاء الوطني الأكبر، إلى تقسيم الكويتيين إلى بدو وحضر وشيعة وسنة، وزرع الكراهية في نفوس الكويتيين ضد بعضهم.
وتعاملت الحكومة وكأن الأمر عابر، وغمامة طارئة، بل ركزت جهودها ضد من ينتقد سياساتها وأدائها، مخلصاً للوطن وقلقاً على مستقبله، وترك الوطن في مهب ريح الطائفية والقبلية، وتقوضت كل مكتسابات الشعب الكويتي المدنية والقانونية والحضارية.
في هذه الأجواء الجنونية، وفي ظل الأخطار المحدقة بالمنطقة، تصبح التنمية بلا معنى، فأي تفكير في خطط تنموية يجب أن تبدأ بالإنسان، فهو الأولوية ومنه تبدأ وإليه تنتهي.
فقبل تعمير المباني والشركات، يجب بناء شعب متحد، ملتف حول وطنه وقضاياه، تربطه المواطنة والولاء للوطن، يرفل بالحرية والمساواة تحت الدستور والقانون، والبدء بتطوير المناهج، وتدريس وتكريس الوحدة الوطنية منذ الصغر.
وإذا كان لابد من شركة إعلامية لترويج خطة التنمية، يتم من خلالها نهب المال العام، فالأولى تكريس الإعلام العام والخاص، لغرس الوحدة الوطنية، ومكافحة كارثة الفتنة والتمزيق لأبناء الوطن.
وهنا أدعو الكتاب والمثقفين ذوي النفس الوطني المخلص، لجعل قضية المواطنة الدستورية والوحدة الوطنية، أولوية في كتاباتهم وتحركاتهم، وأن تبدأ حملة وطنية شاملة، حكومية وأهلية للحفاظ على ما تبقى من نسيجنا الاجتماعي، ومحاربة كل دعوة متخلفة أو مشبوهة لتفتيتنا.
والبركة بالشباب.
osbohatw@gmail.com

Thursday, September 16, 2010

يراد بنا شراً


لا أحد يعرف مدى خطورة النزاع الطائفي والمذهبي، مثل الذي اكتوى بناره، فإذا دخلت الطائفية بلداً دمرته، وتظل نارها موقدة لسنين وقرون، ولا أحد يخرج من هذا النزاع البدائي منتصراً، بل أنه يؤخر البلدان لسنين، ويحطم خلال فترة قصيرة، ما بناه الإنسان في قرون طويلة.
وهو يعكس تخلف الإنسان وعصبيته البدائية، وانتماءاته الضيقة على حساب الانتماء الأشمل والأنبل، كما يعني غياب العقل والتفكير، وتضخم العاطفة والغريزة ويعني الكراهية للآخر المختلف، فقط لأنه مختلف.
استخدمت الطائفية عبر تاريخ البشرية الطويل، للسيطرة على الشعوب، ولعل أول من توصل إليها كسلاح للسيطرة، هو الاستعمار البريطاني، من خلال سياسته المعروفة (فرق تسد)، فالشعوب الواعية واليقظة، تعرف أن قوتها في وحدتها، وفي تفويت الفرصة على المتآمر، من خلال وحدتها الوطنية.
وعلى حد قول أحد السياسيين الوطنيين اللبنانيين، : "الفتنة قد يشعلها طرف واحد، لكنها تحتاج إلى طرفين أو أكثر لتنفيذها"، فالطرف الواعي هو الذي ينتبه إلى مرامي الفتنة وأبعادها المستقبلية المدمرة.
فإذا أرادت إسرائيل أن تضعف الجانب المقاوم لحزب الله، فإنها تضرب جانبه المذهبي، عبر فتنة طائفية مثلما حصل في حادثة برج أبي حيدر، فإن لم ينتبه الطرفان إلى خطورة المؤامرة، سيدخلان في لعبة التدمير الذاتي، فإسرائيل تدرك استحالة الانتصار على شعب موحد.
وكيف إذاً يمكن السيطرة على بلد شاسع مثل العراق؟ دون تفتيته واشعال فتنة طائفية ومذهبية فيه؟ فالطائفية تنسى المشروع الوطني الديموقراطي، وتنشغل في حرب بدائية تعصبية تصفوية.
فهل نحن بعيدون عن مثل هذه الأمثلة؟ هل نحن محصنون ضد الفتنة؟ هل نحن واعون لما يحاك ضدنا؟ وما يراد لنا؟
لعله من التكرار أن نقول أن وحدتنا في وجه الاحتلال، كانت حصانتنا ضد مشروع الشر، الذي قاده صدام حسين، لابتلاع وطننا وطمس هويتنا، وزوال صدام لا يعني زوال الشر.
إن الشرر الذي بدأ يتطاير في وطننا منذ بضعة أشهر وبشكل ملحوظ، لم يكن مصدره طرف واحد، كما أنه لم يكن كله عشوائياً أو تلقائياً، فبعضه مخطط له جيداً، وبعضه يؤججه التخلف ونقص التفكير والمواطنة الدستورية.
هناك من يريد بنا شراً، من الداخل والخارج، هناك من اكتشف نقطة ضعفنا، ومستوى تفكيرنا وعقليتنا، وشغفنا باللعب بالنار.

osbohatw@gmail.com


Monday, September 13, 2010

يوم اختفى التسامح الديني



ذكر لي الدكتور خليفة الوقيان، حكاية ومثال من الأمثلة الكثيرة، عن التسامح الديني لدى الكويتيين، قال:" كان الشيخ عبدالله النوري، وهو شيخ دين، والشيخ عبد العزيز حماده، وهو قاضي الكويت، والشيخ أحمد عطية الأثري، وهو أيضاً قاض، كانوا يذهبون في يوم 25 ديسمبر من كل عام إلى بعض الأسر الكويتية المسيحية، ليقدموا لها التهاني بمناسبة أعياد الميلاد (الكريسماس)، كما أن الشيخ يوسف بن عيسى القناعي، وهو أيضاً قاضي ومفتي ورجل دين، كان معروفاً باحترامه للديانة المسيحية واحترامه ليهود الكويت، الذين كانوا يكنون له احتراماً كبيراً.
لكن الزمن تغير بذهاب المسلمين المستنيرين والمتسامحين من الكويت والعالم، تذكرت ذلك عندما حلت يوم السبت الماضي، ذكرى كارثة 11 سبتمبر اللاإنسانية، والتي قتل خلالها أكثر من ثلاثة آلاف شخص برئ وبدم بارد، هذه الجريمة التي شوهت وجه الإسلام، وربطته بالإرهاب والقتل والدمار والكراهية للأديان الأخرى.
ولكن ماذا كانت نتائج هذه الجريمة؟ هل انتصر الإسلام؟ هل تغيرت أحوال المسلمين إلى الأفضل؟ أظن أنه حدث العكس تماماً، فقد ازدادت الكراهية للإسلام والمسلمين في العالم، وارتد العديد من المسلمين الأجانب عن الإسلام، ومنهم شخصيات معروفة، واستغلت الولايات المتحدة هذه الجريمة، ودفعت بجيوشها إلى بعض الدول الإسلامية، بذريعة الحرب على الإرهاب، وامتصت ثرواتها، ورتبت أوضاع محاورها وتحالفاتها، بصفتها القطب الأوحد في العالم، وفتت شعوباً، وأيقظت فتناً طائفية، وأشعلت بؤراً قد لا تنطفئ في عالمنا الإسلامي والعربي.
ولأن التعصب يقود إلى التعصب، والعنف يولد العنف، هددت كنيسة صغيرة في فلوريدا بحرق مصحف، كما تعرض بعض المسلمين لاعتداءات في أمريكا وبعض الدول الأوربية، وتعرض أمن الجاليات المسلمة في هذه الدول للخطر.
وقد كان من المقرر أن تنطلق مظاهرة في هذه الذكرى، تضم أمريكيين من جميع الديانات سماوية وغير سماوية، في مسيرة تسمى "مسيرة الوحدة"، تعبيراً عن الاستنكار لهجمات سبتمبر، ورفضاً لحادثة حرق المصحف، وتأكيداً على أخوة وتسامح الأديان، وهو المنفذ الحضاري للسلام بين الشعوب.
فهل سينقذنا التسامح في النهاية؟ وهل سنحظى بسلام حلمنا به طويلاً؟

osbohatw@gmail.com

Friday, September 10, 2010

يراد بنا شراً



لا أحد يعرف مدى خطورة النزاع الطائفي والمذهبي، مثل الذي اكتوى بناره، فإذا دخلت الطائفية بلداً دمرته، وتظل نارها موقدة لسنين وقرون، ولا أحد يخرج من هذا النزاع البدائي منتصراً، بل أنه يؤخر البلدان لسنين، ويحطم خلال فترة قصيرة، ما بناه الإنسان في قرون طويلة.
وهو يعكس تخلف الإنسان وعصبيته البدائية، وانتماءاته الضيقة على حساب الانتماء الأشمل والأنبل، كما يعني غياب العقل والتفكير، وتضخم العاطفة والغريزة ويعني الكراهية للآخر المختلف، فقط لأنه مختلف.
استخدمت الطائفية عبر تاريخ البشرية الطويل، للسيطرة على الشعوب، ولعل أول من توصل إليها كسلاح للسيطرة، هو الاستعمار البريطاني، من خلال سياسته المعروفة (فرق تسد)، فالشعوب الواعية واليقظة، تعرف أن قوتها في وحدتها، وفي تفويت الفرصة على المتآمر، من خلال وحدتها الوطنية.
وعلى حد قول أحد السياسيين الوطنيين اللبنانيين، : "الفتنة قد يشعلها طرف واحد، لكنها تحتاج إلى طرفين أو أكثر لتنفيذها"، فالطرف الواعي هو الذي ينتبه إلى مرامي الفتنة وأبعادها المستقبلية المدمرة.
فإذا أرادت إسرائيل أن تضعف الجانب المقاوم لحزب الله، فإنها تضرب جانبه المذهبي، عبر فتنة طائفية مثلما حصل في حادثة برج أبي حيدر، فإن لم ينتبه الطرفان إلى خطورة المؤامرة، سيدخلان في لعبة التدمير الذاتي، فإسرائيل تدرك استحالة الانتصار على شعب موحد.
وكيف إذاً يمكن السيطرة على بلد شاسع مثل العراق؟ دون تفتيته واشعال فتنة طائفية ومذهبية فيه؟ فالطائفية تنسى المشروع الوطني الديموقراطي، وتنشغل في حرب بدائية تعصبية تصفوية.
فهل نحن بعيدون عن مثل هذه الأمثلة؟ هل نحن محصنون ضد الفتنة؟ هل نحن واعون لما يحاك ضدنا؟ وما يراد لنا؟
لعله من التكرار أن نقول أن وحدتنا في وجه الاحتلال، كانت حصانتنا ضد مشروع الشر، الذي قاده صدام حسين، لابتلاع وطننا وطمس هويتنا، وزوال صدام لا يعني زوال الشر.
إن الشرر الذي بدأ يتطاير في وطننا منذ بضعة أشهر وبشكل ملحوظ، لم يكن مصدره طرف واحد، كما أنه لم يكن كله عشوائياً أو تلقائياً، فبعضه مخطط له جيداً، وبعضه يؤججه التخلف ونقص التفكير والمواطنة الدستورية.
هناك من يريد بنا شراً، من الداخل والخارج، هناك من اكتشف نقطة ضعفنا، ومستوى تفكيرنا وعقليتنا، وشغفنا باللعب بالنار.

osbohatw@gmail.com


Tuesday, September 7, 2010

رجال الدين والخدمات الاجتماعية



لدي أصدقاء قساوسة مسيحيون لبنانيون منذ سنوات طويلة، منهم الدكتور الأب إيلي كسرواني، وهو شخصية لبنانية مرموقة على مستوى لبنان والعالم، وهو صاحب علم ومؤلفات في النصوص الموسيقية الآرامية، التي قضى زمناً من عمره في البحث عنها من خلال الآثار، وقد يكون هذا التخصص من النوادر، ولديه اهتمام كبير بالموسيقى، فالآراميين نحتوا النوت في الصخور، وأولوا الموسيقى أهمية مثلهم مثل جميع الحضارات البشرية، بما فيها الحضارة الإسلامية، التي كانت أول من استخدم الموسيقى في العلاج النفسي.
لدى القساوسة المسيحيين تقسيم للعمل الاجتماعي فيما بينهم، إضافة إلى واجباتهم الدينية، فمن المعروف أن رهبان الأديرة، كانوا يوفرون منتجاتهم الغذائية ذاتياً، أي كانوا وما زالوا يزرعون الخضروات والفواكه، وينتجون الحليب من الماعز والأبقار التي يربونها، وما يفيض يوزعونه على القرى والضيع، أو يبيعونه بأسعار رمزية، علماً بأن كل إنتاجهم عضوي.
وهم زاهدون بالمال والثراء، إلا ربما قلة غير ملتزمة، ولكنهم يفعلون المستحيل لمساعدة المحتاجين من كل الديانات والطوائف، سواء مسلمة من كل المذاهب، أو مسيحية من كل الطوائف، سواء كانت مساعدات معنوية أم مادية، فهم إن دعت الحاجة، يعملون كمعالجين نفسانيين.
فإذا كان الأب كسرواني يدرس في الجامعات، ويطوف بفرقته الموسيقية لجمع التبرعات، فإن الأب بول الميكانيكي الماهر، يشتري السيارات المعطوبة، ثم يصلحها بيديه، ويبيعها بسعر أعلى لصالح إحدى الأسر المحتاجة، كما أنه يدرس تطوعاً الموسيقى لأطفال الفقراء، وهناك الكثير من الخدمات الاجتماعية، تقدم كل حسب اختصاصه أو قدراته.
وقد كنت موجوداً بالصدفة، عندما اتصلت سيدة مسلمة، أرادت مساعدة لابنها "علي"، لكي يحصل على عمل ليعيل والدته وأخوته، كما كنت موجوداً أيضاً عندما طلبت إحدى الأسر المسلمة مساعدة، كي يكمل إبنها تعليمه، وعمل أحد القساوسة سمسار عقارات، عندما أرادت إحدى الأسر الهجرة من لبنان، وكان لديها عقار أرادت أن تبيعه، وحتى أن القساوسة قدموا خدمات بتنظيف الشواطئ والشوارع.
واهتمت الكنيسة اهتماماً استثنائياً بالعلم، فأول مطبعة في الشرق جلبتها الكنيسة اللبنانية عام 1610م، كما أن أول جامعة لبنانية "الجامعة اليسوعية"، كانت من تأسيس الكنيسة في القرن التاسع عشر، كما أن الرهبان حرصوا على المحافظة على اللغة العربية، في ظل الاستعمار العثماني، فعلموها لأبنائهم في الأديرة.
الغريب في الأمر، ورغم معرفتي الطويلة بهؤلاء القساوسة، لم تتم محاولة تبشيري بالدين المسيحي، بل كانوا يحرصون على تهنئتي بالمناسبات الدينية الإسلامية، مثل شهر رمضان والأعياد، والمولد النبوي.
كانت مناسبة المقال، هو قدوم عيد الفطر المبارك، أعاده الله علينا بالخير والسلام والمحبة.

osbohatw@gmail.com

Sunday, September 5, 2010

أي سلام يريدون؟



إن أي معاهدة سلام بين طرفين، لا بد أن تكون عادلة، وإلا اعتبرت خضوعاً واستسلاماً لشروط المنتصر، والمستسلم يكون عادة ذليلاً وخانعاً، وقابلاً لأي شرط يفرضه الطرف الأقوى أو المنتصر.
فإذعان السلطة الفلسطينية، للشروط الأمريكية الإسرائيلية، للعودة للمفاوضات المباشرة دون شروط مسبقة، وفي نفس الوقت متوافقة مع المقاسات التي أصرت عليها حكومة نتنياهو، يعني الموافقة على إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي لصالح الدولة الصهيونية، وتخل عن حقوق الشعب الفلسطيني الأساسية في العودة وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس.
ومن دون شروط فلسطينية مسبقة مثل العودة، ورفع الحصار عن غزة، ووقف بناء المستوطنات وتهويد القدس، وإطلاق سراح المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، ستكون المعاهدة بمثابة تصفية للقضية الفلسطينية، ومسح لتاريخ طويل من النضال الفلسطيني، وتسليم مصير الشعب الفلسطيني بيد التعنت والعدوان المستمر لمحو وإلغاء الهوية الفلسطينية والعربية.
بينما في المقابل، فرض نتنياهو شروطه المسبقة، قبل الدخول في مفاوضات مباشرة مع الفلسطينيين، مثل شرط اعتراف الفلسطينيين والعرب طبعاً، بأن إسرائيل هي دولة الشعب اليهودي، دون تقديم ضمانات حقيقية لعدم التوسع وبناء المستوطنات، واستمرار السياسة العدوانية.
هذه المفاوضات لا تحظى بموافقة الشعب الفلسطيني، كما أنها لا تمثل سائر الفصائل الفلسطينية، أو منظمة التحرير الفلسطينية، والتي تضم فصائل هامة مثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والجبهة الديموقراطية، وحزب الشعب الفلسطيني، هذه الفصائل التي يجب أن تشكل الطرف الثالث، في ثنائية حماس وفتح، رفضت المفاوضات المباشرة دون ضمانات لوقف الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والتزام إسرائيل بقرارات الشرعية الدولية، ومن ضمنها الانسحاب من الأراضي التي احتلتها عام 1967، وحقوق الشعب الفلسطيني في العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة المستقلة، وعاصمتها القدس، واعتبرت هذه الفصائل، أن قبول الدعوة الأمريكية المجحفة، يعني تراجعاً خطيراً عن موقف الاجماع الوطني، الذي تكرس بقرار المجلس المركزي الفلسطيني في ديسمبر الماضي.
ويبدو أنه لا طريق أمام الشعب الفلسطيني لاسترداد حقوقه، إلا بخيار المقاومة بكل أشكالها، فالتاريخ يعلمنا أن إسرائيل الخارجة عن القانون الدولي، لا يرهبها شيء سوى سماع كلمة "مقاومة"، ولا يردعها شيء إلا سلاح المقاومة.

osbohatw@gmail.com


Friday, September 3, 2010

الألمان لا يفضلون الخصخصة

تحت عنوان " الألمان يفقدون ثقتهم بالرأسمالية"، نشرت الجزيرة نت في صفحة الاقتصاد والأعمال يوم الأربعاء 25 أغسطس 2010، تقريراً حول نتائج استطلاع أجراه معهد "إمنيد" المتخصص في قياس استطلاعات الرأي العام، ووردت نتائجه في دراسة لمؤسسة بيرتلمسان البحثية الألمانية المرموقة.
أظهر هذا الاستطلاع أن أغلبية الألمان فقدوا ثقتهم بالنظام الرأسمالي، وأنهم يتمنون زواله، وحلول نظام اقتصادي أكثر عدالة مكانه، وعلى رغم البيانات الرسمية التي تؤكد على تعافي الاقتصاد الألماني من تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية، إلا أن 88% من الذين استطلع رأيهم، قالوا أن النظام الرأسمالي الحالي لا يهتم بأمور جوهرية وضرورية، مثل حماية البيئة، وترشيد استخدام الموارد، والتكافل الاجتماعي.
ويعتقد أكثرية الألمان بأن العدالة الاجتماعية والسلام وحماية البيئة، والصحة والرعاية الاجتماعية، -وليس الاستهلاك- تشكل أهم مقومات الحياة الشخصية الجيدة.
ونبهت الدراسة إلى أن تركيز السياسة الاقتصادية الحكومية المتبعة في السنوات الأخيرة، على تحرير الأسواق بشكل مطلق، والتقليص المستمر لمخصصات الرعاية الاجتماعية، أدى إلى التذمر من الرأسمالية وسياسة الحكومة بشكل واسع، واستذكر الألمان رأسمالية السبعينيات والثمانينيات، والتي تسمى رأسمالية المجتمع، حيث دور الدولة أساسي في الرعاية الاجتماعية، والاهتمام بالفرد، وتوفير مستلزمات الحياة له، مثل الصحة والتعليم ورعاية المسنين.
هذا في ألمانيا، الدولة الرأسمالية العتيدة، والتي تعد من أقوى الدول الأوربية اقتصادياً، والتي تعتمد على صناعات ثقيلة ودقيقة، اضطرت منذ بدء الأزمة الاقتصادية العالمية، أن تنتهج نهجاً تقشفياً، وتسعى إلى تقليص دور القطاع العام في الدولة، وإعطاء القطاع الخاص زمام المبادرة، وتسليمه مستقبل الشعب الألماني.
فما بالك بالكويت، والتي تعتمد اقتصاداً ريعياً طفيلياً غير منتج، يرتكز على مصدر وحيد للدخل هو تصدير الثروة النفطية الآيلة للنضوب، واستيراد كل شيء من الخارج، دولتنا التي كانت تمتاز بالرعاية الاجتماعية، وكان شعبها يرفل بالرخاء، بدأ قطاع الدولة فيها بالتخلي عن دوره الأصيل، ورفع دعمه عن المواطن، لصالح قلة من المتنفذين والمنتفعين.
نحن مقدمون على خصخصة كل شيء، وعلى خطة تنمية قد تستنزف المال العام، بدلاً من أن تنمي الاقتصاد، وسيكون نتيجتها ثراء فاحش للقلة، وتدهور ومعاناة معيشية، للفئات محدودة الدخل، وتلاشياً تدريجياً "للطبقة الوسطى".

osbohatw@gmail.com

Saturday, August 28, 2010

اليد على الزناد



إن حادثة الاشتباك المسلح، التي نشبت يوم الثلاثاء الماضي، بين أفراد من حزب الله الشيعي، وجمعية المشاريع الخيرية السنية (الأحباش)، في منطقة برج أبي حيدر أبي حيدر ببيروت، لها إنعكاسات وتداعيات خطيرة، على الشعب اللبناني والعالم العربي.
ففي لبنان أي تلاسن بين طرفين، أو خلاف على موقف سيارة، يمكن أن يؤدي إلى استخدام السلاح، الذي يمكن أن يتطور إلى حرب أهلية، يتم فيها تدخل إسرائيلي أو سوري، فحالة الخوف والتشنج بلبنان في حدهما الأقصى، رغم محاولات التهدئة المستمرة، والتحذير من مخاطر استغلال مثل هذه الحوادث، من قبل إسرائيل، خاصة مع التقارير والتحليلات الإسرائيلية والدولية، التي تشير إلى أن لبنان على شفا حرب قد تبدأ في الشهر القادم.
هذه الاحتقانات الطائفية والسياسية، قد تعود بلبنان إلى أجواء 1975م، تلك التي قادت البلد في حرب مدمرة إمتدت لخمس عشرة سنة، تخللها اجتياح إسرائيلي، وتدخل سوري، وأكلت من أبنائها عشرات الآلاف، ودمرت فيها البنى التحتية.
ولا يستبعد في اشتباكات برج أبي حيدر، والتي امتدت لمناطق أخرى، وراح ضحيتها أربعة أفراد من الحزبين، لا يستبعد أنها كانت استدراج إلى لعبة التجاذب، أو استعراض للعضلات وإثبات وجود، أو كما قال نائب البرلمان الممثل لحزب الله، أن هذه الحادثة قد كشفت "سيناريوهات وبروفات"، رغم أن قيادتي الحزبين أكدتا أن الحادث هو سلوك فردي، ليس له أبعاد سياسية أو طائفية، علماً بأن الطرفين حلفاء، وفي معسكر واحد.
لكن الحادث كشف من جوانب أخرى، تسلح هذه الطوائف بأسلحة قد تفوق أسلحة الجيش اللبناني، ومن هنا تبدو الخطورة، فهذا السلاح غير شرعي وغير مرخص من السلطات الرسمية، غير أنه اكتسب شرعيته الضمنية بصفته سلاح المقاومة ضد العدو الإسرائيلي.
لقد أستخدمت في هذه الاشتباكات المؤسفة، أسلحة رشاشة خفيفة وثقيلة، واستخدمت كذلك قنابل يدوية وصاروخية (آر بي جي)، بينما يشتكي الجيش اللبناني من عدم امتلاكه أسلحة، تليق بالمؤسسة الرسمية الشرعية.
وفي ظل الاحتقان الدولي والعربي، والتهديد بضرب إيران، وتهديد إيران بتوسيع رقعة الحرب لتطال الكرة الأرضية على حد قولها، وبالأخص إسرائيل والدول التي تحوي قواعد عسكرية أمريكية، في ظل كل ذلك فلننتبه إلى ما يحدث داخل الكويت، من فرز واستقطاب طائفيين، ومحاولات غير مسؤولة لتمزيق الوحدة الوطنية، التي لا نملك سواها لاستمرار وجودنا كشعب وككيان صغير، محاط بالأخطار من كل الجهات.
وإذا كان الخوف بالسابق من اللبننة، أصبح الآن الخوف من العرقنة، ونخشى أن تصبح الكوتتة مثال أضافي للتمزق الطائفي والقبلي، ولنتذكر أيضاً أن السلاح منتشر بين الكويتيين وبكميات كبيرة.

osbohatw@gmail.com

Wednesday, August 25, 2010

التراث الوطني الساطع

صادف يوم الأثنين الماضي 23 أغسطس، الذكرى العاشرة لوفاة المناضل الوطني الكويتي سامي المنيس، وهو من العلامات البارزة في تاريخ وتراث الحركة الوطنية المشرق، الذي بدأ منذ بدايات القرن الماضي.
وسامي المنيس، الذي كان نائباً في مجلس الأمة، ومنذ بدء العمل البرلماني، كان مثال الصلابة والثبات على المبدأ، ولم يهادن فيما يخص الشعب الكويتي وحقوقه ومكتسباته، وكان مكافحاً لحماية الدستور، ومدافعاً عن الحياة الديموقراطية، وكان مثالاً ساطعاً للنزاهة الوطنية ونظافة اليد والقلب، كما تميز بعفة اللسان وسمو الأخلاق، متمسكاً بأدب الاختلاف.
عمل في مقتبل عمره في شركة نفط الكويت، وتلمس منذ ذلك الوقت معاناة ومطالب العمال، مما صقل وعيه السياسي، فأصبح مدافعاً عن حقوق العمال، وساهم لاحقاً بتأسيس نقابة عمال النفط، والاتحاد العام لعمال الكويت، واتحاد الطلبة ونادي المعلمين.
وانخرط مبكراً في حركة القوميين العرب، وحمل هموم أمته العربية، من أجل التحرر والديموقراطية والرخاء، مدافعاً عن حقوق الشعب الفلسطيني، في العودة وحق تقرير مصيره، وبناء دولته المستقلة على أراضيه، ثم انخرط في حركة التقدميين الديموقراطيين، التي تطورت عن حركة القوميين العرب التقليدية، وكان له دور مؤسس لنادي الثقافة القومي، ونادي الاستقلال.
ومنذ بدء الحياة النيابية، نجح وزملائه في كتلة "نواب الشعب"، التي ضمت الدكتور أحمد الخطيب، والأستاذين عبدالله النيباري وأحمد النفيسي، في انتخابات مجلس الأمة، وخلال نضاله البرلماني دافع عن ثروات الشعب الكويتي، وعمل مع زملائه على تأميم النفط، ليغدو ثروة خالصة للشعب الكويتي، كما كان مواجهاً صلباً ضد محاولات تنقيح الدستور في بداية الثمانينيات، وضد تزوير الانتخابات قبلها.
رأس تحرير أهم جريدة في تاريخ الحركة الوطنية الكويتية، وهي جريدة "الطليعة"، وكان صاحب الامتياز لها لسنوات طويلة، هذه الجريدة التي لفت حولها القوى الوطنية بجميع أطيافها، وعملت بها شخصيات ثقافية عربية مرموقة، مثل الشهيد غسان كنفاني، ورسام الكاريكاتير الشهيد ناجي العلي وغيرهما، كما كان المنيس أول رئيس لجمعية الصحفيين في الكويت.
وشارك بعد التحرير عام 1991، بتأسيس المنبر الديموقراطي، وانتخب أميناً عاماً له، وظل في هذا المنصب لسنوات، ولعل سامي المنيس كان الشخصية الوطنية الأولى، التي غطي جثمانها بعلم الكويت، إذا لم تخني الذاكرة.
بعد مرور عقد على وفاته، لنر ما آل إليه العمل البرلماني، وما آلت إليه الحركة الوطنية من ضعف وتشرذم، فتحول البرلمان إلى ساحة للبذاءة والمزايدات، والابتعاد عن هم الشعب، وجرى إفساد وشراء لبعض أعضائه.
وهنا أدعو الشباب إلى استلهام والاسترشاد، بروحه النضالية، وحبه المطلق وتفانيه للوطن، الذي أفنى جل عمره من أجله.

osbohatw@gmail.com

Monday, August 23, 2010

مخترقون حتى النخاع



لم يكن مفاجئاً لي الخبر المنشور في القبس يوم السبت 21 أغسطس الجاري، عن إلقاء القبض على شبكة تخريبية، تضم أكثر من 250 عنصراً من قبل الاستخبارات البحرينية، والتي أبلغت الكويت عن وجود من 40 إلى 50 مجموعة مشابهة في الكويت، مسلحة ومدربة على العنف والتخريب، تنتمي إلى جهة عسكرية في دولة إقليمية.
ولم أستغرب دخول الصحفي الإسرائيلي الداد باك، الذي ينشر مقالاته في جريدة "يدعوت احرانوت" الإسرائيلية، إلى الأراضي الكويتية، ولن أستغرب وجود عناصر من الاستخبارات الأمريكية والبريطانية، وحتى استخبارات لدول عربية.
فنحن مخترقون حتى النخاع، ومنذ زمن بعيد، ولعل كارثة الغزو والاحتلال، بينت لنا كم نحن مخترقين ومستباحين، من قبل الاستخبارات العراقية، التي استخدمت الساحة الكويتية، للاغتيالات السياسية وأعمال التخريب، ونشر الجواسيس والعملاء، والوصول إلى الأهداف الحيوية بسهولة ويسر.
نحن مخترقون لأننا مشغولون بنهب المال العام، وتنفيع القلة على حساب الشعب، ولأننا مشغولون بإعلاء شأن الطائفة والقبيلة على حساب الوطن، والمواطنة الدستورية، ولأننا سمحنا بأن يفرقنا ويفتت شملنا، الفاسد والمتخلف واللا مسؤول، ولأننا لا نكترث لتحديث الدولة، لأننا متهافتون على جر البلد والمجتمع إلى مهاوي التخلف والانحطاط الفكري والحضاري، لأن الدستور ليس أولوية لدينا، وتراث ثقافة مجتمعنا المنفتح والمتسامح، تحول إلى ثقافة الغلو والتشدد الديني، لأن هدف الجميع، تنظيمات إسلامية سياسية، وسلطة تنفيذية هو تكميم الأفواه والتضييق على الحريات، لأن القوى الوطنية متناحرة، وبدلاً من نشر الوعي الوطني، ننشر فتاوي ليس لها علاقة بالدين الحنيف، ولأن شبابنا وشاباتنا الرائعين والمبدعين في آخر الأجندات لكل الأطراف، ولأن التقدم خطيئة.
فهل نفاجأ إن باعت لنا أمريكا "ستوك" صواريخ، لم تثبت فعاليتها، وفي كل مرة تريد التخلص من مخزون أسلحة أو حتى أدوية، تفتعل أخطاراً أو أمراضاً؟
هل نفاجأ عند اكتشاف شبكة إرهابية أو جاسوسية، ونحن نعمل ضد مصلحة وطننا وشعبنا، ونحن نرفض النصيحة والنقد والاعتراض والتنبيه لسياساتنا، من قبل أبنائنا المخلصين؟ ونسمع نصيحة ذوي المصلحة والأغراض الشخصية؟ ونحن ننسى العدو الحقيقي، ونركز على أعداء وهميين؟
نحن مخترقون حتى النخاع، وسنظل كذلك إذا لم نفهم ماذا تعني التنمية الحقيقية، وإذا لم نفهم معنى الوحدة الوطنية الحقيقية، وإذا لم نلتزم على الأقل بدستور 1962، دستور الحد الأدني، فهل سنعي الدرس؟ أم سنرفض الاستيقاظ من أوهامنا؟

osbohatw@gmail.com

Sunday, August 22, 2010

أوباما والإسلام



في حفل إفطار أقامه الرئيس أوباما الأسبوع الماضي في البيت الأبيض، حضره دبلوماسيون من دول إسلامية، وأعضاء الجالية الإسلامية في الولايات المتحدة، أعلن أوباما عن دعمه لبناء مسجد ومركز ثقافي إسلامي، قرب موقع هجمات 11 سبتمبر 2001.
هذا المشروع الذي عارضه المحافظون الأمريكيين، واعترض عليه 53% من سكان نيويورك، وأيده رئيس بلدية نيويورك، يلاقي جدلاً في الولايات المتحدة، مستذكراً قتل 2750 شخصاً، بجريمة إرهابية نفذها تنظيم القاعدة الإسلامي المتطرف.
ورغم أن أوباما أكد أن القاعدة ليست مرادفة للإسلام، وجعل أحد أركان سياسته الخارجية هو تحسين العلاقة بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامي، كما أكد خلال كلمته التي ألقاها في القاهرة عام 2009، مشدداً على أن حرب أمريكا هي مع الإرهاب.
كل ذلك جميل جداً، لكن فلنتذكر أن الإرهاب في أفغانستان، وتحديداً الفصائل الأفغانية المسلحة، تلقت مساعدة أمريكية، بل حارب بعض المرتزقة الأمريكان، مع الأفغان ضد الوجود السوفييتي، وعندما انتهى دورها في الخطط الأمريكية، انقلبت على هذه الفصائل واعتبرتها شراً يجب القضاء عليه.
وهذا بالضبط ما حصل عندما دعمت الولايات المتحدة صدام حسين، في حربه ضد إيران عندما قدمت له مساعدات استخبارية ولوجستية، وبعد تحرير الكويت، توقفت القوات الأمريكية في جنوب العراق، ولم تمض لاسقاط صدام كما نصح القادة العسكريين، وهو ما أصاب الكويتيين بالاحباط.
لكن أكبر تناقض في توجهات أوباما، هو دعمه المطلق واللا محدود لإسرائيل، وعدم اتخاذ أي إجراءات رادعة أو حتى منتقدة، للممارسات الوحشية ضد الشعب الفلسطيني المسلم، وضد عمليات التهجير والتهويد، وهو أمر لا يتفق مع الدعوة لتحسين العلاقة مع العالم الإسلامي، أو الدعوة لمحاربة الإرهاب، سواء كان إرهاب أفراد أم منظمات أم دول.
وفي الحفل ذكر أوباما أن التعديل الأول في دستور الولايات المتحدة، أكد على حرية الأديان، ولكن من الواضح أن وجود دساتير تدعو إلى حريات ومساواة، مثل حرية التعبير والرأي، وحرية الاعتقاد، لا يبدو كافياً لكي يكون رادعاً لتشريعات وممارسات ضد ما جاء في هذه الدساتير.
فالدستور الكويتي مثلاً، وهي دولة تنتهج النهج الديموقراطي منذ أكثر من 47 سنة، ينص على حرية الرأي والتعبير والاعتقاد، ولكن تشريعات أعضاء مجلس الأمة، وممارسات السلطة التنفيذية، جاء بعضها مخالفاً لما جاء بالدستور، وهذا غيض من فيض.

osbohatw@gmail.com

وداعاً أحمد السقاف



صافحني واحتفظ قليلاً بكفي ثم قال: "يدك باردة كأيدي الأئمة"، سألته: "لماذا أيدي الأئمة باردة"؟ قال: " من كثرة الوضوء".
لهذا الرجل الجليل محبة خاصة عندي، ليس لها علاقة بشعره الجميل والعميق، وليس لها علاقة بمواقفه القومية الثابتة، أو بدوره التاريخي الأدبي والفكري والتربوي، بل لها علاقة بشخصه المفعم بالإنسانية والمبدئية.
أحمد السقاف كان أحد رواد النهضة الأدبية والثقافية في الكويت، وقدم خدمات جليلة في مجال التربية والتعليم، إذ عمل مدرساً ومديراً لمدرسة المباركية، ثم المدرسة الشرقية في أربعينيات القرن الماضي، ثم عمل وكيلاً لوزارة الإرشاد والأنباء عام 1962، ثم عضواً منتدباً للهيئة العامة للجنوب والخليج العربي.
وفي مجال النهضة الثقافية، كلف بالسفر إلى الدول العربية، للتعاقد مع طاقم لإصدار مجلة ثقافية، فتعاقد مع أحمد زكي، وأصدرا مجلة العربي عام 1958م، إضافة إلى أنه كان من مؤسسي رابطة الأدباء في الكويت عام 1964، وهناك الكثير ليحكى عن هذه الهامة العالية، ولا يتسع لها المجال هنا.
في سنوات التسعينيات، توثقت علاقتي به رغم فارق السن بيننا، واقتربنا من بعضنا بود واحترام كبيرين، ولم يكن الأمر بسبب الهم الأدبي والثقافي المشترك، رغم وجوده، ولكنه كان شيئاً آخر له علاقة بتواصل روحي شفاف، فقد كان كبيراً بأخلاقه وتواضعه، وهو الأمر الذي يميز العظماء، لم يكن مدعياً بل كان مترفعاً نائياً بنفسه عن الإسفاف والتفاهة، كان صديقاً رائعاً لن ينسى، وكنت مقصراً في زيارته في أيامه الأخيرة.
سعد رحمه الله كثيراً، عندما طلبت منه في العام 1997م، أن يقوم بتقديمي على المسرح، قبل إعلان تسلمي جائزة الدولة التشجيعية، وفرحت بمشاركته لي أكثر من الجائزة ذاتها، وفي آخر لقاء بيننا، أخبرته أني أهديت له مجموعتي القصصية التي لم تنشر بعد، فطلب مني أن اقترب كي يقبلني.
ويبدو أن الأسبوع الماضي، كان أسبوع فقد أصدقاء ورجال عظام، فقد توفي قبل أيام الصديق الأديب الجزائري الكبير، الطاهر وطار، الذي جمعتني وإياه صداقة جميلة على مدى سنوات، كما توفي الشاعر والدبلوماسي البارز غازي القصيبي.
في مثل هذه الصداقات ينزاح ويتحيد الهم الأدبي والفكري المشترك، ويتعزز الهم الإنساني، بهالة الحب والاحترام، وتغدو صداقة بلا شروط، رغم الاختلاف.
حزنت كثيراً لفقد هذين الصديقين المميزين، وحزنت أكثر لفقد الحركة الثقافية والأدبية، لقامتين من الصعب تعويضهما في ظل هذا الانحدار الثقافي والحضاري، في الوطن الأصغر والوطن الأكبر.

osbohatw@gmail.com

أول مطبعة لم يأت بها نابليون



تعلمنا في المدارس، أن أول مطبعة دخلت الشرق، جاءت مع الحملة الفرنسية على مصر عام 1798م، واصطحبت معها الكثير من العلماء الفرنسيين في مختلف مجالات البحث مثل البيئة المصرية والشعب المصري والعادات والتقاليد والآثار وغيرها، كما أحضرت حملة نابليون معها مطبعتين واحدة فرنسية، والثانية عربية.
وعندما نتحدث عن المطبعة الحديثة، التي سهلت انتشار المعرفة والثقافة، وجعلتها متاحة لقطاعات واسعة من الناس، كانت في عصر النهضة الأوربية، عندما طور مخترع الطباعة الحديثة يوهان جوتنبرج الألماني قوالب الحروف التي توضع بجوار بعضها، ثم يوضع فوقها الورق، كان ذلك في العام 1447م.
ولكن أول مطبعة في الشرق وأقدمها، هي المطبعة التي توجد في دير مار أنطونيوس في منطقة قزحيا، التي تقع على وادي قديشا، والذي يعتبر أعمق وأكبر وأجمل وادي في العالم وفي لبنان، ويحوي العديد من منابع الماء العذب، المتفجرة من الجبال.
بدأت هذه المطبعة في أوائل القرن السابع عشر، في عام 1610م، أي قبل مطبعة نابليون بمئة وثمان وثمانين عاماً، وطبع فيها بنفس العام كتاب المزامير، وهو بالحرف الكرشوني، أي لغة عربية بالحرف السرياني، وتم تجديد هذه المطبعة عام 1871م بمطبعة أخرى، بعدما تضعضعت هي وحروفها بسبب الغزوات وتقلبات الزمن، التي تعرض لها الدير، وخاصة من الدولة العثمانية، التي اضطهدت الرهبان في لبنان.
ولعبت هذه المطبعة دوراً في نشر العلم والثقافة ومبادئ الدين المسيحي، في ظل زمن انتشار الجهل والأمية في البلاد العربية، وما زالت هناك كتب أثرية عديدة، موجودة في الدير أو في المتاحف اللبنانية.
وقد رفض علماء مصر وبقية الدول العربية المطبعة الحديثة، خوفاً من ضياع الخطوط العربية الجميلة، التي كان يتم فيها كتابة ونسخ الكتب والمخطوطات، وخاصة القرآن الكريم.
ومن المعروف في تاريخ البشرية، أن المطبعة الحديثة، أسهمت بنشر الثقافة وإتاحت الكتب بثمن بخس، وهي سبب ولادة وانتشار فن الرواية، مثلما كانت القصة القصيرة إبنة الصحافة.


osbohatw@gmail.com

البغدادي



رحل عنا قبل أيام الأكاديمي المستنير الدكتور أحمد البغدادي، وخسرت الكويت بفقده إبناً باراً ومخلصاً، وباحثاً عقلانياً في الشأن الإسلامي، كان هادئ الطرح وبعيداً عن الغلو السائد.
وفي أيامنا الغبراء هذه، يكون الخوض في أي من الأمور الإسلامية بعقلانية، سبباً كافياً للتكفير والسجن، ولذا تعرض أبو أنور إلى هجوم وفجور في المخاصمة، من قبل الغلو والتشدد الديني أدى إلى حبسه كأي مجرم أو سارق، رغم أن الرجل كان ملتزماً دينياً، وكان غيوراً على الإسلام المتسامح بصوره المشرقة، وكان ناقداً لمحاولات تشويه الإسلام من قبل التشدد واحتكار الحقيقة، التي ابتليت بها الكويت منذ ثلاثة عقود.
والقانون الكويتي يسمح لأي مراهق غر، لا يفقه بالدين غير مظاهره، أن يقدم شكوى ضد مفكر أو أديب له مكانة مرموقة في داخل وخارج الكويت، ولذا فإضافة إلى سجن الدكتور البغدادي، تمت محاكمة الأديب والناقد الكبير الدكتور سليمان الشطي، والأديبة ليلى العثمان، والمفكر محمد سلمان غانم، وغيرهم.
واستخدم القانون والقضاء العادل، لتصفية الحسابات السياسية، والاختلافات الفكرية، مما جعل كل مفكر ومبدع، أو أي مختلف سياسي، عرضة للجرجرة في أروقة المحاكم، بدلاً من التكريم والتقدير، حتى تغير وجه الكويت الثقافي والحضاري، ولذا يجب إعادة النظر في مثل هذه الشكاوى ودوافعها، ويجب تحصين المبدعين والمفكرين، وإعطائهم المكانة التي تليق بهم، بدلاً من تعريضهم للإهانة والذل في مجتمعهم.
كان الصديق أحمد البغدادي متذوقاً جيداً للفنون والآداب، وكان حريصاً على حضور المهرجانات الثقافية، مثل مهرجان القرين الثقافي، وكان نهماً للقراءة والمتابعة، حتى للأقلام الشابة، كما كان كاتباً تنويراً صادقاً، وصوتاً من الأصوات التي سنفتقدها كثيراً.
لكن هذا الزمن يكون الاختلاف فيه خطيئة، وقمع الرأي الآخر سمة، والحوار مرفوضاً، والتسامح غائباً.
وما دمنا أمام استحقاق التنمية، والتي لا يمكن أن تتم بغياب رفع وعي الإنسان ومشاركته في بناء المستقبل، يجب أن يولى اهتمام خاص بمبدعي ومفكري هذا البلد، حتى لا يقود الخوف من الإبداع والرأي الحر، مجتمعنا إلى التخلف.
وكل عام وأنتم بخير، أعاده الله عليكم بالأمان والسلام، والرخاء والتقدم.

osbohatw@gmail.com

الضعف يقود إلى الهزال



واحدة من أسباب ضعف الحركة الوطنية العربية، وعدم قدرتها على الاتفاق على مشروع نهضوي في بلدانها وفي العالم العربي، هو تشرذمها وتناقضها مع بعضها، بل تناحرها في كثير من الأحيان، أي خلل في الظرف الذاتي، دع عنك الموضوعي.
فما زال يطغى على المواقف التحليل العاطفي، والابتعاد عن التحليل العلمي المنطقي، حتى أصبح الشعار التاريخي لبعض هذه القوى "نحن وهم"، أي قوى وطنية ضد قوى وطنية، متناسين أو مغيبين القضايا الوطنية المشتركة، ومستنزفين طاقات يمكن أن توظف لصالح أوطانهم، لصالح قضايا الديموقراطية والعدالة والحرية والخبز.
هم لا يرون المشهد الكبير الدولي والعربي والوطني، كل ما يرونه هو النظرة الضيقة الأنانية، والتنافس غير المشروع أو الضار بين الفصائل والمجاميع الوطنية، بل يصل الأمر إلى تخوين بعضها.
وصل التشرذم والتفتت في الوطن العربي، وفي كل دولة من دوله، إلى درجة جعلت الحركات الوطنية والاجتماعية هشة بلا برامج على أرض الواقع، بل تعمق بشكل خطر جداً، الفرز الطائفي والقبلي والفئوي، ووصلت هذه العدوى إلى القوى الوطنية، لتقدم خدمة مجانية، لكل من يريد ضرب الوحدة الوطنية، وإضعاف قواه الحية في بلدانها.
من خلال متابعاتي لبعض المدونات الشبابية الكويتية، وجدت إن النفس الذي كان سائداً بين صفوف الحركة الوطنية في الماضي، بدأ بالانتقال إلى صفوف الشباب، وهم الفئة التي يعول عليها في الاصلاح وخدمة مجتمعها، وسادت مماحكات ليست في مصلحة العمل الوطني ولا في مصلحة الكويت، التي تعيش ضمن محيط قلاقل وأخطار اقليمية، وضمن تراجع في مشروعها التحديثي المدني والحضاري.
الشباب الذين استطاعوا بوحدتهم، رغم اختلاف أطيافهم، احداث تغيير سياسي أساسي في الكويت، تمثل في تغيير الدوائر الانتخابية، عادوا اليوم ليزيدوا تشرذم وضعف الحركة الوطنية، واستعداء بعضهم لبعض، على أمور ثانوية وليس على قضايا وطنية، مثل قضايا التنمية والحياة المعاشية للكويتيين.
إن الجانب الأكثر وعياً بين هذه التجمعات الشبابية، هو الذي ينتبه لمحاولات جر الأرجل إلى معارك تافهة ودونكيشوتية، هو الذي يسعى بكل جهده إلى لم الشمل للعائلة الوطنية، وعزل المؤججين لنار الخلاف، فالوضع لا يحتمل، والأفضلية للحكمة والحوار والوحدة الوطنية.

osbohatw@gmail.com

شاعر الأرض



تمر اليوم الذكرى الثانية لوفاة الشاعر الفلسطيني المميز محمود درويش، الذي وافته المنية يوم 9 أغسطس 2008م، بعد عملية القلب المفتوح في الولايات المتحدة، دخل بعدها في غيبوبة أدت إلى وفاته.
ويعتبر درويش من أهم الشعراء الفلسطينيين والعرب في عصرنا الحديث، حيث ساهم في تحديث القصيدة وأغنى مضامينها بعمق ورصانة، وارتبط اسمه بالثورة الفلسطينية، فسمي شاعر الثورة، وشاعر الأرض المحتلة، بسبب تكريس شعره ونضاله السياسي والثوري لقضية شعبه الفلسطيني.
ولد محمود درويش عام 1941م في مدينة الجليل أو قربها، وعاش في المنافي مثل بيروت وباريس وتونس، وبعد الدراسة الثانوية انتمى إلى الحزب الشيوعي الإسرائيلي راكاح، وأعتقلته السلطات الإسرائيلية عدة مرات لنشاطه السياسي ولشعره المقاوم، وعمل في صحافة الحزب، مثل نشرة "الاتحاد" وأشرف على تحريرها، وأسس مجلة الكرمل الثقافية، كما كان رئيس رابطة الكتاب والصحفيين الفلسطينيين.
إنتمى لاحقاً لمنظمة التحرير الفلسطينية، وهو من كتب وثيقة إعلان الاستقلال الفلسطيني، التي أعلنت في الجزائر، وكتب العديد من الأشعار الجميلة والخالدة، التي لن تتكرر في التاريخ، فلا أحد يستطيع تكرار التاريخ الذي يكتبه الشعراء والأدباء العظام.
والشاعر محمود درويش، ظاهرة نادرة في الشعر العربي، فهو قد جمع بين جمال الشعر وقوة المعنى، وحلاوة الإلقاء، وعمق التأثير والكاريزما، وكان شكل شعره الفني متطوراً، استطاع إلهاب مشاعر ملايين الناس في الدول العربية، وفي العالم أجمع.
ورغم شخصيته الخجولة، كان له حضوراً طاغياً على المنصة، حيث تنساب كلماته بطاقة سلسة وساحرة، ومستعصية بنفس الوقت، ولم يكن شعره منشوراً سياسياً خالياً من الجمال، لكنه كان جميلاً أولاً، وثورياً أولاً، ومثل كل المبدعين الخالدين، كانت كلماته بسيطة، لكنها عميقة التأثير.
قام صديقه الموسيقار المبدع مارسيل خليفة، بتلحين العديد من قصائده، مثل "أحن إلى خبز أمي، وقهوة أمي"، وقصيدة "بين ريتا وعيون البندقية"، وغيرها، وحفظ الناس شعره عن ظهر قلب، وحفظه التاريخ كعلامة بارزة في الشعر العربي والثوري.
ولأهميته وتقديراً له ولشعره، أعلنت السلطة الفلسطينية حداداً عليه لمدة ثلاثة أيام.
osbohatw@gmail.com

السياسة والعلاج



قبل بضعة أشهر انتشرت الأكزيما في جسمي، وهو من الأمراض التي يمكن أن تكون وراثية، فاتجهت إلى طبيب الجلدية، ووصف لي إبر كورتيزون، وهو الذي يسمى الدواء السحري، وبالفعل خفت الأكزيما بعد أيام، لكن ظهرت لدي مشكلة جديدة وهي ارتفاع ضغط الدم لدرجة خطيرة، وارتفاع السكر في دمي، مما استدعى أن أتناول أدوية للضغط، وأرفع من جرعة دواء السكر، وما زلت حتى الآن أتابع مع أطباء القلب المشهورين، موضوع انضباط ضغط الدم، بيد أن الذنب لا يقع بتاتاً على الطبيب الذي وصف الكورتيزون، بل على شركات صناعة الأدوية الكبيرة التي ازداد جشعها.
عندما انتشرت في الثمانينيات طرق ما يسمى ب"الطب البديل"، مع تحفظي على التسمية، حاربتها شركات الدواء بقوة، واعتبرتها شعوذة، لا تستخدم إلا في الدول المتخلفة، بيد أن هذه الطرق انتشرت في الولايات المتحدة وأوربا، لمعاناة الناس من الآثار الجانبية للدواء الكيميائي.
فالمعروف أن الإدارة الفدرالية للدواء والغذاء، مسيطر عليها من قبل شركات تصنيع الأدوية، بل هي التي تدفع رواتب الموظفين، ورواتب المسؤولين عن إقرار صلاحية استخدام أي دواء، ولأن هذه الشركات خاصة، فهي تهدف بالدرجة الأولى للربح من خلال تصنيع الدواء، ففي كتابة It's a brave new world، يذكر هكسلي، أن هذه الشركات قد اقترحت على الكونغرس الأمريكي، إضافة دواء بروزاك وليباتور المضادين للاكتئاب إلى مياه الشرب، وتقول American journal of medicine ، ان جورج بوش وقع مبادرة في عام 2004 لبناء معهد جورج بوش للصحة العقلية، على حساب شركة الدواء العملاقة ille lelly، وسن قانوناً يفرض على كل حامل وجنينها فحص الأمراض العقلية، ومعالجة كل مواطن مريض عقلياً، ومعالجة كل مواطن له علاقة بهذا المريض، مثل الوالدين والأقارب والجيران والأصدقاء والمدرسين، وحتى صاحب البقالة..الخ.
وأصبح معروفاً الآن أن مضادات الاكتئاب ليست فاعلة، ولكنها تعمل عمل الدواء الوهمي placebo، ولكن هذه الشركات ولكي تجعل المرضى النفسيين، زبائن دائمين، تقول لهم يجب أن يستمروا باستخدام هذه الأدوية العمر كله.
إن هذه الشركات لا يهمها صحة شعوبها وشعوب البشرية، بل كل ما يهمها هو الربح وزيادة الربح فقط، وهناك العديد من الكتب والمجلات الطبية التي تثبت ذلك، فجون هكسلي الذي عالج السرطان بالأعشاب، ونجح بنسبة 80%، لوحق في الولايات المتحدة، فاضطر إلى الهجرة إلى تيوانا المكسيك، وحذر ابنه الذي سار على طريق والده، بأن ينتبه حتى لا تسيطر عليه، الإدارة الفيدرالية للدواء والغذاء، المسيطر عليها بالكامل، من شركات الدواء العملاقة.

osbohatw@gmail.com

Tuesday, August 3, 2010

الخطر قادم



هل توقعات الرئيس الكوبي فيدل كاسترو، التي تنبأ بها حول قيام حرب عالمية ثالثة نووية، هي تنبآت رجل خرف؟ وما الذي استند عليه في تنبؤاته؟ وهل يعرف كاسترو الذي تمرس في السياسة لعشرات من السنين، شيئاً لا نعرفه؟
إن المتتبع لمسيرة التاريخ، القريب على الأقل يستطيع استقراء المستقبل، في شيء من الحذر، فالظروف الدولية الحالية، تشبه الظروف التي رافقت الأزمة الاقتصادية العالمية عام 1929، والتي سميت "بالكساد الكبير"، والتي لم تكن هناك وسيلة لحلحلتها إلا بافتعال حروب، يتم فيها إعادة اقتسام الثروة، حتى وإن كان ذلك على حساب الشعوب، فلأول مرة تعاني البنوك الأمريكية والبورصة انخفاضاً حاداً، ولأول مرة يهاجم فيها عسكري كبير في الجيش الأمريكي، رئيس الولايات المتحدة وينتقده، ناهيك عن عجز بريطانيا عن الإنفاق على الجيش، وإفلاس الكثير من الشركات الأوربية.
وتشير التوقعات أن منطقتنا هي المؤهلة لمثل هذه القلاقل، لما تحويه من ثروة استراتيجية، فلبنان يعيش على فوهة بركان فتنة وحرب أهلية، ثم يتبعه تدخل إسرائيلي عسكري، فهي لا تستطيع أن تبدأ بمغامرة الاجتياح، بسبب تجربتها المؤلمة في حرب 2006، ولذا فاستراتيجية الفتنة والتفتيت، هي المفتاح للدخول العسكري الذي تحضر له منذ أمد.
والولايات المتحدة لم تعترض على عمليات حرق القرى الفلسطينية في النقب، وتشريد مواطنيها، ولم تعترض على عمليات تهويد القدس، والتي كان آخرها تدمير عين مريم العذراء، المعلم المسيحي التاريخي، واستعداء المسيحيين والمسلمين في العالم، مما يمهد لنزاعات في المنطقة وبالأخص في لبنان، وإيجاد وطن بديل للفلسطينيين في الأردن والضفة الغربية.
وفي سبيل الضغط على أوباما الذي لا يحتاج إلى ضغط، يقوم اللوبي الصهيوني، بالتلويح بخسارة الحزب الديموقراطي، في الانتخابات النصفية في نوفمبر القادم، لمجلس الشيوخ ومجلس النواب الأمريكيين، نقول لا يحتاج إلى ضغط، إذ عبرت وزيرة خارجيته هيلاري كلينتون، في الذكرى 62 لقيام الكيان الإسرائيلي، أي ذكرى جريمة اغتصاب فلسطين، وقالت:" إن أمن إسرائيل فوق أي اعتبار، وإن تعزيز قوة إسرائيل غير قابل للنقاش".
وذلك في ظل تمزق عربي عربي، وتفتيت للشعوب العربية عن طريق التأجيج الطائفي والقبلي فيها، وفي ظل غياب الديموقراطية الحقيقية، وتكميم الحريات وملاحقة المعارضين بهذه الدول، وضعف قواها الوطنية وتشتتها.
الخطر قادم، والحذر واليقظة غائبتان.

osbohatw@gmail.com

Monday, August 2, 2010

الجرح الغائر



تمر اليوم الذكرى العشرين لغزو واحتلال نظام صدام حسين لدولة الكويت، عندما اجتاحت قواته بلادنا وسيطرت على أراضيها يوم الثاني من أغسطس 1990، في غضون ساعات، مدعياً أن ذلك كان تلبية لنداء، ومبرراً هذا العمل البربري تبريراً زائفاً، بأنه تحقيقاً للوحدة العربية.
وجرت محاولة شطب الكيان السياسي للدولة الكويتية، وجرت مساومة دنيئة مكشوفة، بربط الانسحاب من الكويت، بانسحاب اسرائيل من فلسطين المحتلة، في محاولة مكشوفة لكسب تعاطف الشعوب العربية، والتغطية على جريمة العصر، مما دفع عدد من الشعوب العربية إلى الخروج بمظاهرات تأييداً لاحتلال الكويت، كما وقعت عدد من الأحزاب السياسية العربية في أوهام الانتصار على الامبريالية والأنظمة الرجعية، وهو ما خلق جرحاً غائراً في نفوس الكويتيين، الذين يشهد تاريخهم، ومنذ عشرينيات القرن الماضي، على دعمهم الدائم والا محدود لقضايا الأمة العربية، واحتضناهم لولادة وتطور فصائل المقاومة الفلسطينية، وقدم لها الدعم السياسي والاقتصادي والعسكري.
لقد عانى الشعب الكويتي من أعمال المحتل، من سرقة واعتقال وتعذيب وقتل، كما عانى من تخلي بعض الشعوب العربية وأحزابها السياسية عنه، فاهتزت لديه قيم العروبة والتضامن العربي، وانهارت كل أحلامه في الوحدة العربية.
لقد كان لذاك الاحتلال آثاره المدمرة على الشعبين والبلدين الكويتي والعراقي، وعلى عموم الدول العربية، وما زالت الشعوب العربية تعاني من نتائج هذا العمل المغامر، ذي الأهداف التوسعية الذي يمثل أطماع حزب البعث العربي الاشتراكي.
لقد قدم صدام حسين لإسرائيل خدمة لا تقدر بثمن، بتمزيقه الشعوب العربية، وتفتيت التضامن العربي، وقدم خدمة مجانية بخروج العراق من صفوف المقاومة ضد العدو الإسرائيلي.
لكن ولعل من إيجابيات الغزو والاحتلال، أنه كشف وبشكل لا لبس فيه، تضامن الشعب الكويتي وإرادته وقدرته على المقاومة، والتفافه حول قيادته ونظامه الشرعي، بوحدة وطنية لا مثيل لها، هذه الوحدة التي تحاول بعض الأطراف وبعد عشرين عاماً على تلك الكارثة، العمل على تفتيتها وإلغاء المكتسبات التي حققها الشعب الكويتي، على مدى قرون.

osbohatw@gmail.com

Saturday, July 31, 2010

الفوضى الخلاقة



ما زالت الولايات المتحدة متمسكة بخطها السياسي، المبني على ما أسمته ب"الفوضى الخلاقة" في العالم، وبالأخص في منطقتنا، رغم تبادل الأدوار بين الحزبين الديموقراطي والجمهوري، ورغم الأوهام التي رافقت نجاح الرئيس أوباما.
وهي ما زالت تتخبط في أزمتها الاقتصادية، ولم تصل إلى حل ثابت لها، كما أنها لم تستطع معالجة أزماتها في أفغانستان والعراق، وتبحث عن طرق لتخفيف الضغط عنها.
فهي من ناحية تظهر التشدد ضد إيران وبرنامجه النووي، مقابل المرونة مع سوريا، لكن ذلك لا ينفي نية التصعيد والعدوان، من خلال الخطط العسكرية التي أعدها روبرت غيتس وأعلن عنها، للتعاطي مع دول المنطقة، مثل إيران والعراق، وسوريا ولبنان.
وما النبرة التصعيدية التي سادت الأجواء اللبنانية مؤخراً، حول الاتهام الظني لبعض عناصر حزب الله في جريمة اغتيال رئيس الوزاء الأسبق رفيق الحريري، إلا شرارة يراد من ورائها فتنة، تعيد لبنان إلى أجواء 1975.
وفي انتظار صدور الاتهام الظني، الذي سيكون بمثابة قنبلة موقوتة، يعول اللبنانيون المتخوفون من سخونة الأوضاع في بلادهم، على التهدئة العربية، التي يقودها خادم الحرمين الشريفين، التي على الأقل يمكن أن تؤجل الفتنة والمواجهة، إلى إشعار آخر.
وإذا كان الشعار الذي طرحته الولايات المتحدة بعد الأزمة الاقتصادية الكبرى عام 1929، وهو "التدمير الخلاق"، وافتعال حروب لاقتسام ثروات العالم، وكانت نتيجتها الحرب العالمية الثانية، فإنه في ظل القطبية الأحادية، ولمحاولات الخروج من هذه الأزمة غير العادية، فإن خلق مناطق توتر في العالم، وتأجيج الفرز والمواجهات الطائفية، بما سمي "الفوضى الخلاقة"، مع عدم استبعاد قيام حروب مدمرة، لن يكون حلاً بل سيخلق بؤر نار، خاصة في منطقتنا الاستراتيجية، المؤهلة أكثر من غيرها لافتعال الأزمات فيها.
إن التعويل الحقيقي لتفويت الفرصة، على إشعال فتنة وحرب أهلية لبنانية، يكمن في رغبة الشعب اللبناني، ووعي قواه السياسية بجميع طوائفه، كما يكمن بتضامن عربي حقيقي.

osbohatw@gmail.com

Friday, July 30, 2010

ما قبل وما بعد القمر



في لقاء بالتلفزيون المصري, مع العالم فاروق الباز, ذكر خلالها بعض الحقائق العلمية اللطيفة, حيث قال بما معناه, أن كل المنجزات العلمية, التي أتت بعد نزول الإنسان على القمر في الستينيات, جاءت استلهاماً من الرحلات الفضائية.
فمثلاً كانت المركبات الفضائية, محاطة بشرائح معدنية, تحميها من الاحتراق, عند اختراقها للغلاف الجوي, نزولاً إلى الأرض, ومن بعدها أستخدم هذا المعدن, في صناعة أواني التيفال التي تستخدم في الطبخ, ولا يلتصق الطعام في قاعها, كما أنه لخطورة استخدام الصمغ وغيره, للصق التعليمات التي يسترشد بها الملاح الفضائي, بدلاً من الإمساك بها في يده, والعمل باليد الأخرى, هذا الصمغ قد يسبب الاحتراق, أو يؤثر على الأكسجين داخل المركبة, فبدلاً من ذلك, تم اختراع مادة لاصقة غير كيماوية, ولاحقاً استخدمت هذه المادة, للصق أحزمة الأحذية الرياضية, بدلاً من استخدام الخيوط.
وعند التفكير بكيفية التواصل, بين رواد الفضاء, وبين الأرض, تم اختراع الأقمار الصناعية, واستخدمت لاحقاً لبث المحطات الفضائية, والاتصالات المختلفة, مثل الهواتف النقالة, والانترنت.
ومن المعروف, أن معظم التكنولوجيا التي يتنعم بها الإنسان, منذ القرن العشرين على الأقل, كانت بالأساس لخدمة الاستخبارات الأمريكية, مثل أجهزة الكمبيوتر, والانترنت, والكاميرات الحرارية, وكاميرا أشعة أكس, وحتى سيارات الدفع الرباعي, ففي اثناء الحرب العالمية الثانية, طلب الجيش الأمريكي من الشركات المصنعة للسيارات, صنع سيارة تحتمل الطرق الوعرة في أوربا, ولا تتأثر بالمستنقعات, وتقدمت إحدى هذه الشركات, بنموذج جيب الولز المكشوف, ليصبح في آخر نموذج سيارة الهمر العسكرية, واليوم تعتبر السيارة ذات الدفع الرباعي المدنية, من أفخر السيارات.
إذن فمن الواضح أنه عندما تفكر الولايات المتحدة بالذات, بكل جهود علمائها, باختراع أو ابتكار علمي, هي لا تفكر بشعبها بالدرجة الأولى, ولكنها تفكر بجيشها واستخباراتها أولاً, وبعدما يتم استنفاد الغرض من هذا الاختراع, أو يتم تطويره, يطرح بشكل تجاري على الناس, فكل ما نتمتع به من تسهيلات علمية, جاءتنا من أجهزة الاستخبارات الأمريكية.

osbohatw@gmail.com

Sunday, July 25, 2010

يا خليج



لم تعد كلمات بدر شاكر السياب ذات معنى، عندما قال:" يا خليج يا واهب اللؤلؤ والمحار والردى..وينثر الخليج من هباته الكثار على الرمال، رغوة الأجاج، والمحار" في قصيدة أنشودة المطر، ولم تعد كلمات محمد الفايز ذات معنى، عندما قال:" هو البحر في أحشائه الدر كامن، فهل ساءلوا البحار عن صدفاته".
أنا أعشق الخليج، فهو يحتل قسم كبير من طفولتي، وأعشق صوت موجه المهدهد كترنيمة استرخاء، وأعشق زرقته ومداه، وأعشقه لأنه كان مصدر رزق أجدادي، وأعشقه لأنه صمد في وجه المحتل، عندما طوقه بالأسلاك الشائكة.
ولم يكن الخليج مصدر اللؤلؤ والسمك فقط، ولكنه كان طريق الكويتيين للانفتاح على الثقافات الأخرى، حيث جاب السندباد الكويتي عبابه، إلى الهند وأفريقيا وحتى فرنسا، وكان لهذا الخليج الفضل في تشكيل الوعي الثقافي المميز، والذائقة الفنية المتطورة.
لكن هذا الخليج الذي حمل على سطحه سفن الحضارات، وكان ممراً للتبادل التجاري، وطريقاً شائكاً للغزو البرتغالي، وكان شاهداً على تطور وانحطاط الدول على ضفافه، شهد هذا الخليج شرور الإنسان التي وصلت إلى أعماقه.
فها هي رحلة إحياء ذكرى الغوص ال22، التي ينظمها النادي البحري، تحت رعاية سمو أمير البلاد، تعلن أنه لم يعد هناك محار في الخليج، وإن التلوث والفساد وصل إلى خليجنا العتيد، وإن سوء الإدارة قد تعدى الأجهزة الحكومية، ليصل ويشمل البحر والبر.
البيئة الكويتية التي كانت ثرية، عانت من الإهمال عاماً بعد عام، فاختفت أعشاب ونوير البر، واختفت طيور الربيع، وتراكمت النفايات ومخلفات البناء على الشواطئ، وتحول لون الخليج من لازوردي رائق، إلى قاتم بلون الأسن.
فكيف يمكن تنفيذ خطة تنمية، دونما اصلاح البيئة وبالأخص البحرية؟ دون الاهتمام بالثروة السمكية، إحدى أهم مصادر الأمن الغذائي للكويتيين، الا يكفي أن سعر الأسماك قد تضاعف بشكل جنوني، ونحن دولة بحرية؟

osbohatw@gmail.com

Friday, July 23, 2010

الكويتيون لا يشعرون بالسعادة


أجرى معهد غلوب الأمريكي مسحاً حول مدى سعادة الشعوب، ونشرته مجلة فوربس للمشاهير (جريدة النهار 21 يوليو)، وكانت نتائج البحث أن شعوب شمال أوربا هم الأسعد في العالم، إذ احتلت الدنمارك المركز الأول، وتلتها فنلندا ثم النرويج، وجاءت اسرائيل في المركز الثامن، والولايات المتحدة في المركز 14، والسعودية في المركز 58، والإمارات في المركز 20، أما الكويت فكانت في المركز 23.
وارتكز تقييم المعهد على اجابات منها، "مدى شعور المواطن بالاحترام والتقدير وسهولة الحياة في بلده"، وقد أثار تفاوت مستوى الشعور بالسعادة بين الشعوب، حيرتي واهتمامي بصفتي مختص بالشؤون النفسية والاجتماعية.
فهل يعقل بأن شعب الإمارات أكثر سعادة من شعب الكويت الذي يعيش في ظل الديموقراطية؟ وهل يحصل المواطن الإسرائيلي على الاحترام والتقدير وسهولة الحياة، أكثر من المواطن الكويتي؟
ولأن مهنتي هدفها سعادة ونجاح الناس، فقد انتبهت إلى حقيقة أن "الضغوط النفسية" هي عنوان المشكلات النفسية، التي تصادفني في عيادتي، وهذه الضغوط النفسية تصيب كل البشر، ما دام لديهم جهاز عصبي، ولكن هناك من يحسن التعامل مع هذه الضغوط، بينما يتركها البعض لتتفاقم، وتتطور إلى مشكلات أخرى مثل القلق الشديد والمخاوف.
ومعظم حالات القلق التي تراجعني، تتعلق بالأمان المادي، وبالخوف من المستقبل، والقلق على الأبناء وتعليميهم وصحتهم، والخوف من فقدان مصدر الرزق، وهي مخاوف قد لا يكون لها أساس، ولكنها موجودة بسبب معطيات الواقع، وأخبار الصحف.
فعندما يضرب الفساد أطنابه بالبلد، وترتفع أسعار اللحوم والمواد الغذائية، وعندما تغيب هوامش الحرية، ويتم التلاعب بثروة البلد، مصدر عيش جميع الكويتيين، وعندما تنتشر الجريمة، وتنتشر الواسطة والمحسوبية، ويعين في مؤسساتنا الرسمية أشخاص غير أكفاء، وتتضاعف أعداد حاملي شهادات الدكتوراه المزورة، وعندما يحاط البلد بالأخطار الخارجية، وعندما لا تحمل وعود المسؤولين أي مصداقية، وتزدحم الشوارع، وتكثر حوادث السير، وتنقطع الكهرباء في عز القيظ، وعندما لا يجد المريض سريراً في المستشفى، وغيرها الكثير، فذلك يدعو للقلق المرضي، ولا يدعو للسعادة.
المركز 23 في سعادة الشعوب افضل من غيرها، لكن ماذا عن السنة القادمة، والتي تليها؟ ماذا عن سنوات تنفيذ خطة التنمية؟

osbohatw@gmail.com

Tuesday, July 20, 2010

عظمة البساطة



ولد في مثل هذا اليوم 21 يوليو 1899، الأديب الأمريكي الفذ أرنست همنجواي، والذي يعتبر من أبرز الأدباء الأمريكان في القرن العشرين، وحصل على جائزتي بوليتزر ونوبل على أعماله، وخاصة روايته العبقرية "العجوز والبحر"، وتحولت معظم أعماله إلى أفلام سينمائية.
ومن أبرز أعماله "والشمس تشرق أيضاً"، "وداعاً للسلاح"، "ثلوج كليمنجارو"، "العجوز والبحر"، وغيرها الكثير، حيث امتاز أسلوبه بالبساطة، أو السهل الممتنع، بعيداً عن التنميق والزخرفة، التي يتهافت عليها اليوم كتابنا الشباب العرب، كما كانت لديه قدرة هائلة في التحكم بالأسلوب القصصي الحديث، الذي ساهمت في تشكيله كتاباته وتقاريره الصحفية.
اشترك همنجواي في الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية، وتأثر في الحرب الأهلية الاسبانية، فكتب "وداعاً للسلاح"، وعاش حياته مغامراً محباً للصيد، وكأن لاشيء يشبعه مثل الإثارة، وقد عاش كما يقول تجربة العودة من الموت، بعد أن جرح بشظايا قنبلة انفجرت قربه.
وكان لا يكتب إلا بعد أن يهيئ ما يريد كتابته في ذهنه، بل كان يردد الجمل والحوارات ليسمعها لنفسه، وكان يستيقظ من النوم ويتجه مباشرة إلى آلة الطباعة، ويكتب واقفاً لساعات، وتنثال كلماته بثراء لغوي آسر، وهو لا يكتب كلمات "لا يمكن تحمل سماعها" كما يقال، ولذا لا يمكن لقارئ أن يرفض أو ينزعج من كتاباته، ولذلك فكتاباته واسعة الانتشار في العالم.
وقد منحه حب المغامرة والسفر، وحبه للكتابة الصحفية آفاقاً واسعة من الاطلاع المتنوع، إضافة إلى رؤية عميقة، تحول الموضوعات إلى قضايا، مثل رائعته "العجوز والبحر"، التي تضم شخصية واحدة وهي رجل عجوز على قارب صغير، وسمكة كبيرة عالقة بسنارته، ومضمون الرواية هو علاقة العجوز بالسمكة، التي أصبحت قضيته.
عاش همنجواي في عدة أماكن، في باريس حيث احتك بالأدباء العظماء، وخاصة الأمريكان الذين اعتادوا العيش في فرنسا، وعاش في اسبانيا، واستقر في كوبا، وكانت حياته حافلة بالأحداث.
أثار انتحاره عام 1961، وقبله انتحار والده، وبعده انتحار ابنته، تأويلات خاطئة عند الناس، لكن العلماء أثبتوا أنهم كانوا مصابين بمرض وراثي يتسبب في تلف البنكرياس، ويؤثر على الحالة العقلية.
لهمنجواي مكانة خاصة عندي، لأنني قرأته وتأثرت به، في سنوات ما قبل المراهقة، واستطاع بعظمة بساطته تشكيل وعيي الأدبي.

osbohatw@gmail.com

Monday, July 19, 2010

النهج الماكارثي



على ضوء التحدي الودي، بين سعادة سفير الولايات المتحدة السيدة ديبورا جونز، وجريدة الراي (الراي، السبت 17 يوليو)، حول عدم زج حكومة الولايات المتحدة لمخالفيها بالرأي في السجن.
اقول أنه لم يوجد نظام لم يسجن معارضين سياسيين، لا رأسمالي ولا اشتراكي، لا في الماضي ولا في الحاضر، والتاريخين البعيد والقريب، يشهدان أن كثيراً من السياسيين الذين حوكموا وسجنوا، كان ذنبهم رأيهم المخالف لنظام الحكم أو لسياسته، سواء كانوا عنيفين أم مسالمين.
وفي كتاب "كثيرة هي الجرائم- المكارثية في أمريكا"، لمؤلفته إيلين ستشكر ، والذي طبع في جامعة برينستون عام 1999، تذكر مؤلفته القمع السياسي باسم الأمن القومي في الولايات المتحدة في خمسينيات القرن الماضي، والذي قاده السيناتور مكارثي، وعرفت المرحلة باسم المكارثية، هذا القمع الذي جاء بحجة القضاء على الخطر الأحمر أو الأفكار الشيوعية، وطالت الآلاف من الكتاب والفنانين والمثقفين والمحامين، فتم التحقيق معهم، وسجن المئات منهم وطرد أكثر من 12 ألف من وظائفهم، منهم مخرجين وممثلين سينمائيين، بما سمي "القائمة السوداء في هوليود"، وكان أشهرهم تشارلي تشابلن ومارلين مونرو، كما طالت الملاحقة السياسة الكاتب المسرحي العالمي المرموق آرثر ميللر، وكانت تلك "من أكثر اللحظات المخجلة في تاريخ الولايات المتحدة الحديث"، كما عبرت بعض الأدبيات الأمريكية، فأفادت تقارير الاستخبارات الأمريكية CIA مثلاً، "أن تشارلي تشابلن خطر على الأمن القومي الأمريكي".
وخلال حملة التطهير الواسعة في صفوف الكتاب والمثقفين، منعت المكارثية نشر أية أفكار تتفق وأفكار هؤلاء، كما تم خنق حرية الفكر والنقد في الجامعات.
ولكن هذه الحملة ألغيت لاحقاً، بعد مطالبات واسعة من الشعب الأمريكي، لأنها تخالف الدستور الأمريكي، ورد الاعتبار للملاحقين سياسياً، وتم تكريمهم.
وفي عمودها بعنوان "إبقاء أمريكا آمنة تكتيك يمثل المكارثية" في جريدة ديلي يونيفرستي أوف واشنطن في 8 مارس 2010، كتبت إميلي مكفادن عن الحملة التي أطلقتها ليز تشني ابنة نائب الرئيس الأمريكي السابق ديك تشني، ضد وزارة العدل في نظام أوباما، والتي اسمتها "وزارة الجهاد"، واستهدفت تسعة محامين (أطلق سراح اثنين منهم)، لأنهم تمسكوا بالدستور من خلال دفاعهم عن المتهمين في تفجيرات 11 سبتمبر، وهذا ليس تاريخاً بعيداً.
وما زال سعي البشرية إلى واقع يحترم فيه الاختلاف، ويعطى فيه حق الاعتراض والنقد في ظل القانون، وقد يكون الطريق ما زال طويلاً لمثل هذا التحضر والإنسانية.

osbohatw@gmail.com

Saturday, July 17, 2010

تقليد كويتي عريق



لعل من فضائل المجتمع الكويتي، واحدى عاداته وتقاليده العريقة، هي التواصل المباشر بينه وبين الحاكم، ومشاركة أسرة آل صباح الأسر الكويتية، في أفراحها وأتراحها، ومخالطة أبناء الشعب في الدواوين والأماكن العامة، وهذه السنة بدأت منذ بداية نشوء الدولة.
فعلى مدى قرون، وفي ظل حكم جميع حكام الكويت، لم يكن هناك حجاباً بين الشعب الكويتي وحكامه، بل كان الحكام مبادرين باللقاء والتشاور، وحتى بعد أن استقلت الكويت، وارتضت لنفسها نظاماً ديموقراطياً، ووضعت دستوراً ينظم علاقة الشعب بالحاكم، ظلت هذه العلاقة الأسرية، بين أبناء الشعب وبين الأسرة الحاكمة.
وقد مرت البلاد خلال تاريخها، بظروف وأحداث صعبة، بل كارثية كما حدث أثناء الغزو والاحتلال، لكن الكويت بشعبها وحكامها، خرجوا من هذه المحنة، أكثر تلاحماً وأكثر تمسكاً بالشرعية وبالدستور، مثبتين قرناً بعد قرن أهمية هذه العلاقة الصحية، في الحوار والتواصل المباشر، بين الشعب والحاكم وأسرة الصباح بشكل عام.
وفي الأشهر الأخيرة، تعرضت البلاد إلى حالة احتقان سياسي، أثارت قلقاً وتوتراً لم يشهده تاريخ الحياة السياسية في الكويت، وهز الاستقرار الذي تتمتع به الكويت، وهو أمر لم يكن في مصلحة مستقبل البلاد، ولا لأفق التعاون من أجل التنمية، ولا لسمعة الكويت.
لكن صاحب السمو أمير البلاد حفظه الله، والأسرة الحاكمة الكريمة، خيبوا ظن ومسعى من أراد الصيد في الماء العكر، والتفرقة بين أبناء الشعب، والتحريض على أبنائه المخلصين، فأعادت هذه الأسرة الكريمة وعلى رأسها والد الجميع، الاعتبار للثوابت الكويتية الأصيلة، المبنية على الحكمة والمحبة والثقة والحوار، وبذا قطع الطريق على محاولات الزج بالمقام السامي والذات الأميرية في الخلافات السياسية، واقحام السطلة القضائية فخر الكويتيين، في هذه الخصومات.
والآن تنفس الكويتيون الصعداء، بعودة الاستقرار والأمان، اللذان يجب أن يرافقهما تأكيد التوافق الوطني على مستقبل تقدم البلاد، والذي يتطلب النظر بجدية لعملية الإصلاح السياسي والإداري، ومكافحة الفساد المعرقل الأساسي للتنمية، والدفع بالحوار البناء والمسؤول، ليكون في أجواء من الحرية والانفتاح.
* *
إن تكرار تصريحات بعض المسؤولين العراقيين العدائية تجاه الكويت، والتجمهر الأخير لمواطنين عراقيين على الحدود بين البلدين، تذكرنا دائماً بضرورة التمسك بوحدتنا وبيقظتنا.

osbohatw@gmail.com

Wednesday, July 14, 2010

انقلابات يوليو

يصادف اليوم مرور اثنين وخمسين عاماً على ثورة 14 يوليو العراقية، والتي أسقط الشعب العراقي خلالها، السلطة الملكية والاستعمار الإنجليزي، وأسقط كذلك حلف بغداد العدواني، وقضى على الإقطاع المجحف بحق الفلاحين، الذين كانوا يشكلون غالبية السكان، وسن قانون الإصلاح الزراعي، وكان ذلك عام 1958.
كما يصادف اليوم مرور أكثر من مئتي عام على هدم أكثر السجون بشاعة في تاريخ البشرية، وهو سجن الباستيل في باريس، خلال الثورة الفرنسية عام 1789، والتي تم فيها اسقاط الملكية والاقطاع، والسلطة الدينية الكاثوليكية.
وكانت ثورة 14 يوليو في العراق، انقلاباً عسكرياً مدعوماً من الأحزاب والتنظيمات الوطنية والقومية، وتحالفت معها كل قطاعات وفئات الشعب، من فلاحين ومثقفين ونساء ورجال، وقاد هذا الانقلاب الذي تحول إلى ثورة شعبية، الضابط عبد الكريم قاسم، الذي لقب بالزعيم، وكان الهدف هو حكم ديموقراطي مستقل، بسلطة متداولة، ووضع دستور جديد يضمن حقوق وحريات أفراد الشعب، ويلغي الطغيان بالحكم الذي أرساه نوري السعيد.
وكانت تلك الثورة، ضمن المد القومي وحركة التحرر الوطني في البلدان العربية، التي استقلت وحررت شعوبها من الاستعمار الإنجليزي والفرنسي، مثل مصر وسوريا ولبنان، ولاحقاً الجزائر وغيرها.
لكن سرعان ما خان قادتها أو بطانتهم، المبادئ التي قامت من أجلها هذه الثورات، وقدمت خلالها شعوبها الدماء والسجن والتنكيل، فعبد الكريم قاسم الذي طالب بضم الكويت للعراق، لقى مصير بائس على يد انقلاب 1963، الذي رعته ومولته الولايات المتحدة، خاصة بعد صدور قانون 1961م، تم على اثره حصول العراق على نسبة 99.5% من اراضيها غير المستثمرة، وفقدان أمريكا مصدر هام للطاقة، وفقدانها حليفاً ضد الدول العربية التي تحررت، وحول ذلك كرر علي صالح السعدي أمين سر القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي قوله:" جئنا بقطار أمريكي".
ثم تحول هذا الحكم البعثي، في عهد صدام حسين، إلى آلة دكتاتورية جهنمية ضد أبناء شعبه، والشعوب المجاورة، وارتكب خلاله مجازراً ضد شعبه، وامتلأت سجونه بالمعارضين، وانتهى صدام بالمشنقة، ونتمنى أن يسود الاستقرار والسلام في العراق، وأن يلتفت للبناء والتنمية، لما فيه خير للعراق وللأمة العربية.
ومن قبيل الصدف، ان معظم الانقلابات وبالأخص العربية، تمت في شهر يوليو، مثل ثورة 23 يوليو في مصر، والحركة التصحيحية في سوريا ايضاً في يوليو، وكذلك الثورة العراقية.

osbohatw@gmail.com

أما آن الوان؟



أصدر جلالة ملك البحرين الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة مؤخراً، أربعة مراسيم تضمنت تعديلاً لمسمى وزارة الثقافة والإعلام، لتصبح وزارة الثقافة، وإنشاء هيئة تسمى هيئة شؤون الإعلام، يرأسها الشيخ فواز آل خليفة بدرجة وزير.
وقد سبقتنا مملكة البحرين قبل ذلك، بإضافة الثقافة إلى الإعلام، بل إن الثقافة تسبق الإعلام بالتسمية والاهتمام، حيث كان المسمى "وزارة الثقافة والإعلام"، وكذلك فعلت دولة الإمارات العربية المتحدة، التي لديها "وزارة الثقافة والإعلام".
وقد كتبت كثيراً ومنذ سنوات، عن أهمية أن يكون للكويت بالذات وزارة ثقافة، وتحويل وزارة الإعلام إلى هيئة الإذاعة والتلفزيون، بسبب الارتباط العضوي بين الكويت وشعبها والثقافة.
فقد كان وما زال خيار الكويت الأول هو الثقافة، وهي ما كان يميز هذه الدولة الصغيرة، بل كان خيارها الثقافي سبباً في احترام المثقف العربي لها، وسبباً في تعاطف الشعوب معها اثناء الاحتلال، فكما قيل على لسان أحد مواطني البرازيل، الذي كان من أصول عربية أثناء الاحتلال:"دولة تصدر هذا الكم من المطبوعات، لا يمكن أن تكون معتدية".
ولا أحد ينكر دور الكويت التاريخي، في المساهمة في تعليم أبناء الإمارات، وإنشاء محطة تلفزيون بها، وتزويدها بأرشيف ثقافي ضخم من تلفزيون الكويت، وإنشاء مراكز صحية في الإمارات والبحرين، كما لا أحد ينكر إنشاء الكويت لمدارس ومراكز، في فلسطين والهند وغيرها، وإنشاء جامعة ضخمة في صنعاء.
فالكويت انفتحت على الشعوب، واغترفت من ثقافاتها، بسبب من النشاط التجاري البحري لأبناء الكويت، وشكلت بذلك شخصية الإنسان الكويتي، الذي يقدر الثقافة تقديراً عالياً، ويكفي أن أول مدرسة نظامية تأسست عام 1912، وأول مجلة صدرت عام 1928، فتحولت الكويت صغيرة المساحة، وقليلة السكان، إلى هامة ثقافية عالية بين الدول.
وعندما أمر أمير الكويت الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح، بإنشاء المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب عام 1973، وضع بذلك أساساً لوزارة ثقافة، ولعل المجلس المذكور قد لعب دوراً ثقافياً مرموقاً داخل وخارج البلاد.
وبالتأكيد كان تغيير اسم وزارة الإرشاد والأنباء إلى وزارة الإعلام، مواكباً لروح العصر آنذاك، ولكن الاستحقاق الذي تأخر كثيراً، هو إلغاء وزارة الإعلام، وإنشاء وزارة الثقافة في الكويت.

osbohatw@gmail.com

علمني وطني

الآن، وقد بدأت الإجراءات لتنفيذ الخطة التنموية، التي طال انتظارها لعقود، نتمنى أن ينظر إلى الجانب الأهم من موضوع التنمية، والاهتمام بالجانب الأعمق والأكثر ديمومة لهذا الموضوع، وهو الجانب الثقافي، أو المتعلق بالإنسان الكويتي.
فالنهضة تعني نهضة الإنسان لا العمران، وهي منه وإليه، وتعني تحضير أجيال المستقبل لتحمل مسؤولياتهم، في التنمية المستدامة واللحاق بالركب الدولي، في التطور والتقدم بجميع مناحي الحياة، الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية.
وعندما نركز على أمر الثقافة، فنحن نتحدث عن كفاءة التعليم، وهو مطبخ القادة والكوادر والكفاءات، يجب أن يكون تعليماً متطوراً وحديثاً، يركز على تحفيز التفكير والبحث والحوار، وينمي روح الالتزام والمسؤولية البناءة، والمواطنة الدستورية، وحب العمل والوطن.
والتنمية الثقافية تعني أيضاً، السلوك والمشاعر السوية، والحفاظ على اسم البلد، كل في موقعه، سواء في المدرسة، او العمل، أوحتى بسلوك القيادة في الشوارع والطرقات، ورفع المستوى الأخلاقي انطلاقاً من البيت والمدرسة والإعلام، والتدريب على احترام الاختلاف في وجهات النظر.
والجانب التهذيبي في الثقافة، يعني الاهتمام بالتجليات الإبداعية لها، وهي الفنون والآداب، إذ يقال إذا أردنا قياس تحضر بلد ما، فلا بد أن نعرف عدد المسارح فيه، فالإنسان هو أولوية أولى للتنمية والنهضة.

***
كنت من المحظوظين الذين بدأوا تعليمهم في أواخر خمسينيات وستينيات القرن الماضي، وتربوا على كل ما ذكرته سابقاً.
علمني وطني أن أحبه وأفديه، علمني السلوك الراقي، ورفع لدي حس المسؤولية، علمني أن الديموقراطية قيمة بشرية كبرى، علمني لكي أكون كويتياً، يجب أن تكون أخلاقي رفيعة، وأن أحترم الجميع، وكان أبي رحمه الله يكرر على مسامعي:" ما يكبر إلا السمادة، ولا يتعالى إلا الدخان"، وأعطاني درساً في التواضع لم أنسه.
علمني وطني الكثير من القيم النبيلة، التي حاولت غرسها في أولادي وأحفادي، وأعلمهم قليلاً مما علمني هذا الوطن.

osbohatw@gmail.com

وصلنا إلى تلبيس التهم

في المهرجان التضامني الذي أقامه التحالف الوطني الديموقراطي، تضامناً مع سجين الرأي خالد الفضالة، والذي شارك فيه مجموعة من أعضاء مجلس الأمة، إضافة إلى كتاب وناشطين سياسيين وحقوقيين، في هذا التجمع لفت نظري ما قاله الكاتب والمحامي الأستاذ محمد عبد القادر الجاسم، عن أن هناك نية "لتلبيس" الكاتب الأستاذ أحمد الديين، قضية أمن دولة، كما أن هناك نية لمحاكمة النائب الأستاذ مسلم البراك، خلال العطلة البرلمانية لمجلس الأمة.
ما لفت نظري هنا كلمة "تلبيس" أي تلفيق قضية ضد أحمد الديين، والمعروف أن الأستاذ أحمد الديين، من أكثر الكتاب الذي يكتبون، ويدلون بآرائهم ضمن الأطر القانونية والشرعية، ويحرص حرصاً تاماً على الا يتخطي القانون ولو بزلة صغيرة، وسيكون أمام أمن الدولة صعوبات لايجاد منافذ لتوجيه تهمة له.
بل إن ذلك يشي بأن النية هي ليست تطبيق قانون، بقدر ما هي استهداف لشخصيات كويتية، وملاحقة لأي نفس معارض لسياسات الحكومة، وهو أمر لم يعد مقبولاً لا سياسياً ولا إنسانياً، في ظل مجتمع دولي تختفي فيه الأنظمة الدكتاتورية باضطراد، وفي ظل اهتمام عالمي بحرية الرأي وحقوق الإنسان.
أما موضوع استهداف مسلم البراك، وهو نائب بالبرلمان الكويتي، فإنه سيثير حفيظة الكثير من الكويتيين، بل حتى استنكار من لا يوافق على آرائه وتوجهاته، وقد قلت في مقال سابق، هناك تجارب تاريخية، مرت بها الشعوب بينت أن سجن المعارضين لا يسكتهم، بل يزيد حجم التذمر والانتقاد، وهي حلقة لا تنتهي، إلا بتعديل هذه الأوضاع.
ولأن العالم أصبح قرية صغيرة، تتأثر بما يجري في أي ركن منها، يصبح الحديث عن التدخلات الخارجية غير ذي معنى، فالعالم إرتأى أن ينشأ منظمات دولية للدفاع عن حقوق الأفراد والدول، وهذا ما حدث عندما قررت الأمم المتحدة إخراج الجيوش الصدامية من أراضي الكويت بالقوة، فهل كان هذا تدخلاً خارجياً في شأن داخلي؟
ولا تتسق نية الكويت بإنشاء هيئة وطنية لحقوق الإنسان، مع إجراءات سلب حقوق الإنسان، ونرجو مرة أخرى أن تسود الحكمة، في التعاطي مع الانتقادات التي ترمي إلى الصالح العام، مهما كانت قاسية.

osbohatw@gmail.com

Monday, July 5, 2010

آه يا وطن


لا أعلم لم لم ينشر مقالي يوم السبت الماضي في هذه الزاوية، وما اللبس الذي حصل، والذي أدى لعدم نشره، بيد أني سأحاول في هذا المقال، أن أعيد كتابة مضمونه بشكل أو بآخر.
قلت أن حق التقاضي من الحقوق المشروعة، في دولة المؤسسات والقوانين، ونحن في الكويت نحترم القضاء، ونعتبره ملاذنا الأخير، ونثق به ثقة كبيرة.
وقلت كذلك أن من يعمل معرض للخطأ، ومعرض بالتالي للانتقاد، وسمو رئيس الوزراء يحمل على عاتقه مسؤوليات جسيمة، ويقود جهازاً ضخماً، كما أن على طاولة سموه، خطة تنموية هائلة، لن يكون تنفيذها سلساً أو سهلاً، بل المنطق يقول أن أخطاءً ستقع أثناء التنفيذ، وأيضاً سيتم انتقاد هذه الأخطاء، لا تشفياً ولكن لإصلاح هذه الأخطاء، ولأن نظامنا الكويتي اعتاد على تراث الصراحة وصدق السريرة والمناصحة، فالمخلصين هم من يوجهوا الانتقاد للسياسات التي يراها خاطئة، أما غير المخلصين فيتزلفون وينافقون، والبطانة الصالحة لا توغر الصدور بالكراهية، ولا تهمس بالوشاية ضد المخلصين.
ولذا لا يجب أن تضيق صدور المسؤولين ذرعاً بالنقد، بل يجب أن تسود الحكمة وسعة الصدر، والانتباه للأخطاء إن وجدت، فصديقك هو من صدقك، وليس من صدٌقك، وصديقك هو الذي يقول لك كلاماً قد لا يعجبك، ولكنه في صالحك، لا أن يقول ما تود سماعه ويعجبك.
وقلت، قد يظن البعض أن حملة التضامن مع الأستاذ محمد عبد القادر الجاسم، كانت لشخصه، مع كل التقدير، لكن هذه الحملة وما ستليها من حملات تضامنية، هي بالدرجة الأولى مع مبدأ حرية الرأي والتعبير، هذا المبدأ الذي بدأ ينتهك في الآونة الأخيرة، ضمن نهج جديد لملاحقة الكتاب والناشطين سياسياً، فحملة التضامن المحلية والعربية والعالمية، لم يكن منظموها يعرفون محمد الجاسم شخصياً، ولكن حرية الرأي أصبحت من مكتسبات الشعوب، ومن ضمنها الشعب الكويتي، وسنلاحظ تضامناً مع خالد الفضالة، بصفته أميناً عاماً لتجمع سياسي، وبصفته ناشطاً سياسياً، وللأسف فرغم إيجابيات التضامن الدولي، إلا أنه أمر يعني أن سمعة الكويت، التي كانت مناراً للحرية مشوهة.
***
الحرية لسجين الرأي خالد الفضالة.
osbohatw@gmail.com

Tuesday, June 29, 2010

القضية १ / 2010

أطلق سراح المحامي والكاتب، محمد عبد القادر الجاسم، الذي كان سجيناً بسبب رأيه، على ذمة القضية 1 لسنة 2010 من قضايا أمن الدولة، لتعاد الثقة والاعتبار للقضاء الكويتي العادل، الذي ما زال حصن الأمان للمواطن الكويتي، وظل جهازاً نظيفاً بعيداً عن محاولات الإفساد التي طالت كثير من الأجهزة والمؤسسات، بما فيها مجلس الأمة، حيث جرى شراء ذمم بعض أعضائه.
وكاد أن يشكل اعتقال الجاسم، نهجاً جديداً وغريباً على دولة الكويت، وتحولاً من الدولة الديموقراطية، إلى الدولة القمعية البوليسية، لولا بقية الإيمان بالسلطة القضائية، التي ما زال أملنا متعلق بها حتى الآن.
هذا التوجه غير الحكيم، وغير المدروس، كان له كلفة باهضة على سمعة الكويت العربية والدولية، فبعدما كانت الكويت تشكل واحة تاريخية للحرية، وملاذاً لكل الشرفاء الذين قاسوا من الملاحقة والظلم في دولهم، وبعدما كانت حضناً دافئاً للمقاومة الفلسطينية، ومنبراً عربياً لحرية الكلمة والرأي، كادت أن تتحول في لحظات انفلات للحكمة، وعدم ضبط النفس، إلى دولة بوليسية، في زمن تغيرت فيه مقاييس الحقوق والحريات.
وقد شكل اعتقال الجاسم، وعقابه قرابة الشهرين في ما سمي حبساً احتياطياً، قلقاً عند الناس وخوفاً من فقدانهم لمكتسباتهم التي كانت تميزهم، كشعب يرفل بالأمان والحرية والديموقراطية، وخاصة أن اعتقاله قد رافقته معاملة مهينة لشخصه، دون مراعاة لمكانته الاجتماعية كمحامي وكاتب، ولظروفه الصحية، وهو ما كان يشي بمستقبل مظلم للمعارضين والمنتقدين، ومستقبل أكثر غموضاً للحقوق والحريات في المجتمع.
ولو كانت قضية الجاسم، قضية معزولة أو ملتبسة، لكان الأمر في سياقه المعتاد، لكن الأمر يتعدى ذلك إلى اجراءات ونهج أخطر، فخلال الأربعة أشهر الماضية، جرى التضييق على كتاب الرأي، وصدرت قرارات رسمية بمواجهة اضرابات العمال المشروعة والقانونية، وجرى استهداف المدونات الألكترونية، ومراسلات الهواتف "البلاك بيري"، وهو ما أسميته في أكثر من مقال بالاجراءات الاستباقية ضد المعارضة.
فهل تتسق هذه الإجراءات اللا ديموقراطية، مع نهج التنمية والإصلاح، وتحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري؟
أرجو أن تسقط وإلى الأبد سجون الرأي.
osbohatw@gmail.com

Sunday, June 27, 2010

معاقبة الشعب



الخطوة التي قام بها الرئيس الأمريكي أوباما، بفرض ضريبة نسبتها 15% على البنوك، لمدة عشر سنوات لتبلغ قيمتها 90 مليار دولار، واتجاهه إلى فرض ضريبة نسبتها 0.15% على إلتزامات كبرى المؤسسات المالية الأمريكية، بغية استرداد تكاليف الإنقاذ المالي، الذي دفعه الشعب الأمريكي لهذه البنوك، جراء الأزمة الاقتصادية، هذه الخطوة تحمل شكلاً من أشكال العدالة النسبية، رغم أنها في ظني لن تحل وإلى الأبد الأزمات الدورية للرأسمالية، والتي تنتج من طبيعة النظام نفسه، ولا مناص من تكررها.
في الكويت تم دفع مليارات الدولارات لإنقاذ الشركات، فيما سمي بالمديونيات الصعبة أثناء أزمة المناخ، كما دفعت أموالاً طائلة لإنقاذ شركات وبنوك في الأزمة الاقتصادية الأخيرة، لكن لا نية لدى الحكومة لاسترداد أموال الشعب من هذه الشركات، بل الأسوأ هو معاقبة الشعب، وتحميله الأعباء المعيشية الصعبة، لمزيد من أرباح الشركات، من خلال قانون الخصخصة، الذي بموجبه سيتم بيع قطاعات الدولة للشركات الخاصة.
ورغم أن التجار قد أبدوا تذمرهم من التعديلات الطفيفة على القانون، والتي بمقتضاها تمتنع الدولة عن المساس بقطاعات النفط ومشتقاته، ومرفقي الصحة والتعليم، والنأي بها عن الخصخصة، إلا أن النية ما زالت مبيتة لتخصيص قطاع النفط بعد خمس أو عشر سنوات من الآن، كما صرح أحد المسؤولين.
ولا يقف الجشع عند هذه الحدود، ولكنه يمس صميم معيشة المواطن البسيط، برفع أسعار السلع الغذائية، وافراغ دعم المواد الغذائية من أهميته، عن طريق صرف مواد غذائية ذات جودة متدنية، كي تدفع بالمواطن لشراء متطلباته الغذائية من التجار، الذين سيرفعون الأسعار دون حماية جادة للمستهلك.
وفي هذه الأجواء، قد يفقد في المستقبل المنتج المحلي الدعم والتشجيع، على حساب تشجيع المنتج المستورد، كما حدث في بعض البلدان ذات التوجه الرأسمالي.
واستباقاً لحالة التذمر الشعبي، بسبب انتقاص حقوقه ومكتسابته، والإجراءات المتخذة ضده ولصالح التجار، ولتفاقم حالة الفساد في البلد، فقد اتخذت الحكومة اجراءات استباقية، مثل تشكيل لجنة سباعية لمواجهة إضرابات العمال، وتغليظ العصا ضد حرية التعبير، وآخرها كان قرار مجلس الدفاع الأعلى بزيادة رواتب العاملين في الأجهزة الأمنية، بنسبة من 80 إلى 100% من الراتب الأساسي، وهي زيادة مستحقة لهؤلاء الرجال، ولكنها يجب أن تشمل كل العاملين بالدولة، لأن أعباء المعيشة تقع على الجميع، وإن كانت الزيادة تقديراً للجهود الأمنية، فيجب الالتفات إلى الجهود البطولية، التي قام بها رجال الإطفاء في الأيام العصيبة الماضية، ولكن الخشية أن الهدف هو تمييز رجال الأمن وتشجيعهم، لمواجهة القادم من التذمر، خاصة وأنه منذ ابريل الماضي، لوحظ تغير في المزاج الشعبي، انعكس على اضرابات عمالية في وزارة الشؤون والبلدية، واعتصامات ومهرجانات تضامن مع سجين الرأي محمد الجاسم.
* *
الحرية لسجين الرأي محمد عبد القادر الجاسم

osbohatw@gmail.com

Wednesday, June 23, 2010

الفساد الإصلاح الحريات



غالباً ما تترافق كلمة الإصلاح مع كلمة الفساد، والإصلاح هو مهمات وسياسات وإجراءات عملية، لخلل في جهاز من الأجهزة، سواء حكومية أم أهلية، أم إصلاحات في التشريعات.
والفساد صفة لا تلازم الشعوب، لكنه يأتي من التفاف بعض الناس، وخاصة المتنفذين، على النظم والقوانين، واستغلال مواقعهم الوظيفية، للتنفيع والاثراء غير المشروع، أو ببساطة "السرقة"، ويبدأ كل ذلك بمخالفة مبدأ الرجل المناسب للمكان المناسب، وتهميش الكفاءات والمخلصين من أبناء البلد، وتعيين الموظفين وقياداتهم، بناء على انتماءاتهم القبلية والطائفية والعائلية، بصرف النظر عن نزاهتهم، ويزداد خطر الفساد عندما يستغل ممثل الأمة موقعه وحصانته، لكسر القوانين، وتصبح ذمته قابلة للشراء.
وكلما تأخرت الدول في مكافحة الفساد، كلما صعب معه الإصلاح، إذ يصبح الفساد هو الأصل والسائد، وتصبح النزاهة والصدق هي الشذوذ، ولا يعود القانون هو سند المواطن.
الإصلاح ليس شعاراً يرفع فقط، وهو ليس نوايا طيبة فقط، ولكنه إجراءات وقوانين تطبق، على الكبير قبل الصغير، وترفع الغبن عن المظلوم وتنصفه، وإجراءات الإصلاح تحتاج إلى حزم وقوة، وفرض لمبدأ المواطنة الدستورية.
في الأمس القريب قدم وزير الكهرباء العراقي كريم وحيد استقالته، امتثالاً للتظاهرات التي قام بها الآلاف من سكان البصرة، احتجاجاً على نقص الكهرباء، وفي الكويت يسأل بعض النواب وزير الكهرباء، عن أسماء النواب أصحاب المصالح في قضية الكهرباء.
في كل بلدان العالم، يكون إصلاح الفساد من الأولويات، وفي الكويت وحدها يتهرب النواب، من جلسة خاصة لمناقشة قوانين الفساد، وحماية المبلغ، وكشف الذمة المالية.
في كل بلدان العالم، يكون اتجاه التطور، بإعطاء مواطنيها مزيداً من الحريات، وفي الكويت وحدها تتراجع الحريات، ويسجن الكتاب، وتهان كراماتهم، ويبدو أنه كلما زاد الفساد، كلما تقلصت الحريات.

الحرية لسجين الرأي محمد عبد القادر الجاسم

osbohatw@gmail.com

Monday, June 21, 2010

ابو جورج



مساء أمس مررت بأسرة لبنانية مسيحية، لأداء واجب العزاء لفقدها رب الأسرة السيد نعمة الله صليبي، الذي قدم وزوجته للعمل في الكويت منذ أكثر من أربعين عاماً، وعاش وأنجب ولديه وابنته، وتعلموا في مدارسها.
في ليلة ساخنة وموحشة من ليالي أغسطس 1990م، سمعت طرقاً خفيفاً على باب شقتي المستأجرة، فلملمت زوجتي أولادنا بحضنها، خوفاً من الطارق المجهول، إذ كنا قد سمعنا أن الجنود العراقيين، كانوا يقتحمون الشقق والبيوت في منطقتنا، وينهبوها ويعتدوا على سكانها، في حملات عشوائية مسعورة.
وكنت وقتها أنام وأسرتي في صالة المعيشة، بل بالكاد كنت أنام، وكان أحد الضباط الأصدقاء قد أعطاني مسدساً للحماية، خاصة بعد اشتداد الخطر في المنطقة التي كنت أسكن فيها، فتحت زر أمان المسدس، ووضعته خلف ظهري، وحاولت النظر من عدسة الباب، فرأيت في الظلام هيئة إمرأة، فتحت الباب بوجل، ونظرت إلى السيدة نظرات استفهام، وهنا قالت: "مساء الخير، أنا جارتكم في الطابق الثالث، ونود لو تقبلوا دعوتنا للعشاء هذه الليلة"، تركت الباب مفتوحاً ونظرت إلى زوجتي الخائفة، ولكنها لم تكن تملك جواباً، فأجبت الجارة:"حسناً، وشكراً للدعوة".
أستقبلنا في شقتهم استقبالاً ودوداً، وأبلغونا أنهم على استعداد لأي خدمة يقدمونها، فالكويت قد قدمت لهم ولأبنائهم الكثير، وهم لا ينسون فضلها، بل كانوا يعتبرون الكويت وطناً آخر لهم، شكرناهم على موقفهم الداعم.
بعدها انتقلنا من المنطقة، ولم نعد إلى شقتنا إلا بعد التحرير مباشرة، وعلمنا أن أسرة أبو جورج، ظلت صامدة حتى قبل حرب التحرير بأيام، ثم عادت بعد التحرير إلى الكويت، واستمر الأب والأم يعملان في الكويت، وبالكاد يغادرانها إلى لبنان، وكبر الولدين، وعملا في الكويت، بعد أن تزوج أحدهم.
في العام الماضي وعلى اثر الأزمة الاقتصادية، تم فصل الأب من عمله، وظل عاطلاً ورافضاً ترك الكويت، ثم قبل بضعة أشهر تم فصل الابن لأنه مسيحي، بعد أن تحولت الشركة التي كان يعمل بها إلى إسلامية، وزادت معاناة الأسرة مع مرض الوالد، وعلاجه المكلف، وقبل بضعة أيام توفي، وسيدفن اليوم في مقبرة سوق الغرب في لبنان.
وأثناء العزاء سألت الأم:"هل ستعودون إلى الكويت بعد الجنازة"؟ فأجابت:"نعم طالما بقي فينا رمق"، فأطرقت برأسي متفكراً في الفرق بين محبة هؤلاء اللبنانيين المسيحيين للكويت، وبين بغض بعض أبنائها لها، ودأبهم على افراغها من بعدها الحضاري.
هناك حكايات تقال فقط، وهي تعطي العبرة دون تفسير.

الحرية لسجين الرأي محمد عبد القادر الجاسم

osbohatw@gmail.com

Saturday, June 19, 2010

الفلوس أم النفوس؟



ليس هناك أدل على فساد القطاع الخاص، من الشركة أو الشركات المسؤولة عن صيانة المولدات الكهربائية، وهي ليست المثال الوحيد في البلد، بل يتبع هذا المثال الشركات المسؤولة عن الصيانة في قطاعات حيوية في الدولة، مثل النفط والطرق والمواصلات والطيران، حتى وصل الفساد إلى بعض البنوك، وهي من أعمدة الاقتصاد الوطني.
لكن الأمر لا يتعلق بالفلوس، بل يتعلق بالرجال والنفوس، فأثناء فترة الاحتلال، عندما لم يكن في الدولة لا قطاع عام، ولا قطاع خاص، قام مجموعة من المخلصين بالحفاظ على الطاقة الكهربائية، وإمداد بيوت الصامدين بالماء، كل ذلك تطوعاً ومن غير مقابل مادي، وتحت أقسى ظرف مر في تاريخ الشعب الكويتي، وكان الشباب والشابات، يعملون في كافة المجالات، لتيسير حياة الكويتيين الصامدين، سواء في محطات البنزين، أم في شركة المطاحن والدقيق الكويتية، وفي المستشفيات، وحتى في تنظيف الشوارع من القمامة.
وعندما انقطعت الكهرباء في الكويت، بسبب حرب التحرير، كان أول من دخل إلى الكويت، رجالات مخلصين من مسؤولي وموظفي وزارة الكهرباء، وعملوا ليلاً ونهاراً لإعادة الكهرباء، وتصليح ما دمر من محطات الكهرباء، ولم يكن هؤلاء ينتظرون عائداً مادياً، ولم تكن هناك شركات ترسى عليها مناقصات بالملايين، لصيانة المحولات، لكن كان هناك أبناء وطن مخلصين، كانت هناك كفاءات وطنية، اختبرت كفاءتها في الظروف القاسية.
واليوم الذي يباع فيه الوطن، وتباع فيه الضمائر، وتباع فيه حتى امتحانات المدارس، أصبحت حياة الإنسان وصحته وتعليمه وخبزه سلع، يتاجر فيها لصالح شركات، وفي الوقت الذي تسجل فيه فوائض مالية للدولة، يواجه المواطن بصعوبات معيشية، لا تشي بأنه في دولة الرفاه المزعومة، فلم يسلم مرفق أو مؤسسة حكومية من الفساد الذي استشرى، وأصبح المواطن في آخر اهتماماتها.
في ظني أننا مقبلون على مرحلة أسوأ من تهديد وزير بالقتل، أو قذف مهندسة بفنجان القهوة، أو قتل مواطن بدم بارد، نحن مقبلون على مزيد من القيود على حرية المواطن، ومزيد من الإجراءات ضد الانتقاد والاحتجاج والمطالبة بالحقوق، هذا هو ثمن التحول من دولة الرعاية الاجتماعية، إلى دولة القطاع الخاص.

الحرية لسجين الرأي محمد عبد القادر الجاسم

osbohatw@gmail.com

Tuesday, June 15, 2010

كل شيء ساخن هنا



لم نستطع أنا وأولادي وأحفادي النوم ليلة البارحة، بسبب عطل في أجهزة التكييف، وكنا قد جربنا عدة شركات صيانة لتصليحها، فكانت المكيفات تعمل بضع ساعات ثم تبث هواءاً ساخناً، وأجمع كل خبراء الصيانة الذين تعاملوا مع مكائن التكييف، أن المشكلة ليست في الكمبريسر، ولا في الغاز، ولا في أي خلل وظيفي في الآلات، وكل المشكلة هي في الحرارة غير العادية، التي تمر بالكويت، وهي السبب بانفصال مفاتيح التشغيل فوق سطح المنزل.
وصباحاً اتصلت بي سكرتيرة العيادة، لتبشرني بأن التكييف عاطل، وأن شركة الصيانة لا تستطيع الحضور، لكثرة أعطال التكييف في البلد، وهذا دفعنا إلى تأجيل مواعيد المراجعين، إلى أجل غير مسمى.
ثم تلقيت اتصالاً من صديق، يقول أن الكهرباء مقطوعة عن منزلهم، وأنه يفكر بأن يستأجر غرفاً في أحد الفنادق، فعرضت عليه بأن يأتي هو وأبناءه، ليقضي بعض الوقت في منزلي، حتى تعود الكهرباء إلى منطقتهم، كل ذلك ذكرني بعام 1980م المشؤوم، عندما بدأت الحرب العراقية الإيرانية، وتضررت محطة شعيبة بسبب عمل تخريبي كما أذكر، وفي هذه الفترة كنت اقف تحت "الشور" لفترات طويلة، كما نصحت وزارة الصحة، بوضع الأطفال في "طشت" ملئ بالثلج، وغادر بعض المقتدرين إلى دول أوربا ودول الخليج، وعاش من بقى في الكويت بجحيم لا يطاق.
وقال البعض، كل معاناة الكويتيين سببها أن ثمن كيلواط الكهرباء هو فقط فلسين، وتتولى الحكومة باقي السعر، وأن الحل هو بخصخصة الكهرباء، فقلت إذا فوق سخونة الجو ندفع دم قلوبنا، كي نعيش.
وفي غمرة هذه السخونة، أمسكت بجريدة الراي صباح أمس، لأقرأ خبراً بتبرأة آسيوي، بعد أن كان محكوماً بالإعدام، لتهريبه 70 كيلو جرام من الهيروين، فلم أعلم هل أثرت الحرارة على استيعابي، أم أن تهريب المخدرات أقل خطراً من التعبير بالرأي، فكان الأولى بمحمد عبد القادر الجاسم تهريب المخدرات، بدلاً من ممارسة حرية الرأي.
ماذا نفعل؟

الحرية لسجين الرأي محمد عبد القادر الجاسم

osbohatw@gmail.com

زمن النيوليبرالية



الليبرالية الجديدة، أو النيوليبرالية هي مجموعة من السياسات الاقتصادية، تعني بالدرجة الأولى تحرير السوق، وتخفيض الانفاق الحكومي على الخدمات الاجتماعية، ورفع الدعم عن المواطنين في كل وسائل معيشتهم، مثل التعليم والصحة، وحتى صيانة الطرق وإمدادات المياه في بعض البلدان، وخصخصة كل شيء بلا استثناء، وتحميل العمال وفئات الشعب الفقيرة، أعباء لزيادة أرباح الشركات وفئات التجار.
ويترافق مع هذه السياسات الاقتصادية الوحشية، اجراءات لقمع الحريات وردع التحركات المطلبية العمالية، كما يترافق معها فساد عام في الأجهزة الحكومية والتشريعية، ورشاوي وشراء ذمم، حيث المال هو سيد الموقف، ويتم في بعض الدول ما يسمى بالتجسس الصناعي، ويتم اغتيال وخطف علماء من قبل مجمعات صناعية كبرى، مثل الصناعات الدوائية.
وقراءة للمشهد السياسي والاقتصادي والاجتماعي العام في الكويت، نجد أن التوجهات اللنيوليبرالية بدأت تلوح في الأفق، جالبة معها ويلاتها على فئات الشعب المختلفة، وبالأخص محدودة الدخل منها، وهي تشبه السياسات الاقتصادية الأوربية والأمريكية، التي طبقت أوامر البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، هذه الأوامر التي تضرب بعرض الحائط كل مصالح الشعوب، لصالح شركات قليلة، فيزداد الغني غنى، ويزداد الفقير فقراً.
فها هي أسعار السلع الغذائية، تتضاعف في الكويت، مع جمود الرواتب والمعاشات، وذكرت صحيفة الرؤية في عددها الصادر يوم أمس 13 يونيو، أن وزارة التجارة تحيك خطة مع بعض التجار، لرفع سعر الطحين بنسبة تصل إلى 100%، وأن هناك تردياً لجودة الطحين المدعوم في البطاقة التموينية، حتى يضطر المواطن لشرائه بأسعار عالية من الشركات التجارية، رغم أن الطحين والخبز، يعتبران من الأمن الغذائي للدولة.
وها هي الرياضة توغل في الفساد، وتصبح مقاطعات شخصية، وتصبح الشخصيات المسؤولة عن الرياضة، فوق القانون، للدرجة التي تعجز معها القيادات السياسة عن كبح جماحها.
وها هو مجلس الأمة الذي جرى إفساده، لدرجة أن نواباً لدائرة ملوثة بيئياً، يصوتون مع سرية جلسة الاستجواب، ضاربين عرض الحائط صحة ومصالح ناخبيهم.
ويترافق كل ذلك، مع إجراءات لقمع الحريات، وسجن الكتاب، وتهديد العمال في حال قاموا باضرابات مشروعة وقانونية، وما زالت المحاولات جارية للتجسس على المدونات والهواتف المحمولة.
عندما ظهرت في أمريكا وأوربا عصابات الجريمة المنظمة (المافيا)، كان السبب الرئيسي هو انفلات المجتمعات، وعدم قدرة الحكومات على لجم الشركات والمصانع على سرقاتها المنظمة للشعوب، فأصبح "كل من أيده ألو".

الحرية لسجين الرأي محمد عبد القادر الجاسم
osbohatw@gmail.com

Friday, June 11, 2010

كل من همه على قده



رغم إقرار قانون الخصخصة في مجلس الأمة، إلا ان التجار في غرفة التجارة، والصحف التي تمثلهم غير راضين على التعديلات الجزئية على القانون، والتي تركز على عدم المساس بالثروة النفطية، واستثناء قطاعات التعليم والصحة من الخصخصة، وعبرت إحدى الصحف وقتها بأن القانون ولد ميتاً، كما عبرت صحيفة أخرى يوم الخميس الماضي بأن القانون ولد معيباً، وضربت مثلاً على انتعاش الاقتصاد البريطاني، بعد إجراءات الخصخصة التي قامت بها مارغريت تاتشر.
وفي الواقع أنه بعد قدوم المحافظين الجدد، ممثلين بالرئيس الأمريكي ريغان، ورئيسة وزراء بريطانيا تاتشر في ثمانينيات القرن المنصرم، ونهجهما الرامي إلى تقليص الدور الاقتصادي للقطاع العام، وخصخصة القطاعات العامة، والاقتصاد الرأسمالي يسير إلى نتيجة الأزمة المحتومة، وهو ما تمثل في الأزمة الاقتصادية البنيوية الأخيرة، التي طالت معظم دول العالم، بما فيها دول الاتحاد الأوربي.
وانعكست هذه الأزمة، على معيشة شعوب هذه الدول، وخاصة فئات العاملين بأجر والمتقاعدين، وحملتهم عبء هذه الأزمة، عن طريق تقليص الدعم الحكومي، وخفض الرواتب، وفرض ضرائب عليهم، وهذا سبب احتجاجات شعبية واسعة، في اليونان واسبانيا والبرتغال وفرنسا وبريطانيا وغيرها من دول الاتحاد الأوربي، ناهيك عن دول آسيا، وقابلتها اجراءات قمعية ضد الأحزاب المعارضة، اتفقت عليها الدول الأعضاء في الاتحاد الأوربي وبرلماناته ومجلس منظمة الأمن والتعاون في أوربا.
وتشير المصادر الاقتصادية، ان العاطلين عن العمل في بريطانيا، بلغ 2.5 مليون عامل، أي 8% من إجمالي السكان، ويشير معهد الدراسات الحكومية البريطاني، أن العجز في الميزانية، بلغ أكثر من 167 مليار جنيه استرليني، أي 260 مليار دولار أمريكي، والمتوقع أن يتنامى عدد العاطلين في السنوات القادمة إلى 4 ملايين شخص، وهو رقم غير مسبوق في تاريخ بريطانيا، وفي نهاية العام المالي الذي انتهى في 31 مارس الماضي، ارتفع حجم الاقتراض الحكومي إلى أعلى مستوى له، ليصل إلى 163.4 مليار جنيه.
وطالت الأزمة وتأثيراتها الشعبية، حتى ألمانيا القوية أقتصادياً, فأغلقت بعض أفرع مصانع سيارات البي أم دبليو ومرسيدس بنز، لفترة معينة، وقالت الفاينانشال تايمز البريطانية يوم 7 يونيو الجاري، أن ألمانيا تعتزم انتهاج سياسة تقشف جديدة للسنوات الأربع القادمة.
هناك الكثير ليقال عن التأثيرات الكارثية على الشعوب، جراء تخلي الدولة عن دورها الاقتصادي والاجتماعي, وتطبيق سياسة البنك الدولي، في بيع قطاعات الدولة للقطاع الخاص، الذي سيفاقم معاناة الشعوب, ولنتذكر أن أزمات مثل هذه، أدت إلى حروب عالمية في القرن الماضي.
ويبدو أن هم التجار وشركاتهم المحدودة، مناقض لهم الشعب بأكمله، ويبدو أن تباكي التجار هو على الكيكة الكبيرة، وهي ثروة الشعب، التي ضاعت من أيديهم.

osbohatw@gmail.com

Tuesday, June 8, 2010

هل يجود الزمان بمثله؟



يصادف اليوم 9 يونيو، ذكرى وفاة رائد من رواد النهضة والتنوير في الكويت، الراحل الأستاذ عبد العزيز حسين، والحديث عن رجل بقامته، لا يمكن أن يستوعبه مثل هذا العمود.
فإسهاماته الثقافية لا تحصى، فقد أسس المرسم الحر، وأسس المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، وأصبح رئيساً له، وأسس الهيئة العامة للجنوب, وكلية العلوم بالقدس، والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، ووضع الخطة الشاملة للثقافة العربية, ومشروع مكتبة الاسكندرية العالمية، ومعهد تاريخ العلوم العربية الإسلامية في جامعة فرانكفورت، ومعهد العالم العربي بباريس، وغيرها من اسهامات كثيرة.
في عام 1961م كان عبد العزيز حسين في زيارة الى القاهرة، لإجراء مباحثات تربوية بين الكويت ومصر، وأثناءها كلفه الشيخ عبد الله السالم أمير البلاد الأسبق، بطلب عضوية الكويت في جامعة الدول العربية، ومنها سافر إلى جنيف لحضور المؤتمر الدولي للتعليم، ممثلاً عن الكويت، وفي هذه الفترة برزت تهديدات الرئيس العراقي عبد الكريم قاسم بغزو الكويت، فكلف بالسفر إلى نيويورك لشرح قضية الكويت في مجلس الأمن، ولم يكن عبد العزيز حسين، مزوداً برسالة رسمية مكتوبة من حكومة الكويت، فبادر شخصياً لإعداد كلمة، أصبحت الكويت بعدها عضواً في هيئة الأمم المتحدة.
كان عبد العزيز حسين، أحد أعمدة النهضة في الكويت، ومن أقواله:"إننا نعمل على أن نقطع في نهضتنا هذه خلال ربع قرن ما قطعه غيرنا في عشرة قرون".
كان هذا هو هم الرجال الكويتيين العظام، الذين يصعب أن يجود الزمان بمثلهم، ولو كان على قيد الحياة، لعاش في حزن وكمد على انحدار الكويت، وتراجعها السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، وفقدها لرجالاتها البنائين.
وفي الوقت الذي يصرح فيه عضو مجلس أمة، أنه "سيدافع عن الكويت حتى الثمالة"، نستذكر دفاع عبد العزيز حسين عن الكويت، أمام شعوب العالم أجمع.
في كويت النهضة، كان للمثقف مكانة في الدولة، وكان يعتمد عليه في قضايا البلد الرئيسية والمصيرية، وفي كويت الآن يقبع المثقف في السجون الكويتية، لمجرد تعبيره عن آرائه، أننا ندين للراحل عبد العزيز حسين وأمثاله من رجالات الكويت الأولين، بمكانة الكويت الدولية، وسمعتها المشرقة بين الأمم.
ظل هذا الرجل حتى آخر رمق، متواضعاً ونصيراً ومنحازاً للثقافة، ولن أنسى الكتاب الرسمي، الممهور بختم الديوان الأميري، الذي أرسله لي قبل وفاته بثلاث سنوات، ليهنئني بصدور متتاليتي القصصية "طلقة في صدر الشمال"، قائلاً لي:"لقد استمتعت بأناشيدك الوطنية".

لم ننس سجين الرأي محمد عبد القادر الجاسم.

osbohatw@gmail.com

Friday, June 4, 2010

المناورة والموقف



اثناء حرب أكتوبر 1973م، قام الملك فيصل بن عبد العزيز طيب الله ثراه، بإيقاف تدفق النفط إلى أوربا وأمريكا، رداً على دعم هذه الدول لإسرائيل، وعلى الجسر الجوي الأمريكي، لتزويد إسرائيل بالسلاح، وهذا الموقف أوقع الغرب في أزمة طاقة غير مسبوقة تاريخياً، مما دفع الرئيس الأمريكي نيكسون إلى أول زيارة له للشرق الأوسط، والتقاه الملك فيصل في مطار جده، وسأل نيكسون فيصل بلغة متعالية، مشوبة بالتهديد: "ألا تخشى من ضرب منابع النفط لديكم"؟، رد الملك فيصل مشيراً إلى وعاء يحتوى على التمر، وآخر به لبن قائلاً:"عاش أجدادي على هذا، وليس لدينا مانع من العودة إليه"، ثم زار بعدها كيسنجر الملك فيصل، يدعوه إلى إعادة تدفق النفط، فطلب الملك فيصل منه مفاتيح القدس، لأنه ينوي صلاة عيد الأضحى في بيت المقدس.
صرح وزير خارجية تركيا أحمد داود أوغلو، والذي ينتمي إلى حزب العدالة والتنيمة الإسلامي الحاكم، يوم 2 يونيو الجاري، عقب الجريمة الإسرائيلية البشعة واللاإنسانية، ضد أسطول الحرية، والتي استشهد فيها عدد من المواطنين الأتراك، صرح بأنه "حان الوقت لأن يحل الهدوء محل الغضب".
وكانت تركيا قد ألغت مؤقتاً، ثلاث مناورات إسرائيلية تركية، كان مقرراً القيام بها قريباً، هذا وتشترك تركيا منذ سنوات، بمناورات عسكرية أمريكية إسرائيلية تركية، خاصة بعد توقيعها أتفاقاً للتعاون العسكري مع إسرائيل عام 1996م.
ويقول وزير الخارجية التركية أوغلو، عقب توليه حقيبة الوزارة في مايو 2009م، لصحيفة الجزيرة نت في 2 مايو 2009:" أن بلاده تدعو لأن تتولى دوراً يرسي النظام، ويحسن الأمن من أرمينيا إلى العراق وإيران، وإن علاقة أنقره مع الغرب ستستمر محوراً رئيسياً للسياسة الخارجية".
والتساؤل الآن، لمن توجه هذه المناورات مع العدو الصهيوني؟ فمن الواضح أن مصالح الحزب التركي الحاكم، تتناقض مع مصالح الشعب التركي المسلم، فالحزب الحاكم يلهث وراء الرضا الأمريكي الإسرائيلي، من أجل نفوذ "عثماني" من البلقان وحتى العراق، وهو يرفض أن تأخذ إسرائيل الحصة الأكبر من "الكيكة"، وهو يعرف أن الطريق إلى النفوذ هو برضاء أمريكا عنه، وخاصة أنه ما زال يسعى دون فائدة، للدخول في دول الاتحاد الأوربي.
والتساؤل الآخر هو، ما الأكثر فاعلية وتأثيراً، موقف الملك فيصل، أم بيانات الشجب العربية، ومناورات عسكرية تركية إسرائيلية؟
* * *
تحل غداً الذكرى الثالثة والأربعين، لنكسة حزيران عام 1967م، وهي المثال الفاضح على ضعف الأنظمة العربية، والتي تلتها حرب الاستنزاف، وحرب أكتوبر، التي كسرت الأسطورة الإسرائيلية.
ومع ذلك لن ننسى سجين الرأي محمد عبد القادر الجاسم.

osbohatw@gmail.com

Tuesday, June 1, 2010

العار المزمن



من أين تأتي إسرائيل بكل هذه الجرأة؟ كيف تستطيع تحدي دول الكرة الأرضية، وتحدي منظمة الأمم المتحدة، ومجلس الأمن فيها؟ كيف لا تخشى على نفسها، وهي الدويلة الصغيرة، من غضب العالم؟ فالذي يكرر جرائمه ومجازره يكون أحد اثنين، إما مجنون، وإما أنه يأمن العقاب، فكم جريمة شنعاء ارتكبتها إسرائيل منذ العام 1948، بحق الشعب الفلسطيني؟ وكم قرار صادر من الإرادة الدولية، خالفته إسرائيل، واستخفت به، فما سر جرأتها؟
وماذا فعل العرب والعالم لها، إزاء مجازر صبرا وشاتيلا، ومجازر قانا، ومجازر غزة؟ وغيرها من المجازر التاريخية؟ التي ارتكبتها بدم بارد, وما هي الاجراءات التي أتخذت بحقها، جراء السلوك الإجرامي اليومي، ضد أهلنا في فلسطين، طوال السبعين سنة المنصرمة؟
إن الجريمة الشنيعة، والقرصنة/ البلطجة الاسرائيلية، ضد أسطول الحرية، في المياه الدولية، خارجة عن كل الأعراف والقوانين الدولية، رغم أن هذا السفن تحمل مواد غذائية ومدرسية ومساعدات إنسانية، للمحاصرين في غزة، إلا أن الصلف الإسرائيلي، يصر على تحدي المجتمع الدولي ومؤسساته، معلناً حصانته ضد القوانين الدولية، وضد أي إجراء يتخذه مجلس الأمن، والتاريخ يشهد بذلك.
فهل هي شجاعة، أم جرأة أم صفاقة؟ ولم لا تخشى إسرائيل كل دول العالم, وهي الدويلة الصغيرة؟ وتظل سائرة في طريق العدوان والقتل والتجويع، لشعب بأكمله.
هي لا تخشى إجتماعات جامعة الدول العربية، التي كل ما ستفعله وتتخذه حيال هذا العدوان الوحشي، هو الشجب والاستنكار، والشكوى لدى مجلس الأمن، ولن تخشى من أي رد فعل لمجلس الأمن، لأنها محمية من أقوى قوة في العالم، وهي الولايات المتحدة، التي تدعي حماية الشعوب والديموقراطية في العالم، وتدعي محاربة الإرهاب، بينما إرهاب الدولة الإسرائيلية مستثنى من هذه الحرب.
الولايات المتحدة، التي صنعت نهجاً ساداتياً جديداً، في الحلف العربي الموالي لسياساتها في الشرق الأوسط، وهي تدفع لإقامة "شرق أوسط جديد وكبير"، من من أجل قيام بعض الأنظمة العربية، بتسويات منفردة، مباشرة وغير مباشرة، مع إسرائيل.
هذا في ظل الانقسام المؤسف والمخجل، بين فصائل المقاومة الفلسطينية، الذي لم تستطع أن توحده حتى مثل هذه الجريمة، ضد شعبها وشعوب العالم.
إن العار سيظل مزمناً، طالما بقيت الولايات المتحدة، تتحكم بمصير العالم، وتمارس سياسة القطب الواحد، وتحمي التسلح النووي الإسرائيلي، أما إسرائيل فستضحك حتى تستلقي على قفاها، عندما تسمع بيانات الشجب العربية.
وتساؤل أخير، هل يقصد من وراء هذا العمل، إضافة إلى مقاصده الأخرى، تعطيل عملية السلام العربية؟
* * *
لم ننسى سجين الرأي محمد الجاسم
osbohatw@gmail.com