Saturday, June 19, 2010

الفلوس أم النفوس؟



ليس هناك أدل على فساد القطاع الخاص، من الشركة أو الشركات المسؤولة عن صيانة المولدات الكهربائية، وهي ليست المثال الوحيد في البلد، بل يتبع هذا المثال الشركات المسؤولة عن الصيانة في قطاعات حيوية في الدولة، مثل النفط والطرق والمواصلات والطيران، حتى وصل الفساد إلى بعض البنوك، وهي من أعمدة الاقتصاد الوطني.
لكن الأمر لا يتعلق بالفلوس، بل يتعلق بالرجال والنفوس، فأثناء فترة الاحتلال، عندما لم يكن في الدولة لا قطاع عام، ولا قطاع خاص، قام مجموعة من المخلصين بالحفاظ على الطاقة الكهربائية، وإمداد بيوت الصامدين بالماء، كل ذلك تطوعاً ومن غير مقابل مادي، وتحت أقسى ظرف مر في تاريخ الشعب الكويتي، وكان الشباب والشابات، يعملون في كافة المجالات، لتيسير حياة الكويتيين الصامدين، سواء في محطات البنزين، أم في شركة المطاحن والدقيق الكويتية، وفي المستشفيات، وحتى في تنظيف الشوارع من القمامة.
وعندما انقطعت الكهرباء في الكويت، بسبب حرب التحرير، كان أول من دخل إلى الكويت، رجالات مخلصين من مسؤولي وموظفي وزارة الكهرباء، وعملوا ليلاً ونهاراً لإعادة الكهرباء، وتصليح ما دمر من محطات الكهرباء، ولم يكن هؤلاء ينتظرون عائداً مادياً، ولم تكن هناك شركات ترسى عليها مناقصات بالملايين، لصيانة المحولات، لكن كان هناك أبناء وطن مخلصين، كانت هناك كفاءات وطنية، اختبرت كفاءتها في الظروف القاسية.
واليوم الذي يباع فيه الوطن، وتباع فيه الضمائر، وتباع فيه حتى امتحانات المدارس، أصبحت حياة الإنسان وصحته وتعليمه وخبزه سلع، يتاجر فيها لصالح شركات، وفي الوقت الذي تسجل فيه فوائض مالية للدولة، يواجه المواطن بصعوبات معيشية، لا تشي بأنه في دولة الرفاه المزعومة، فلم يسلم مرفق أو مؤسسة حكومية من الفساد الذي استشرى، وأصبح المواطن في آخر اهتماماتها.
في ظني أننا مقبلون على مرحلة أسوأ من تهديد وزير بالقتل، أو قذف مهندسة بفنجان القهوة، أو قتل مواطن بدم بارد، نحن مقبلون على مزيد من القيود على حرية المواطن، ومزيد من الإجراءات ضد الانتقاد والاحتجاج والمطالبة بالحقوق، هذا هو ثمن التحول من دولة الرعاية الاجتماعية، إلى دولة القطاع الخاص.

الحرية لسجين الرأي محمد عبد القادر الجاسم

osbohatw@gmail.com

No comments: