Friday, June 11, 2010

كل من همه على قده



رغم إقرار قانون الخصخصة في مجلس الأمة، إلا ان التجار في غرفة التجارة، والصحف التي تمثلهم غير راضين على التعديلات الجزئية على القانون، والتي تركز على عدم المساس بالثروة النفطية، واستثناء قطاعات التعليم والصحة من الخصخصة، وعبرت إحدى الصحف وقتها بأن القانون ولد ميتاً، كما عبرت صحيفة أخرى يوم الخميس الماضي بأن القانون ولد معيباً، وضربت مثلاً على انتعاش الاقتصاد البريطاني، بعد إجراءات الخصخصة التي قامت بها مارغريت تاتشر.
وفي الواقع أنه بعد قدوم المحافظين الجدد، ممثلين بالرئيس الأمريكي ريغان، ورئيسة وزراء بريطانيا تاتشر في ثمانينيات القرن المنصرم، ونهجهما الرامي إلى تقليص الدور الاقتصادي للقطاع العام، وخصخصة القطاعات العامة، والاقتصاد الرأسمالي يسير إلى نتيجة الأزمة المحتومة، وهو ما تمثل في الأزمة الاقتصادية البنيوية الأخيرة، التي طالت معظم دول العالم، بما فيها دول الاتحاد الأوربي.
وانعكست هذه الأزمة، على معيشة شعوب هذه الدول، وخاصة فئات العاملين بأجر والمتقاعدين، وحملتهم عبء هذه الأزمة، عن طريق تقليص الدعم الحكومي، وخفض الرواتب، وفرض ضرائب عليهم، وهذا سبب احتجاجات شعبية واسعة، في اليونان واسبانيا والبرتغال وفرنسا وبريطانيا وغيرها من دول الاتحاد الأوربي، ناهيك عن دول آسيا، وقابلتها اجراءات قمعية ضد الأحزاب المعارضة، اتفقت عليها الدول الأعضاء في الاتحاد الأوربي وبرلماناته ومجلس منظمة الأمن والتعاون في أوربا.
وتشير المصادر الاقتصادية، ان العاطلين عن العمل في بريطانيا، بلغ 2.5 مليون عامل، أي 8% من إجمالي السكان، ويشير معهد الدراسات الحكومية البريطاني، أن العجز في الميزانية، بلغ أكثر من 167 مليار جنيه استرليني، أي 260 مليار دولار أمريكي، والمتوقع أن يتنامى عدد العاطلين في السنوات القادمة إلى 4 ملايين شخص، وهو رقم غير مسبوق في تاريخ بريطانيا، وفي نهاية العام المالي الذي انتهى في 31 مارس الماضي، ارتفع حجم الاقتراض الحكومي إلى أعلى مستوى له، ليصل إلى 163.4 مليار جنيه.
وطالت الأزمة وتأثيراتها الشعبية، حتى ألمانيا القوية أقتصادياً, فأغلقت بعض أفرع مصانع سيارات البي أم دبليو ومرسيدس بنز، لفترة معينة، وقالت الفاينانشال تايمز البريطانية يوم 7 يونيو الجاري، أن ألمانيا تعتزم انتهاج سياسة تقشف جديدة للسنوات الأربع القادمة.
هناك الكثير ليقال عن التأثيرات الكارثية على الشعوب، جراء تخلي الدولة عن دورها الاقتصادي والاجتماعي, وتطبيق سياسة البنك الدولي، في بيع قطاعات الدولة للقطاع الخاص، الذي سيفاقم معاناة الشعوب, ولنتذكر أن أزمات مثل هذه، أدت إلى حروب عالمية في القرن الماضي.
ويبدو أن هم التجار وشركاتهم المحدودة، مناقض لهم الشعب بأكمله، ويبدو أن تباكي التجار هو على الكيكة الكبيرة، وهي ثروة الشعب، التي ضاعت من أيديهم.

osbohatw@gmail.com

No comments: