Tuesday, September 28, 2010

الصراع الأزلي



إن الصرع بين التقدم والتخلف، بين التشدد والانفتاح والتسامح في الكويت، قديم قدم ترسخ الثقافة على هذه الأرض، فالمجتمع الكويتي مثله مثل كل المجتمعات البشرية، التي لا بد وأن تمر بتحولات وتشكيلات اجتماعية اقتصادية، ذات ضرورة موضوعية تاريخية.
ولذا فالكويت تكاد تكون الوحيدة بين دول الخليج، التي رفضت واستهجنت الدعوة الوهابية السلفية، وقاومت حملات الاخوان في خمس هجمات على الكويت، في سنوات 1793 و 1794 و 1797م و 1808م إضافة إلى حرب الجهراء عام 1920م، لكن الأخوان لم يستطيعوا السيطرة على المجتمع الكويتي، وحرف فكره المتسامح والمنفتح، مثلما فعلوا مع بقية الكيانات الخليجية مثل البحرين وعمان وقطر، حسبما يشير د. خليفة الوقيان في كتابه القيم "الثقافة في الكويت".
والصراع بين التقدم والتخلف، هو صراع أزلي وفي سياق تطور التاريخ، كصراع الأجيال، والقديم والجديد، لكن حسب منطق العلم والتاريخ، فالنصر يكون دائماً للجديد، مهما قاوم القديم جديد العصر والزمن.
ففي القرون الأخيرة، مر المجتمع الكويتي بصراعات فكرية، بين دعاة التشدد ودعاة الانفتاح والاستنارة، وتصدى علماء الكويت وشعرائها لدعاة الغلو والتشدد، بل إن شعراء الجهراء العاميين أطلقوا وصف الخوارج على الإخوان، وقالوا شعراً كثيراً فيهم، وكان من شعراء الكويت صقر الشبيب وعبدالله الفرج وعبد اللطيف النصف، ومن العلماء ورجال الدين المستنيرين والإصلاحيين، الذين حاربوا التشدد والغلو، ودعاة رفض التقدم والحداثة، مثل الشيخ مساعد العازمي والشيخ عثمان بن سند والشيخ عبدالعزيز الرشيد والشيخ يوسف بن عيسى القناعي، والنوخذة عيسى القطامي، هؤلاء "يرون أن هناك تعارضاً بين الدين الحق والأفكار المتزمتة، التي تحرم ما أحل الله، فضلاً عن قناعتهم بعدم جواز تكفير المسلمين لمجرد الاختلاف معهم بالرأي حول الفروع أو الأمور الثانوية التي لا تتصل بصلب العقيدة" (الثقافة في الكويت ج1 ص228-خليفة الوقيان).
وقد كان من أشد المحاربين للتقدم هو الشيخ عبدالعزيز العلجي الذي كتب قائلاً:
يا عاتباً منا الجمود وطالباً منا التمدن إنك الحيران
إن التمدن لو علمت فخسة جاءت بها الأورب واليونان
بل إن رجل دين متشدد آخر غضب لاشتراك عائلة الخالد بمجلة "المنار" لأن الشرع –كما يرى- لا يبيح لهم مطالعة تلك الصحف، التي تجمع "العقائد الزائفة والآراء المبتدعة" (نفس المصدر ص 231).
وما أشبه اليوم بأمس، ففي القرون الثامن عشر والتاسع عشر والعشرين، دافع العلماء والشعراء في الكويت عن الحرية والثقافة والتقدم، وفي القرن الحادي والعشرين، ترتفع نفس النبرات ضد حرية القراءة والمطالعة، وضد التقدم ومنطق العصر، لكن الأكيد أن التقدم سينتصر بالنهاية، وكما هي عادة التاريخ.

osbohatw@gmail.com


Sunday, September 26, 2010

المجزرة السنوية



تقترب الذكرى السنوية لمجزرة الفكر والكتاب، دون أن تطرف عيني الحكومة أو تنتفض لسمعة الكويت الثقافية والأدبية والفنية، ملبية أوامر حكومة الظل بل حكومة الظلام، التي ما فتئت تصدر فرامانات القيود على المواطنين، وصكوك الغفران لفتاوي الشر والتكفير والتخلف، لتعود بنا إلى عصور الظلام القديمة، عندما كانت الكنيسة تجرم كتب العلم والفلسفة والأدب.
هل هي سادية يمارسها أصحاب مشروع التخلف؟ أم نقصاً في القيم الإنسانية مثل الحرية والديموقراطية والمحبة؟ أم شعوراً بالنقص ورهبة من أجواء الانفتاح والحرية والسلام الاجتماعي؟
في الوقت الذي يضع فيه وزير الإعلام، حجر الأساس لأول وأكبر مشروع ثقافي كويتي في الهند، تعمل وزارته بنفس الوقت، كصبي الجزار الذي يأتمر بأمره وينفذ تعليماته، تمسك بجسد الحرية، وتتركهم ليقتاتوا من دمائها.
في الهند؟! لا بأس ما دامت الهند بعيدة، حيث لا يوجد لديهم ناخبين، ولن يكون من الاستراتيجي السيطرة على الهند، لكن في الكويت فلتخسأ الحرية والثقافة، لا عودة لما يسمى بعصر النهضة الكويتي، ولا عودة لأوهام الستينيات والسبعينيات.
ولد جيل في الكويت، لا يعرف معنى أو يصدق أن الكويت كانت تسمى جوهرة الخليج ومنارة للفكر العربي، فكل ذلك إدعاء وكذب من التغريبيين الذين يرمون إلى نشر الفساد والرذيلة والأفكار السامة، لا يصدق هذا الجيل أساطير الستينيات والسبعينيات وتخاريف آبائهم وأوهامهم، بأن الكويت كانت معبراً للنهضة والمحبة والتسامح والانفتاح والتقدم، فآبائهم يصورون الكويت، كمدينة أتلانتس التي غرقت وابتلعها البحر.
يالا تخاريف الآباء، فالكويت لم تكن يوماً بلاد العرب، ولم تكن يوماً إلا سجناً كبيراً للفكر والثقافة، وجلاداً ملتحياً متجهماً بيده سوط التأديب لمن خرج عن الطوع، لم تكن قط واحة للحرية، لم تكن مركزاً للإشعاع والنور والنهضة الفكرية والفنية والمسرحية والرياضية، كل تلك تخاريف الأولين وأوهام الآباء والأجداد الذين كانوا على ضلال.
فليمت اتحاد كتاب مصر بغيضه، ولن يجد احتجاج واستنكار المثقفين العرب أي صدى لدى الحكومة، التي صدقت أن التكنولوجيا وثورة المعلومات، لا تستطيعان أن ينتصرا على سيف التسلط، ولا تقوى على كسر القيود على المعرفة، فحجاب التخلف أعتى من العلم.
فهنيئاً لمعرض الكتاب، الذي كان ثاني أكبر وأهم معرض عربي، هنيئاً له بهذه المكانة الجديدة، التي تغيظ العدا الذين يريدون عودة ما يسمى بكويت الحريات والرفعة والعزة، وليظلوا بأوهامهم وبأساطير الستينيات والسبعينيات، ولتهنأ الطائفية والقبلية والفئوية، فالبيئة ما زالت صالحة ومهيئة للاشتعال.

osbohatw@gmail.com

Friday, September 24, 2010

عودة الحرب الباردة



قلت في مقالات سابقة، أنه ليس أمام الولايات المتحدة، لتخطي الأزمة الاقتصادية الكبيرة التي تعصف بها، إلا بافتعال حرب عالمية، كما حدث أبان أزمة الكساد الكبير عام 1929م، والتي كانت الحرب العالمية الثانية إحدى طرق تجاوزها، أو افتعال بؤر توتر وحروب، وتدخل عسكري مباشر، كما حدث في البلقان والقرن الأفريقي وأفغانستان والعراق، تضمن لها تدفق ثروات هذه المناطق والدول.
وفي ظل تنامي أقطاب جديدة في الساحة العالمية، مثل الصين التي ارتفعت معدلات نموها في مقابل انخفاض معدلات النمو الأمريكي، وكذلك روسيا والهند والبرازيل، والتغيرات الاشتراكية التي بدأت تبرز في دول أمريكا الجنوبية، وأزمة تكدس السلاح الأمريكي، فليس أمام الولايات المتحدة إلا تسويق "الستوك" من السلاح، وخلق أحلاف لمواجهة تنامي الأقطاب المتعددة الجديدة.
ولعل فشل المشروع الأمريكي في أفغانستان وفي العراق التي كانت تريده قوة في المنطقة تشكل ثلاثياً هلالياً مع تركيا وإسرائيل، جعلها تتجه إلى سحب قواتها العسكرية لتكبدها خسائر تقدر بمليارات الدولارات، وآلاف الأرواح، سببت تذمراً شعبياً أمريكاً، لتحل محلها الشركات اللوجستية، كي يستمر تدفق النفط إلى مصانعها، مع خدمات تدريبية لحرس الحدود وشرطة النفط، يقدمها حلف شمال الأطلسي (الناتو) كما عبر وزير الداخلية العراقي جواد البولاني بعد اجتماع وزراء داخلية دول جوار العراق (الراي 24 /9/2010).
وحسب جريدة الفينانشيال تايمز، فإن دول مجلس التعاون أبرمت صفقة لشراء أسلحة أمريكية بقيمة 123 مليار دولار، تحت ذريعة مواجهة القوة العسكرية الإيرانية، وبهذا نعود إلى أجواء الحرب الباردة في ثمانينات القرن الماضي، ابان الحرب العراقية الإيرانية، حيث تم تكديس ترسانة ضخمة من الأسلحة في دول مجلس التعاون، وأنفق عليها مليارات الدولارات، رغم أنها لم تأت بفائدة كبيرة لهذه الدول، اثناء الغزو العراقي على الكويت.
فصفقة الأسلحة التي أبرمتها أخيراً المملكة العربية السعودية وتقدر ب60 مليار دولار شملت طائرات مقاتلة، ليست لها فعالية كبيرة، فحسب مصادر أمريكية، فإن إسرائيل تشعر بارتياح كبير، لأن هذه الطائرات لا تحتوي على نظم أسلحة بعيدة المدى، مثل الطائرات التي حصلت عليها إسرائيل من الولايات المتحدة، (القبس 14/9/2010).
ولو قبلت الولايات المتحدة مطلب إيران، كي تكون شرطي المنطقة، وتقاسمت النفوذ فيها، لقل التوتر والخطر في المنطقة، ولكن في المقابل ستطول الأزمة الاقتصادية الأمريكية وستتعمق، فلا حل إلا بحلب ثروات المنطقة.

osbohatw@gmail.com



Tuesday, September 21, 2010

التخلف سبب الآفات الاجتماعية



الآن، وبعد أن تم سحب الجنسية من ياسر الحبيب، الذي اعتبر مزدوج الجنسية، إضافة إلى جريمة إثارة الفتنة الطائفية، هل تم اخماد جمر الفتنة ومنابعها ووجودها الكامن؟ هل قضينا على بيئة التخلف الثقافي والاجتماعي، الحاضنة لجذور الفتنة، هل أصبحنا دولة مؤسسات وقانون؟ هل رفعت الحكومة من سقف هيبتها أمام جميع أطياف المجتمع؟ هل أصبحت عصية على الضغوط والابتزاز السياسي الرخيص؟ هل أعادت ثقة الناس بها وبقراراتها؟
إن إطفاء اللهب لا يعني إخماد الجمر، وتخفيف الاحتقان الطائفي لا يعني القضاء عليه وعلى أسبابه نهائياً، ومعالجة العرض لا تعني معالجة المرض، إذ لا بد من حلول جذرية للقضاء على التعصب الطائفي والقبلي والفئوي في مجتمعنا، المتسم تاريخياً بالتسامح الديني والثقافي والاجتماعي.
إن الإجراء الحكومي السريع نسبياً، لمعالجة تداعيات الأزمة الأخيرة، يدل على ضرورة تدخل الحكومة لحفض الأمن الاجتماعي والسياسي، لكن ليست ردة الفعل هي المطلوبة، بل المبادرة وقراءة الواقع واستشعار الحدث للوقاية قبل الاستفحال.
إن أسباب أي مشكلة ثقافية أو اجتماعية أو نفسية أو اقتصادية، لن تكون وحيدة البعد حسب منطق العلم، ولكنها عادة تكون ذات أبعاد وجوانب متعددة، وأن جميع هذه المشكلات تؤثر على بعضها بعلاقة متبادلة، والفتنة تشترك فيها أطراف وليس طرفاً واحداً.
وها هم بعض أعضاء مجلس الأمة، يملون شروطهم على الحكومة، ويوغلون بالتمادي، رغم تحقق هدفهم بسحب جنسية ياسر الحبيب، فالبعض يعطي مهلة 24 ساعة للحكومة كي تسحب الجنسية وإلا..، والبعض يريد مكاسب أبعد تصل إلى "اجتثاث هذا الفكر الخبيث"، وهنا يصبح الأمر ملتبساً إذا لم يكن يعني التعصب والتطرف بجميع اشكاله وباختلاف مصادره، والبعض يحذر وزير الأوقاف من منع الدروس الدينية في المساجد، رغم أن بعض هذه الدروس استخدمت في كثير من الأحيان، لغسل أدمغة شبابنا، وزرع فكر الغلو والتطرف، مما يذكرني بالمثل المصري:" تدي له صباعك ياخذ دراعك".
لا سبيل لأمن المجتمع وتقدمه إلا بالقضاء على التخلف الذي استشرى من بعد التحرير وحتى هذه اللحظة، يجب رفع الوعي الاجتماعي والشعور بالمساواة في الحقوق والواجبات، وتقديم الولاء للوطن على الطائفة والقبيلة، والتعامل مع هذا الولاء حسب القانون، بما فيها قضية ازدواج الجنسية، ووضع مناهج دراسية تواكب العصر، وإشاعة أجواء ثقافية مستنيرة، كل تلك هي ضمانات للعودة إلى كويت العز والتقدم، واستقرار المجتمع.

osbohatw@gmail.com

هذه ليست مقابل تلك



الاختيار بين الفتنة وقمع الحريات، ليس اختياراً صائباً ولا منطقياً، بل أنه يزيد الطين بله، ويزيد الأمر تعقيداً وتصعيداً، فالأمن الاجتماعي يرتبط جدلياً مع الحريات والديموقراطية.
فإذا كان التأجيج الطائفي والقبلي والفئوي، سيدفع الحكومة للتشدد وتقييد الحريات، فتلك هي مرامي من يقف وراء هذا التأجيج، سواء المتخلفين من داخل مجتمعنا أو من خارجه، أو من مراكز القوى، الذين تؤذيهم الديموقراطية وتؤذي مصالحهم.
ما زلنا مع تطبيق القانون وفرض هيبته، للحفاظ على أمننا الاجتماعي، لكننا بالتأكيد ضد ردود الفعل غير المدروسة والمبالغة، في تطبيق القانون، فما حفظنا منذ قرون هو سمة الحرية التي هي أغلى ثرواتنا، وسمة الاختلاف والتعدد ضمن الوحدة، والتي هي مصدر قوتنا.
إن حكم المحكمة الدستورية بعدم دستورية قانون الاجتماعات العامة، هو حكم ملزم ولا يجوز العودة لتطبيقه، ولكن بيان وزارة الداخلية في شأن الندوات والتجمعات وتطبيقها له يشيان بأن هذا القانون ما زال سارياً، وهو مخالفة دستورية سافرة، والخشية أن تستغل هذه الفتنة بإحياء محكمة أمن الدولة، والتشدد في قانون المطبوعات والنشر، وإدخال تعديلات قمعية على قانون المرئي والمسموع، ناهيك عن قانون مراقبة المواقع الألكترونية، الذي يجري الاعداد له.
إن طريق تطبيق القانون، ودرء أخطار الفتن طريق معروف ومجرب، يكمن أولاً بمسطرة الدستور والقانون، وإرساء مبادئ العدالة والمساواة على الجميع، وثانياً التخفيف من قبضة قوى الإسلام المتشدد على المجتمع، ورفع الحكومة يدها عن رعاية هذه القوى، وثالثاً البحث عن البؤر الخبيثة والمؤججة لجميع النعرات، ومحاسبتها قانونياً، ورابعاً إعادة الاعتبار للتربية الاجتماعية، المبنية على التسامح واحترام الاختلاف.
إن حالة التخلف الثقافي والاجتماعي، هي بيئة حاضنة للعصبيات الطائفية والقبلية والفئوية، ولا يمكن القضاء على التخلف وتبعاته، إلا بإعادة بناء كيان الدولة الحديثة ومقوماتها، الذي بدأ في خمسينيات وستينيات القرن الماضي ثم توقف، والبدء فوراً بعمليتي الإصلاح السياسي، واستكمال الديموقراطية، والتصدي للفساد وأركانه.

osbohatw@gmail.com

التخبط



إننا نرى وحسب معطيات الساحة السياسية الكويتية، أنه لا أفق لنجاح خطة التنمية كما عرضت بالطريقة الوردية، فالتخبط هو العنوان الرئيس للسلطة التنفيذية، رغم حيازتها على أغلبية برلمانية.
فلا توجد سياسة واضحة للحكومة تجاه القضايا والملفات العالقة، ولا تتخذ قرارات مدروسة جيداً، بل اعتمدت في كثير من الأحيان على ردود الفعل، وعلى قرارات فورية دون تمحيص أو تروي، يليقان بحكومة تدير مصالح شعب وتسعى إلى تأكيد كيان دولة ديموقراطية حديثة.
فمرة تضع خطة تنمية مليارية، ثم تتورط في مصادر تمويلها، هكذا دون دراسة كافية، ومرة تقرر تطبيق قوانين الرياضة، ثم تحل مجلس إدارة الهيئة العامة للشباب والرياضة، ومرة تعين الجزاف رئيساً للهيئة، ثم تعين الفلاح بدلاً منه، أو العكس، ومرة تقرر سحب جنسية ياسر الحبيب، ثم تتراجع عن قرارها، ومرة تتشدد في مسألة حرية الرأي والتعبير، ثم تتساهل حيال محطات فضائية وصحف تشعل فتنة، ومرة تقرر مراقبة هواتف البلاك بيري، ثم تتراجع والأمثلة المشابهة كثيرة.
هذا بغض النظر عن النوايا الطيبة، فالنوايا لا تصنع دولة حديثة، بل تصنعها سياسات مدروسة وصائبة، وقرارت تستند على الدستور والقانون، ولا تستند على الفردانية ومراكز القوى.
ولا نعفي أعضاء مجلس الأمة من هذا التخبط، فلم يعد غالبية الأعضاء معنيين بمستقبل البلد، بعدما أفسدوا بالهبات والعطايا والمناصب والمنازل والامتيازات خارج القانون، ومبدأ المساواة بالحقوق وتكافؤ الفرص، وتحول هؤلاء من واجب الدفاع عن مصالح الشعب، إلى تنفيع أبناء الجماعة والقبيلة والطائفة.
كما أننا لا نعفي القوى الوطنية، التي إنكفأت على نفسها، وركزت جهودها على الجوانب الانتخابية، وتجاهلت القضايا الاجتماعية للشعب، وتمزق شملها بعدما تضاربت مصالحها الاقتصادية، وبرز فيها فرزاً طبقياً، فبعض عناصرها لها مصالح مرتبطة بالحكومة ومشاريع التنمية، وهذا ينطبق على تنظيمات الإسلام السياسي أيضاً.
في ظل كل هذا التخبط في السلطتين التشريعية والتنفيذية، وفي ظل تصاعد وتيرة وحدة الصراع الطائفي والقبلي والفئوي، يصبح وضع البلد مقلقاً، لا يدعو للتفاؤل والطمأنينة، ويصبح المستقبل غامضاً رمادياً.

osbohatw@gmail.com

على شفا فتنة



قلت في مقالي السابق، أن أحد السياسيين اللبنانيين قال:" أن إثارة الفتنة تحتاج إلى طرف واحد، لكنها تحتاج إلى طرفين أو أكثر لتنفيذها"، وهو ما يحصل في الكويت، فلم يتم احتواء وإيقاف الشرارات الأولى للفتنة، بل تركت الأطراف الأخرى لتأجيجها، وكل يدعي أنه يدافع عن الحق، والكل يدعي المحافظة على الوحدة الوطنية بالتصعيد والتأليب، وتركت النار ليرتفع أوارها، وكأنه يراد للفخار أن يكسر بعضه.
إن التحرك الحكومي الأخير، لقطع الطريق على مثيري الفتن، والإجراءات القانونية التي قام بها سمو رئيس الوزراء بالإنابة وزير الدفاع الشيخ جابر المبارك، وقانون الوحدة الوطنية الذي يعد له في مجلس الوزراء والمجلس الأعلى للتخطيط، كلها كانت إجراءات مستحقة منذ زمن بعيد.
فالفتن لا توقف إلا بتطبيق دولة القانون تطبيقاً حازماً، ولا تشتعل الفتنة بين شعب واع، فهي ليست من الأمور التي يستهان بها، بل هي أخطر على الشعوب من الحروب العسكرية المباشرة، وهي سلاح العدو الأمضى لتقويض الدول، وتفتيت الشعوب.
لقد تهاونت الحكومة فيما مضى، مع خطر مباشر وواضح لتمزيق النسيج الإجتماعي، عبر الإعلام المرئي والمكتوب، ووقف القانون مشلولاً ضعيفاً أمام الفرز القبلي والطائفي والفئوي، بدءً من المناهج الدراسية المتخلفة، إلى الانتخابات الفرعية المخالفة للقانون، التي تكرس الولاء الأصغر على حساب الولاء الوطني الأكبر، إلى تقسيم الكويتيين إلى بدو وحضر وشيعة وسنة، وزرع الكراهية في نفوس الكويتيين ضد بعضهم.
وتعاملت الحكومة وكأن الأمر عابر، وغمامة طارئة، بل ركزت جهودها ضد من ينتقد سياساتها وأدائها، مخلصاً للوطن وقلقاً على مستقبله، وترك الوطن في مهب ريح الطائفية والقبلية، وتقوضت كل مكتسابات الشعب الكويتي المدنية والقانونية والحضارية.
في هذه الأجواء الجنونية، وفي ظل الأخطار المحدقة بالمنطقة، تصبح التنمية بلا معنى، فأي تفكير في خطط تنموية يجب أن تبدأ بالإنسان، فهو الأولوية ومنه تبدأ وإليه تنتهي.
فقبل تعمير المباني والشركات، يجب بناء شعب متحد، ملتف حول وطنه وقضاياه، تربطه المواطنة والولاء للوطن، يرفل بالحرية والمساواة تحت الدستور والقانون، والبدء بتطوير المناهج، وتدريس وتكريس الوحدة الوطنية منذ الصغر.
وإذا كان لابد من شركة إعلامية لترويج خطة التنمية، يتم من خلالها نهب المال العام، فالأولى تكريس الإعلام العام والخاص، لغرس الوحدة الوطنية، ومكافحة كارثة الفتنة والتمزيق لأبناء الوطن.
وهنا أدعو الكتاب والمثقفين ذوي النفس الوطني المخلص، لجعل قضية المواطنة الدستورية والوحدة الوطنية، أولوية في كتاباتهم وتحركاتهم، وأن تبدأ حملة وطنية شاملة، حكومية وأهلية للحفاظ على ما تبقى من نسيجنا الاجتماعي، ومحاربة كل دعوة متخلفة أو مشبوهة لتفتيتنا.
والبركة بالشباب.
osbohatw@gmail.com

Thursday, September 16, 2010

يراد بنا شراً


لا أحد يعرف مدى خطورة النزاع الطائفي والمذهبي، مثل الذي اكتوى بناره، فإذا دخلت الطائفية بلداً دمرته، وتظل نارها موقدة لسنين وقرون، ولا أحد يخرج من هذا النزاع البدائي منتصراً، بل أنه يؤخر البلدان لسنين، ويحطم خلال فترة قصيرة، ما بناه الإنسان في قرون طويلة.
وهو يعكس تخلف الإنسان وعصبيته البدائية، وانتماءاته الضيقة على حساب الانتماء الأشمل والأنبل، كما يعني غياب العقل والتفكير، وتضخم العاطفة والغريزة ويعني الكراهية للآخر المختلف، فقط لأنه مختلف.
استخدمت الطائفية عبر تاريخ البشرية الطويل، للسيطرة على الشعوب، ولعل أول من توصل إليها كسلاح للسيطرة، هو الاستعمار البريطاني، من خلال سياسته المعروفة (فرق تسد)، فالشعوب الواعية واليقظة، تعرف أن قوتها في وحدتها، وفي تفويت الفرصة على المتآمر، من خلال وحدتها الوطنية.
وعلى حد قول أحد السياسيين الوطنيين اللبنانيين، : "الفتنة قد يشعلها طرف واحد، لكنها تحتاج إلى طرفين أو أكثر لتنفيذها"، فالطرف الواعي هو الذي ينتبه إلى مرامي الفتنة وأبعادها المستقبلية المدمرة.
فإذا أرادت إسرائيل أن تضعف الجانب المقاوم لحزب الله، فإنها تضرب جانبه المذهبي، عبر فتنة طائفية مثلما حصل في حادثة برج أبي حيدر، فإن لم ينتبه الطرفان إلى خطورة المؤامرة، سيدخلان في لعبة التدمير الذاتي، فإسرائيل تدرك استحالة الانتصار على شعب موحد.
وكيف إذاً يمكن السيطرة على بلد شاسع مثل العراق؟ دون تفتيته واشعال فتنة طائفية ومذهبية فيه؟ فالطائفية تنسى المشروع الوطني الديموقراطي، وتنشغل في حرب بدائية تعصبية تصفوية.
فهل نحن بعيدون عن مثل هذه الأمثلة؟ هل نحن محصنون ضد الفتنة؟ هل نحن واعون لما يحاك ضدنا؟ وما يراد لنا؟
لعله من التكرار أن نقول أن وحدتنا في وجه الاحتلال، كانت حصانتنا ضد مشروع الشر، الذي قاده صدام حسين، لابتلاع وطننا وطمس هويتنا، وزوال صدام لا يعني زوال الشر.
إن الشرر الذي بدأ يتطاير في وطننا منذ بضعة أشهر وبشكل ملحوظ، لم يكن مصدره طرف واحد، كما أنه لم يكن كله عشوائياً أو تلقائياً، فبعضه مخطط له جيداً، وبعضه يؤججه التخلف ونقص التفكير والمواطنة الدستورية.
هناك من يريد بنا شراً، من الداخل والخارج، هناك من اكتشف نقطة ضعفنا، ومستوى تفكيرنا وعقليتنا، وشغفنا باللعب بالنار.

osbohatw@gmail.com


Monday, September 13, 2010

يوم اختفى التسامح الديني



ذكر لي الدكتور خليفة الوقيان، حكاية ومثال من الأمثلة الكثيرة، عن التسامح الديني لدى الكويتيين، قال:" كان الشيخ عبدالله النوري، وهو شيخ دين، والشيخ عبد العزيز حماده، وهو قاضي الكويت، والشيخ أحمد عطية الأثري، وهو أيضاً قاض، كانوا يذهبون في يوم 25 ديسمبر من كل عام إلى بعض الأسر الكويتية المسيحية، ليقدموا لها التهاني بمناسبة أعياد الميلاد (الكريسماس)، كما أن الشيخ يوسف بن عيسى القناعي، وهو أيضاً قاضي ومفتي ورجل دين، كان معروفاً باحترامه للديانة المسيحية واحترامه ليهود الكويت، الذين كانوا يكنون له احتراماً كبيراً.
لكن الزمن تغير بذهاب المسلمين المستنيرين والمتسامحين من الكويت والعالم، تذكرت ذلك عندما حلت يوم السبت الماضي، ذكرى كارثة 11 سبتمبر اللاإنسانية، والتي قتل خلالها أكثر من ثلاثة آلاف شخص برئ وبدم بارد، هذه الجريمة التي شوهت وجه الإسلام، وربطته بالإرهاب والقتل والدمار والكراهية للأديان الأخرى.
ولكن ماذا كانت نتائج هذه الجريمة؟ هل انتصر الإسلام؟ هل تغيرت أحوال المسلمين إلى الأفضل؟ أظن أنه حدث العكس تماماً، فقد ازدادت الكراهية للإسلام والمسلمين في العالم، وارتد العديد من المسلمين الأجانب عن الإسلام، ومنهم شخصيات معروفة، واستغلت الولايات المتحدة هذه الجريمة، ودفعت بجيوشها إلى بعض الدول الإسلامية، بذريعة الحرب على الإرهاب، وامتصت ثرواتها، ورتبت أوضاع محاورها وتحالفاتها، بصفتها القطب الأوحد في العالم، وفتت شعوباً، وأيقظت فتناً طائفية، وأشعلت بؤراً قد لا تنطفئ في عالمنا الإسلامي والعربي.
ولأن التعصب يقود إلى التعصب، والعنف يولد العنف، هددت كنيسة صغيرة في فلوريدا بحرق مصحف، كما تعرض بعض المسلمين لاعتداءات في أمريكا وبعض الدول الأوربية، وتعرض أمن الجاليات المسلمة في هذه الدول للخطر.
وقد كان من المقرر أن تنطلق مظاهرة في هذه الذكرى، تضم أمريكيين من جميع الديانات سماوية وغير سماوية، في مسيرة تسمى "مسيرة الوحدة"، تعبيراً عن الاستنكار لهجمات سبتمبر، ورفضاً لحادثة حرق المصحف، وتأكيداً على أخوة وتسامح الأديان، وهو المنفذ الحضاري للسلام بين الشعوب.
فهل سينقذنا التسامح في النهاية؟ وهل سنحظى بسلام حلمنا به طويلاً؟

osbohatw@gmail.com

Friday, September 10, 2010

يراد بنا شراً



لا أحد يعرف مدى خطورة النزاع الطائفي والمذهبي، مثل الذي اكتوى بناره، فإذا دخلت الطائفية بلداً دمرته، وتظل نارها موقدة لسنين وقرون، ولا أحد يخرج من هذا النزاع البدائي منتصراً، بل أنه يؤخر البلدان لسنين، ويحطم خلال فترة قصيرة، ما بناه الإنسان في قرون طويلة.
وهو يعكس تخلف الإنسان وعصبيته البدائية، وانتماءاته الضيقة على حساب الانتماء الأشمل والأنبل، كما يعني غياب العقل والتفكير، وتضخم العاطفة والغريزة ويعني الكراهية للآخر المختلف، فقط لأنه مختلف.
استخدمت الطائفية عبر تاريخ البشرية الطويل، للسيطرة على الشعوب، ولعل أول من توصل إليها كسلاح للسيطرة، هو الاستعمار البريطاني، من خلال سياسته المعروفة (فرق تسد)، فالشعوب الواعية واليقظة، تعرف أن قوتها في وحدتها، وفي تفويت الفرصة على المتآمر، من خلال وحدتها الوطنية.
وعلى حد قول أحد السياسيين الوطنيين اللبنانيين، : "الفتنة قد يشعلها طرف واحد، لكنها تحتاج إلى طرفين أو أكثر لتنفيذها"، فالطرف الواعي هو الذي ينتبه إلى مرامي الفتنة وأبعادها المستقبلية المدمرة.
فإذا أرادت إسرائيل أن تضعف الجانب المقاوم لحزب الله، فإنها تضرب جانبه المذهبي، عبر فتنة طائفية مثلما حصل في حادثة برج أبي حيدر، فإن لم ينتبه الطرفان إلى خطورة المؤامرة، سيدخلان في لعبة التدمير الذاتي، فإسرائيل تدرك استحالة الانتصار على شعب موحد.
وكيف إذاً يمكن السيطرة على بلد شاسع مثل العراق؟ دون تفتيته واشعال فتنة طائفية ومذهبية فيه؟ فالطائفية تنسى المشروع الوطني الديموقراطي، وتنشغل في حرب بدائية تعصبية تصفوية.
فهل نحن بعيدون عن مثل هذه الأمثلة؟ هل نحن محصنون ضد الفتنة؟ هل نحن واعون لما يحاك ضدنا؟ وما يراد لنا؟
لعله من التكرار أن نقول أن وحدتنا في وجه الاحتلال، كانت حصانتنا ضد مشروع الشر، الذي قاده صدام حسين، لابتلاع وطننا وطمس هويتنا، وزوال صدام لا يعني زوال الشر.
إن الشرر الذي بدأ يتطاير في وطننا منذ بضعة أشهر وبشكل ملحوظ، لم يكن مصدره طرف واحد، كما أنه لم يكن كله عشوائياً أو تلقائياً، فبعضه مخطط له جيداً، وبعضه يؤججه التخلف ونقص التفكير والمواطنة الدستورية.
هناك من يريد بنا شراً، من الداخل والخارج، هناك من اكتشف نقطة ضعفنا، ومستوى تفكيرنا وعقليتنا، وشغفنا باللعب بالنار.

osbohatw@gmail.com


Tuesday, September 7, 2010

رجال الدين والخدمات الاجتماعية



لدي أصدقاء قساوسة مسيحيون لبنانيون منذ سنوات طويلة، منهم الدكتور الأب إيلي كسرواني، وهو شخصية لبنانية مرموقة على مستوى لبنان والعالم، وهو صاحب علم ومؤلفات في النصوص الموسيقية الآرامية، التي قضى زمناً من عمره في البحث عنها من خلال الآثار، وقد يكون هذا التخصص من النوادر، ولديه اهتمام كبير بالموسيقى، فالآراميين نحتوا النوت في الصخور، وأولوا الموسيقى أهمية مثلهم مثل جميع الحضارات البشرية، بما فيها الحضارة الإسلامية، التي كانت أول من استخدم الموسيقى في العلاج النفسي.
لدى القساوسة المسيحيين تقسيم للعمل الاجتماعي فيما بينهم، إضافة إلى واجباتهم الدينية، فمن المعروف أن رهبان الأديرة، كانوا يوفرون منتجاتهم الغذائية ذاتياً، أي كانوا وما زالوا يزرعون الخضروات والفواكه، وينتجون الحليب من الماعز والأبقار التي يربونها، وما يفيض يوزعونه على القرى والضيع، أو يبيعونه بأسعار رمزية، علماً بأن كل إنتاجهم عضوي.
وهم زاهدون بالمال والثراء، إلا ربما قلة غير ملتزمة، ولكنهم يفعلون المستحيل لمساعدة المحتاجين من كل الديانات والطوائف، سواء مسلمة من كل المذاهب، أو مسيحية من كل الطوائف، سواء كانت مساعدات معنوية أم مادية، فهم إن دعت الحاجة، يعملون كمعالجين نفسانيين.
فإذا كان الأب كسرواني يدرس في الجامعات، ويطوف بفرقته الموسيقية لجمع التبرعات، فإن الأب بول الميكانيكي الماهر، يشتري السيارات المعطوبة، ثم يصلحها بيديه، ويبيعها بسعر أعلى لصالح إحدى الأسر المحتاجة، كما أنه يدرس تطوعاً الموسيقى لأطفال الفقراء، وهناك الكثير من الخدمات الاجتماعية، تقدم كل حسب اختصاصه أو قدراته.
وقد كنت موجوداً بالصدفة، عندما اتصلت سيدة مسلمة، أرادت مساعدة لابنها "علي"، لكي يحصل على عمل ليعيل والدته وأخوته، كما كنت موجوداً أيضاً عندما طلبت إحدى الأسر المسلمة مساعدة، كي يكمل إبنها تعليمه، وعمل أحد القساوسة سمسار عقارات، عندما أرادت إحدى الأسر الهجرة من لبنان، وكان لديها عقار أرادت أن تبيعه، وحتى أن القساوسة قدموا خدمات بتنظيف الشواطئ والشوارع.
واهتمت الكنيسة اهتماماً استثنائياً بالعلم، فأول مطبعة في الشرق جلبتها الكنيسة اللبنانية عام 1610م، كما أن أول جامعة لبنانية "الجامعة اليسوعية"، كانت من تأسيس الكنيسة في القرن التاسع عشر، كما أن الرهبان حرصوا على المحافظة على اللغة العربية، في ظل الاستعمار العثماني، فعلموها لأبنائهم في الأديرة.
الغريب في الأمر، ورغم معرفتي الطويلة بهؤلاء القساوسة، لم تتم محاولة تبشيري بالدين المسيحي، بل كانوا يحرصون على تهنئتي بالمناسبات الدينية الإسلامية، مثل شهر رمضان والأعياد، والمولد النبوي.
كانت مناسبة المقال، هو قدوم عيد الفطر المبارك، أعاده الله علينا بالخير والسلام والمحبة.

osbohatw@gmail.com

Sunday, September 5, 2010

أي سلام يريدون؟



إن أي معاهدة سلام بين طرفين، لا بد أن تكون عادلة، وإلا اعتبرت خضوعاً واستسلاماً لشروط المنتصر، والمستسلم يكون عادة ذليلاً وخانعاً، وقابلاً لأي شرط يفرضه الطرف الأقوى أو المنتصر.
فإذعان السلطة الفلسطينية، للشروط الأمريكية الإسرائيلية، للعودة للمفاوضات المباشرة دون شروط مسبقة، وفي نفس الوقت متوافقة مع المقاسات التي أصرت عليها حكومة نتنياهو، يعني الموافقة على إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي لصالح الدولة الصهيونية، وتخل عن حقوق الشعب الفلسطيني الأساسية في العودة وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس.
ومن دون شروط فلسطينية مسبقة مثل العودة، ورفع الحصار عن غزة، ووقف بناء المستوطنات وتهويد القدس، وإطلاق سراح المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، ستكون المعاهدة بمثابة تصفية للقضية الفلسطينية، ومسح لتاريخ طويل من النضال الفلسطيني، وتسليم مصير الشعب الفلسطيني بيد التعنت والعدوان المستمر لمحو وإلغاء الهوية الفلسطينية والعربية.
بينما في المقابل، فرض نتنياهو شروطه المسبقة، قبل الدخول في مفاوضات مباشرة مع الفلسطينيين، مثل شرط اعتراف الفلسطينيين والعرب طبعاً، بأن إسرائيل هي دولة الشعب اليهودي، دون تقديم ضمانات حقيقية لعدم التوسع وبناء المستوطنات، واستمرار السياسة العدوانية.
هذه المفاوضات لا تحظى بموافقة الشعب الفلسطيني، كما أنها لا تمثل سائر الفصائل الفلسطينية، أو منظمة التحرير الفلسطينية، والتي تضم فصائل هامة مثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والجبهة الديموقراطية، وحزب الشعب الفلسطيني، هذه الفصائل التي يجب أن تشكل الطرف الثالث، في ثنائية حماس وفتح، رفضت المفاوضات المباشرة دون ضمانات لوقف الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والتزام إسرائيل بقرارات الشرعية الدولية، ومن ضمنها الانسحاب من الأراضي التي احتلتها عام 1967، وحقوق الشعب الفلسطيني في العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة المستقلة، وعاصمتها القدس، واعتبرت هذه الفصائل، أن قبول الدعوة الأمريكية المجحفة، يعني تراجعاً خطيراً عن موقف الاجماع الوطني، الذي تكرس بقرار المجلس المركزي الفلسطيني في ديسمبر الماضي.
ويبدو أنه لا طريق أمام الشعب الفلسطيني لاسترداد حقوقه، إلا بخيار المقاومة بكل أشكالها، فالتاريخ يعلمنا أن إسرائيل الخارجة عن القانون الدولي، لا يرهبها شيء سوى سماع كلمة "مقاومة"، ولا يردعها شيء إلا سلاح المقاومة.

osbohatw@gmail.com


Friday, September 3, 2010

الألمان لا يفضلون الخصخصة

تحت عنوان " الألمان يفقدون ثقتهم بالرأسمالية"، نشرت الجزيرة نت في صفحة الاقتصاد والأعمال يوم الأربعاء 25 أغسطس 2010، تقريراً حول نتائج استطلاع أجراه معهد "إمنيد" المتخصص في قياس استطلاعات الرأي العام، ووردت نتائجه في دراسة لمؤسسة بيرتلمسان البحثية الألمانية المرموقة.
أظهر هذا الاستطلاع أن أغلبية الألمان فقدوا ثقتهم بالنظام الرأسمالي، وأنهم يتمنون زواله، وحلول نظام اقتصادي أكثر عدالة مكانه، وعلى رغم البيانات الرسمية التي تؤكد على تعافي الاقتصاد الألماني من تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية، إلا أن 88% من الذين استطلع رأيهم، قالوا أن النظام الرأسمالي الحالي لا يهتم بأمور جوهرية وضرورية، مثل حماية البيئة، وترشيد استخدام الموارد، والتكافل الاجتماعي.
ويعتقد أكثرية الألمان بأن العدالة الاجتماعية والسلام وحماية البيئة، والصحة والرعاية الاجتماعية، -وليس الاستهلاك- تشكل أهم مقومات الحياة الشخصية الجيدة.
ونبهت الدراسة إلى أن تركيز السياسة الاقتصادية الحكومية المتبعة في السنوات الأخيرة، على تحرير الأسواق بشكل مطلق، والتقليص المستمر لمخصصات الرعاية الاجتماعية، أدى إلى التذمر من الرأسمالية وسياسة الحكومة بشكل واسع، واستذكر الألمان رأسمالية السبعينيات والثمانينيات، والتي تسمى رأسمالية المجتمع، حيث دور الدولة أساسي في الرعاية الاجتماعية، والاهتمام بالفرد، وتوفير مستلزمات الحياة له، مثل الصحة والتعليم ورعاية المسنين.
هذا في ألمانيا، الدولة الرأسمالية العتيدة، والتي تعد من أقوى الدول الأوربية اقتصادياً، والتي تعتمد على صناعات ثقيلة ودقيقة، اضطرت منذ بدء الأزمة الاقتصادية العالمية، أن تنتهج نهجاً تقشفياً، وتسعى إلى تقليص دور القطاع العام في الدولة، وإعطاء القطاع الخاص زمام المبادرة، وتسليمه مستقبل الشعب الألماني.
فما بالك بالكويت، والتي تعتمد اقتصاداً ريعياً طفيلياً غير منتج، يرتكز على مصدر وحيد للدخل هو تصدير الثروة النفطية الآيلة للنضوب، واستيراد كل شيء من الخارج، دولتنا التي كانت تمتاز بالرعاية الاجتماعية، وكان شعبها يرفل بالرخاء، بدأ قطاع الدولة فيها بالتخلي عن دوره الأصيل، ورفع دعمه عن المواطن، لصالح قلة من المتنفذين والمنتفعين.
نحن مقدمون على خصخصة كل شيء، وعلى خطة تنمية قد تستنزف المال العام، بدلاً من أن تنمي الاقتصاد، وسيكون نتيجتها ثراء فاحش للقلة، وتدهور ومعاناة معيشية، للفئات محدودة الدخل، وتلاشياً تدريجياً "للطبقة الوسطى".

osbohatw@gmail.com