Tuesday, September 28, 2010

الصراع الأزلي



إن الصرع بين التقدم والتخلف، بين التشدد والانفتاح والتسامح في الكويت، قديم قدم ترسخ الثقافة على هذه الأرض، فالمجتمع الكويتي مثله مثل كل المجتمعات البشرية، التي لا بد وأن تمر بتحولات وتشكيلات اجتماعية اقتصادية، ذات ضرورة موضوعية تاريخية.
ولذا فالكويت تكاد تكون الوحيدة بين دول الخليج، التي رفضت واستهجنت الدعوة الوهابية السلفية، وقاومت حملات الاخوان في خمس هجمات على الكويت، في سنوات 1793 و 1794 و 1797م و 1808م إضافة إلى حرب الجهراء عام 1920م، لكن الأخوان لم يستطيعوا السيطرة على المجتمع الكويتي، وحرف فكره المتسامح والمنفتح، مثلما فعلوا مع بقية الكيانات الخليجية مثل البحرين وعمان وقطر، حسبما يشير د. خليفة الوقيان في كتابه القيم "الثقافة في الكويت".
والصراع بين التقدم والتخلف، هو صراع أزلي وفي سياق تطور التاريخ، كصراع الأجيال، والقديم والجديد، لكن حسب منطق العلم والتاريخ، فالنصر يكون دائماً للجديد، مهما قاوم القديم جديد العصر والزمن.
ففي القرون الأخيرة، مر المجتمع الكويتي بصراعات فكرية، بين دعاة التشدد ودعاة الانفتاح والاستنارة، وتصدى علماء الكويت وشعرائها لدعاة الغلو والتشدد، بل إن شعراء الجهراء العاميين أطلقوا وصف الخوارج على الإخوان، وقالوا شعراً كثيراً فيهم، وكان من شعراء الكويت صقر الشبيب وعبدالله الفرج وعبد اللطيف النصف، ومن العلماء ورجال الدين المستنيرين والإصلاحيين، الذين حاربوا التشدد والغلو، ودعاة رفض التقدم والحداثة، مثل الشيخ مساعد العازمي والشيخ عثمان بن سند والشيخ عبدالعزيز الرشيد والشيخ يوسف بن عيسى القناعي، والنوخذة عيسى القطامي، هؤلاء "يرون أن هناك تعارضاً بين الدين الحق والأفكار المتزمتة، التي تحرم ما أحل الله، فضلاً عن قناعتهم بعدم جواز تكفير المسلمين لمجرد الاختلاف معهم بالرأي حول الفروع أو الأمور الثانوية التي لا تتصل بصلب العقيدة" (الثقافة في الكويت ج1 ص228-خليفة الوقيان).
وقد كان من أشد المحاربين للتقدم هو الشيخ عبدالعزيز العلجي الذي كتب قائلاً:
يا عاتباً منا الجمود وطالباً منا التمدن إنك الحيران
إن التمدن لو علمت فخسة جاءت بها الأورب واليونان
بل إن رجل دين متشدد آخر غضب لاشتراك عائلة الخالد بمجلة "المنار" لأن الشرع –كما يرى- لا يبيح لهم مطالعة تلك الصحف، التي تجمع "العقائد الزائفة والآراء المبتدعة" (نفس المصدر ص 231).
وما أشبه اليوم بأمس، ففي القرون الثامن عشر والتاسع عشر والعشرين، دافع العلماء والشعراء في الكويت عن الحرية والثقافة والتقدم، وفي القرن الحادي والعشرين، ترتفع نفس النبرات ضد حرية القراءة والمطالعة، وضد التقدم ومنطق العصر، لكن الأكيد أن التقدم سينتصر بالنهاية، وكما هي عادة التاريخ.

osbohatw@gmail.com


2 comments:

Anonymous said...

أخ وليد

أتمنى إنك ترجع للكتابة بالمدونة

وليد الرجيب said...

سأفعل لكننني كنت مريضاً فآسف لانقطاعي