Sunday, September 26, 2010

المجزرة السنوية



تقترب الذكرى السنوية لمجزرة الفكر والكتاب، دون أن تطرف عيني الحكومة أو تنتفض لسمعة الكويت الثقافية والأدبية والفنية، ملبية أوامر حكومة الظل بل حكومة الظلام، التي ما فتئت تصدر فرامانات القيود على المواطنين، وصكوك الغفران لفتاوي الشر والتكفير والتخلف، لتعود بنا إلى عصور الظلام القديمة، عندما كانت الكنيسة تجرم كتب العلم والفلسفة والأدب.
هل هي سادية يمارسها أصحاب مشروع التخلف؟ أم نقصاً في القيم الإنسانية مثل الحرية والديموقراطية والمحبة؟ أم شعوراً بالنقص ورهبة من أجواء الانفتاح والحرية والسلام الاجتماعي؟
في الوقت الذي يضع فيه وزير الإعلام، حجر الأساس لأول وأكبر مشروع ثقافي كويتي في الهند، تعمل وزارته بنفس الوقت، كصبي الجزار الذي يأتمر بأمره وينفذ تعليماته، تمسك بجسد الحرية، وتتركهم ليقتاتوا من دمائها.
في الهند؟! لا بأس ما دامت الهند بعيدة، حيث لا يوجد لديهم ناخبين، ولن يكون من الاستراتيجي السيطرة على الهند، لكن في الكويت فلتخسأ الحرية والثقافة، لا عودة لما يسمى بعصر النهضة الكويتي، ولا عودة لأوهام الستينيات والسبعينيات.
ولد جيل في الكويت، لا يعرف معنى أو يصدق أن الكويت كانت تسمى جوهرة الخليج ومنارة للفكر العربي، فكل ذلك إدعاء وكذب من التغريبيين الذين يرمون إلى نشر الفساد والرذيلة والأفكار السامة، لا يصدق هذا الجيل أساطير الستينيات والسبعينيات وتخاريف آبائهم وأوهامهم، بأن الكويت كانت معبراً للنهضة والمحبة والتسامح والانفتاح والتقدم، فآبائهم يصورون الكويت، كمدينة أتلانتس التي غرقت وابتلعها البحر.
يالا تخاريف الآباء، فالكويت لم تكن يوماً بلاد العرب، ولم تكن يوماً إلا سجناً كبيراً للفكر والثقافة، وجلاداً ملتحياً متجهماً بيده سوط التأديب لمن خرج عن الطوع، لم تكن قط واحة للحرية، لم تكن مركزاً للإشعاع والنور والنهضة الفكرية والفنية والمسرحية والرياضية، كل تلك تخاريف الأولين وأوهام الآباء والأجداد الذين كانوا على ضلال.
فليمت اتحاد كتاب مصر بغيضه، ولن يجد احتجاج واستنكار المثقفين العرب أي صدى لدى الحكومة، التي صدقت أن التكنولوجيا وثورة المعلومات، لا تستطيعان أن ينتصرا على سيف التسلط، ولا تقوى على كسر القيود على المعرفة، فحجاب التخلف أعتى من العلم.
فهنيئاً لمعرض الكتاب، الذي كان ثاني أكبر وأهم معرض عربي، هنيئاً له بهذه المكانة الجديدة، التي تغيظ العدا الذين يريدون عودة ما يسمى بكويت الحريات والرفعة والعزة، وليظلوا بأوهامهم وبأساطير الستينيات والسبعينيات، ولتهنأ الطائفية والقبلية والفئوية، فالبيئة ما زالت صالحة ومهيئة للاشتعال.

osbohatw@gmail.com

No comments: