Saturday, July 31, 2010

الفوضى الخلاقة



ما زالت الولايات المتحدة متمسكة بخطها السياسي، المبني على ما أسمته ب"الفوضى الخلاقة" في العالم، وبالأخص في منطقتنا، رغم تبادل الأدوار بين الحزبين الديموقراطي والجمهوري، ورغم الأوهام التي رافقت نجاح الرئيس أوباما.
وهي ما زالت تتخبط في أزمتها الاقتصادية، ولم تصل إلى حل ثابت لها، كما أنها لم تستطع معالجة أزماتها في أفغانستان والعراق، وتبحث عن طرق لتخفيف الضغط عنها.
فهي من ناحية تظهر التشدد ضد إيران وبرنامجه النووي، مقابل المرونة مع سوريا، لكن ذلك لا ينفي نية التصعيد والعدوان، من خلال الخطط العسكرية التي أعدها روبرت غيتس وأعلن عنها، للتعاطي مع دول المنطقة، مثل إيران والعراق، وسوريا ولبنان.
وما النبرة التصعيدية التي سادت الأجواء اللبنانية مؤخراً، حول الاتهام الظني لبعض عناصر حزب الله في جريمة اغتيال رئيس الوزاء الأسبق رفيق الحريري، إلا شرارة يراد من ورائها فتنة، تعيد لبنان إلى أجواء 1975.
وفي انتظار صدور الاتهام الظني، الذي سيكون بمثابة قنبلة موقوتة، يعول اللبنانيون المتخوفون من سخونة الأوضاع في بلادهم، على التهدئة العربية، التي يقودها خادم الحرمين الشريفين، التي على الأقل يمكن أن تؤجل الفتنة والمواجهة، إلى إشعار آخر.
وإذا كان الشعار الذي طرحته الولايات المتحدة بعد الأزمة الاقتصادية الكبرى عام 1929، وهو "التدمير الخلاق"، وافتعال حروب لاقتسام ثروات العالم، وكانت نتيجتها الحرب العالمية الثانية، فإنه في ظل القطبية الأحادية، ولمحاولات الخروج من هذه الأزمة غير العادية، فإن خلق مناطق توتر في العالم، وتأجيج الفرز والمواجهات الطائفية، بما سمي "الفوضى الخلاقة"، مع عدم استبعاد قيام حروب مدمرة، لن يكون حلاً بل سيخلق بؤر نار، خاصة في منطقتنا الاستراتيجية، المؤهلة أكثر من غيرها لافتعال الأزمات فيها.
إن التعويل الحقيقي لتفويت الفرصة، على إشعال فتنة وحرب أهلية لبنانية، يكمن في رغبة الشعب اللبناني، ووعي قواه السياسية بجميع طوائفه، كما يكمن بتضامن عربي حقيقي.

osbohatw@gmail.com

No comments: