Sunday, August 22, 2010

البغدادي



رحل عنا قبل أيام الأكاديمي المستنير الدكتور أحمد البغدادي، وخسرت الكويت بفقده إبناً باراً ومخلصاً، وباحثاً عقلانياً في الشأن الإسلامي، كان هادئ الطرح وبعيداً عن الغلو السائد.
وفي أيامنا الغبراء هذه، يكون الخوض في أي من الأمور الإسلامية بعقلانية، سبباً كافياً للتكفير والسجن، ولذا تعرض أبو أنور إلى هجوم وفجور في المخاصمة، من قبل الغلو والتشدد الديني أدى إلى حبسه كأي مجرم أو سارق، رغم أن الرجل كان ملتزماً دينياً، وكان غيوراً على الإسلام المتسامح بصوره المشرقة، وكان ناقداً لمحاولات تشويه الإسلام من قبل التشدد واحتكار الحقيقة، التي ابتليت بها الكويت منذ ثلاثة عقود.
والقانون الكويتي يسمح لأي مراهق غر، لا يفقه بالدين غير مظاهره، أن يقدم شكوى ضد مفكر أو أديب له مكانة مرموقة في داخل وخارج الكويت، ولذا فإضافة إلى سجن الدكتور البغدادي، تمت محاكمة الأديب والناقد الكبير الدكتور سليمان الشطي، والأديبة ليلى العثمان، والمفكر محمد سلمان غانم، وغيرهم.
واستخدم القانون والقضاء العادل، لتصفية الحسابات السياسية، والاختلافات الفكرية، مما جعل كل مفكر ومبدع، أو أي مختلف سياسي، عرضة للجرجرة في أروقة المحاكم، بدلاً من التكريم والتقدير، حتى تغير وجه الكويت الثقافي والحضاري، ولذا يجب إعادة النظر في مثل هذه الشكاوى ودوافعها، ويجب تحصين المبدعين والمفكرين، وإعطائهم المكانة التي تليق بهم، بدلاً من تعريضهم للإهانة والذل في مجتمعهم.
كان الصديق أحمد البغدادي متذوقاً جيداً للفنون والآداب، وكان حريصاً على حضور المهرجانات الثقافية، مثل مهرجان القرين الثقافي، وكان نهماً للقراءة والمتابعة، حتى للأقلام الشابة، كما كان كاتباً تنويراً صادقاً، وصوتاً من الأصوات التي سنفتقدها كثيراً.
لكن هذا الزمن يكون الاختلاف فيه خطيئة، وقمع الرأي الآخر سمة، والحوار مرفوضاً، والتسامح غائباً.
وما دمنا أمام استحقاق التنمية، والتي لا يمكن أن تتم بغياب رفع وعي الإنسان ومشاركته في بناء المستقبل، يجب أن يولى اهتمام خاص بمبدعي ومفكري هذا البلد، حتى لا يقود الخوف من الإبداع والرأي الحر، مجتمعنا إلى التخلف.
وكل عام وأنتم بخير، أعاده الله عليكم بالأمان والسلام، والرخاء والتقدم.

osbohatw@gmail.com

No comments: