Sunday, July 12, 2009

المعارضة الشريفة




يتردد هذه الأيام رأي سطحي ومتهافت, على أثر الاستجواب الذي قدمه بعض النواب الأفاضل لوزير الداخلية, هذا الرأي يقول بما معناه, إنتقلت المعارضة الوطنية من المناطق الداخلية إلى المناطق الخارجية, فمن يحمل لواء المعارضة الوطنية الآن هم أبناء القبائل, أما المعارضة الكويتية التقليدية فقد إنتهت, وإن الاستجواب الأخير أثبت بطولة معارضة أبناء القبائل.
وبالطبع, إضافة إلى أن هذا الرأي يسهم في تفتيت المجتمع, ويوسع من الشرخ الاجتماعي الخطير, والذي بدأت بوادره تتضح مؤخراً بحس لا مسؤول من البعض, إضافة إلى ذلك, فإن هذا الرأي ضحل فكرياً, وخطر على المتأثرين بالرأي الصحافي, ومثير للعصبية البغيضة.
فالمعارضة الوطنية الكويتية, والتي بدأت تتبلور في بداية عشرينيات القرن الماضي, واستمرت إلى ما بعد تحرير الكويت, كانت تضم كويتيين, ومن جميع الفئات الموجودة في ذلك الوقت, ولم تكن تفكر إلا بانتمائها الوطني, ومصالح الشعب والوطن, كانت معارضة شريفة ونزيهة, وتاريخها مسجل ومحفوظ, وأسماء رجالها معروفة ومحفورة في قلوب الكويتيين.
لم تكن معارضة الصراخ والهمجية والغوغائية, لم تكن معارضة مراهقين سياسيين, لم تكن معارضة موجهة ضد نظام أو أشخاص, ولكنها كانت معارضة من أجل أهداف وطنية نبيلة, ولم تكن تستخدم الوسائل الدنيئة للوصول إلى غاياتها, بل كانت تستخدم الحوار والإقناع, والاحتجاج المتحضر.
هي المعارضة الوطنية, التي طالبت مبكراً بالمشاركة السياسية, طالبت بالدموقراطية, وطالبت بالدستور, هي المعارضة التي طالبت بتأميم النفط, وتخليص ثروتنا الوطنية من براثن الشركات الإنجليزية, هي المعارضة التي جمعت الشعب الكويتي, من أجل عودة الحياة الدموقراطية أيام الأثنينات, وكانت إحدى اجتماعاتها في منطقة الجهراء, هي المعارضة التي انخرطت في المقاومة ضد الاحتلال, هي الصامدة على أرض الوطن, هي المناشير والمظاهرات والسلاح ضد المحتل, هي الأسرى والشهداء, ومن ضمنهم أبناء المناطق الخارجية, إذا إتفقنا على هذا المصطلح, هي التي جالت في الكرة الأرضية لشرح القضية الكويتية, وحشد الدعم والتأييد لقضية الكويت العادلة, هي التي وضعت يدها بيد الأسرة الحاكمة والنظام في مؤتمر جدة, هي التي أعادت بناء وبهاء الكويت بعد التحرير.
هذه المعارضة كانت نزيهة, لم تكن تتجسس على أسرار الوزارات والأشخاص من أجل استجواب وزير, لم تكن تلك أخلاقيات المعارضة الوطنية الكويتية, كانت تحترم القادة ورجال الدولة, كانت تطرح المشاريع الوطنية, وليس مشاريعها الخاصة أو مشاريع قبيلتها أو طائفتها, كانت تحترم القوانين ولا تكسرها, كانت تستقوي بالوطن لا بالقبيلة, كانت حفنة من تراب هذا الوطن لديها أغلى من القبيلة أو الأصل, كانت معارضة قول وفعل.
أي معارضة هذه التي تقدم استجواباً لمخالفة القوانين, وهي جاءت إلى المجلس بمخالفة مجرمة من القانون؟ فمقدمي الاستجواب لم تكن عيونهم على الكويت, ولا من ضمن اهتماماتها, كان الدافع انتقاماً شخصياً, كانت معارضة مصالح, وعندما تقدم مشروعاً فيجب أن يكون مشروع تدمير لا بناء, مشروع لاستنزاف أموال الشعب لا الحفاظ عليه, مشروع للاستحواذ على أملاك الدولة, مشروع لتنفيع أبناء العمومة, مشروع لمخالفة مبادئ الأمة وتفتيت المجتمع, هي معارضة حق يراد به باطل, وإذا لم تنفذ مشاريعها التدميرية تسعى للانتقام بحجة الدفاع عن المال العام, لكنها وعلى مدار تاريخها القصير لم تطرح مشروعاً تنموياً واحداً, بل إذا لم تنفذ معاملاتها غير القانونية, هي على استعداد حتى للاعتداء بالضرب على مسؤولي الدولة.
ليس لهذه المعارضة المزعومة بعد فكري, أو فلسفة سياسية ضمن أطر الدولة والنظام, ولا تملك أي مقوم من مقومات المعارضة السياسية, أو العمل السياسي في أبسط مبادئه, وليس لديها قضية.
هذه المجموعة استفادت من انكفاء الحركة الوطنية, وفقدانها للمبادرة, واستمرارها بالفكر والعمل التقليديين, النخبوي والموسمي, اللذان يثيران استياء شبابها وشاباتها, وموقفها من استجواب وزير الداخلية, دليل على عدم قدرتها على القراءة السياسية الذكية, وفكرت فقط بالخمسة ملايين, وهذا يحتاج إلى مقالة منفصلة.
وعلى مدى تاريخها, مرت المعارضة الوطنية الكويتية بهنات وإخفاقات, لكنها مطلقاً لم تكن خبيثة أو تعمل بنوايا سيئة, أو مقاصد دنيئة, ولن تموت كحركة وطنية, فالمعارضة الشريفة والانتقاد البناء هو من مكونات الضمير الكويتي منذ تأسيسها كدولة, وهذا ما تعرفه وتحترمه القيادة السياسية.

2 comments:

مـغـاتيــــــــــــر said...

د. وليــد

مساء الأنوار

أتفق معك في كل ما سطرت ،
وخاصة اشمئزازك من
"الصراخ والهمجية والغوغائية"
وهذا شيء نتفق عليه جدا ..
رقي الخطاب من علامات حضارة الشعب ،
وللأسف لسنا كذلك ..

....................

لكن لي سؤال في نقطة ذكرتها

قلت
"لم تكن تتجسس على أسرار الوزارات "


وسؤالي هنا :

هل يجب أن يكون للوزارات أسرار أصلا ؟

أليس من مقومات الدولة
المدنية "الشفافية" ؟

هل يعني هذا أني إن رأيت خللا يستنزف ملايين بلدي الحبيب من أشخاص فاسدي الذمم ، هل يعني هذا أن أصمت احتراما لقداسة الوزراة أم أن قداسة وطني والأجيال القادمة والمال العام أحرى أن تحترم؟

....................

د. وليــد

الكم غوغائي" في المجلس"
ما كان ليكون لهم أثرا
لو كان البقية فاعلون

لكن الكل أصبح همه اقصاء الاّخر
ودغدغة عواطف الشارع
فلا حكمة ولا مصلحة عليا

الخطة التنموية
واجب الحكومة

والرقابة وتشريع القوانين
واجب المجلس

كم مشروع تنموي قدمته
الحكومة ورفضه المجلس ؟

....................

أما موضوع المعارضة
فمن ضربت لهم أمثلة
لا يمكن أن يكونوا سياسيين
حتى يكونوا معارضة !
هم ثلة خارجي عن القانون
محبي للأضواء والنفخة الكاذبة
باحثون عن مصالحهم على أكتاف عشائرهم

جهلة يخجل الجهل منهم

اّسفة على قسوة تعبيري
لكنه رأيي بلا تجميل

....................

عــذرا على الإطـــالة

تقبـــل تحيـــاتي

وليد الرجيب said...

مساء الخير مغاتير

شكرا لتفاعلك
أما فيما يخص الوزارات فكلامك صحيح مئة بالمئة ولكني أكنت اعني النبش من أجل الكيدية, كما أن هناك أسرار تتعلق بالدولة نفسها مثل الاسرار الأمنية والتي قد لاتخلو من فساد, واقصد حتى البحث بالامور الشخصية زأعني تحريض الموظفين على اعطاء معلومات ويا ريت القصد منها الاصلاح

المعارضون الجدد لم يكن همهم الاصلاح
كان همهم نهب البلد حتى باستخدام اداة حماية المال العام
مثل استخدام حق الاستجواب لمصلحة شخصية
وأنا أعرف جيدا نقل معلومات لاهداف انتقامية
نريد نائبا نزيها يدافع عن المال العام
لا مشبوها ومخالف للقوانين يمثل النزاهة

شكرا لمرورك
وكوني بخير