Tuesday, September 22, 2009

الغيرة المرضية



بعد حادثة حريق الجهراء, وردتني أسئلة كثيرة, بعضها من وسائل الإعلام, وبعضها من أشخاص, سواء من داخل أو من خارج الكويت, تتركز الأسئلة حول دوافع المتسببة بهذا الحريق, وهل هي سوية من الناحية النفسية, أم تعاني من مرض نفسي, جعلها فاقدة للإدراك, ولعدم تقديرها لنتائج عملها.
وبالطبع فإن الأمر مازال تحت تحقيق الأجهزة الأمنية, وللقضاء الكلمة الفيصل في إدانتها أو تبرأتها, ثانياً يجب أن تخضع المرأة لفحص وتشخيص نفسيين, من قبل اختصاصيين مهنيين محترفين, كي يقرروا حالتها النفسية العامة, وحالتها قبيل وأثناء الحادثة, وهم من يقيم حالتها النفسية, بعيداً عن التكهنات والتحليلات المبنية على تصريحات الصحافة.
لكن ماذا يمكن أن يدفع هذه المرأة لفعل ما فعلت, إن تمت إدانتها؟ وهل يمكن أن تدفع الغيرة بإنسان لارتكاب مثل هذا العمل؟
وجواباً على ذلك نقول نعم, إذا كان هذا الإنسان يعاني من الغيرة المرضية pathological jealousy, والشك المرضي doubting mania, فإنه من الوارد أن يرتكب حماقات أوحتى جرائم, دون تفكير منطقي.
فالغيرة المرضية كما يقول المختصين, هي من العواطف المرضية المركبة, التي تشتمل على فقدان احترام الذات وعدم الثقة بالنفس, مع الخوف والبغض والتقلب العاطفي, والكراهية والاكتئاب والتوتر, والشك المرضي هو ضلالات راسخة و يؤمن بها الشخص إيماناً مطلقاً, ولا يمكن مناقشته بها وإقناعه من الناحية المنطقية, حتى لو لم توجد لديه أدلة لشكه, فيترائى له الخيال واقعاً, ويتحول الأمر إلى وسواس قهري بهذا الاتجاه, ويظل في بحث دائم عن دليل خيانة للزوج أو الزوجة, مستخدماً كل أنواع المراقبة والتفتيش, يصاحبهما عنف في الكلام وعصبية, وعدم القدرة على النوم, أو أرق, ويصاحبه أحياناً شك في نوايا الشريك في التخطيط لقتله أو تسميمه.
ويقول استشاري الطب النفسي د. محمد الحسن خالد, أن المريض بالغيرة والشك, شديد الحساسية لانتقاد الآخرين له, ومفرط الحساسية لما يعتقد أنه تجريح له, رغم أنه يبدو سوياً للآخرين إلا فيما يخص موضوع الشك, ولديه حقد مستديم وعدم القدرة على الصفح والغفران لأي كان, كذلك لديه عدوانية غير مبررة مع الآخرين, كما أن لديه حالة إنكار لحالته, ويجمع وبشكل مستمر مؤيدين لفكرته مثل أبنائه الصغار وبعض أصحابه, بزرع الفكرة في أدمغتهم, ولديه عجز عن التوافق الاجتماعي, وتتميز ردود فعله بالتسرع والطيش وبعدم التفكير, وغالباً ما يلجأ للكذب.
تقول بعض الدراسات أن من بين 81 مريضاً بالغيرة والشك, 3 ارتكبوا جريمة قتل, وفي دراسة أخرى أجريت على 138 حالة, أن 25% منهم هددوا بالقتل أو الأذى مثل الفضائح, وتشويه سمعة الشريك, لكن المريض حسب الإحصائيات نادراً ما يقدم على الانتحار, بل وجدوا بعض حالات إنتحار للطرف الآخر, المشكوك به, وذلك لوضع حد لمعاناته, ولعدم قدرته على الاستمرار في تحمل غيرة وشكوك الشريك.
والغيرة المرضية قد تكون بين الأخ وأخيه, وبين الأم وزوجة ابنها, كل هؤلاء يمرون بنفس الأعراض, ويتخيلون أحداثاً ومؤامرات لم تقع بالفعل, ويصيغون سيناريو ذهني لهذه الأحداث غير الموجودة في الواقع, لكن أكثر الحالات الشائعة هي بين الزوج والزوجة, ووجد الباحثون أنها تصيب من نصف إلى 2 ونصف من المجتمع, ونسبتها أكثر عند الرجال الذين يعتبرون زوجاتهم ملكية خاصة, ويقومون برصد تصرفاتهن وتحليلها في ضوء الرغبة في السيطرة عليهن واخضاعهن.
وليس لهذا المرض علاقة بدرجة التعليم أو المكانة الاجتماعية, ويعزو بعض العلماء المرض إلى التركيب البيولوجي والوراثي والاجتماعي البيئي, أو التربية, وبعض العلماء يقولون أنه لا يوجد دليل وراثي, ولكن الجميع يتفق على عقدة النقص وفقدان الثقة بالنفس.
ولأن المريض لا يستجيب لنداء العقل ولا يمكن تصحيح سوء ظنه بالمنطق, يجب أن يخضع للعلاج الدوائي المضاد للذهان, ويمكن للعلاج المضاد للاكتئاب أن يخفف من حالته, ويجب أن يرافق العلاج الدوائي, علاج نفسي سلوكي قد يطول وقد يقصر على حسب الحالة, واعتراف المريض بمرضه, واستعداده للتغير, يساعدان على الشفاء.
تأثير هذا المرض ضار ومدمر للأسرة, وقد ينتقل بالاكتساب إلى الأبناء والبنات, لتتكرر مأساة التدمير الأسري, والجدير بالذكر, أن أعراض المرض قد تختفي بالانفصال بين الزوجين, ولكنها يمكن أن تعود أذا تزوج المريض مرة أخرى.

1 comment:

Nikon 8 said...

الله لهذه الدرجة توصل الغيرة المرضية
؟؟؟
الله يكافينا الشر
أتوقع إن المتسببة بالحريق تعرضت أيضا لإستفزاز مستمر من البعض
بالإضافة إلى الغيرة المرضية
الله يشافيها
ويرحم موتى الحريق