غادرنا عام 2007م وحمل معه ما حمل من انجازات وإخفاقات للبشرية, تاريخ مر ولن يعود, لن يعود منه غير الذكرى والعبرة, والعبرة إلا يكرر البشر عثراتهم أو حماقاتهم, بل يسرعون من نشاطاتهم الهادفة لسعادة الإنسان, أليس هذا هو الهدف الأساسي بغض النظر عن الانتماءات والأساليب؟
في كل العصور الماضية كانت هناك فرص ضائعة لتحقيق سعادة وتقدم ورخاء البشر, لكن تأبى الأنظمة ويأبى تجار العنف والتسلط إلا أن يمارسوا "ساديتهم" بتدمير أحلام الإنسان بكوكب يسوده السلام والمحبة, كوكب عانى منذ البدء من تدمير وقتل ودمار, وسيادة مشاعر الكراهية والحقد والتخلف والتعصب الغبي.
كادت عبر العصور أن تختفي قيمتان إنسانيتان عظيمتان, وهما الحب والاحترام, وتصدرت في أجندة البشر قيم العداء والكراهية ومصادرة الرأي, اختفت قيم البناء وتصدرت قيم التدمير والفناء, حتى على المستوى الشخصي, "أنا ومن بعدي الطوفان", واستحدثت آلاف الوسائل حقيقية وباطلة, من أجل غايات لا خلاف عليها.
ألم تنسكب دماء يوليوس قيصر على أرض البرلمان الروماني, بذريعة الغايات النبيلة But Brutes is an honorable man كما قال مارك أنطوني في رثاء قيصر, كان بروتس صديق قيصر, وعندما جاءت طعنته القاضية, قال قيصر:" حتى أنت يا بروتس؟! إذا فليمت قيصر".
وقد كان نصيب العالم الإسلامي من البشاعة والتدمير كبيراً في عام 2007م, فمن الأشلاء والدماء والحرائق, إلى الإرهاب الفكري ومصادرة الرأي والإبداع, في أفغانستان وباكستان والعراق ولبنان, وفي كل العالم الإسلامي بلا استثناء, مورست أشكال القهر والإرهاب ومصادرة الحقوق والحريات, أمة لم تستفد من ميراث العقل, وأعط لنفسها سمة الهمجية أمام العالم, أمة حوت متخلفين وجهلة أساءوا إلى دينهم أكثر مما أبرزوه للعالم كدين سلام ومحبة.
ومهما كانت الذرائع, لا يوجد أي مبرر لمصادرة الحريات وحق الإنسان في التعبير والإبداع, فتلك ميزة لكونه بشر, ففي النصف الأول من عام 2007 فقط وحسب منظمة partiy yekititiyia demokrat, ومن خلال بريد أرسله صديق, تحت عنوان "الكاتب العربي بين مطرقة الأنظمة وسندان الأصولية", هناك أكثر من 781 كاتباً وأديباً وصحفياً وأستاذاً جامعياً في العالم, أما مقتولين, أو ملاحقين ومعتقلين, معذبين, أو مختطفين ومفقودين ومنفيين.
بشر يقتلون لمجرد استخدامهم لعقولهم, أو لكتابة ما تفتق عنه إبداعهم وخيالهم, لمجرد صياغة حلمهم وأحلام أوطانهم, بقصيدة أو قصة أو مقالة أو مسرحية أو لوحة تشكيلية, إنسان يضطهد ويقتل لمجرد التفكير المغاير, لمجرد الاختلاف في الرأي.
هل يختلف الأمر هنا؟ على كتف الخليج؟ إطلاقاً, فالإرهاب الفكري ومصادرة حريات الناس ورغبتهم في الفرح, ومصادرة الإبداع وحرية الرأي, كلها نماذج لبشاعة العنف والقهر ضد الإنسان, فحق الاختيار ليس مرهوناً بالإنسان الكويتي كما يجب أن يكون, ولكنه يخضع لمحاكم التفتيش, سواء في رقابة وزارة الإعلام الحكومية أو من قبل جماعات الإسلام السياسي, الذين يفرضون ثوابت للأمة خارج الدستور, وخارج ما جبل عليه الإنسان والمجتمع الكويتي من حب للتسامح, ورغبة في الانفتاح والتطور والتعلم, يفرضون قيماً خارج نسق المنطق وسياق التاريخ, مستخدمين جميع الوسائل بما فيها الحق الشرعي في الاستجواب, للوصول إلى غايات الاستحواذ والسيطرة.
لقد مر عام 2007 والبشرية لم تتخلص من بقايا همجيتها, من بقايا عهود الشر والتخلف والكراهية, تلك العهود التي ضاعت خلالها فرص التقدم والرخاء والسعادة الحقيقية, بل استخدمت كل ما وصلت إليه الإنسانية من تقدم تكنولوجي وعلوم وديموقراطية للتدمير والسيطرة, واستخدمت الأديان ذريعة للقتل والحرق وتكميم الأفواه.
عام وراء عام وفي بداية كل منها يتفاءل الناس, ويبنون أحلاماً وآمالاً بسعادة لم تتحقق, يحلمون بالسلام والحرية والاستمتاع بمباهج الحياة, بإبداعات البشر التي تمنع كل يوم, ويضطهد مبدعوها.
ماذا ينتظر البشرية في عام 2008؟ ماذا ينتظر الكويت على الأقل؟
2 comments:
للاسف الى الان لا نعلم بأننا مخيرين .
نسير وراء الاخرين دون الالتفات الى اهمية التفكير والاقنتاع والاختيار .
هذا هو حالنا في الكويت
اما بالنسبة للمنطقة وللعالم
فإن الجميع ينبش من جانبه بحثا عن الجنة وحور العين , حتى وان كان ذلك يكلف الاخرين دماءهم وحياتهم .
صحيح ياحمد
لكن ما يبقينا أحياء هو الأمل بغد أفضل
Post a Comment