مرة أخرى تصر الحكومة على تخلفها, تصر من خلال وزارة الإعلام على تكميم الأفواه ومحاربة كل رأي حر ومستقل, حتى أنها ضاقت ذرعاً بالحوار والنقاش وتداول الرأي, وهي من أدوات تقدم المجتمعات, ومارست وصاية لم تعد صالحة للشعوب في ظل تطور منجزات التكنولوجيا وإتاحة المعلومة لجميع البشر.
وفي ظل أسئلة النهضة والتنمية, وهم استعادة الكويت لدورها الريادي كمركز تجاري وحضاري, تتصرف وزارة الإعلام وكأنها غائبة عن الوعي, وكأن مسئوليها من أهل الكهف النيام, الذين يجهلون ما يحدث خارج الكهف.
تتصرف بوصاية وتعسف لا يليق إلا بالأنظمة الدكتاتورية, والمشيخات التي انتهى زمانها, ففي الوقت الذي سعت فيه الدول بما فيها دول الخليج إلى إلغاء وزارات الإعلام, تعود بنا وزارتنا إلى "الإرشاد والأنباء", كما بدأنا حيث الوزارة أبخص بمصلحتنا وبما يجب أن نتبنى من أفكار وآراء, أدرى منا بما يجب أن نتذوق وما نقرأ ونشاهد, توجه عقولنا وترشدنا إلى الطريق القويم وبما تراه هي لمصلحتنا, دون أن يكون لنا رأي.
ما زال هذا الجهاز المتخلف يمارس دور أمن الدولة, ولا يعنيه إمتاع وتفتيح عقولنا, مازال في هذا العصر يمنع الكتب والأعمال الإبداعية, يمارس رقابة على نتاج الفكر, وكأنه يستطيع منع المواطن من التفكير.
كان تلفزيون الكويت منارة للدول العربية, وفخراً للكويت التي كانت من الأوائل التي أنشأت جهاز التلفزيون بالدول العربية, وشكلت برامجه وأعماله الدرامية في الستينيات والسبعينيات صورة مضيئة للكويت وتوجهها في بناء دولة حديثة ضمن خطة تنموية طموحة, لكن هذا الجهاز الذي تقلصت فيه حدائق البرامج الثقافية, وترعرعت فيه برامج قوى الإسلام السياسي, فقد قيمته ومكانته مع الأيام, وتحول المشاهد عنه إلى المحطات الفضائية والخاصة, التي تقدم رسالة أكثر نضجاً وتقدماً من تلفزيون الكويت, لكن المسئولين في الإعلام ظلوا من أهل الكهف, لا يفقهون بهذه الرسالة, مكابرين يتعاملون مع شعبهم بدونية واستخفاف وعدم احترام لعقولهم ولمنطق العصر, وكأنهم يغطون الشمس بمنخل.
هذه الوزارة التي فقدت كوادرها الرائعة عبر سنوات التعسف والتخلف والجهل, أصبحت مستعمرات قبلية وطائفية, مكتظة بعمالة عاطلة تستنزف أموال الشعب, ناهيك عن التنفيع والفساد الذي استشرى حتى أزكم عفنه أنوف الناس.
لم يبق في تلفزيون الكويت ما يستحق المشاهدة سوى برامجه الحوارية, والتي كانت تدار باقتدار من كوادر وطنية مثقفة, تقدم مادة حوارية مشبعة ذهنياً وثقافياً, لكن الوزارة أبت إلا أن تعيش في تخلفها, وتستمر في احتقار مشاهديها الذين تخسرهم يومياً لصالح المحطات الخاصة.
ولكن هل هذا مهم بالنسبة لها؟ بالطبع لا فهي لا يعنيها ربح مادي ولا عدد المشاهدين, فالموازنات تتدفق سنوياً لتصب في جيوب المنتفعين والأسماء الوهمية على كادرات الشاشة, حتى أصبح لكل فني في برنامج صغير مجموعة كبيرة من المساعدين الأشباح.
في كل تلفزيونات الدنيا, تعتبر البرامج الحوارية من أهم البرامج التي تجذب المشاهدين وتزيد نسبة المشاهدة, وبالتالي أرباح المحطة, في كل المحطات الأصل هو إتاحة الحرية, والتنافس على زيادة مساحاتها, إلا تلفزيون الكويت ووزارته المسئولة, الذي يعتبر نفسه أفهم وأفضل من تلفزيونات العالم, ويتوقع الناس أن يستمر تلفزيون الكويت ببثه ولكن للفراغ, حتى العاملين به لا يشاهدون برامجه.
وأقترح أن تساعد وزارة الإعلام الأجهزة الأمنية, في منع الحوار في ديوانيات الكويت, فليس للكويتي حق في مناقشة قضاياه, وقد تعود المنشورات السرية للظهور في الساحة كمتنفس للتعبير عن الرأي.
4 comments:
تساوى الان مبنى وزارة الاعلام مع الارض ولم يعد هناك ذلك المبنى الاخضر الذي كان يشع جمالا في يوما ما .
انتهى كل شيئ ومعالجة الامر تحتاج الى اياد تنقل الانقاض وتبدأ بالبناء الجديد من الاساسات .
متخلفي وزارة الاعلام كغيرهم ممن تأثروا بالمد الديني المتخلف .
قبل سنوات
هوجم كل من له علاقة بالفن وبالاعلام , اصبح الفنان انسان تعس ومحارب ومنبوذ اجتماعيا وهذه الصورة هي التي يراها الناس ولذلك ابتعد المبدعون وخلفوا فراغا كبيرا امتلأ الان بالمعتوهين اشباه الفنانين .
اعتذر ان كانت هناك اي اساءات بما قلته ولكن من حرة قلبي على ما وصل اليه الاعلام الكويتي والفن الكويتي .
بالامس , كنت اشاهد فلما عظيما عن الرجل الشامخ نيلسون مانديلا , وكنت اتفكر كم لدينا من الاشخاص الذين يستحقون التخليد عبر انتاج افلام واقعية تحكي سيرة حياتهم وانجازاتهم الوطنية , لكن هذا الخيال الجميل توقف بسرعة امام حقيقة ان لا احدا على الساحة الفنية من هو قادر على ان ينجز هكذا اعمال .
بالامس ايضا , كنت اتابع البرنامج الاميركي ستون دقيقة , واندهشت من حجم القضايا والقوة التي يمتلكها هذا البرنامج وتحسرت على اعلامنا وعلى البرامج التي توقفت اخيرا بسبب تخلف المسؤولين .
تحية لك استاذي الفاضل
تابع ياحمد قرار وزير الاعلام الأخير بفرض لائحة تنفيذية على المسموع والمرئي, ورقابة مسبقة على النتاج
أي تدهور وقعنا فيه؟
من سئ إلى أسوأ والأقلام صامتة واعضاء الأمة صامتون
الأمر يمس حرياتنا وكراماتنا كشعب متحضر
ولا يوجد أي منطق في جر البلد إلى عصور تكميم الأفواه
لم يعد لدينا غير حرياتنا للدفاع عنها
تابعت
وتابعت تصريح احدهم ممن يسمون بالوزراء وهو يريد حماية الثوابت من خلال مراقبة المدونات السياسية
:)
استاذي الكريم
هل قد بدأت العجلة بالتحرك , و خطينا الخطوة الاولى في طريق الاصلاح الصعب
وها هم نواب التحالف تحركوا بمشروع قانون يهدف لالغاء منع الاختلاط .
:)
تحية لك ..
حمد
البركة فيكم
الاصلاح يأتي من قوة وزخم التصدي
بوركتم
Post a Comment