Sunday, July 20, 2008

ما العمل ؟




في زيارة كريمة من النائب صالح الملا لرابطة الأدباء, طرحت خلالها موضوعات هامة عن دور نواب الأمة في نصرة الثقافة بالكويت, حيث أنها أساس الحياة والتنمية والتطور.
وفي الواقع قد تكون هذه هي المرة الأولى في تاريخ الحياة النيابية, التي تطرح بها مسألة الثقافة بجدية ووعي, فحتى في أيام كتلة نواب الشعب في السبعينيات, لم تطرح هذه المسألة بوعي كاف, إذ كانت دائماً تخلط الثقافة بتجلياتها الإبداعية, مثل الأدب والفن, ولم يكن ينظر لها باعتبارها مجمل النتاجات المادية والفكرية وأنماط التفكير والسلوك لمجتمع معين في زمن معين, وأساس الثقافة هو التعليم المواكب للعصر, والذي يصنع مواطناً مسؤولاً وواعياً لدوره في البناء والتنمية, ومحافظاً على مكتسباته الدستورية وأهمها حرياته المقدسة.
في هذا الحوار الممتع, الجميع ألقى اللوم على الجميع, فالنائب الفاضل ألقى اللوم على الأدباء والمفكرين الجالسين في أبراجهم العاجية, وصالوناتهم الأدبية, والأدباء ألقوا اللوم على النواب ذوي النفس التقدمي, والذين لم يهتموا لقضية الثقافة تحت قبة البرلمان.
في الواقع جميعنا محقون وجميعنا مخطئون, ففي الماضي الجميل كان للمثقف صوت قوي, وكانت الدولة تستمع له, ونواب الشعب يقدرونه, وكانت مؤسسات المجتمع المدني قوى ضاغطة, وكان نواب الشعب يمثلون الشعب ويستندون إلى الدستور, لكن كل ذلك تغير.
أصبح هناك تخبطاً في معالجة القضايا, وضعفاً في تناولها, وانكفاءً من قبل أصحاب الشأن, فرغم الخطورة المتنامية على الإنسان الكويتي جراء محاولات تقييد حرياته من قبل بعض أعضاء مجلس الأمة, ومن قبل الاجراءات الحكومية, إلا أن ردة فعل القوى الوطنية كانت بمزيد من التخبط, فخلال الشهرين الماضيين تشكلت أكثر من مجموعة شبابية للدفاع عن الحريات, في الوقت الذي يجب به تجميع ورص الصف الوطني, وتوحيد الكلمة.
كما لم يعد لجمعيات النفع العام دور مبادر, بل اقتصر دورها في أحسن الأحوال على ردود فعل دفاعية, وأقصى رد فعل لها هو إقامة ندوة أو جلسة حوار, لكن التحشيد اقتصر على التذمر والفضفضة والتنفيس, بينما قوى الظلام تعمل وتقدم مشاريع بقوانين لانتهاك الدستور والسيطرة على البلد.
الآن, ما العمل؟
في ظني أن الأمر يحتاج إلى عمل واقعي, فعلي, يجب أولاً توحيد الصف الوطني تحت أجندة عمل ورؤية واضحة للخطوة العملية القادمة, يكون الجميع متفقين عليها دون شخصانية, فالوقت لا ينتظر ولا يحتمل الجدل العقيم والمماطلة, فهناك مواد دستورية نستطيع الانطلاق منها بمشاريع قوانين, بعد أن يجتمع النواب ذوي النفس التقدمي بفئات المجتمع, مثل الأدباء والفنانين والرياضيين والنساء والطلبة وغيرهم, عبر مؤسسات المجتمع المدني, لأخذ آرائهم في الشأن العام والخاص, لصياغة مشاريع القوانين, ثم يجمع النواب أكبر عدد من زملائهم الذين يتفقون مع مشاريعهم لإقرار هذه القوانين في المجلس.
وعلى سبيل المثال, يمكن إعداد مشروع بقانون أن يكون الرقيب في وزارة الإعلام حاصلاً على الشهادة الجامعية بتخصص أدب ولغة عربية, ما داموا مصرين على رقابة الفكر والإبداع.
والنواب لا يستطيعون لوحدهم تحقيق مطالب الأمة, يجب أن يكونوا مدعومين من المثقفين ومؤسسات المجتمع المدني, وقوى الضغط السياسي, وهذه الأخيرة كثيرة وقوية ومؤثرة إذا وحدت جهودها.
يجب أن نتوقف فوراً عن التذمر والدفاع عن أنفسنا, ونبدأ فوراً بالمبادرة المدروسة, ونوقف التشوش الذهني, ونعمل بثقة ونعي مصادر قوتنا التي تبدأ بحبنا للوطن, وتمسكنا بالدستور.

No comments: