Monday, July 7, 2008

الشخصانية في العمل الوطني



كانت التنظيمات السياسية الوطنية في الكويت, تعاني من مشكلات كثيرة, أضعفتها وعزلتها عن الجماهير, مشكلات مثل المركزية الدكتاتورية والشخصانية الذاتية حد النرجسية, كل التنظيمات كانت تضع لوائح تنظم العمل بشكل ديموقراطي, لكن القيادات كانت تطبق الديموقراطية بانتقائية, والمشكلة الأخرى أن تعدد هذه التنظيمات والاختلاف الطفيف في برامجها, لم يكن يصب في مصلحة رص الصف الوطني, بل شغلت بالخلافات الفكرية والنظرية, مما زاد من غربتها الشعبية.
لم يكن الانتقاد مسموحاً به, إلا إذا كان ينسجم مع توجهات القيادة, وإلا اعتبر عصياناً وسقوطاً سياسياً, وفي الجانب الآخر إذا لم تناسب البعض توجهات في تنظيمه, انشق وأسس تنظيم آخر على مقاسه, ولم يطبق الإصلاح من الداخل, فإما رأيي وإما أن هذا التنظيم منحرف.
ولو عددنا عدد التنظيمات والتجمعات وجمعيات النفع العام ذات التوجه الوطني الدمقراطي, لوجدناها كثيرة ولها ثقل سياسي واجتماعي ونوعي كبير ومميز, ولا يحتاج الأمر إلى مزيد من التنظيمات, بل إلى رص صفوفها وتطوير عملها واستقطاب الشارع الكويتي, تحتاج إلى مزيد من الدمقراطية في عملها ولوائحها الداخلية.
لكن كانت دائماً الشخصانية, والذاتية, وعدم الفهم وعدم الالتزام بأسس العمل التنظيمي والنقابي, وادعاء امتلاك الحقيقة, وغياب الرؤية الاستراتيجية, هي السائدة في العقود المنصرمة, كان التنظير جاهزاً, لكن كان العمل والتنفيذ غائبين, وكان كل العمل يقع على عاتق شخص أو بضعة أشخاص, هناك من يأمر ويقرر ويوزع المهام, وهناك من يعمل (ويكرف).
كان دائماً هناك القائد الكبير, العارف لكل شيء, وكان دائماً هناك التابعون الغير مؤهلين للقيادة, الذين يضيعون في غياب القائد, ويتوقف العمل الوطني عندما يتوقف القائد عن العمل.
وعندما بدأ الشباب حركتهم الوطنية "نبيها خمس", كانت حركتهم هذه عملاً سياسياً وطنياً صحيحاً, لا تشبه ترهل أفكار وأعمال القيادات القديمة, ومن يقرأ المدونات الشبابية يجد وعياً وطنياً رائعاً, وأفكاراً خلاقة مبدعة, لا تشبه مكابرة الكبار في أبراجهم العاجية, هذه الحركة الشبابية, جددت دماء الحركة الوطنية, وأنعشت ذاكرتها النضالية, وأنعشت آمالي شخصياً.
لدي إيمان كبير بالشباب, الذي من حقه أن يتعلم ويخطئ ويتعلم من أخطائه, وأخطاء الآخرين ممن سبقوه, هؤلاء الشباب لديهم إخلاص وطني غير محدود, ولكن يبدو في بعض الأحيان أن لدى البعض منهم إرث المركزية القديمة, فقبل أيام دعيت من قبل شباب لحضور اجتماع لتأسيس تجمع وطني, غايته الدفاع عن الحريات, على ضوء وتداعيات تأسيس لجنة الظواهر السبية الدخيلة في مجلس الأمة, وفرحت كثيراً لفرصة الاستماع لأفكار الشباب, وبالفعل تعلمت كثيراً من آرائهم المبدعة, ولم أكن أود المشاركة بالنقاش, فكل هدفي كان التعلم, وفجأة طلب الرئيس أو المنسق, أن أقول رأيي, فبدأت بالحديث وفجأة قاطعني هذا المنسق قبل أن أكمل كلامي, وقال جملاً إعتراضية كبيرة, ثم عبر علي وانتقل إلى شاب كان يجلس بجانبي.
خجلت من إسكاتي بهذه الطريقة أمام شباب وشابات بعمر أبنائي الصغار, ومن تجمع يفترض أنه يدافع عن الحريات, بما فيها حرية الرأي, وبالطبع كان بإمكاني الرد والدفاع عن صوتي, لكنني فضلت السكوت والاستماع إلى بعض الآراء التي لا أوافق عليها, ولكني خشيت من القمع مرة أخرى.
ويبدو أن بعض الشباب تأثر بالشخصانية والمركزية, والبعض ينظر بدونية إلى الكبار وآرائهم, مثلما يقول المراهق لأبيه: أن زمانك ولى, وأنا أفضل منك, وفي الواقع لا فرق بين كبير يزدري الشباب, ولا بين شاب يزدري الكبير.
نقول أشياء كثيرة, ونطبق عكسها, ونغرق في خلافاتنا وتشظينا, وننسى قضيتنا الوطنية التي تجمعنا, لكن ذلك لا يمنعني من مد يدي إلى الصغير والكبير من أجل رفعة وتقدم وطني الكويت.

1 comment:

Hamad Alderbas said...

في الحقيقة لا ادري ان كان الجسم الوطني سيعالج من تلك التشققات ام لا