Sunday, April 5, 2009

تأثير موزارت



في كتابه العلمي الرائع, Mozart effect, أو تأثير موزارت, يذكر المؤلف دون كمبل, والخبير في العلاج بالموسيقى, أثر الأصوات والموسيقى على الكائنات وبالأخص الإنسان, وكذلك على الجماد.
ومن المعروف أن المسلمين العرب, هم أول من استخدم الموسيقى للعلاج, وما زالت الآلات الموسيقية التي استخدموها لهذا الغرض, موجودة في أحد متاحف ألمانيا.
ومن المعروف أيضاً, أن الموسيقى استخدمت لزيادة إدرار الحليب عند البقر, وسرعة نمو النباتات مثل الخضروات والفواكه, ونتائج هذه التجارب كانت واضحة وناجحة منذ بدايات القرن الماضي.
ودرس كمبل في هذا الكتاب الذي يستحق القراءة, أثر الموجات الصوتية على حالاتنا النفسية والذهنية, فالموجات من 3000 إلى 8000 هرتز وهو مقياس الموجات الصوتية المتعارف عليه, تساعد المخ على التفكير وزيادة الذاكرة, أما الموجات المتوسطو من 750 إلى 3000 هيرتز, فلها تأثير على التنفس والدورة الدموية واستثارة المشاعر, أما الموجات القصيرة من 125 إلى 750, فهي تؤثر على الجهاز الحركي العضلي, وتستخدم الآن وبنطاق واسع موسيقى موزارت, لزيادة ذكاء الأطفال.
ويذكر المؤلف أنه تعرض لجلطة في شريان الرقبة, وهي تستلزم عملية جراحية خطرة, ولكنه فضل معالجتها بطريقة أخرى, فظل لمدة أسبوعين يتخيل موسيقى آلة الترومبت, ويدندنها بنغمة يشعر بذبذباتها بأذنه, وعندما فحصه الطبيب اندهش أن الجلطة تقلصت كثيراً, وخلال فترة قياسية, بينما هذا التقلص يتطلب من خمسة إلى ستة أشهر بعد العملية الجراحية.
وذكر كذلك حكاية أولفر ساكس, وهو طبيب أعصاب ومؤلف, وقد تعرض ساكس إلى حادث سيارة في النرويج, وتلفت على اثر ذلك جزء من أعصابه, مما أصابه بالشلل, وظل على هذه الحالة لأسابيع طويلة, ولكنه في يوم من الأيام بدأ يدندن موسيقى كونشيرتو الكمان لمندلسون, وجعل ذبذباته تؤثر في دماغه, وبعد فترة بسيطة اكتشف أنه يستطيع أن يحرك رجليه, وبعد أيام استطاع المشي.
ويذكر بالكتاب قصة الطفل المصري بودي الفولي,والذي كان يبلغ من العمر سبع سنوات, وكان يعاني من صمم, فهاجرت أسرته إلى الولايات المتحدة في بداية التسعينيات, لكي يدرس في مدرسة خاصة, تساعد من في حالته, وفي ليلة أخذه والده إلى حفلة موسيقى كلاسيكية, واكتشف أنه كان ينصت بانتباه رغم صممه, فأخذه إلى المؤلف الذي علم الوالد أن يربت على ظهر ابنه, برثم محدد, ومع مرور الوقت أصبح الابن موسيقياً, ويؤلف موسيقى راقية.
وتستخدم الموسيقى في تحسين حالة مفرطي النشاط, والتوحديين, كما أنها تساعد الأطفال الخدج على النمو بأسرع من المعتاد, كما تساعد على نمو الأجنة في بطون أمهاتهم, وتحسين ذكاءهم ونموهم العاطفي, وتسهل ولادتهم.
وثبت علمياً أن الاستماع لا يكون عن طريق الأذن فقط, ولكنه يتم من خلال العظام والجسم بشكل عام, كما أن كل شاكرا من الشاكرات الرئيسية السبع عند الإنسان تتأثر بموجات صوتية معينة, والشاكرا هي مركز استقبال الطاقة عند الإنسان, ونغمة "الوام" المعروفة في جلسات التأمل, تؤثر مباشرة على شاكرا القلب, وهناك فن هندي اسمه "غزل", يعتمد بشكل أساسي على هذه النغمة, وعلى قصائد راقية.
ويختلف أحياناً تأثير الموسيقى باختلاف ثقافات الشعوب وبيئاتها, فمثلاً في البيئة الصحراوية, يقل التناغم الهرموني, وتصبح الإيقاعات محدودة ومكررة, فالأذن الصحراوية لا تتذوق موسيقى التناغم الهرموني والميلودي, بينما البيئة الحضرية, وحسب تقدمها فتطرب أو تتذوق التنوع والتداخل في الموازير الموسيقية, وخاصة في البيئات ذات الغنى في الطبيعة والألوان, وهذا ينطبق على الفنون الأخرى, مثل الفن التشكيلي.
الأصوات والموسيقى هي لغة التواصل عند البشر, ومنذ الأزل, وهي وسيلة للعلاج النفسي والبدني, وحتى لتخفيف الألم, وحتى أصوات الناس تؤثر فينا سلباً وإيجاباً, وتسهم مثلها مثل الموسيقى بتهدئة ضربات القلب, وتهدئة التنفس وتعميقه, أو العكس زيادة ضربات القلب, وتسريع التنفس وضحالته.
والجدير بالذكر أن التصفيق بعد انتهاء الحفل الموسيقي, يعتبر سلوكاً متخلفاً, لأنه يلغي كل ما تشربه المستمعين وأجسادهم من طاقة الموسيقى, ولذا يقترح المؤلف التصفيق أو التلويح بكف واحدة, كتعبير عن التقدير.
فيا ترى ماذا سيكون تأثير صراخ المرشحين للانتخابات علينا, وأي نوع من المستمعين سيتأثر سلباً, ومن سيتأثر إيجاباً؟

No comments: