Saturday, April 3, 2010

قمم

تتساءل الشعوب العربية, وعلى مدى عقود طويلة, عما حققته اجتماعات القمة العربية, ولها كل الحق في هذا التساؤل, وبعد كل تلك الإحباطات التي تتعرض لها منذ القرن الماضي, سواء من الأنظمة الرسمية, أو من ممثلتها جامعة الدول العربية.
فعلى الرغم من كل بيانات الشجب والإدانة للعدوان الإسرائيلي, ورغم كل مشاريع التضامن والتعاون والتكامل, التي تبخرت بالهواء, فإن الواقع يقول عكس ذلك, وحال الشعوب العربية, هو أفضل تقرير تاريخي عن قرارات القمم العربية.
فعلى مستوى قضية العرب الرئيسية, لم يتم أي إنجاز فعلي لصالح الشعب الفلسطيني, بل رضخت وروجت الأنظمة العربية, للحلول الأمريكية لمشروعات السلام, وعاشت في وهم أن الولايات المتحدة, هي غير إسرائيل, وإن اوباما هو غير بوش, هذا إن كانت النوايا حسنة.
وخلال ذلك تم تشجيع التسويات المنفردة مع العدو الإسرائيلي, باتجاه التطبيع معه, وساهم في ذلك التدخل الخارجي لتفتيت وحدة الصف الفلسطيني, وإفراغ المقاومة الفلسطينية, من محتواها الوطني التحرري, وإجهاض حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على أراضيه, وتقرير مصيره.
ويستفيد العدو الإسرائيلي, من حالة التشرذم بين الدول العربية, والتفتيت الطائفي والقبلي والفئوي, على مستوى الشعوب, في الاستمرار بنهجه في بناء المستوطنات, وتهويد القدس, والاعتداء الوحشي المتكرر على الشعب الفلسطيني, مستنداً على دعم "مجموعة الدعم لإسرائيل في الولايات المتحدة" AIPAC, والتي يحتاج الرئيس أوباما إلى أصواتها لتجديد مجلس الشيوخ.
وعلى المستوى الاقتصادي, فقد فشلت جميع القمم في الاقتراب من تحقيق شعار التكامل الاقتصادي بين الدول العربية, ورفع معاناة شعوبها من الفقر والبطالة والجهل, وبناء أقتصادياتها الوطنية المستقلة, بعيداً عن السيطرة الأجنبية, التي كانت وما زالت تنهب ثروات الشعوب العربية, بشكل مباشر وغير مباشر, وخاصة بعد الأزمة الرأسمالية الأخيرة, ولإنقاذ إنهيارات إقتصادها وشركاتها, مما يؤدي بالنهاية إلى استمرار إنخفاض القوة الشرائية للإنسان العربي, وازدياد معاناته المعيشية.
ورغم بعض أشكال الديموقراطية الشكلية, في بعض الدول العربية, إلا أن الإنسان العربي, ما زال يعاني من تغييب دوره في المشاركة السياسية, ومن غياب العدالة والمساواة الاجتماعية, ومن قمع حرياته, على الرغم ما ينعم به التخلف والتشدد الديني, المؤدي للإرهاب من تسامح نسبي من بعض هذه الأنظمة.
وتعاني معظم الدول العربية, من الفساد السياسي والإداري, وغياب خطط التنمية, كما تراجعت بعض الدول, عن مشروعاتها وتعهداتها لشعوبها, بعد استقلالها والتخلص من الاستعمار, في التقدم والديموقراطية والتنمية, لتتحول أنظمتها الجمهورية إلى أنظمة وراثية, مخالفة بذلك منهج التطور الاجتماعي والاقتصادي لشعوب الأرض.
وأما شعار الوحدة والتضامن بين الدول العربية, فلم ينتج عنه إلا مزيداً من التجزأة والتقسيم, ومزيداً من العداء بين الشعوب العربية, فأطماع بعض الدول العربية بجاراتها, واحتلالها لها أو تدخلها العسكري, نتج عنه تدمير البنى التحتية, وقتل أبنائها, وإتاحة الفرصة لاحتلالات عسكرية جزئية أو شاملة, عربية وغير عربية, وتأزيم أوضاع الشعوب العربية, وتأخر تنميتها وانتشار الفساد فيها, وزيادة الإنفاق على التسلح وتكديسه.
وينمو شيئاً فشيئاً التطرف والإرهاب بكافة أشكاله, ويتعزز الفرز الديني والطائفي والقبلي والفئوي فيما بين أبناء الشعب العربي الواحد, دون معالجة علمية أو مدنية, أو دون الأخذ بمقتضيات بناء دولة المؤسسات المدنية, وتطبيق القانون.
إن الخلافات العربية العربية, وغياب وحدة الهدف والقرار بينها, تسهم في جعل الشعوب العربية, في آخر قائمة التقدم الاجتماعي والثقافي والاقتصادي في العالم, مما يجعلنا نتساءل, ما فائدة القمم العربية؟ وما فائدة جامعة الدول العربية؟ وإلى أين سينتهي الأمر بنا؟



No comments: