في لقاء ضم بعض أعضاء رابطة الأدباء والمرشحة للانتخابات النيابية, الدكتورة أسيل العوضي, أثيرت خلاله بعض القضايا التي تؤرق الشعب الكويتي, كما أثيرت موضوعات لها علاقة بسلوك المرشحين وأعضاء مجلس الأمة, مثل ظاهرة الصراخ ورمي العقال الجديدتين على تقاليدنا وعلى الممارسة الديمقراطية في الكويت.
ولأن الدكتورة أسيل ذات صوت منخفض وهادئ, فحسب أصحاب ظاهرة الصوت العالي لن تنجح في الانتخابات, وهذا بالتأكيد ليس صحيحاً, فالمعروف للدارسين أن الشعوب البدائية هي التي تتحدث بصوت عال, وخاصة التي تعيش في الحقول أو في الصحراء لاتساع مساحة الأرض, وتستلزم صوتاً عالياً للمناداة والاتصال, فهي سمة للتخلف.
كما أن الصوت العالي يعني أن الشخص يفتقر للحجة والمنطق وثقافة الحوار, ويعبر تعبيراً واضحاً عن النقص, فالانفعال في الحوار يفقده معناه الحضاري بالتعلم والتطور المبني على الرأي والرأي الآخر, ويصبغه بصبغة المعركة ويعكس عدم الثقة بالنفس.
والناس أحياناً لديهم مفاهيم خاطئة للقوة, مثل القوة العضلية مثل فرض الرأي والأخذ بوضع اليد, والقسر والإجبار, وهذه بالتأكيد مفاهيم خاطئة, فالقوة الحقيقية هي بالحكمة والهدوء, هي باحترام اختلاف الآخر, هي برجاحة العقل والدفاع عن المبدأ والوطن, والمعروف أن الإنسان الغاضب لا يرى ولا يسمع.
وأكبر دليل على بدائية الصوت العالي, هو سلوك الحيوانات التي لا تملك عقلاً وتفكيراً مثل الإنسان, فهي تستخدم الزئير والنباح والعواء لتخويف أعدائها, ولا تستخدم لغة الحوار أو تبادل الرأي الذي يقود إلى التطور أو الإصلاح.
وبهذا تكون المرشحة الدكتورة أسيل العوضي مثالية للمجلس القادم, وتستحق أن تمثلنا للمرحلة القادمة.
كما طرحت الدكتورة أسيل قضايا هامة باتت تقلق الشعب الكويتي, بالتأكيد ليس من بينها إسقاط القروض أو تبذير أموال الشعب, أو التحريض على مخالفة القوانين والمطالبة بالاستيلاء على أملاك الدولة, كما يفعل بعض المرشحين من أصحاب الصوت العالي.
القضية الأهم الآن هي فرض هيبة القانون, ومنع وتجريم التعصب القبلي والطائفي على حساب الدولة, ففي السنوات الأخيرة وبسبب تراخي الدولة, سادت ظواهر استمرأت على الدولة واستقوت على القانون في جميع المؤسسات التنفيذية والتشريعية, وحتى في جمعيات النفع العام, ظواهر تفرق بين المناطق والانتماءات, وهي ظواهر من شأنها تمزيق المجتمع الكويتي وتدمره, خاصة مع انتشار السلاح غير المرخص.
والقضية الأخرى هي قضية التعليم وعدم وجود إستراتيجية لتعديل مساره, بعد أن انحرف عن أهدافه السامية, فتحول من وسيلة إلى تطوير حس البحث الحر والاكتشاف وخلق مواطن واع ومثقف, إلى وسيلة لتجهيل الإنسان حتى في دينه, وسيلة لتخريج تربويين ومعلمين ذوي مستوى متدن, يخربون عقول أبنائنا بدلاً من بنيانها, والسبب يعود إلى أن الدولة دعمت وسمحت للإسلاميين أن يديروا حياتنا, نحن الكويتيون الذين اعتدنا التفكير الحر, الذين كانت من سماتنا الانفتاح والتطور, فأصبح التعليم وهو حجر الزاوية في التنمية والتقدم يدمر شخصية أبنائنا, ويخلق مواطناً مريضاً خائفاً من عذاب القبر, كارهاً لنعم الله مثل الموسيقى يعيش في ظلام العصور الوسطى, مشوه المعرفة بالإسلام, سمته الغلو والإرهاب والكراهية للآخر.
كل ما ذكرته يدخل في خانة الثقافة, التي ما زال مفهومها حتى عند التجمعات الوطنية ملتبساً, فيحصر في التجليات الإبداعية الأدبية والفنية, وهي في الواقع سبب كل ما نعانيه من ألم, فالتعصب ثقافة, والتخلف ثقافة, والصوت العالي ثقافة.
نحن مع شعار الأمل, لكن لن يكون هناك أمل دون الاعتماد على الشباب, فهم الأمل الحقيقي, وكما قال الدكتور سليمان الشطي الأمل يحتاج إلى العمل, لا التنظير المجرد, لا يحتاج إلى نرجسية الكبار, لا يحتاج إلى ثقافة المناضل الكبير ذي الخبرة السياسية وبس.
No comments:
Post a Comment