Sunday, May 25, 2008

وماذا بعد؟




انتهت المعارك الانتخابية، وانتهى معها كل توقع بالتغيير كان مأمولاً، فقد أسفرت النتائج عن المزيد من التشرذم القبلي والإسلامي السياسي والاستقطاب الطائفي، فهل تراجع وعي الناس؟ أم أن الغلبة في الصراع السياسي الكويتي تكون لصالح التخلف، والمال السياسي، ومخالفة القوانين؟ من تراجع هنا، الناس أم سيادة الدولة، أم التنظيمات السياسية؟
نحن نرضى بنتائج الديمقراطية أياً كانت، لكن أي نتيجة للانتخابات البرلمانية، تعود إلى مجموعة عوامل، منها التراخي الحكومي خلال عقود عن تطبيق القوانين، وغياب العدالة في التعامل مع المواطنين، والسماح للفساد بالاستشراء، فغاب دور مؤسسات المجتمع المدني، واستبدلت بالقبيلة والطائفة، حتى غدت مؤسسات بأكملها تحت سيطرة القبيلة، فكل مسؤول يأتي بأبناء عمومته، فتنحت الكفاءات، وأصبحت البلد تدار بأقل قدر من الإخلاص والدقة والإبداع، وأهدرت أموال الشعب، التي كان يجب أن تنفق على التنمية، بسبب عدم النزاهة والإخلاص، وبسبب سياسة التنفيع.
تخلت الحكومة عن حزمها وردعها للمخالفين والسارقين، فلم يعد لرجل الأمن أي هيبة، ولم يعد للقانون أي اعتبار، ولم تعد الوطنية والولاء يعنيان شيئاً، حتى أصبح بعض رجال الأمن يخالفون القانون، ويستقوون باللباس العسكري على أبناء وبنات الشعب، وأصبحت المخالفات المرورية تهدد حياتنا، حتى أصبحت المراجعة في الدوائر الحكومية كابوس للمواطن، وأصبحت البطالة المقنعة هي الأصل، والنزاهة هي الاستثناء.
اختفت عقول البلد، وكوادرها الفكرية، وانتشرت بسرعة قياسية شهادات الدكتوراه المزيفة، تحت شعار "تخرج وانفع ربعك"، الذي رفعه الإسلاميون في الثمانينيات، وأصبح لدينا آلاف من المحامين الذين يدافعون عن القبيلة، أو عن الفساد، والذين سيصبحون وكلاء نيابة، ثم قضاة، هذه السلطة القضائية التي نكن لها كل الاحترام والتقدير، لنزاهتها وتميزها منذ القرن الماضي.
ساهمت الدولة بتجهيل الأجيال، عندما شجعت قوى الإسلام السياسي، وسمحت له بوضع مناهج الدراسية، تدمر العقول ولا تنميها، سمحت له بفرض أجندته السياسية على الشعب الكويتي، وفرض الإرهاب الفكري والمادي، ومحاربة التحضر بكل صوره، حتى ظنت هذه القوى أن لها سلطة فوق سلطة صاحب السمو أمير الكويت، بمحاولة تغيير رئيس الحكومة، وهو حق مطلق للأمير.
وفي ظني، أنه حتى إذا تحولت الكويت إلى دائرة انتخابية واحدة، فلن يكون هناك التغير المنشود الذي يحلم به الإنسان الكويتي، فالقبيلة والطائفة والإسلام السياسي والفساد، أقوى من الدولة، فإذا لم تعرف الحكومة ماذا تريد من المستقبل، وتستعين برجال تنمويين، قادرين على قيادة البلد إلى طريق التقدم، فلا يمكن أن نعيش الأمل، وإذا لم تخضع الحكومة لصراخ النواب، وابتزازهم الذي أصبح يسئ إلى صورة الديمقراطية، فيمكن عندها أن نعيش الأمل وخطوة في الحلم.
وفي جانب آخر، فرغم الانتصار الرائع للمرأة في المعارك الانتخابية، إلا أن التنظيمات السياسية الوطنية، مدعوة للتفكير بجدية في سياساتها الانتخابية، فالوقت ليس وقت الخلاف والتمزق، والخروج على الصف الوطني، على هذه القوى أن تقدم وجوهاً شابة تمثل الطيف الوطني، وليس فقط الخبرة والقيادة، كان يجب أن تقدم وجهاً شيعياً، ووجهاً قبلياً مثلاً، إضافة للمرأة, وتبدأ منذ الآن في تنفيذ برامجها، سواء تحت قبة البرلمان أو خارجه، لتثبيت مصداقيتها، فلديها كوادر شابة رائعة، قادرة على العمل الوطني بدأب ونشاط.
التغيير الذي يمكن أن يتم في هذه المرحلة، هو تغيير شكل الحكومة التقليدي، والابتعاد عن المحاصصة، بتوزير كفاءات وطنية قوية، وتدعمها دون خوف من المجلس وصراخه ووعيده، حكومة قوية تسير في طريق التنمية، دون تردد، وغير ملتفتة للسذاجة البرلمانية، التي لا نعول عليها في التغيير، وتنمية البلد، في الوقت الراهن، وبهكذا تشكيلة.

5 comments:

مسيان said...

استاذي الفاضل ان افراز المجتع واختياره لنواب قبليين واسلاميين جاء لعدة امور قد اشرت انت اليها ,الا اني اريد ان اضيف نقطه مهمه وهي انغلاق التيارات الوطنيه على ذاتها و استقطابها للشباب في مرحلة متأخرة نسبيا-الجامعة- اذا ما قارناها بالتيارات الاسلامية التي تسعى للاستحواذ على النشّأ,فقد سيطرت على مراكز الشباب و انشأت تجمعات شبابية في كل مناطق الكويت.على التيارات الوطنيه لتواجه هذا المد ان تنشئ مراكز تسعى من خلالها لتكوين قاعدة للمستقبل وعدم ترك المور ((على حطتها))
اما بالنسبه للقبليه فالاحداث التي صاحبت الفرعيات هي اكبر دليل على ان الحكومة هي المسؤولة عن ابرازها وتأصيلها ,التعديات التي حصلت من بعض من ينتمي للقبائل ما هي الا رسالة تبين انهم تعدوا على القانون في السنوات الماضيه((لاتباع الحكومة لمبدا فتح عين و غمض عين)) فاصبح البعض يظن انه اقوى من الدولة....في النهاية لا يسعني الا ان اقول...هذي الكويت صل على النبي

Hamad Alderbas said...

الدائرة الواحدة

ستخلصنا من القبلية ولكنها ستلد لنا تكتل القبائل وتكتل الطوائف :)

لازال الطريق طويل وصعب

وللاسف التيار الوطني خذلنا في هذه الانتخابات وخصوصا في الانتكاسة المتوقعة التي حدثت بالدائرة الثالثة .

تحية لك استاذي الكريم

وليد الرجيب said...

مسيان
تحياتي لك
هذه مشكلة التيار الأزلية.. النعالي على الشباب وعدم الثقة بهم وبقدراتهم
وتضخيمهم لما يسمونه الخبرة السياسية وكأنهم لم يكونو شبابا في يوم من الأيام
وأيضا غلطة الشباب لأنهم غير واثقين من أنفسهم
ويجب أن يجتمع الشباب في مؤتمر لبحث هذا الأمر دون الخروج عن الصف الوطني وتحالفه
المبادرة..المبادرة..المبادرة

شكرا

وليد الرجيب said...

حمد
لا يمكن التخلص من القبلية لأنها ثقافة محمية ومدفوعة من الدولة
ويمكن التخلص منها في حالة واحدة وهي مشروع الدولة الحديثة, وتفعيل دولة المؤسسات وتطبيق القانون والدستور بحذافيره وتطبيق العدالة بين الجميع دون فرق وبحزم
أما التيار الوطني فيحتاج إلى جرعة انعاش شبابية

ولك الشكر والتقدير

3ateeja said...

وفي ظني، أنه حتى إذا تحولت الكويت إلى دائرة انتخابية واحدة، فلن يكون هناك التغير المنشود الذي يحلم به الإنسان الكويتي ......

استاذ وليد
يقول صلى الله عليه وسلم
كما تكونوا يولى عليكم

نسبة المشاركة الانتخابية لم تتجاوز ال64% والشعب يولول ...على شنو يا حظي ؟؟
ولا يختلف اثنان على اننا في عرس ديمقراطي
نعم عرس ديمقراطي
والمجلس جاء نتيجة الممارسة الديمقراطية اختلف معي من اختلف واتفق معي من اتفق فلو كان جميع الاعضاء اسلاميين او شيعه او سنه او بوذ فهذه نتيجة الديمقراطية
قد
يكون هناك بعض القصور ولكن!!!؟؟
لم يكن هذا القصور وليد الانتخابات هذه بل انه قصور منذ اول ممارسه ديمقراطية في الكويت
والجميع يرفع الشعارات الوطنية والآن هو المحك
والجميع ينبذ القبلية و الطائفيه ويعيش النبذ مناقضا لذاته ولنفسه ولطائفته !!؟؟
الامر اخي المعالج يعود للأسره والتي هي اللبنه الأولى لبناء المجتمعات
فلا انسى والدي لما في الثمانين حين كان يمشي في سيارته في المنطقة العاشره ويرى كراسي الجمعية مكسره والطوف مكتوب عليها ويقول ....البدو خربوا الديره!!؟؟
ولما صار تفجير المقاهي ...كان يقول عسى تستوعب حكومتنا خطر الشيعه
يعني المسئله اكبر من مسئلة وزارة ومجلس
المسئله مسئلة تربية بالدرجه الاولى
اما بخصوص الحديث عن التيارات السياسية فلا اكذب عليك ان قلت لك اني عايشتها جميعها واقعيا فعليا
فجمييييييييييع التيارات مثل بعض
الا انها تختلف بالشكل....وهذا الحال ليش فقط في الكويت
وانما حتى في الدول المتقدمة
فمن المعلوم ان الولاية التي يعيش فيها مرشح الرئاسه يكون امر الاصوات محسوم بالنسبة له ...فليشششششش نستغربها من الصباحية وما نستغربها من امريكا
!!!
آسفه عالاطاله