كانت زيارة قرية سان جمنيانو ضمن مخططي, وهي قرية قديمة على قمة جبل بمنطقة تشانتي في مقاطعة توسكانيا الجميلة, وتطل على حقول عنب شاسعة, وقد اكتمل بناءها في القرن الحادي عشر, ومعمارها مازال على طراز القرون الوسطى, وقد كانت تعتبر معبراً تجارياً بين روما وفلورنسا في العصور الوسطى, ثم إلى سائر أوربا في السنوات اللاحقة.
سان جومنيانو قرية مليئة بالمفاجآت, ويمكن رؤية أبراجها العالية من بعيد, وكأنها منارة للمسافرين, وتحيط بالقرية أسوار عالية تجعلها تبدو كقلعة من قلاع الماضي, وعند الغروب تبدو كقلعة تحترق, وتبدو مثل قصص الخيال عندما يرتفع القمر بين ابراجها, وكل أزقتها الضيقة مرصوفة بالحجارة منذ ذلك الزمان, وتنتشر الحوانيت والمقاهي في هذه الأزقة, وأزقتها تفضي إلى ساحات صغيرة, يعرض الفلاحون فيها منتجاتهم المختلفة, التي يصنع بعضها يدويا, وبعضها بأدوات قديمة لكن ذكية, مثل عجينة المكرونا والحلويات وأنواع الأغذية المختلفة, إضافة إلى المشغولات اليدوية.
والقرية مكتظة طوال العام بالسائحين, ولكل فصل من فصول السنة فيها ميزته وجماله, مزدحمة لدرجة أنك قد لا تحصل على موقف لسيارتك في المواقف العامة بسهولة, لدرجة أن الأكتاف تتصادم في الأزقة, وتنتظر دورك للجلوس إلى مقاهيها التاريخية الجميلة.
وقد التقيت بسائحين إنجليز وأمريكان, درسوا تفاصيل القرية في بلدانهم قبل أن يزوروها, سواء في الإنترنت أو من خلال الكتب والفيديو, بل اكتشفت أن البعض يؤجر من خلال الإنترنت, دليلاً أو مرافقاً سياحياً يشرح لهم التفاصيل الجمالية والتاريخية, وهذا تكرر معي في معظم الأماكن التي زرتها, وأعجبت باهتمام السائح الأجنبي, وحبه للتعلم من الثقافات الأخرى, بينما لنا اهتمامات أخرى أبرزها التسوق, والاستهزاء بالشعوب الأخرى وعاداتهم.
هناك تفاصيل كثيرة في هذه القرية الصغيرة, وقد لا يكفي يوماً كاملاً لاكتشافها أو التعرف عليها, لكنها بحق تستحق اهتمام السائحين بها, وهي وسينا وتشيانتي في توسكانيا.
وزرت عدد من القرى والمدن الإيطالية, لكني وقعت في حب مدينة فيرونا, وهي مدينة صغيرة ساحرة في شمال إيطاليا, فيها عدد كبير من المعالم الأثرية والثقافية, فيها الأرينا arena, وهو عبارة عن مسرح روماني كبير, تعرض به الأوبرات المشهورة, مثل كارمن وعايدة, التي اضررت للتأجيل يومين في المدينة لحضورها, وقد كان عرضاً رائعاً, أخرج بطريقة فخمة, إذ من المعروف أن أوبرا عايدة تعتبر من أطول الأوبرات, قد تصل مع الاستراحات إلى أربع ساعات, وكنت محظوظاً بحصولي على كرسي في الصفوف الأمامية.
والسائحون يحجزون لحضور الأوبرا مسبقاً, وغالباً عن طريق الإنترنت, وبعض الأوربيين يأتون ليلة واحدة من بلدانهم وخاصة القريبة مثل سويسرا, لحضور هذه الأوبرات, خاصة إذا علمنا أن القيادة سهلة دون قيود حدودية, أو تعطيل.
والأرينا تقع في ساحة كبيرة جميلة, تنتشر بها مقاهي شهيرة ونوافير, ويتفرع من هذه الساحة عشرات الأزقة المليئة بالمقاهي الصغيرة.
ويزور المدينة ملايين السائحين من مختلف دول العالم, سواء لحضور عرض فني, أو لزيارة بيت جولييت وشرفتها الشهيرة, حيث يتزاحم العشاق للتصوير فيها أو تحتها, كما تزدحم حوائط المدخل بالكتابات من جميع اللغات, لكنني لم أجد كتابة عربية, مع أن العرب "حبيبة", لكني يبدو أن الزواج ينهي الحب عندهم, كان هناك أزواج من مختلف الشعوب كبار بالسن, يبدو حبهم كبيراً لبعضهم.
وقد لا يعلم البعض أن قصة روميو وجولييت, قصة الحب المأساوية, كتبت كرواية على يد ماثيو باندللو في القرن الرابع عشر, لكن عبقرية شكسبير الذي كتبها بين العام 1595 و1596, ونشرت عام 1597م هي ما جعلها عملاً خالداً.
في فيرونا تفاصيل جميلة, قلاع وحدائق وأزقة, وفن على ناصية كل الطرقات والساحات.
No comments:
Post a Comment