Saturday, August 1, 2009

تشي 1 من 3




عرضت رابطة الشباب الوطني الدمقراطي, وهي لجنة شباب المنبر الدمقراطي الكويتي, عرضت يوم الثلاثاء الموافق 28 يوليو الماضي, فلماً وثائقياً يحمل عنوان "تشي", وذلك في مقر الجمعية الثقافية النسائية, والفلم يصور آخر 18 ساعة من حياة المناضل الثوري أرنستو تشي غيفارا, ولكن للأسف لم يتسنى لي مشاهدته لانشغالاتي, لكنني تذكرت قراءاتي أيام الشباب.
ولد غيفارا في الأرجنتين في 14 يونيو 1928م, ودرس الطب, وجال مع زميله بدراجته النارية أنحاء أمريكا اللاتينية, وقدم العون المجاني لمرضى الفلاحين والفقراء, في القرى النائية, رغم أنه كان في السنة النهائية من دراسته, لكن هذه الرحلة التي وثقها بكتابه "مذكرات دراجة", عمقت نزعته الإنسانية, واهتمامه بالإنسان المستغل (بفتح الغين), وقادته لدراسة النظريات الثورية المتنوعة, واستقر على النظرية الماركسية اللينينية, كمنهج ثوري يتبناه, وساعده على هذا الاختيار زوجته الأولى هيلدا, ومع ذلك كانت نزعته الإنسانية هي الطاغية في سلوكه وتفكيره الثوري الرومانسي, وجولته تلك في بلدان أمريكا اللاتينية, خلقت لديه قناعة بأن ظروف هذه البلدان متشابهه, لأن ظروف القمع الدكتاتوري فيها متشابه.
وظل يحلم بتحرير جميع الشعوب المضطهدة في الكرة الأرضية, وإحدى مقولاته الشهيرة:" لا أعرف حدوداً, فالعالم بأسره وطني, أينما وجد الظلم فذاك هو وطني", وظل يلتقي بمختلف المناضلين الثوريين, حتى إلتقى بفيدل كاسترو بعد خروجه من السجن, وطلب منه الأخير الانضمام إلى مجموعته الثورية التي كانت تناضل ضد حكم باتيستا الفاسد في كوبا, والذي كان مدعوماً من الولايات المتحدة الأمريكية, وجهاز الاستخبارات المركزية CIA, وكانت كوبا مرتعاً لعصابات المافيا الأمريكية, بينما كان الشعب الكوبي يعيش تحت الظلم, في فقر مدقع.
وافق كاسترو على انضمام غيفارا لمجموعته الثورية, فقد كان يحتاج إلى طبيب, ولكن غيفارا أثبت أنه مقاتل شرس وسريع البديهة, يحسن التصرف في الأزمات, ورجل المهمات الصعبة, فاتكل عليه كاسترو وقلده لاحقاً رتبة عقيد, وكان غيفارا من الحنكة والذكاء, بأنه أشرف على استراتيجية المعارك وخطط التكتيكات لها, فكانت رؤيته الثورية واضحة, بعكس المقاتلين الآخرين بمن فيهم كاسترو نفسه, وهذا أثبت أهمية التثقيف النظري, الذي حرص غيفارا على تعليمه للثوار الذين كان يقودهم, وقوم من سلوكهم ونظرتهم للإنسان, وهذا ما أثار في النهاية إعجابهم به, واستعدادهم لخوض المعارك تحت قيادته.
وأسقطت مجموعة قليلة من الثوار حكم باتيستا عام 1959م, وكان لحنكة غيفارا, ورؤيته الثورية فضل كبير في نجاح الثورة الكوبية, رغم كل ثقل دعم وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية لحكومة باتيستا, فقد كانت الثورة المسلحة المدعومة من الجماهير الكوبية خاطفة وسريعة نسبياً, وكان لتداعي حكومة باتيستا وضعفها, اثر في نجاح الثورة.
وقد حققت شخصية غيفارا شهرة عالمية, وخاصة بين الشباب, واثارت هذه الشخصية جدلاً فكرياً حول أسلوبه النضالي, وهذا ما سنتحدث عنه في مقالنا القادم, إضافة إلى قصة موته.

No comments: