Saturday, August 8, 2009

تشي 2 من 3




بعد نجاح الثورة الكوبية, عين تشي غيفارا رئيس المصرف الوطني, وأعطي الجنسية الكوبية, ثم عين وزيراً للصناعة من عام 1961 إلى عام 1965م, وبسبب التهديدات الأمريكية لحكومة الثورة الكوبية, وعدائها الصريح للتوجه السياسي لهذه الجزيرة الصغيرة, وبسبب اسقاط حليفها الدكتاتور باتيستا, قرر غيفارا تأميم جميع مصالح الدولة ضد التدخلات الأمريكية, وهذا ما جعل أمريكا تقدم على الهجوم العسكري الفاشل في خليج الخنازير.
وهنا تم الانحياز كلياً إلى معسكر الاتحاد السوفييتي, وأعلنت حكومة كوبا التوجه الشيوعي, لكن غيفارا كان ضد الاعتماد بشكل مطلق على الاتحاد السوفييتي, بل كان يؤكد على ضرورة التنمية الاقتصادية الداخلية.
واكتسب غيفارا سمعة جيدة لدى قادة حركات التحرر الوطني, والتقى به قادة مشهورين مثل الرئيس جمال عبد الناصر وأحمد بن بلا, واستقبل في الاتحاد السوفييتي وعلى أعلى المستويات, كقائد ثوري مرموق.
وكغياب الأبطال الأسطوريين, اختفى فجأة, واستغلت الاستخبارات الأمريكية هذا الأمر, وادعت أنه قتل على يد كاسترو بسبب خلافات على استراتيجيات الحكم, ودفن في مكان مجهول, وحتى يدحض هذه الإشاعة أرسل إلى كاسترو خطاباً كتبه بخط يده, يطلعه على سبب مغادرته لكوبا, وطلب في ذاك الخطاب اسقاط الجنسية الكوبية عنه مع اعتزازه للانتماء للشعب الكوبي وثورته, وطلب اعفاءه من جميع مناصبه, لأنه لا يدريد أن يتوقف عن كفاحه وثورته.
اتجه إلى الكونجو في أفريقيا, لمساندة الثوار,ولكنه لم ينجح بسبب عدم تعاون قائد الثورة لومومبا معه, لأنه لم يرد أن يكون الفضل في الثورة لغير أبناء الكونجو, وكذلك بسبب المناخ واللغة, لكن غيفارا الذي قال يوماً:"الثورة تتجمد والثوار ينتابهم الصقيع حين يجلسون على الكراسي, وأنا لا أستطيع أن أعيش ودماء الثورة مجمدة في عروقي", وقال أيضاً:"أشعر على وجهي بكل صفعة توجه إلى الإنسان في أي مكان في العالم", فغيفارا لن يهدأ طالما هناك شعب ثائر, ولا يوجد شيء يحقق ذاته غير حمل السلاح, نصرة للمظلومين في أي بلد, قرر أن يذهب إلى بوليفيا للنضال وتوحيد صفوف الثوار ضد الدكتاتورية, دفاعاً عن الفقراء والفلاحين.
وقاتل تشي مع مجموعة قليلة من الثوار, في ظروف صعبة جداً, وعاش في غابات استوائية رطبة أنهكته بسبب مرض الربو الذي كان يعاني منه, ويبطئ حركته أحياناً, وكان تعاون فلاحي القرى أقل من المتوقع بسبب خوفهم من بطش رجال الجيش, كما للاستخبارات الأمريكية CIA, والذي تعتبره عدواً خطيراً لمصالحها, دوراً في ملاحقته, والقبض عليه.
وشى به الرسام البوليفي بوستس, والذي كان أحد مرافقيه في حرب العصابات, ويقال أنه رسم وجوههم ليتعرف عليهم الأمن, ولكن بوستس الذي يعيش بالسويد قال في الذكرى الثلاثين لإعدام غيفارا, أن غيفارا كان معروفاً لدى الجميع, لأنه ألقى خطابات كثيرة, ومنها في الأمم المتحدة, ولكن الذي وشى به هو المفكر الفرنسي روجيه دوبرييه.
وبوستوس الذي لم تقبل أي دولة في العالم استقباله بعد نفيه, عاش في السويد التي قبلت به لاجئاً سياسياً, وعمل بحمل النفايات, وعاش يحمل عاراً لم يغفره له العالم, وقرر أن يكتب مذكراته احقاقاً للحق.
وفي المقال القادم والجزء الثالث, سنتحدث عن شخصيته الأسطورية, سبب مكانته المتميزة عند شباب العالم.

No comments: