Saturday, February 20, 2010

يحدث في الكويت




أخبرني شاب كويتي, خرج للتو من إدارة تنفيذ الأحكام في وزارة الداخلية, ما لا يصدق أنه يحدث في دولة القانون, دولة الكويت دار الأمن والأمان, للمواطن والوافد, وأراني صوراً صورها في هاتفه النقال, وحكى لي حكايات الموقوفين معه في الزنزانة التي قضى بها ليلة, لا تشبه الليالي التى قضاها يسمع من والده عن الوطن, وعن عزة الكويت.
فسألته, إن كنت أستطيع أن أنقل خبرته في هذا المقال, دون مسؤولية, فقال أنا موجود وأستطيع أن اقابل أي مسؤول, يرغب في شرح ما عانيته وما سمعته من الموقوفين, فما حكايته؟
هو شاب أبن عائلة كويتية, سرح من الشركة التي كان يعمل بها, مسؤولاً كبيراً وبراتب عالي, وكانت عليه أقساط وإلتزامات, سواء أقساط مدارس أولاده, أم سيارته, أوقف في نقطة تفتيش, واقتيد إلى المخفر تمهيداً لتحويله إلى إدارة التنفيذ, عومل في البداية باحترام كما ذكر لي, ثم تفاجأ بضابط يشتم عائلته, ويشتم الحضر (حسب زعمه), ويشتم بعض كبار الضباط بالداخلية, لأنهم منعوا بعض الامتيازات عن الدوريات والضباط, ويقول لم أعرف معنى ذلك أو ما علاقتي بذلك, وطلب الضابط الصغير من الشرطي, أن ينقلني مقيداً يدي برجلي, احتج الشرطي, لأن الضبط جاء بسبب مديونية فقط, فقال له الضابط, هذه هي الأوامر, ولكن الشرطي فك قيودي في منتصف الطريق, كما ذكر الشاب.
وفي إدارة التنفيذ, تمت إهانته, ولما احتج, رموه في زنزانة المشاغبين, مع جنسيات مختلفة, أفغانية ومصرية وسورية وكويتية, وهي زنزانة عارية, لا يسمح فيها ببطانية أو مخدة إلا لمن له حظوة لديهم, ويقول أيضاً أن أحد افراد الشرطة, أقفل شفاطات الزنزانة, فاختنق جو الزنزانة بدخان السجائر, ورائحة الحمام, وهو مصاب بالربو, لولا مرور شرطي محترم, أعاد تشغيل الشفاطات, ويصف الوضع في الزنزانة, قائلاً كنا أكثر من ثلاثة وعشرين شخصاً, في مكان لا يتسع لأكثر من خمسة عشر شخصاً, وكان بقربه رجل كويتي ستيني, نادى على الشرطي, قائلاً له: "يا وليدي أبي حبوب السكر في العلبة عندكم, رد الشرطي: "أكل (...) يا الحضري الرخمة", وقال أنهم احضروا إمرأة كويتية كبيرة بالسن, تلبس العباءة, ومقيدة بالأصفاد, وجاء ابنها محتجاً على معاملة رجال الشرطة لوالدته, ويؤكد أن معظم الكويتيين الموجودين, كانوا مسجونين بسبب فواتير هواتف أو اقساط متأخرة, لكنهم كانوا يعاملون باحتقار.
يقول: قال لي الكويتي الستيني, أنهم قبضوا عليه في عطلة نهاية الأسبوع, حتى يقضي أكثر من ليلة في السجن, ويمكنهم ايضاً أن يقولوا لك صباحاً, أن الباص ممتلئ, فانتظر حتى الغد, وقال له شخص مصري: أنا صار لي سبعين يوماً هنا, فسأله: ما قصتك؟
قال أنأ كنت أعطي لشخص كويتي حصل على الجنسية قبل خمس سنوات فقط, ستمئة دينار نظير كفالة إقامتي, وكنت أحضر له عمال من مصر, يأخذ عن كل واحد منهم, ألف دينار, ولكنه لم يعمل لي إقامة منذ ثلاث سنوات دون علمي, وقبض علي بتهمة مخالفة الإقامة, وأكمل المصري : قبل الغزو كنا نسمي الكويت "الحاجة كويت", لأنها كانت توزع الخير على الشعوب, ولكنها تغيرت بعد التحرير, وشاركت بقية الجنسيات بحكاياتها, يقول سألت: معقول؟ هذا يحدث في الكويت؟ فقالوا لي, لعلك لا تعرف أنهم قد يقبضون عليك في الشارع, ويسلبوك مالك, أو يعطوك ورقة إفراج مطبوعة من الكمبيوتر, مقابل المال, وقال أفغاني, أنه اضطر لدفع مبلغ مالي لكي ينجح في اختبار القيادة, وقال له سوري يتحدث بلهجة بدوية, أنه يسعد بدخول السجن العمومي لبضعة أشهر, لأنه كان يرشو شرطياً, لكي يسهل عليه إدخال الهواتف, ويقول أنه كان يبيع الجهاز على النزلاء بثلاثمئة وخمسين ديناراً, بينما سعره بالسوق لا يتعدي ثلاثين ديناراً, ويبيع شريحة الإتصال بخمسين ديناراً, بينما سعرها الحقيقي دينار واحد, ويخرج من السجن بثروة.
ويقول الشاب الكويتي, أنه لم يستطع الأكل, لأن أحد المسجونين حذره, من وجود مادة الكافور بالسوائل, ويقول أنه عاني من برودة البلاط على ظهره, فاتصل بأحد اصدقاءه ليحضر له بطانية ومخدة, ولكن العسكر رفضوا أعطائه إياها, وقالوا له نريد أن تتصل بنا شخصية كبيرة, تتذلل لنا, "عندك أحد"؟
وفي الصباح الباكر أتى محاميه, حاملاً ورقة الإفراج عنه من القاضي, وبدلاً من أن يفرجوا عنه, وضعوه لعشرين دقيقة, في الزنزانة الانفرادية, كان يحكي لي وهو مصدوم بواقع لم يخطر حتى على خياله, ويقول: أعرف أنه لا فرق بيننا نحن الكويتيين, هكذا تعلمت من والدي, وأعلم أن ليس كل من قابلتهم سيئين, وأنا ممتن لمن عاملني معاملة إنسانية.
هذه أشياء قليلة جداً, من الأشياء التي ذكرها لي, ونقلتها على ذمته, وما نقلته هو ما يمكن أن ينقل بجريدة يومية, لأنه قال لي أشياء أفظع من ذلك بكثير, فحفظ الله الكويت وشعبها وأميرها من كل مكروه.

No comments: