Sunday, June 15, 2008

أنا كويتي حر



وأحب الكويت, وأعشق كل ما فيها, برها, بحرها, ربيعها, حرها وبردها وناسها, مثلي مثل كل الكويتيين الأحرار, الذين لم تستطع قوة في الدنيا سلبهم حريتهم, لم يستطع الوهابيون, ولم يستطع الغزو الصدامي سلبهم هذه الحرية, وعندما تسأل أي كويتي: ما أغلى شيء لديك؟ لابد وأن يجاوبك: الحرية التي جبل عليها أهلي وأجدادي, وسأنتزعها من بين فكي أسد إن اضطررت.
كنا نحلق بين موانئ الدنيا بأشرعتنا البيضاء, كأجنحة طيور النورس, مستعينين بالغناء والنغم على الشقاء, بل كنا ننثر بعضاً من أنغامنا في موانئ الآخرين, مثل ميناء عدن والمكلا, ونأتي بالأنغام التي تعجبنا من موانئ أخرى, كي نمزجها مع فنوننا, فنحن لا نرفض الآخر وفنونه, ولا ثقافته أو دينه, نحن نحب البشر بتواضع نبيل, ولذا أحبنا البشر.
نحن أبناء السندباد, نحن أبناء النمور التي كانت تكشر عن أنيابها, وتقاتل بضراوة للدفاع عن هذه الأرض وعن الحرية الغالية, نحن ابناء النور ونكره الظلام, نحن صدرنا النور إلى الشعوب الأخرى, أهلنا وأجدادنا كانوا عظماء في بساطتهم وتسامحهم وتحضرهم.
كان الكويتيون يمزحون في الخمسينيات والستينيات, فعندما يسأل أحدهم: لماذا فعلت ذلك؟ يرد:"كيفي أنا كويتي", الكويتيون يعتزون بانتمائهم لهذه الأرض, لهذا الوطن, لهذا الشعب, لأنه لا يوجد شعب يضاهيه بامتيازات الحرية, ولن تستطيع قوة في الدنيا سلب هذه الحرية من الكويتيين.
لم نجزع يوماً ولم نخف من تهديد, بل زادتنا الخطوب صلابةً وتمسكاً بحريتنا, واجهنا خطف الطائرات وقتل الأبرياء, واجهنا الإرهاب بكل أشكاله, واجهنا الاحتلال والأسر والتعذيب والتنكيل, واجهنا محاولات الانقضاض على دستورنا, واجهنا الردة ومحاولات جرنا عكس عجلة التاريخ, وكل ذلك جعلنا نتمسك أكثر بتراب الوطن, وبنموذج الشخصية الكويتية الحرة.
بنينا المدارس والمستشفيات والمؤسسات الثقافية والصحفية الحرة, وانطلقنا على دروب العلم والمعرفة والانفتاح والنور, كنا أخوان وأخوات الريح في تقدمنا, كانت الدار دار أمان لكل من يحل فيها, أياً كان أصله أو دينه, كانت ملاذاً للعرب, وللثورة الفلسطينية, وكنا دعماً لتحرر الشعوب العربية, كنا نموذجاً مضيئاً, وضعنا سقفاً عالياً للحرية وبناء المجتمع المدني, لم تستطع الدولة الأخرى الوصول له.
أنا كويتي حر, ولن تقف لجنة مخالفة للدستور ولأعراف وعادات أجدادي, بوجه حريتي وحرية أبنائي, الذي تربوا بكل فخر على حرية آبائهم وأجدادهم, وستنتهي هذه اللجنة, وستصبح وصمة مخجلة للشعب الكويتي, لكنها لن تبقى, ولن يستطيع الطارؤون على السياسة والثقافة الكويتية, فرضها على أبنائي وأبناء شعبي, وعلى هؤلاء قراءة تاريخ الكويت ليعرفوا معدن شعبها.
أنا كويتي حر, كنت هنا عندما ظن صدام أنه سلبني حريتي, كنت وأبنائي هنا وحملت السلاح والقلم دفاعاً عن حريتي وحرية أرضي, وكان أبي وجدي هنا عندما مرت الخطوب على الكويت, حمل جدي السلاح دفاعاً عن السور والجهراء, وحمل أبي السلاح ضد تهديد عبد الكريم قاسم, فالحرية والدفاع عنها في دمي ودم أبنائي, ودماء جميع الكويتيين.
لم نكن نريد عودة الكويت والشرعية من أجل اسقاط القروض, أو من أجل الاستيلاء على أملاك الدولة, أو نهب أموال الشعب من خلال المناقصات, لم نكن نفكر إلا بحريتنا وكرامتنا, ولأننا ربينا على فداء الوطن بدون شروط أو منة, لأننا ربينا على حب الكويت وعلى الحرية, التي يعتبرها كل الكويتيين خطاً أحمراً, لا يجوز تخطيه لا من سلطة تشريعية ولا من سلطة تنفيذية, ولا من كائناً كان.
أما لجنة الظواهر السلبية, فهي من الظواهر السلبية الطارئة على الكويت, ولن يكتب لها الحياة مع شعب كهذا, مثلها مثل كل محاولات الاعتداء على حقوقنا وحرياتنا.
لذلك سأظل كويتياً حراً, وسأظل أحب الكويت, ولن أتخلى عن حريتني مهما كان الثمن.



5 comments:

Hamad Alderbas said...

من اروع ما قرأت

شكرا جزيلا لك

والله يخلي امثالك للكويت واهلها

وليد الرجيب said...

حمد
شكرا لك
يبدو أن حبنا للكويت يجعل كتاباتنا عنها أجمل

Anonymous said...

شكرا جزيلا على كتاباتك الرائعه

بس طلب صغير الله يخليك

كبر حجم الخط لأنه يعور العيون :)

وليد الرجيب said...

anonymous
شكرا لمرورك
وشكرا لرأيك
المشكلة ليست فقط بالخط
المشكلة أيضا بجهلي بالتكنولجيا
سأحاول في المرات القادمة تكبير الخط

شكرا

نون النساء said...

ونحن نحب الكويت كذلك
وهم أيضاً

ولكن..البعض يشعروننا بالإحباط حين نراهم كيف يحبون الكويت على طريقتهم الخاصه ..