Sunday, June 22, 2008

عندما غاب العقل




غاب التقدم والرخاء في الدولة الإسلامية, عندما بدأ المسلمون يلغون العقل, وحاربوا استخدامه, فتخلفت الدولة الإسلامية, وعاش المسلمون في ظلام تحت رحمة الغلاة والجهلة والمتخلفين من رجال الدين, وأصبح كل جديد بدعة, وكل بدعة حرام, مهما كان هذا الجديد, سواء كان اختراعاً يسهل حياة الناس, أم أفكاراً خلاَقة ومبدعة.
ومن الناحية العلمية, إن العقل كلما استخدم كلما ازدادت آفاق قدراته وإمكاناته, فإذا كنا في هذا العصر المتقدم, لا نستخدم أكثر من 3% من قدراتنا العقلية, فما بالك بالناس الذين منعوا من التفكير والاجتهاد قسراً أو ترهيباً؟
يحكى أن أحد أبناء عم الشيخ يوسف بن عيسى القناعي طيب الله ثراه, وهو من المتزمتين, -والعهدة على الراوي- أتاه وقال:"بناتك غير ملتزمات باللباس الشرعي, ولباسهن مخالف للإسلام", فرد عليه الشيخ يوسف غاضباً:"انت تعلمني الإسلام؟! هذه حياتهن الخاصة, وحريتهن الشخصية".
كان ذلك عندما كان لدينا علماء دين عقلانيين, مثل الشيخ عبد الله النوري, وعبد الله خلف الدحيان وغيرهم, ممن يخشون الافتاء بصفته مسؤولية جسيمة, وعبء على الضمير, ولا يجب أن يترك للسفهاء والأطفال.
كل أعضاء مجلس الأمة الذين نجحوا في الانتخابات الأخيرة, تكلموا بفصاحة عن التنمية والإصلاح, فخلنا أن هذا همهم الأول, لكنهم في الجلسة الأولى شكلوا لجنة الظواهر السلبية, وطلبوا تحويل موضوع لباس الوزيرتين إلى المحكمة الدستورية, والاحتجاج على لجنة ستار أكاديمي, ووضعوا مشروع قانون للتعدي على أملاك الدولة, وأدانوا أناس احتفلوا في مكان مغلق, ووصفوا الحفل بالمجون والفجور, كان هذا إنجازهم في الجلسة الأولى, ولم يتطرق أي منهم إلى التنمية والإصلاح, ولا إلى القضايا التي تؤرق الشعب الكويتي, مثل تخلف التعليم وتدني الخدمات في مرافق الدولة, ظنوا أنهم انتصروا على الكويت وشعبها, لدرجة أن بعضهم رفض الوقوف احتراماً لعلم الكويت, والسلام الوطني.
كان همهم هو تقيد الحريات الشخصية, بمزيد من التقييد, في محاولة منهم لإعادة مشروع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, كان همهم الاستيلاء على أملاك الدولة, ومخالفة القوانين, واتهام الناس بكل أنواع الاتهامات السوقية والمبتذلة, وتعطيل التنمية والاستخفاف بآمال الشعب الكويتي وطموحاته بوطن عزيز وقوي ومتقدم, فجل اهتمامهم هو ردة المجتمع وتخلفه عن ركب الحضارة.
أقوياء على وطنهم ودولتهم والنظام الذي يعيشون في ظله, ولعل كلمة صاحب السمو أمير البلاد, وتحذيره الحازم بأنه سيتدخل لضمان سير البلد نحو مشروعات التنمية, هي ما تجعلنا نتفاءل أن المركب لن تكون "سمًاري", وأن هناك عزماً على عدم السماح بالتجاوز, وأن الكويت لن تتحول إلى دولة دينية, أو قبلية, فالمرجعية هي القوانين والمؤسسات المدنية.
وهنا لا أعفي القوى الوطنية من مسؤولياتها, وعدم قدرتها على استقطاب الشارع, أو حتى رص الصف الوطني, وهذا ما أثار استياء الشباب, وجعلهم يقررون تأسيس تجمع شبابي, "تجمع صوت الكويت", لأنهم أدركوا أنهم أكثر حيوية وعملية من المخضرمين وذوي الخبرة السياسية, التي لا غنى عنها, لكن دون الاستعانة والوثوق بالطاقة الشبابية الوطنية, فستترهل هذه الخبرة السياسية.
إذا كنا لا نعول على مجلس الأمة لرقي وتقدم البلد, فالخشية أن يكون الأمر أبعد من ذلك, الخشية أن يقود هذا المجلس البلد إلى الدمار, بسبب تعطيل التنمية, وسن قوانين تتيح لهم الاستيلاء على أراضي الدولة, واستنزاف المال العام بإرسال أقربائهم للعلاج السياحي في الخارج, واسقاط القروض, ونخشى أكثر من أن يصلوا داخل بيوتنا ليحسبوا علينا كل حركة ويسمونها ظواهر سلبية, ونخشى كذلك ضياع هوية الوطن والشعب, بظواهر وسلوكات لا تمت للمجتمع بصلة.
لكن قد تأتي نجدتنا على يد مجلس الوزراء, وصحوته من التراخي والمهادنة والمجاملة, والتطبيق الحازم للقوانين على الجميع, والحد من تعدي أعضاء مجلس الأمة, على السلطة التنفيذية وعلى حريات الشعب.

No comments: