Sunday, November 2, 2008

المدونات واقع جديد




في ندوة برابطة الأدباء, تحدثت عن المدونات كعالم افتراضي, ومتنفس للشباب للتعبير بحرية عن مشاعرهم, وأفكارهم السياسية, دون كشف هويتهم أو جنسهم, وأصبحت هذه المدونات شائعة في الكويت, وحظي بعضها بشهرة بين المدونين.
أنا بدأت التدوين الإلكتروني متأخراً, وذلك في عام 2007م, لكني لاحظت بعض المدونات التي تعكس واقعاً جديداً, في التدوين والنشر, لم يعتده صاحب الورقة والقلم, ولم يعتده العمل السياسي, أو جماعات الضغط التقليدية, ففرضت هذه المدونات واقعاً جديداً, سياسياً وثقافياً واجتماعياً, وحتى في مجال الأعمال.
فالتعبير عن الموقف السياسي قديماً, كان يأخذ شكل المنشور, الذي يهرب بطرق مختلفة سواء في داخل البلد الواحد, أو تهريبه عبر الحدود لبلدان أخرى, لكن المدونات نقلت على صفحاتها الرأي السياسي ليصل إلى القارئ خلال ساعات أو دقائق, ويلاقي ردة فعل فورية, فالدعوة للاحتجاج والاعتصام قديماً, كانت تأخذ طرقاً كلاسيكية, أحدثها الهاتف, لكن مع المدونات أصبح التنادي شبه فوري, ونقل الخبر مصوراً سواء كان تصويراً فوتوغرافياً, أم على شكل فيدو أصبح آنياً.
ونعلم كيف ساهمت المدونات, بالدفاع عن الحقوق السياسية للمرأة الكويتية, والدفاع عن الحريات, وفرض تغييرات سياسية أساسية, مثل تقليص الدوائر إلى خمس, في حملة "نبيها خمس" الشبابية, فالمدونات أسقطت الحكومة ومجلس الأمة في ذلك الوقت, وأصبحت صوت الشباب, الذين كانوا يعتبرون أنفسهم مهمشين من قبل القوى السياسية التقليدية, متهمين هذه القوى بعدم خلق صفوف ثانية في العمل الوطني.
وتعكس الكثير من المدونات, وعياً سياسياً ناضجاً وجديداً على الساحة, وتقلب مفاهيم الأقلية والأغلبية, إذ تدعي القوى الظلامية أنها أغلبية في المجتمع, لكن بإحصائية بسيطة لمواقف المدونين, نجد أن الأغلبية لا تعني الوصول إلى البرلمان من الناحية الفعلية, وخاصة أن قوى التخلف تمارس طرقاً غير مشروعة للوصول إلى البرلمان, مثل الانتخابات الفرعية المجرمة قانونياً.
كما فرضت هذه المدونات, واقعاً ثقافياً جديداً, إذ ينشر في بعضها شعر جميل, وخواطر ومعان رائعة, قد تفضح ضعف بعض الأسماء الأدبية, لأنها تكتب بصدق بعيداً عن القلق الذي يسببه الرقيب والناقد على حد سواء, كما تسهم بشكل أكثر فعالية, بمعرفة الأدباء لرصيدهم الجماهيري, فكثير من المدونات أنشأها معجبون بأدباء, وينظم لها مئات وآلاف من الأعضاء, الذين يعبرون عن رأيهم بالكاتب, وهذا الأمر لا تتيحه وسائل الإتصال الأخرى, وهناك أدباء تضخمهم وسائل الإعلام دون أن يكون لديهم قاعدة من المعجبين, بيد أن المدونات شكلت إنصافاً لكثير من الأدباء, ووضحت حجم قرائهم ومعجبيهم.
ومن الناحية الاجتماعية, أصبح التواصل بين الشباب سهلاً, في مختلف الدول, وتشكلت صداقات مبنية على توافق الآراء الثقافية والسياسية, أو الاهتمامات بين الجنسين, خاصة في الدول المحافظة, التي يصعب فيها تلاقي الجنسين, فأصبحت دوائر الزمالة والصداقة أوسع, وتغيرت بذلك مفاهيم لكثير من الأمور التقليدية والمعتادة.
وحتى في مجال الأعمال, اعتمد كثير من رجال العمل على الإنترنت, والتدوين الألكتروني, والمؤتمرات الإلكترونية لتسيير أعمالهم, وتسهيل الاتصال والترويج.
قد يقول البعض أن المطلعين على الجريدة, أكثر من المطلعين على المدونات الإلكترونية, وهذا صحيح في الوقت الحالي, لكن الواقع الجديد يفرض ثقافة جديدة كل يوم, وبتسارع مذهل, إذ ينظم بشكل يومي آلاف من الشباب, لهذه التقنية, وقريباً سيكون لدينا واقعاً جديداً ومختلفاً عن الواقع الذي نعرفه, وهذا يشبه بالضبط التحول من الكتابة والقراءة على الورق, إلى الكتابة والقراءة الإلكترونية.

1 comment:

Mohammad Al-Yousifi said...

بس لاحظ أن الحكومة تبي تراقب

فقيرة مو قادرة تتطور مع تطور التكنلوجيا

مسكينة يا حكومة

و مسكينة يالكويت اللي تحكمك حكومة الرقابة