Sunday, November 30, 2008

البلد مرة أخرى




عشنا جميعاً في السنوات السابقة, وحتى سنوات ما قبل الغزو, عشنا تصعيداً بعد تصعيد, لكننا لم نشعر بالخطر على البلد كما نشعر في هذه الأيام, فقد كان شعورنا بالسابق شعور الاختلاف بين أخوان, ولكنهم يتفقون على شيء واحد أساسي, وهو حب الوطن.
الآن لدي مخاوف شديدة من وجود أناس لا يحبون الكويت, وخشيتي على البلد يشاركني بها العديد من أبناء شعبي, الذين يعلقون على مقالاتي, أو يهاتفوني, فتقول إحدى الأمهات: أصبحت أخاف على مصير أحفادي, أصبحنا أغراباً في وطننا, لا نعرف إلى أين نسير, لم نخشى من الغزو الصدامي, وصمدنا في ظل الظلم والتعسف واعتقال أبنائنا وتعذيبهم, لكن خشية اليوم أكبر, لأنها تأتي باسم الديمقراطية والوحدة الوطنية, وهما أغلى مكتسباتنا.
لم تعد كلمة تعسف تفي بما يحدث, هو نهج الخروج على المتفق عليه بين الكويتيين, منذ عقود وقرون, لم نتقن فن السياسة ولم تعد المصلحة العامة هي الأساس, بل غدت المصالح الشخصية, والضيقة منها هي سياسة البلد, ودغدغة مشاعر الناس فوق كل اعتبار, فوق الكويت البلد المنكوب بأبنائه.
الحكمة وحدها تقطع الطريق على من بيده الزيت والشرارة, الحكمة التي تعلمناها من آبائنا وأجدادنا, هي ما ينقذ البلد, ليست المعارضة هي ما نخشاه, فالمعارضة هي إحدى خصال الكويتيين, عندما يجدون خطأ أو انحرافاً عن مصلحة الكويت, المعارضة تسهم بالبناء والتنمية, لكن ما يحدث لا يمت للمعارضة بشيء, فالممارسة النيابية هي ممارسة أخلاقية, عرفناها عند رجال عظام, نأوا بأنفسهم وبأرواحهم النظيفة عن هكذا أخلاق.
نعيد ونكرر, المطلوب هو رأس البلد, وليس حكومتها أو رئيس حكومتها, المطلوب تنفيذ أجندتهم في القضاء على كل شيء جميل نعتز ونفتخر به, المطلوب نشر ثقافة التخلف والإرهاب, وتحويل البلد إلى أفغانستان ثانية, وتحويل خيراته إلى جيوبهم, المطلوب هو القضاء على أي بذرة أمل لمستقبل أبنائنا وأحفادنا, هذا المستقبل الذي أصبح إرهاقاً على كواهلنا.
لم يبق من كويت المحبة والثقافة شيء إلا ودمر, كان التسامح والتحضر والحوار المتمدن سمات راسخة في هذا المجتمع, وأصبح الصراخ والابتزاز السياسي والتهديد والارهاب سمات في المجالس النيابية المتعاقبة, يكرهون الدمقراطية وكل ما يمت بصلة لها, يكرهون فرحة الناس واعتدالهم الديني, يكرهون الثقافة والجمال.
طفح الكيل وفاض من عبثهم بالبلد, من التأجيج الطائفي والقبلي, من المؤامرة المستمرة على هوية البلد وتحضره, نريد استرداد الأمان, نريد استرداد وطننا الغالي.

No comments: