لماذا تؤثر فينا بعض الأعمال الأدبية, ولا تؤثر فينا أعمال أدبية أخرى؟ ولماذا يشدنا البعض بكلامهم, وينفرنا البعض بكلامهم؟ حتى لو كانت المفردات المكتوبة والمقالة واحدة؟
في الأعمال الأدبية والفنية, توضع مشاعر وأفكار على الورق, أو مشاعر وأفكار في المقطوعات الموسيقية, والمشاعر والأفكار هي طاقة حسب علم فيزياء الكم, ولأن البشر مستقبلين ومصدرين للطاقة, فهم يتأثرون بطاقة المشاعر في الكتابة والحديث, وحتى في الصمت.
ونتساءل لماذا أحياناً نقابل أشخاصاً لا نعرفهم, ونشعر بمحبة وانجذاب لهم, وأحياناً نقابل أشخاصاً لا نعرفهم, ونشعر بنفور حتى وإن لم يتحدثوا, والجواب هو النموج الأول طاقته إيجابية, والنموذج الثاني طاقته سلبية.
وأفكارنا ومشاعرنا بصفتها فعل, تؤثر على كل شيء في حياتنا, وتؤثر بعلاقاتنا مع الآخرين, بينما لا تؤثر الفذلكة الكلامية ولا الفصاحة, بل قد يكون لها تأثيراً سلبياً, فيحدث أن يكيل لك أحدهم المديح, لكنه لا يجد صدى في نفسك, وأحياناً يقول لك شخص كلاماً عادياً, لكنه يؤثر بعمق في نفسك, والسبب هو الطاقة.
ويستطيع الإنسان بشيء من التمرين, أن يعرف نفسية الشخص الذي أرسل له بريداً إلكترونياً, أو مسج بواسطة sms, وكما أن التعابير ولغة الجسد تعكس طاقة صاحبها, فإن نبرة الصوت كذلك ترسل طاقة, أما إيجابية وأما سلبية, ولذلك فإن أهم مهارة اجتماعية, وهي فن التواصل مع الآخرين, يجب أن تبدأ بالطاقة الإيجابية, التي تشمل الابتسامة والاستماع الجيد, حيث الاستماع فن أهم من فن الكلام, لكن دون طاقة إيجابية لن يستطيع الإنسان إيصال وجهة نظره أو إقناع الآخرين.
ومعظم العلاجات الحديثة سواء بدنية أم نفسية, تتعامل مع الطاقة, سواء طاقة المعالج أم المتلقي, وثبت علمياً أن أقوى ذبذبات في الكون هي ذبذبات المحبة, عندما قيست في أجهزة خاصة, فالتوجه للناس بمحبة يؤثر بهم حتى من دون كلام, فقد قام الجراح الاسباني أنجل سكوديرو, وهو مؤسس مدرسة العلاج بالأفكار, بإجراء عملية جراحية لكلب, وإعادة خياط الجرح بدون بنج, ولم يحتج الكلب أو يتألم, ويقول سكوديرو في كتابه الشهير, أن الكائنات جميعها تتأثر بالمشاعر والأفكار, والكلب شعر بمحبة الجراح له, وعرف أن شق بطنه لم يكن فعلاً عدائياً, ويقول سكوديرو أيضاً أن كل الأمراض منشأها نقص الحب, بما فيها الخوف والكراهية والغضب.
والجميع الآن يعرف تجربة العالم الياباني إموتو, عندما وضع زجاجتين تحتويان على رز مسلوق, وكتب على إحداها أحبك, وعلى الثانية أكرهك, وبعد شهر ظهر عفن كثير على الزجاجة التي كتب عليها أكرهك, بينما كان العفن على الثانية أقل بكثير, وهذه التجربة يجريها أطفال المدارس حول العالم.
كتبت كثيراً حول هذا الموضوع, وأن الإسلاميين المتعصبين يحاولون نسبة كل شيء إلى الدين الإسلامي, وصحيح أنه إذا قرأ أحد على الماء كلمات القرآن, تتغير بلوراته, لكن التجربة الأولى كانت من قراءة كاهن بوذي, والتي أعطت نفس النتيجة, وكذلك بالنسبة إلى موسيقى بتهوفن وموزارت.
فالكون بما فيه نحن عبارة عن طاقة, وهذا ليس له علاقة بالأديان, لكن له علاقة بطاقة الشخص, فالإنسان الصالح يستطيع التأثير بطاقة إيجابية على الأشياء وعلى الناس أياً كان دينه, وثبت أن التعصب الديني والعرقي والطائفي, ينتج عنه طاقة سلبية, لأن التعصب شعور, والشعور طاقة, وهو يؤثر في مشاعر الآخرين سلباً وإيجاباً.
عندما أكتب عملاً إبداعياً, لا أعطيه لناقد لكي يعطي رأيه, بل أعطيه لقارئ, والسبب أن الناقد سيشرح الأدب, ويطبق عليه نظريات, وإن كان لديه موقف مسبق مني, سيكون انتقاده شديداً للعمل, لكن القارئ سيتأثر بطاقة الكتابة, وسيتلقى طاقتي أثناء كتابتها, ولن الطاقة لا تفنى ولا تستحدث من عدم, فإن طاقة الأعمال الأدبية, تظل موجودة عبر الزمان, وإذا استمتع الكاتب بما يكتب, فسيستمتع القارئ كذلك.
No comments:
Post a Comment