غداً سوف تجرى انتخابات مجلس إدارة رابطة الأدباء, وسيأتي مجلس إدارة جديد, للسنتين القادمتين, وليس للأربع سنوات كما ذكرت بخطأ غير مقصود في مقالي السابق.
ويأتي مجلس الإدارة المنتخب, في ظل ظروف بالغة الصعوبة, على الثقافة والمثقفين, وفي ظل مناخ معاد للحريات العامة, ومن ضمنها حرية التعبير التي كفلها الدستور الكويتي, وطال هذا المناخ المعادي للحريات, بعض الأدباء والكتاب والمفكرين, ومن ضمنهم أعضاء في رابطة الأدباء.
ومنذ سنوات تأسيسها, لعبت الرابطة كمؤسسة مدنية, وكنقابة تعنى بشئون أعضائها, دوراً ريادياً في المجتمع الكويتي, واتخذت موقفاً واضحاً في القضايا العربية, وتعرضت مثلها مثل جمعيات النفع العام الأخرى, إلى هنات وضعف وأخطاء في مسيرتها, لكنها لم تتوقف عن دورها التنويري كمؤسسة ثقافية رئيسية في هذا المجتمع.
وكونها نقابة فهي بالضرورة تجمع أطيافاً فكرية مختلفة, ولا يضيرها الاختلاف طالما كان الهدف هو الارتقاء بالشأن الإبداعي الأدبي في الكويت, والدفاع عن مصالح أعضائها, واتخاذ مواقف واضحة للدفاع عن المكتسبات الدستورية, التي أتاحت القوانين لتأسيس الرابطة, كإحدى جمعيات النفع العام, وهذا حق أصيل للشعب الكويتي.
كانت إحدى مظاهر المقاومة المدنية أثناء الاحتلال, هو خبرة الشعب الكويتي في تنظيم نفسه, والتي اكتسبها من تمرسه في العمل الجماعي المنظم, في جمعيات النفع العام.
فلا مساومة على الكويت, لا خارجياً ولا داخلياً, ولا مناص من الموقف السياسي الذي يدخل في كل تفاصيل حياتنا, من التعليم إلى الاقتصاد إلى الثقافة والأدب والفن, وهذا لا يحيل الرابطة إلى مؤسسة سياسية حزبية, ولكنه يعكس وعي أعضائها تجاه قضاياهم الوطنية, ودورهم في تنوير أفراد المجتمع, دون عمل سياسي مباشر.
وأحد الأدوار المناطة بالرابطة وأعضائها, هو إشاعة أجواء الحوار الدمقراطي المتحضر, والدفاع عن حرية الاختلاف بالرأي, والارتقاء بالممارسة الدمقراطية, والابتعاد عن مفهوم "نحن وهم", والتخلي عن الشخصانية والمواقف المسبقة, التي تنعكس حتى على الموقف من إبداع الذين نختلف معهم, فإن كانوا من جماعتنا فإبداعهم رائع, وإن كانوا ليس من جماعتنا, فإبداعهم سيئ وتافه, وقد نتوقف عند كلمة في رواية ضخمة, لمجرد أن الكاتب ليس منا.
في بداية التسعينيات, كنت مسؤولاً عن الصفحة الثقافية في جريدة الطليعة, وكتبت مقالاً أشيد فيه بالمرحوم عبد الرزاق البصير, والأستاذ الشاعر الكبير أحمد السقاف شفاه الله, وفوجئت بأحد أعضاء الرابطة يقول لي, لم أكن أتصور أنك يمكن أن تكتب عن هذين العملاقين, ظننتك منهم, ولم أعرف حتى الآن من هم, كل ما كنت أعرفه أنني كاتب كويتي, يعتز بجميع الأدباء الكويتيين ويقدرهم.
في الأسبوع الماضي نشرت مقالاً حول انتخابات رابطة الأدباء, وفوجئت بالتسفيه والهجوم علي, في تعليقات الراي الالكترونية, من قبل بعض أعضاء الرابطة, والغريب أنني أكتب هذا العمود منذ سنتين, ولم أتعرض فيه لمثل هذا الهجوم, إلا من الجماعات الإسلامية المغالية, والغريب أيضاً, أن اسلوب الهجوم والمفردات كانت متشابهة بين الإسلاميين المتطرفين, وبعض أعضاء رابطة الأدباء, فالأثنين كانا ينطلقان من ثقافة واحدة, ثقافة إلغاء الآخر, ثقافة تقول بأن الحديث عن ممارسات التطرف الإسلامي, وعن رابطة الأدباء هي من المقدسات, التي لا يجب أن يتطرق لها أحد مثلي, وكنت أتمنى أن تحمل هذه التعليقات حواراً أو رأياً مخالفاً, ولكن كل ما كان هنالك, هو التسفيه بأسلوب متدني.
وفي الأسبوع الماضي, وزعت ورقة تحمل إساءة لعضو في الرابطة, تعكس أسلوباً لا يليق بعضو في رابطة الأدباء, ويسئ إلى مكانتها الثقافية والحضارية, وإلى دورها التنويري الريادي في المجتمع, على اعتبار أن الأديب هو في طليعة المجتمع, ومدافعاً صلباً عن حرية الاختلاف في الرأي.
لكن ذلك لا يعني أن تحتكر الرابطة لفكر واحد, ومجموعة واحدة, بل يجب ان يفتح الباب على مصراعيه, لعضوية من تنطبق عليه شرط العضوية, وخاصة إذا كانت له اسهامات وإصدارات أدبية, إتفقنا أو اختلفنا في ذائقتنا حولها.
تحتاج الرابطة إلى تنوع في الوحدة, كما تقول الفلسفة, وتحتاج إلى تفعيل دورها التنويري, في هذا المجتمع الذي أحوج ما يكون لموقف المثقف الوطني المستنير, فالكويت تمر في واحدة من أسوأ مراحل التشظي, وأكبر هجوم على الحرية, وتحتاج منا للعمل كتف إلى كتف, ونبذ الخلافات الصغيرة, تحتاج إلى الحكمة, وليس إلى المواقف الطفولية.
وفي النهاية, أكرر شكري لجهود مجلس الإدارة السابق, وأشد على أيدي المجلس القادم, متمنياً له التوفيق في خدمة الأعضاء, وخدمة وطننا الكويت.
No comments:
Post a Comment