Sunday, August 23, 2009

التوجيه الأسري



حسناً فعلت الجهات المختصة في الكويت, بسن تشريع يجبر المقدمين على الزواج على الفحص الطبي, فذلك من شأنه وقاية الأسرة من الأمراض الوراثية والأمراض الجنسية.
فالأسرة كيان أساسي في المجتمع, وصحة أبنائها إحدى واجبات هذه الأسرة, وقد أثبتت الاحصائيات العالمية أن عدد الأطفال الذين يولدون بمرض الإيدز في تزايد, بسبب من حمل أحد الأبوين لهذا الفايروس, كما أن نسبة الإعاقة الفكرية, خاصة في دول الشرق, واضحة بسبب من زواج الأقارب والإصرار عليه.
لكن موضوع الفحص الطبي, يحتاج إلى حملات توعية, في المدارس والجامعات, ووسائل الإعلام, وكذلك جعل ورقة الفحص الطبي للزوجين, وثيقة مرادفة لوثيقة الزواج, وإجبار من يعقد القران "المأذون", على عدم إتمام العقد من دون ورقة الفحص.
لكن الفحص الطبي, ليس هو الضرورة الوحيدة لإتمام الزواج, بل يجب على من ينوي الزواج التوجه إلى مكتب للتوجيه الأسري, أو لعيادات الاستشارات النفسية والاجتماعية, للتأكد من الاستعداد النفسي للزوجين, وخلوهم من المخاوف والأفكار الخاطئة تجاه الزواج والعلاقة الزوجية.
فمن المعروف, خاصة في دولنا وفي المجتمعات المتخلفة, غياب التربية والثقافة الجنسية, وأن مصادر التعلم أما معدومة, وأما لا يعول عليها علمياً, مثل الأهل والأصدقاء والانترنت.
فمن المشكلات الشائعة عند الفتيات حديثات الزواج, هو ما يسمى بالتشنج المهبلي اللاإرادي أو Vaginismus, وهو إنقباض عضلات المهبل عند الإيلاج, أو بمجرد التفكير بالمعاشرة الزوجية, وعند الشباب ما يسمى بضعف الانتصاب النفسي, وسبب هذه المشكلات هو التربية الخاطئة, التي تركز على العيب والخطأ والحرام, دون توضيح علمي متسامح, أو دون تخويف مبالغ به, كما ينشأ خوف لدى الفتاة من آلام المعاشرة الجنسية والولادة, وعادة في هذه الحالة تتم إزالة غشاء البكارة بواسطة الطبيب, وحتى إن تم الإيلاج فالمرأة لا تستمتع ولا تصل إلى قمة اللذة طوال حياتها, بل لا تعرف ما هي, وهذا من شأنه أن يسبب مشكلات نفسية خطيرة, وكثير من الفتيات يخشين التعرف على مناطقهن الحساسة, لكن هناك تمرينات خاصة لإرخاء منطقة الوسط والتخلص من المشكلة بواسطة مكاتب التوجيه الأسري أو الاستشارات النفسية والاجتماعية, لكن معظم الأسر تتجه إلى المشعوذين, الذين يشخصون هذه الحالة, على أنها ربط جنسي, بواسطة السحر والجان.
وهناك مشكلات لا تقل أهمية, وهي فهم ماهية العلاقة الزوجية, فاستبدل كثير من الأزواج والزوجات الاحترام والتقدير بمحاولة السيطرة والتملك والعنف والغيرة المرضية, التي يمكن أن تتحول إلى مرض الشك والوهم القاتل أو delusion disorder, المبني على سينايوهات ذهنية خادعة, مثلما حدث مع المطلقة التي أحرقت خيمة العرس في الجهراء, فالغيرة المرضية يمكن أن تؤدي إلى أعمال إجرامية.
ومن المشكلات النفسية البحث عن التطابق, وهو لايمكن أن يوجد, فالزوج والزوجة يأتيان من بيئتين مختلفتين, ويتم التفاهم بينهما على الأمور المشتركة, أو تقديم التنازلات وتفهم اختلاف الآخر, وتقبله بإيجابياته وسلبياته, أو يظل الزوجان يبحثان عن الهالة الوردية, التي كانت موجودة في بدايات الزواج, لكن هذه الهالة تختفي عادة ليحل محلها الاحترام, وحب آخر أجمل من الانجذاب الأول.
ومن أهم المشكلات هو اختلاف المستويات التعليمية, والزواج بسن مبكر, فزواج القاصرات في السعودية وباكستان وافغانستان, يسبب كوارث نفسية, بل وجريمة بحق الطفولة تشبه التحرش الجنسي بالأطفال, وكلاهما يسبب ندوباً نفسية, يواجهها علماء النفس بصعوبة وتسمى trauma, أي الصدمة النفسية الشديدة التي تترك أثرها بقية الحياة.
يصعب في هذه المقالة حصر كل المشكلات النفسية والاجتماعية, التي يجب التقصي عنها قبل الزواج, والتي سببها الجهل في الثقافة الجنسية, وطريقة التربية الاجتماعية الخاطئة, أضف إليها النظرة الخاطئة لمن يزور مكاتب التوجيه الأسري, وعيادات الاستشارات النفسية والاجتماعية.
لا يمر أسبوع إلا ويزورني زوجان حديثا الزواج, يعانيان من مشكلات مثل التي ذكرتها سابقاً, وبعضها يقود إلى الطلاق, فتكون التربية الخاطئة هي قبر الزوجية.

1 comment:

نون النساء said...

كلامك صحيح


ذكرت نقطة البحث عن شريك الحياة المُطابق
وهذا خطأ وقع به بعض الأزواج اللي اعرفهم

متناسين تماماً أنهم كيان ناقص ويتكامل بالآخر
ومحاولات الكثير منهم جعل الشريك الآخر نسخة طبق الأصل أوصلتهم للطلاق


اما مسألة سن قانون الفحص قبل الزواج
يقي الزوجين والأبناء كذلك من امراض وراثية
شفت بعيني نتيجة عدم الإهتمام بها على اثنين من ابناء يعانون من اعاقات بسبب جين وراثي من الأب والأم