Saturday, January 2, 2010

عام جديد / أمل جديد



حل علينا عام جديد, فدخلنا حقبة زمنية جديدة, واصبح عام 2009 ماضياً, والإنسان لا يستطيع تغيير الماضي وما حصل به, فما حدث قد حدث وانتهى, ولن يفيده قلقه على المستقبل, فإن عاش يجتر الماضي عطل حياته الآنية, وإن قلق على المستقبل عطل حياته الآنية, فنحن اليوم هو ما فعلناه بالأمس, وما نريد أن نحققه في المستقبل يجب أن نعمل عليه اليوم.
فقيمة الماضي تكمن في التعلم من دروسه, والنهوض من عثراته, والاستفادة من عبره, كي نتقدم ونحقق أهدافنا, ونصبح بشراً أفضل, فقد ازددنا عمراً أكبر واكتسبنا حكمة أكثر, فعمر الإنسان قصير يقاس بسنوات معدودة, ولا يقاس بالقرون, وفي خلال هذه السنوات القليلة نرتكب الأخطاء والحماقات, ونمر بحالات من الضعف, لكن هذا ما يميزنا كبشر, الخطأ والضعف, ومن غيرهما نصبح آلات.
صحيح أننا لا نحتاج إلى عام جديد, حتى نتعلم ونعدل من مسارنا, فكل يوم هو أول يوم في بقية أعمارنا, ونستطيع البدء فيه من جديد, يدفعنا الأمل والرغبة في تحسين شروط حياتنا مادياً ومعنوياً, وبطريقة منهجية وغير عشوائية, فكل خبرة أو مهارة نكتسبها, هي إضافة وتراكم يؤدي إلى تغير نوعي.
لكننا كبشر, نستغل هذا الفاصل الزمني بين عامين, كي نتوقف لتقييم حياتنا وسنوات عمرنا المنصرمة, ونضع أهدافاً لتطورنا في الزمن القادم, كي نصبح أكثر سعادة واستقرار, واضعين في اعتبارنا أننا لن نعيش للأبد, وأن ما سيتبقى بعد فنائنا هو سمعتنا وذكرانا وما قدمناه من خير لأنفسنا ولوطننا وللآخرين, وما أنجزناه وساهمنا به مع بقية البشر, أياً كان منطلقنا الفكري, وفلسفتنا الحياتية, فأما هذا وأما النسيان والتلاشي, فأما أن نكون فتيل الزيت المنير لأبنائنا وللأجيال القادمة, وأما غياب الذكر أو لعنات التاريخ, فللتاريخ لوحة شرف وحاوية قمامة, وعلينا أن نختار مكاننا في الذاكرة القادمة, في السنوات التي لن نعيشها.
الأصل في تقدم الزمن, هو التقدم في الوعي وتراكم الإنجاز, والانتقال من نقطة سفلى إلى نقطة أعلى, أما النكوص والردة والتراجع فهي ضد منطق التاريخ, وضد سعادة البشرية, وتعني أننا لم نكن أذكياء ومدركين لدروس الزمن, أو تعني أننا أشرار, نتعمد الأذى للآخرين ولوطننا.
فبشكل منطقي, ينتقل الإنسان إلى فهم ووعي أفضل مع مرور الزمن, لكن إن حدث العكس, فذلك يعني أما أنه أصيب بعطب في قدراته العقلية, أو أنه انتهازي أو غير قناعاته وانحاز للشر ضد الناس وضد وطنه.
وفي الحقيقة لم يكن عام 2009م سهلاً على شعبنا وعلى وطننا, وعلى إنجازاتنا التاريخية ومكتسباتنا, وإذا استثنينا الأزمة الاقتصادية الطاحنة, فإننا لن نستثني آلامنا من العبث السياسي وتشويه وجه الكويت على كل الأصعدة, فلم يعد هذا وطننا الذي ألفناه, ولم تعد الوجوه التي ألفناها, والتي حملت راية رفعته موجودة, وحلت محلها وجوه غريبة, تسعى بجهد لتدمير كل مكتسب للشعب الكويتي, وسادت لغة أجنبية مفرداتها البذاءة والانحطاط, وجوهرها التعصب البدائي, ولم تعد الكويت أولاً, بل أصبحت القبيلة والطائفة هما الأساس والكل, وأصبح الطواف حولهما فضيلة ونضالاً, وكلما حاولت الكويت أن تنهض رغم جراحها الثخينة, عوجلت بضربة على الرأس, وطعنة في الظهر.
وحتى من حاول وضع لبنة للبناء في الماضي, هشم بمطارق الغباء والانتهازية ما بناه, حتى لم يعد للكويت أبناء بررة, واستخدموا نفس لغة البناء في الهدم, استخدموا الدمقراطية والحرية والتقدم, لهدم الدمقراطية والحرية وأمل التقدم, واستبسلوا وتناخوا من أجل ثلاثة ملايين دينار مسروقة من الشعب, ليهدروا أكثر من مليار دينار من ثروة الشعب, دافعوا عن الحريات بتكميمها, وسرقوا البسمة من شفاه الشعب.
وأستذكر كلمة الوطني المخلص الراحل سامي منيس "وين رايحين؟", الذي يشعرنا برحيله بالفقد, وأستذكر الراحل عبد العزيز الصقر, وكل رجالات الكويت الذين اختاروا لوحة الشرف المعلقة على صدر الوطن, ولم يختاروا الطريق الآخر.
عام مر أثخن الوطن خلاله بالجراح, وعام قادم لا نملك معه إلا الأمل والصحوة ونهضة الضمير, والتوبة عن الجرائم بحق الوطن والشعب, وكل عام ونحن كويتيون.

5 comments:

Nikon 8 said...

صباح الخير
وكل عام وأنت والعايلة الكريمة بألف خير
سنوات تمر ... عشناها بأيامها
وضحكنا وبكينا
ذقنا الحلو فيها
وتذوقنا المرارة رغما عنا
لتظل آثار المرارة بحلوقنا أقوى من
حلاوة اللحظات السعيدة
هكذا هي الدنيا
!!!
عساها سنة حلاوتها أكثر مرارتها عليك وعلينا وعلى الكويت وأهلها
سنة حلوة إنشاء الله
:))

Anonymous said...

تمنياتنا بأن يكون العام القادم أفضل من الأعوام التي مضت ، لعلها أزمة نمر بها منذ مدة طويلة و الآنن بدأت تتضح لنا أكثر من السابق. العلاج يتطلب العودة مجددا إلى الماضي و العثور على السبب. أرجو أن بكون هذا العام عاما للاهتمام بالعلم الحقيقي و الثقافة و الفن ، عاما للتحرر من سلطة الرقابة ، و عاما للإصلاح الحقيقي . مجرد أمنيات ، لكن لعلهاتشعل فينا فتيل الأمل.

مريضة ٌ بالوطن said...

لقد ولى عام محمل بالخيبات على الصعيد الشخصي ، والصعيد المحلي والعالمي ..
وأتانا ،عام ، محمل بالأمنيات .. ولا ادري كيف ستكون!

كل عام وأنت بخير
وكل عام وكتاباتك اجمل

وليد الرجيب said...

كل عام وجميعكم بخير
أما عن سؤال الأخت مريضة بالوطن
عن مجموعتي ارادة المعبود فهي موجودة لدي بالعيادة في ميدان حولي ولا توجد بالمكتبات

اقصوصه said...

عام سعيد

زاخر بطاعة الرحمن

اتمناه لك :)