Sunday, January 17, 2010

إلى اين؟





في الفترة القليلة الماضية, خرجت الأمور السياسية عن السيطرة, وانحرفت الممارسة الدمقراطية عن مسارها, واستغلت استغلالاً ليس في مصلحة الشعب الكويتي, وطغى الخاص الفئوي على العام الوطني, واستبدل مفهوم ماذا نعطي للوطن, بمفهوم ماذا يعطينا الوطن, حسب تعبير جون كيندي.
هذه الفوضى التشريعية, كشفت عن معدن بعض نواب البرلمان, وموقفهم اللامبالي من قضايا التنمية, ومستقبل أجيالنا, وتخلوا عن أمانة القسم حيث ينص على "اقسم بالله العظيم, أن اكون مخلصاً للوطن وللأمير, وأن أحترم الدستور وقوانين الدولة, وأذود عن حريات الشعب ومصالحه وأمواله, وأؤدي أعمالي بالأمانة والصدق".
في التشريعات والقوانين الأخيرة, تم نقض كل القسم وليس أجزاء منه, فلا إخلاص للوطن, ولا احترام للدستور وقوانين الدولة, ولا ذود عن حريات الشعب أو مصالحه أو أمواله, ولم تتم الأعمال بالصدق.
فقانون اسقاط فوائد قروض بعض المواطنين, فيه هدر كبير لأموال الشعب, وفيه عدم احترام للدستور الذي أرسى دعائم العدالة والمساواة بين المواطنين, وحض عليها, وفيه استهتار وعدم مبالاة للتنمية ومستقبل الوطن, فيه كسب آني رخيص, مقابل خسارة كبيرة لثروات الشعب ومستقبل الكويت.
وانتهج المشرعون في سبيل تحقيق غاياتهم, كل السبل الكلتوية بما فيها الفتاوي الدينية, لتحقيق نصرهم المؤقت, وإرضاء ناخبيهم, رغم كل الآراء الاقتصادية ذات الثقل في التحليل, ومن ضمنها بيان غرفة التجارة والصناعة, ورأي البنك المركزي الكويتي, وآراء الثقات والمخلصين من المسؤولين والكتاب, إلا أن هذه الآراء قوبلت بالاستهزاء والهجوم والطعن, بل والتطاول على رموز التجار وصندوق الأجيال القادمة.
هؤلاء المنتشين بالتصفيق, راحوا أبعد من ذلك, فقابلوا صاحب السمو الأمير, كي يقنعوه بعدم ممارسة صلاحياته برد القانون, هكذا! استغلوا كل شيء, من الدمقراطية, إلى العلاقة الأبوية التي تربط الأمير بالشعب.
وهذا السلوك بالذات, والغريب على رجالات الكويت من المشرعين, جعلهم يحركون الشارع, ويتوعدون بالزحف على وزارتي الداخلية والإعلام, ويلعبوا على نغمة الوحدة الوطنية, من أجل تنفيذ أجندة خاصة, وتحقيق نصر شخصي, كان سلوكاً يهز الضمير الوطني ويزعزع الأمن الاجتماعي, كل ذلك من أجل كسب رخيص.
وهذا السلوك الغريب بالذات, هو ما جعل الحكومة تعد قانون انقلاب على الحريات, وهي أثمن ما حصل عليه الشعب, بل أثمن من النفط نفسه, ولم تكن الحكومة لتجرأ على ما سمي تعديلات على قوانين المرئي والمسموع, لولا هذا السلوك الغريب, والتهديد والوعيد باستخدام سلاح الاستجوابات, إذا لم تقفل الحكومة القنوات الفضائية المنتقدة لهم, بحجة الوحدة الوطنية, التي شرخوها بفوضى التشريع, وبالسلوك الغريب على المجتمع.
نحن في بلد يحاول إعادة بناء مؤسساته ومكتسباته التي تقوضت, مثل ضرورة إعادة بناء التعليم وإعادة تأهيل الإنسان الكويتي, نحن في حاجة إلى التوعية وتطبيق القوانين للحد من السلوكين الاستهلاكي والاتكالي, نحن في حاجة للعودة إلى شعور الأمان والاطمئنان على مستقبل ابنائنا, وليس لعكس ذلك.
إذا حنث شخص بالقسم, فلن نثق في المستقبل به, حتى لو حلف بأغلظ الأيمان, وصدقوني فإن الناس لا ينسون من تخلى عنهم, ولا ينسون من وقف مع قضاياهم الوطنية.

No comments: