إذا كان ما يتناقل أن اللجنة العليا لتطبيق الشريعة تنوي تقديم مشروع إلى صاحب السمو الأمير بإلغاء مادة الفلسفة من مناهج الثانوية صحيحاً, وكذلك تغير ملابس الرياضة للطالبات إلى ملابس أكثر احتشاماً من احتشامها الحالي, أظننا نتجه إلى مزيد من التدهور وإلى عصر ظلام.
فالكنيسة قد منعت الفلسفة ومنعت استخدم العقل في القرون الوسطى أو ما سميت بعصور الظلام, وقامت باحراق كتب ابن رشد والعلماء العرب, تلك الكتب التي نهضت بالعالم الإسلامي وجعلته منارة للعلم والتقدم, واعتبرت الفلسفة هرطقة وكفر.
وقد كنت قد توقعت أن يتم تغييب العقل والتفكير تدريجياً في الكويت, لأن الفكر الإسلاموي السياسي لا يقبل بالحوار والرأي الآخر, فهو يبدأ بالكلام بهدوء ثم إذا حوصر بالمنطق والعقل يبدأ بالتهديد بالدين, ومؤخراً إذا نوقش بالدين يتجه إلى النخوة القبلية, إن كل إجراء وكل مشروع قانون هو اتجاه للسيطرة على البلد ومقدراته, فالتخلف هو البيئة المناسبة لهم للسيطرة وهذا بالضبط ما حصل مع الكنيسة في عصور الظلام, والتي قادت أوروبا إلى الفقر والجوع والدمار والجهل لقرون, ويبدو أن أهداف جماعات الأديان السياسية تتشابه, وتعشق التخلف والانحطاط كي تسهل السيطرة على الدولة وبالتالي نهبها.
فالفلسفة هي ما جعلت العالم يتقدم وينفتح فكرياً ويصبح مركزاً مالياً وتجارياً, وهذا ما يجعل الحلم الكويتي بالتنمية والاصلاح يتبخر, لقد بدأنا بالدخول إلى نفق مظلم منذ عقد الثمانينات, والآن ازداد النفق عتمة.
كل شيء في الكويت يشير إلى التدهور, مشروع قانون لمراقبة الانترنت ليضيف إلى قائمة قمع الحريات قمعاً أشد, وكأن القوانين المقيدة للإبداع وما يسمى بالمسموع والمرئي ولجنة الظواهر السلبية لا تكفي, ولا نعلم ماذا تريد السلطتين التنفيذية والتشريعية, محاولاتهما كمحاربة دون كيخوتا للطواحين, كيف يعقل السيطرة على شبكة معلومات دولية؟! فروايتي الجديدة مثلاً معروضة على الرقابة منذ أكثر من أسبوعين, لكن كثير من القراء اشتروها الكترونيا وأنزلوها على أجهزتهم خلال دقائق, ايعقل أنهم لا يعلمون, أم أنهم يجهلون ما يجري بالعالم, أيعقل أن تشكل مجموعة سلفية نسائية تدعو إلى العيش (بعيداً عن الحضارة الكافرة)؟! وهذا ما نشرته النهار, أي مركز مالي نريد أن نصبح عليه وبلدنا على هذا المستوى, منع التفكير والإبداع ومحاربة التقدم, والاتجار بالبشر, متى كانت الكويت الآمنة للمواطن والوافد ترتد إلى عصور العبودية؟!
سمعنا بالخمسينيات والستينيات وقرأنا في مناهجنا الدراسية عبارات مثل (العيش الكريم) و(العدل والمساواة) و(النهضة والتقدم), واليوم وكأننا عدنا إلى الكهوف, إن السلف المتباهي بفوزه المؤقت يعتقد أنه سيطر على البلد, ويريد أن يجعل المجتمع سلفياً, ولم يقرأ التاريخ جيداً, هذا إذا كان يقرأ أو يعرف القراءة, فالتاريخ يقول أن كل فكر متخلف مهما ساد فمصيره إلى الزوال, وأن البقاء للتقدم, سواء كان فكراً تسلطياً من حكم أو من جماعة.
ما مصير أطفالنا وأحفادنا في ظل ظلام وجهل وتخلف وسطحية؟! ما ذنب أجيالنا القادمة بما يعده الظلاميون من خطط لانتهاك خصوصياتنا, ونهب أموالنا, وتدمير ثقافتنا وتحضرنا؟!
وأنا على يقين أن الخطوة القادمة لهم هي الدراسة المنزلية للبنات, ثم منعهن من الدراسة, وبذلك يعودون بنا إلى الصراعات الفكرية بين علماء الدين المستنيرين وبين جهلة الدين المتعصبين في بدايات القرن الماضي.
أبداً, لن يستطيعوا قهر هذا الشعب الأبي, لن يستطيعوا جره إلى الخلف, حتى وان استخدموا الإرهاب بأشكاله المقيتة, لن يستطيعوا إهانة الشعب الكويتي.
1 comment:
اسألهم اين هي تلك الدول الدينية التي كانت تمتد من اقصى الشرق الى اقصى الغرب ؟
اين ذهبت ولماذا ولت وكيف نفر الناس منها ؟.
الحرية هي التي ستستمر وهي شمس الشعوب التي وان غابت فإنا لا محالة ستعود بالاشراق وستعود معها الحياة لكل الكائنات .
تحية لك استاذي الكريم ومتابع باستمرار
Post a Comment