Sunday, May 30, 2010

عديل الروح



عند البعض، المال هو عديل الروح, لكن عديل روح الكويتيين هي الحرية, التي لا يعرفون المساومة عليها, فالكويت تاريخياً، كادت أن تكون الدولة الوحيدة في المنطقة, التي أبت أن تخضع للنفوذ العثماني، ورفعت علمها الذي يحمل اسمها, على سفنها التي كانت تجوب بحار الدنيا.
والكويت رفضت أن تخضع للأخوان في معركة الجهراء الخالدة، وسالت على أرضها دماء الكويتيين, دفاعاً عن حريتهم, ونهجهم التنويري والمنفتح, ضد نهج الانغلاق وتقييد الحرية.
والكويتيون رفضوا في ملحمة بطولية فذة, الاحتلال العراقي, وقدموا شهداءً وأسرى ومفقودين، دفاعاً عن أرضهم وحريتهم, وواجهوا أعتى عدو بكل آلات دماره الجبارة، وواجهوا أشرس دكتاتور في هذا العصر, لكنهم لم يتنازلوا عن حريتهم.
ودافع أبناء هذا الوطن عن حريتهم، بكل إحساس بالمسؤولية الوطنية، عن مكتسبات الحرية والديموقراطية، في الفترات السوداء, التي تم خلالها تعطيل الدستور والحياة البرلمانية, وخرج عشرات الآلاف من الكويتيين, في أيام الأثنينات، مواجهين القوات الخاصة, وقوات مكافحة الشغب, وهراواتهم وغازاتهم المسيلة للدموع، وخراطيم الماء الساخن, في فزعة كويتية, ليس ضد النظام الذي يكنون له الولاء والاحترام, ولكن من أجل الدفاع عن حريتهم، ومكتسباتهم الدستورية.
واليوم, هل ستردعهم الإجراءات القمعية الجديدة؟ وهل من متطلبات خطة التنمية, اعتقال وإهانة الكتاب والمفكرين؟ هل من متطلبات التنمية، تشكيل لجان أمنية عالية المستوى، لقمع الاضرابات القانونية, والاعتصامات السلمية, التي كفلها الدستور؟ هل من متطلبات تحقيق التقدم الاقتصادي, ورفاه الشعب، اللجوء إلى إجراءات بوليسية؟ وهل من مصلحة الشعب ونهضته، أن ترصد الملايين للتجسس عليه؟
حسب التاريخ، فكل تقدم ونهوض اقتصادي واجتماعي، يترافق مع مزيد من الحريات, فالمباني والمنشآت وحدها لا تصنع التقدم، فما يصنع التقدم هو الإنسان، وشعوره بالحرية والمشاركة والأمان.
فأغلب الكويتيين لا يملكون الشركات الكبيرة والمصانع الضخمة, ولكنهم يملكون الأغلى, يملكون الوطن والحرية، ويقول الشاعر الكويتي يعقوب السبيعي:
"واللي ما عنده إلا هالوطن، كل شي عنده".

osbohatw@gmail.com

No comments: