Tuesday, June 15, 2010

زمن النيوليبرالية



الليبرالية الجديدة، أو النيوليبرالية هي مجموعة من السياسات الاقتصادية، تعني بالدرجة الأولى تحرير السوق، وتخفيض الانفاق الحكومي على الخدمات الاجتماعية، ورفع الدعم عن المواطنين في كل وسائل معيشتهم، مثل التعليم والصحة، وحتى صيانة الطرق وإمدادات المياه في بعض البلدان، وخصخصة كل شيء بلا استثناء، وتحميل العمال وفئات الشعب الفقيرة، أعباء لزيادة أرباح الشركات وفئات التجار.
ويترافق مع هذه السياسات الاقتصادية الوحشية، اجراءات لقمع الحريات وردع التحركات المطلبية العمالية، كما يترافق معها فساد عام في الأجهزة الحكومية والتشريعية، ورشاوي وشراء ذمم، حيث المال هو سيد الموقف، ويتم في بعض الدول ما يسمى بالتجسس الصناعي، ويتم اغتيال وخطف علماء من قبل مجمعات صناعية كبرى، مثل الصناعات الدوائية.
وقراءة للمشهد السياسي والاقتصادي والاجتماعي العام في الكويت، نجد أن التوجهات اللنيوليبرالية بدأت تلوح في الأفق، جالبة معها ويلاتها على فئات الشعب المختلفة، وبالأخص محدودة الدخل منها، وهي تشبه السياسات الاقتصادية الأوربية والأمريكية، التي طبقت أوامر البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، هذه الأوامر التي تضرب بعرض الحائط كل مصالح الشعوب، لصالح شركات قليلة، فيزداد الغني غنى، ويزداد الفقير فقراً.
فها هي أسعار السلع الغذائية، تتضاعف في الكويت، مع جمود الرواتب والمعاشات، وذكرت صحيفة الرؤية في عددها الصادر يوم أمس 13 يونيو، أن وزارة التجارة تحيك خطة مع بعض التجار، لرفع سعر الطحين بنسبة تصل إلى 100%، وأن هناك تردياً لجودة الطحين المدعوم في البطاقة التموينية، حتى يضطر المواطن لشرائه بأسعار عالية من الشركات التجارية، رغم أن الطحين والخبز، يعتبران من الأمن الغذائي للدولة.
وها هي الرياضة توغل في الفساد، وتصبح مقاطعات شخصية، وتصبح الشخصيات المسؤولة عن الرياضة، فوق القانون، للدرجة التي تعجز معها القيادات السياسة عن كبح جماحها.
وها هو مجلس الأمة الذي جرى إفساده، لدرجة أن نواباً لدائرة ملوثة بيئياً، يصوتون مع سرية جلسة الاستجواب، ضاربين عرض الحائط صحة ومصالح ناخبيهم.
ويترافق كل ذلك، مع إجراءات لقمع الحريات، وسجن الكتاب، وتهديد العمال في حال قاموا باضرابات مشروعة وقانونية، وما زالت المحاولات جارية للتجسس على المدونات والهواتف المحمولة.
عندما ظهرت في أمريكا وأوربا عصابات الجريمة المنظمة (المافيا)، كان السبب الرئيسي هو انفلات المجتمعات، وعدم قدرة الحكومات على لجم الشركات والمصانع على سرقاتها المنظمة للشعوب، فأصبح "كل من أيده ألو".

الحرية لسجين الرأي محمد عبد القادر الجاسم
osbohatw@gmail.com

1 comment:

Deema said...

أحزن كثيرا عندما أقرأ لك