Sunday, November 4, 2007

دار الأوبرا الكويتية




أنا أحب مباني الأوبرا, وخاصة الكلاسيكية منها أو الأثرية, وعندما أكون بداخلها أشعر برهبة, فالتصميم الداخلي والزخارف الفخمة تشي بالتقدير من الدول لهذا الفن العظيم وتعتني بمسارحه, وتصبح مزاراً للسائحين, وفي العالم هناك دور أوبرا شهيرة مثل "آلا سكالا" في ميلان, "أوبرا باريس", "بولشوي تياتر" في روسيا, "تياتر فينا" في النمسا, "متروبوليتان" في الولايات المتحدة, ومسرح سدني المكشوف في استراليا, وليس لدي علم إن كانت هناك دور أوبرا فخمة في الشرق الأوسط ما عدا أوبرا طهران التي بنيت في عهد الشاه محمد رضا بهلوي, ودار الأوبرا المصرية, وقد كنت محظوظاً بزيارة الدارين.
كنت أقرأ في كتاب جميل عن الأوبرا المصرية وتاريخها, هذا الكتاب وغيره من الكتب تهديها وزارة الثقافة المصرية, ويحوي صوراً تاريخية وحديثة لدار الأوبرا والعروض الأوبرالية التي عرضت بها, واسترجعت معلومات قيمة عن تاريخ الأوبرا المصرية.
ففي العام 1869م قرر الخديوي إسماعيل باشا, بناء دار الأوبرا في القاهرة, وذلك بمناسبة افتتاح قناة السويس, وقد صمم البناء المهندسين العالميين "أفوسكاني" و"روسي", واكتمل البناء بعد (ستة أشهر!!), والمبنى مكون من قاعة تضم 850 مقعداً مقسمة إلى دور أرضي وثلاثة أدوار لوج, ورواق أعلى, وافتتحت الأوبرا في الأول من نوفمبر سنة 1869م بأوبرا "ريجوليتو", وبحضور كل من الإمبراطورة أوجيني والإمبراطور فرانسوا جوزيف إمبراطور النمسا, وبالطبع فرديناند دي لسبس مهندس القناة الفرنسي, وكان من المقرر أن يكون الافتتاح بأوبرا "عايدة" التي كتبها أوغست مارييت والذي منحه الخديوي رتبة الباكوية ثم الباشاوية, ويوجد الآن شارع في القاهرة باسم مارييت باشا, والقصة مستوحاة من التاريخ الفرعوني, ووافق الموسيقار العملاق "فيردي" على تلحينها بعد أشهر من رجاء الخديوي, وواسطات عالمية, على أن يتم العرض الأول لعايدة في افتتاح دار الأوبرا المصرية, وبالفعل أوفى فيردي بشروط العقد وأنهى عايدة في أربعة أشهر, بعد أن طلب مبلغاً ضخماً في ذلك الوقت يبلغ 150 ألف فرنك, لكن بسبب الاحتلال البروسي لفرنسا, احتجزت الديكورات الضخمة وملابس العرض التي صممت في فرنسا, لذا –وهذه معلومة جديدة بالنسبة لي- عرضت عايدة لأول مرة في أوبرا آلا سكالا في ميلانو, وبعد أن هدأت الأمور في فرنسا, عرضت عايدة في الأوبرا المصرية في 24 ديسمبر عام 1871 بدون فيردي الذي رفض دعوة الحضور, فقادها بوتسيني.
وللأسف احترق مبنى الأوبرا عام 1971م, ويقال بسبب تماس كهربي, وفي عام 1983م وخلال زيارة الرئيس حسني مبارك لطوكيو, أعلنت الحكومة اليابانية أنها ستهدي دار أوبرا لمصر بتكلفة رمزية تقدر بثلاثة ملايين دولار أمريكي, وتم الانتهاء من بناء الدار على الطراز الإسلامي الحديث بعد (34 شهراً فقط).
على حد علمي فإن الكويت هذا البلد الذي كان معروفاً باهتمامه بالثقافة, لم يستضف عرضاً أوبرالياً عالمياً على الإطلاق, وأرجو أن أكون مخطئاً, بينما استضافت دبي التنور العالمي "بفاروتي" أكثر من مرة, وكان الإقبال كبيراً, وحدث أن فاتحت الأمين العام عندما بدأنا نخطط لأنشطة مهرجان القرين الثقافي بشأن دعوة فرقة عالمية لإقامة عرض أوبرا في ملعب أحد النوادي الرياضية, ولكنه لم يستحسن الفكرة, وقد لا يعلم البعض أن لدينا مواهب رائعة في الغناء الأوبرالي مثل الفنانة مغنية السبرانو أماني الحجي, والفنان التنور الدكتور محمود الفرج, والتنور أحمد الكندري وغيرهم.
عندما بدأت العمل بالمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب, كان لدينا طموح بعد التحرير لإعادة الاعتبار لمجد الثقافة الكويتية, بمشروعات ثقافية ضخمة, مثل المهرجانات الثقافية وبناء مراكز ثقافية ومطبوعات وفرقة وطنية للموسيقى ثم فرقة للموسيقى الكلاسيكية ومبان متحفية ومكتبات ومسارح, وبالفعل طلب مني الدكتور سليمان العسكري ترشيح مهندس ليعين مديراً لإدارة الهندسة وليشرف على أعمال البناء والترميم والصيانة, كان المنصب مهماً وحساساً ولذا يجب أن يكون الشخص نزيهاً مخلصاً لعمله ووطنه, ولا يؤسس شركة مثلاً ويستنفع من مواد البناء أو الكهرباء أو الصيانة وغيرها, ولذا اقترحت أسم الأخ على اليوحه الذي كان يعمل مراقباً في البلدية, وهو الآن الأمين العام المساعد في المجلس, وهذا ما تم وعملنا بجهد حثيث لتصميم مبنى الأوبرا الكويتية, أو مسرح الدولة الكبير الذي يحوي مسرحاً كبيراً يضم 1200 مقعداً مجهزاً بكل الإمكانات والأجهزة الحديثة, ومسرح أصغر يضم 750 مقعداً, وقاعات عرض للفنون التشكيلية, وقاعات محاضرات وندوات, ومكتبة فنية سمعية بصرية, ومتحفاً فنياً, وكافتيريات ومطاعم ومحلات لبيع التذكارات, إضافة إلى إمكانية العرض في الهواء الطلق, واستغرق الأمر سنوات مع المكاتب الاستشارية والهندسية, وكذلك مع البلدية لتخصيص أرض مناسبة, كان يجب أن تكون في منطقة شرق أمام شاطئ البحر, ثم وافقت البلدية أخيراً على موقع في جنوب مشرف مقابل الأرض الدولية للمعارض.
وفي أثناء التحضير للاحتفال بالكويت عاصمة للثقافة العربية عام 2001م, قمنا الدكتور محمد الرميحي وأنا بعرض مشروع دار الأوبرا ومخططاتها التفصيلية على اجتماع وزراء الثقافة العرب, وعلى فعاليات ثقافية عربية وعالمية مختلفة, وأبدى الجميع إعجاباً كبيراً به, وأذكر عندما قال الأديب الفلسطيني والمسئول في وزارة الثقافة الفلسطينية الأستاذ يحيى يخلف بما معناه: أنه ليس غريباً على الكويت التي تعلمنا وتثقفنا على مطبوعاتها ونشاطاتها الثقافية, أن تقدم للعرب هذا الإنجاز الضخم, فهي دائماً تسبق دولنا وحكوماتنا بخطوة.
ولأهمية المشروع كان الأمين العام يفكر بإنشاء إدارة متخصصة لدار الأوبرا, بعيداً عن إدارة المسرح والإدارات الأخرى, وفكرنا بأسماء ثقافية وفنية لاختيار المدير, بينما كنت في قرار نفسي أتمنى أن أكون مديراً للأوبرا, وأتخلى عن إدارة الثقافة والفنون.
وكان من المفترض أن يوضع حجر الأساس للمبنى أثناء الاحتفال عام 2001م, لكن لا أعلم ماذا حل بهذا الحلم, وكم من الأحلام أجهضت, فمبنى الأوبرا الخديوية أنجز في ستة أشهر, ومبنى الأوبرا المصرية الحديث أنجز في 34 شهراً, والآن بعد سبع سنوات على وعدنا لشعبنا وللعرب, لماذا لم نسمع أي ذكر للمشروع؟!
وهل سترى الأوبرا الكويتية النور في يوم ما في حياتنا هذه؟ هل سيتحقق الحلم؟ أم سيكون حظ الأبناء والأحفاد أوفر؟

osbohatw@gmail.com
www.alrujaibcenter.com

1 comment:

Anonymous said...

السلام عليكم
كلامك جميل جدا وانا اتمنى ان يكون هناك دار اوبرا في الكويت وهذا حلمي منذ 5 سنوات تقريبا لاني درست الاوبرا ودرست الغناء الاوبرالي والان نا امثل مغني الاوبرا في الكويت ولكن ما الفائده من غير دار اوبرا وهناك مبدعين كثيرين في هذا المجال اتمنى من الكويت ان تحقق هذا الحلم لان تحن الدوله الوحيده في الخليج فيها دراسة الموسيقى الاكاديميه