Saturday, November 17, 2007

الإصلاح مهمة مستحيلة




كان الشعب الكويتي متفائلاً عندما أعلنت حكومة سمو الشيخ ناصر المحمد عن سياسة الإصلاح بمعناه الشامل, ووضعت الأولوية للتنمية وإعادة الاعتبار لمشروع بناء الدولة الحديثة, لكنه من الواضح أن الإصلاح مهمة مستحيلة في الكويت, بعد مرور أكثر من عقدين على التردي والاستناد على قوى التخلف.
الإصلاح يعني أن هناك خطأً وخللاً يحتاج إلى تعديل, ومسيرة معوجة تحتاج تغيير, وغفلة تحتاج إلى صحوة, وأهم ما في طريق إصلاح أي شي هو دراسته والوقوف على مظاهره ومسبباته, إن كانت سياسة أو بسبب أشخاص معينين.
الإصلاح لا يقبل المجاملة أو الاستثناءات أو التردد لأي سبب, الإصلاح لا يتحقق إلا بالحزم والشجاعة والمبادرات العملية, لا يتحقق إلا برجال دولة لا يهابون المفسدين والأصوات العالية, الإصلاح يحتاج إلى خطة فورية تحتوي على أولويات الإصلاح وفترة الإنجاز.
لا نفهم ككويتيين أن يرفع شعار الإصلاح, في ظل الوصاية على أفكارنا, في ظل الرقابة والمنع المخجلين على الكتب والإبداع, ماذا تبقى من حرياتنا إذن؟! لا نفهم أن يختار لنا موظف لا نعرف مستواه الثقافي ماذا نقرأ وماذا نكتب, أي مهانة وأي استخفاف تلحقوه بالكويتيين! وتقولون إصلاح.
في القرن الحادي والعشرين مازالت هناك رقابة في الكويت, في زمن الحصول على أي معلومة بضغطة زر, مازال في الكويت من يمنعنا من قراءة بعض الكتب, فهل الحكومة غائبة عن الوعي؟! أو لا تعرف ماذا يحدث بالعالم من تطور, كل الكتب والأبحاث وحتى المنشورات السياسية نستطيع الحصول عليها من الانترنت, في القرن الحادي والعشرين ما زلنا نعيش في عصور الظلام ومحاكم التفتيش.
كان معرض الكتاب في الكويت يعتبر ثاني أكبر معرض للكتاب العربي بعد معرض القاهرة, ويعتبر من أقدم المعارض العربية, كان الناشرون والمثقفون العرب يفرحون بمناسبة إقامته, وكان القراء يحضرون من الدول المجاورة مثل المملكة العربية السعودية والبحرين والإمارات, لكي يشتروا كتباً من معرضنا, والآن نطأطئ رؤوسنا بخجل بسبب الرقابة على الكتب, لم يعد معرض الكتاب حدثاً ثقافياً, لم يعد يغري الناشرين على المشاركة به, فهم يفضلون معارض الكتب في دولة الإمارات العربية, حيث لا توجد رقابة ولا يوجد مصطلح منع, بينما في الكويت وطن الثقافة, تغتال الثقافة, وفي الوقت الذي يعلن فيه الشيخ محمد بن راشد حاكم دبي عن مشروع ترجمة وطباعة ألف كتاب بالسنة, تمنع حكومة الكويت شعبها من القراءة والكتابة!
أين نواب ومحامين الرأي؟ أين جمعيات النفع العام؟ أين رابطة الأدباء؟ أين التجمعات السياسية الوطنية؟ أين حكومة الإصلاح؟ أليست هذه قضية رأي عام؟ لماذا إغراقنا بأمور سطحية ونسيان قضايانا الأساسية, لماذا الجعجعة وزوابع في فناجين؟ وعدم اتخاذ مبادرة عملية, حتى متى نظل أسرى لقوى التخلف, حتى متى تظل حكومتنا مخيبة لآمال الكويتيين؟ وتقول لنا إصلاح, أنا لا أستثني أحداً, فالجميع مسئول عن هذه الجريمة, ولا تكفي وقفات الاحتجاج والعرائض والاستنكار عبر الصحافة, يجب اتخاذ قرار ومبادرة ولقاء مع المسئولين في الدولة لإلغاء الرقابة على القراءة والكتابة والإبداع, وتفعيل مواد الدستور.
نحن نعرف ماذا نختار للقراءة, فلماذا لا يترك لنا الخيار لنحدد الكتاب الصالح لنا؟ لماذا الوصاية على تعلمنا وثقافتنا وكأننا أطفال؟ ويا ليت الرقابة تعمل لصالحنا, فهي تسمح لكتب السحر والشعوذة والغلو الديني, وتمنع كتباً وروايات لمجرد عدم فهمها أو عدم توافقها لفكر فئة في المجتمع.
أتذكر في إحدى السنوات, منعت الرقابة وسيلةً تعليمية في معرض الكتاب, عبارة عن بوستر يحوي صور حيوانات, فقط لأن الخنزير كان من ضمنها, وهذا يبين مستوى الانحطاط الذي وصلنا إليه, وكأن الطفل سيأكل هذا الخنزير, أو كأن مجرد مشاهدة صورته حرام, وكأنه ليس من مخلوقات الله.
أنا أدعو سمو الشيخ ناصر المحمد رئيس مجلس الوزراء, ونواب الحريات المستنيرين, وكل من له صلة إلى عدم الالتفات لقوى التخلف والإرهاب الفكري, والانتصار لحريات الشعب الكويتي, لعلنا نخطو خطوة في الحلم/الإصلاح.
فالإصلاح يبدأ بالحريات والتعليم والثقافة, والتنمية تبدأ بالإنسان.



3 comments:

Mohammad Al-Yousifi said...

لا حياة لمن تنادي

حمد said...

استاذي الكريم

بالفعل

كما قال الزميل كله مطقوق

لا حياة لمن تنادي

ولكن

الا في حال لو راهنت على الشباب :)

وليد الرجيب said...

يا عزيزي أنا دائماً عندي أمل لأني أعرف منطق التاريخ وسيرورة الدنيا, وأعرف قدرات الشعب الكويتي وعزيمته ومعدنه
وعندي إيمان كامل بالشباب لكن دون استبعاد الخبرات, الجميع كتف إلى كتف